قالت أوريت ستروك وزيرة الاستيطان الإسرائيلي إن كيان الاحتلال ليس نجمة على العلم الأمريكي والولايات المتحدة لا تستحق صفة صديق لنا، وفق ما ذكرت صحف عبرية.

يعد ذلك استمرارًا في الانقلاب على أهمية الحليف الأمريكي الأفضل لإسرائيل على الإطلاق.


وقبل أيام أثارت وزيرة المستوطنات والمشاريع الوطنية أوريت ستروك انتقادات حادة يوم الأربعاء بعد أن رفضت ما قالت إنها صفقة رهائن “سيئة” يتم التفاوض عليها حاليا في مصر، مضيفة أن الاتفاق عليها سيكون بمثابة خيانة للجنود الإسرائيليين وأهداف إسرائيل الحربية.

وقالت الوزيرة اليمينية المتطرف لإذاعة الجيش إن هناك “جنودًا تركوا كل شيء وراءهم وخرجوا للقتال من أجل أهداف حددتها الحكومة، ونحن نقوم بإلقاء ذلك في سلة المهملات لإنقاذ 22 شخصا أو 33 أو لا أعرف كم عددهم. مثل هذه الحكومة ليس لها الحق في الوجود”.

في إدانة لستروك، قال زعيم المعارضة يائير لبيد في تغريدة إن “حكومة تضم 22 أو 33 عضوا متطرفا في الإئتلاف ليس لها الحق في الوجود”، في حين اتهم الوزير حيلي تروبر من حزب “الوحدة الوطنية”، الشريك مع ستروك في الإئتلاف الحاكم، الوزيرة بانعدام الحساسية تجاه الرهائن.

من جانبها، قالت وزيرة المواصلات الإسرائيلية إنها اعترضت  ما أطلقته إيران نحوها ودخلوا أراضيها وقاموا بالرد وأوصلوا رسالتهم.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وزيرة المستوطنات

إقرأ أيضاً:

اللغة والهوية.. ركيزتان في معركة الوجود القومي وبناء الدولة الحديثة.. كتاب جديد

الكتاب: لسان الضَّاد: اللُّغة وسيلةٌ في الهوية وتمكين ٌ للقومية- قراءة في الانتماء والقومية و الهوية
الكاتب: الدكتور الشيخ علاء الدّين زعتري
الناشر: دار رواد المجد، دمشق،طبعة أولى 2025،(عدد الصفحات112 من الحجم الوسط)


في تعريف الأمة: كل جماعة يجمعهم أمرًا ما-إمَّا دينٌ واحدُ، أو مكانٌ واحدٌ، أو زمانٌ واحدٌ.وليس يلزم في الأمة أن تكون الجماعة جماعة بشريةٌ، فقد تكون من الطير، ومن الحيوان. جاء في القرآن الكريم: "وما من دابةٍ في الأرض، ولا طائر يطير بجناحيه، إلاَّ أمم أمثالكم..".

الأمة في اللغة تعني الجيل