إغلاق آخر ممر بحري إلى كيان العدو.. اليمن يرفع كلفة استمرار الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
يمانيون/ تقارير بعدَ أربعٍ وعشرين ساعةً فقط على إعلان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي عن التوجُّـهِ نحو مرحلةٍ رابعةٍ من التصعيد في معركة إسناد الشعب الفلسطيني؛ رَدًّا على تعنت العدوّ الصهيوني وإصراره على استمرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وعلى وقع تأييد شعبي عريض، أعلنت القوات المسلحة الجمعة، رسميًّا الدخولَ في المرحلة الجديدة.
إعلان القوات المسلحة -الذي تلاه ناطقها الرسمي العميد يحيى سريع أمام حشد مليوني كبير في ميدان السبعين- ذكر في البداية خلفية قرار الدخول في التصعيد الجديد، والمتمثلة بـ “تطوراتِ المعركةِ في قطاعِ غزةَ منِ استمرار للعدوانِ الإسرائيليِّ والأمريكيِّ والتحضيرِ لتنفيذِ عمليةٍ عسكريةٍ عدوانيةٍ تستهدف مِنطقةِ رفح” بالتوازي مع “العرضِ المطروحِ على المقاومةِ والذي يريدُ فيه العدوُّ انتزاعَ ورقةِ الأسرى دونَ وقفٍ دائم لإطلاق النار” وهو ما يجدد التأكيد على الارتباط الوثيق بين وتيرة الجبهة اليمنية ومجريات المعركة في غزة، بالشكل الذي يجعلها جبهةً مواكبةً وضاغطةً بشكل مباشر وفوري؛ الأمر الذي يضع العدوّ قسرًا وبشكل مكشوف أمام الحقيقة التي حاول طيلة الفترة الماضية التهرب منها، وهي أن اليمن ليس مُجَـرّد طرف متضامن يمكن تحجيم دوره، بل جزء ثابت ومؤثر في الصراع بكل تفاصيله، بما في ذلك المفاوضات التي يحاول العدوّ تحويلها إلى حيلة للالتفاف على مقتضيات الواقع.
وقد حملت تفاصيل المرحلة الرابعة من التصعيد التي كشفها المتحدث باسم القوات المسلحة هذه الرسالة أَيْـضاً في ما تضمنته من مفاجآت كبرى أولها: “استهداف كافةِ السُّفُنِ المخترِقةِ لقرارِ حظرِ الملاحةِ الإسرائيليةِ والمتجهةِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلّةِ في البحرِ الأبيض المتوسطِ في أية منطقةٍ تطالُها أيدينا” و”بدء تنفيذ هذه الخطوة من ساعةِ الإعلان”، فهذا التطور الصادم جِـدًّا للعدو (لاعتبارات سيأتي ذكرها) يضعه أمام حقيقة أن غزة ليست وحدها، لا على طاولة المفاوضات ولا في الميدان، وأن الجبهة اليمنية قادرة على تصعيد خطرها وتأثيرها إلى حدود غير متوقعة وبالشكل الذي يضع تكلفة كبرى تجبر العدوّ على مراعاتها والتفكير بها عند اتِّخاذ القرارات التالية بشأن غزة.
الوصول إلى حيفا
هذا التأثير، وهو مكمن الصدمة والمفاجأة، عنوانه الرئيسي هو إطباق الحصار البحري على الكيان الصهيوني؛ فبعد إغلاق طريق البحر الأحمر والبحر العربي أمام الملاحة الصهيونية القادمة من الشرق بشكل كامل وتعطيل ميناء أم الرشراش، المنفذ البحري الجنوبي الوحيد للعدو، يعتبر استهداف الملاحة المتجهة إلى الموانئ الغربية لفلسطين المحتلّة بمثابة ضربة قاضية لإمدَادات الصهاينة البحرية كلها، وهو مسار يمكن القول إن القوات المسلحة اليمنية قد بدأته عندما وسّعت نطاق عمليات استهداف السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” إلى المحيط الهندي، حَيثُ كانت هذه السفن تنطلق من الشرق لتصل إلى ميناء “حيفا” البحر المتوسط الذي أصبح الطريق البحري الأخير المباشر إلى “إسرائيل”، لكن الأمر الآن أصبح أكبر من ذلك بكثير؛ فحتى السفن القادمة من الغرب وأُورُوبا إلى موانئ العدوّ أصبحت في دائرة الاستهداف.
بعبارة أُخرى، إن ما يعنيه استهداف السفن المتوجّـهة إلى الموانئ الغربية في فلسطين المحتلّة، هو ببساطة أن كُـلّ السفن المتوجّـهة إلى الكيان من أي مكان أصبحت معرضة للضرب في أي مكان تصل إليه القوات المسلحة اليمنية (كما هو واضح في البيان)؛ إذ لم يعد هناك بحرٌ آخرُ تستطيعُ السفنُ أن تلجأَ إليه للوصول إلى كيان العدوّ.
وتبرز هنا احترافية مدهشة للقيادة اليمنية في إدارة المعركة؛ فالإعلان عن الخطوة الجديدة جاء ضمن مسار متدرج يضمن مراكمة المعادلات بصورة تحرم العدوّ حتى من خيار التضليل الدعائي؛ فإغلاق طريق البحر المتوسط أمام إمدَادات العدوّ يأتي بعد أن برهنت القوات المسلحة وبشكل استثنائي ومعترف به من قبل الأعداء أنفسهم، نجاحًا كَبيراً في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي، وهو نجاح شهدت به أَيْـضاً تقارير خسائر الاقتصاد الصهيوني، وتكلل أَيْـضاً بسحب قرابة 18 سفينة حربية أمريكية وأُورُوبية كانت قد قدمت إلى المنطقة؛ بهَدفِ الحد من العمليات البحرية اليمنية، وبالتالي فَــإنَّ مسألة قدرة القوات المسلحة اليمنية على تنفيذ مضامين المرحلة الرابعة من التصعيد ليست قابلة للتشكيك.
ونظرة سريعة على ما سمح العدوّ بنشره في وسائل إعلامه خلال الأشهر الماضية حول تأثير العمليات البحرية اليمنية على الاقتصاد الصهيوني، تكفي لتوضح أن المرحلة الرابعة من التصعيد اليمني هي عبارة عن كارثة كبرى ستحل على “إسرائيل” قريبًا، وستظهر على شكل نقص حاد تدريجي في الكثير من الإمدَادات الرئيسية وقفزات مخيفة في الأسعار وانهيار غير مسبوق لحركة الموانئ المحتلّة (التي هي منخفضة الآن بنسبة تزيد عن 51 % بحسب صحيفة ذا ماركر العبرية)؛ الأمر الذي يعرف العدوّ أنه سيكون حصارًا كاملًا وسيجعل خيارَ الإصرار على مواصلة الإبادة الجماعية مغامرة انتحارية خاسرة لن يكون بالإمْكَان التعافي منها.
هذا أَيْـضاً ما يؤكّـده الشق الثاني من تفاصيل المرحلة الرابعة للتصعيد اليمني، وهو الشق الذي ربطته القواتُ المسلحة بهجوم العدوّ الصهيوني على رفح، حَيثُ أكّـد العميد يحيى سريع أنه في هذا الحالة فَــإنَّ “القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ ستقومُ بفرضِ عقوباتٍ شاملةٍ على جميعِ سُفُنِ الشركاتِ التي لها علاقةٌ بالإمدَاد والدخولِ للموانئِ الفلسطينيةِ المحتلّةِ من أيةِ جنسيةٍ كانتْ وستمنعُ جميعَ سُفُنِ هذه الشركاتِ من المرورِ في منطقةِ عملياتِ القواتِ المسلحةِ وبغضِّ النظرِ عنْ وِجهتِها”.
هذا الإعلان يعني أن الضربات وقتها ستطال حتى السفن التي ليست متوجّـهة إلى فلسطين المحتلّة ولكنها مرتبطة بالشركات التي لها علاقة بأية عمليات إمدَاد بحري للعدو الصهيوني، وهذه الخطوة ستكون مكملة لمسار الحصار البحري فيما يتعلق بحرمان العدوّ من أية “مساندة” خارجية من قبل الجهات التي سيسعى بكل تأكيد إلى الاستنجاد بها لكسر الحصار اليمني على موانئه.
ويكشف هذا الجزء من خطة التصعيد اليمنية أَيْـضاً عن نظرة استباقية ذكية وواقعية لمسار الأحداث، وعن قدرة احترافية على توظيف أوراق الضغط وتدريجها بالشكل المناسب الذي يجعل العدوّ محاطًا بقائمة طويلة من “التكاليف” الباهظة جِـدًّا والخطيرة للغاية، لكل قرار عدواني في أجندته، وبالتالي حرمانه من مساحة المناورة التي يأمل أن يفتح فيها ثغرة تمكّنه من تجنب تداعيات جرائمه.
ومن نافلة القول إن ما أعلنته القوات المسلحة بشأن تفاصيل المرحلة الرابعة من التصعيد يكشف بوضوح عن امتلاكها قدراتٍ تفوقُ التوقُّعات والتقديرات فيما يتعلق بإمْكَانية رصد وتتبع حركة الملاحة الدولية بشكل دقيق، وَأَيْـضاً إمْكَانية تنفيذ عمليات دقيقة على مسافات بعيدة للغاية وربما في أكثر من جهة في وقت واحد؛ وهو ما يعني أَيْـضاً التوصُّلَ إلى اختراقات هائلة في مسارِ تطوير الأسلحة الصاروخية والجوية.
نقلا عن المسيرة نت # القوات المسلحة اليمنية#البحر الأبيض المتوسط#العدوان الصهيوني على غزة#المرحلة الرابعة من التصعيدً#اليمن#فلسطين المحتلةالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المرحلة الرابعة من التصعید القوات المسلحة الیمنیة الإبادة الجماعیة فلسطین المحتل ة أ ی ـضا
إقرأ أيضاً:
600 يوم على الإبادة الجماعية في غزة .. واقع كارثي يفضح إجرام إسرائيل
#سواليف
تمرّ اليوم 600 يوم على بدء #الحرب #الإسرائيلية على قطاع #غزة، وسط استمرار العدوان العسكري المكثف، وغياب أي أفق لحل سياسي أو إنساني، في واحدة من أطول وأعنف #الحروب التي مرت في تاريخ #الصراع مع #الاحتلال.
في هذه المدة، تحوّلت غزة إلى #منطقة_منكوبة بكل المقاييس، لم تسلم البنية التحتية، ولا المؤسسات الصحية، ولا حتى السكان المدنيون، من عمليات القصف والتدمير المستمر.
وفق وزارة الصحة؛ ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 54,084 شهيدا و123,308 إصابات منذ السابع من أكتوبر للعام 2023، يضاف لهم أكثر من 10 آلاف مفقود.
مقالات ذات صلة#دمار_هائل في البنية التحتية
تعرضت البنية التحتية في غزة لدمار شبه كامل، وفقاً لتقارير محلية ودولية.
وتشير تقديرات وزارة الأشغال العامة إلى أن نحو 80% من المباني السكنية إما دُمّرت كليًا أو تضررت جزئيًا.
كما تضررت شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي بشكل كبير، ما أدى إلى انهيار الخدمات الأساسية.
وتوقفت معظم محطات المياه والمرافق الخدمية عن العمل، في ظل استهداف مباشر للمرافق الحيوية ونفاد الوقود اللازم لتشغيلها.
“المدينة أصبحت غير صالحة للحياة، كل يوم نعيش بلا ماء، بلا كهرباء، وأحيانًا بلا طعام. لا شيء يعمل”، يقول أبو طارق، أحد سكان حي الزيتون شرق غزة.
القطاع الصحي.. انهيار كامل
تعاني المستشفيات من أوضاع كارثية، بعد استهداف مباشر أو غير مباشر لغالبية المستشفيات والمراكز الطبية العامة والخاصة وأخرجت أغلبها عن الخدمة.
وتعاني الكوادر الطبية من نقص حاد في المعدات والأدوية.
“نُجري عمليات جراحية في ظروف بدائية، بلا أدوات تعقيم، وبلا تخدير في بعض الأحيان”، يقول أطباء.
أزمة النزوح والمعيشة
تشير تقارير محلية ودولية إلى أن أكثر من مليوني فلسطيني أصبحوا نازحين داخليًا، يبيتون في مدارس متهالكة أو خيام مؤقتة دون مقومات أساسية للحياة.
وتعيش غالبية السكان على المساعدات الغذائية، التي لا تصل حالياً بفعل احكام الحصار، وتفشي المجاعة.
تقارير رسمية تحدثت عن وفاة 60 طفلاً بفعل سوء التغذية، في حين يتهدد المجاعة سوء التغذية الحاد مئات الآلاف من السكان.
كما أشارت إلى أن 41 % من مرضى الفشل الكلوي توفوا خلال الحرب وأن 477 مريضا توفوا ممن ينتظرون السفر للعلاج بالخارج.
التعليم مشلول بالكامل
توقفت العملية التعليمية في غزة منذ بداية الحرب، حيث تحولت غالبية المدارس إلى مراكز إيواء، بينما تعرّضت المئات منها لأضرار جسيمة.
وتشير إحصائيات وزارة التربية إلى أن أكثر من 600 ألف طالب حُرموا من حقهم في التعليم.
صمت دولي وتضاؤل الأمل
رغم حجم الكارثة، لم تُتخذ خطوات دولية حقيقية لوقف القتال أو محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة.
ومع تكرار استهداف المدنيين، يرى كثيرون أن ما يجري هو إبادة جماعية ممنهجة، وليس مجرد حرب.
“نحن لا نُقتل فقط، بل يُمحى كل أثر لحياتنا، من المستشفيات إلى المدارس وحتى الأحلام”، قالت ريم، طالبة ثانوية فقدت عائلتها بالكامل في غارة جوية.
غزة تصمد… رغم كل شيء
على الرغم من هذا الواقع المظلم، ما زالت غزة تقاوم. الأهالي يواجهون الدمار بالصبر، ويعيدون بناء الحياة في الخيام، ويصنعون من الألم إرادة لا تنكسر.
ستمائة يوم من الحرب، ولم تنكسر غزة. لكنها كشفت عُري العالم.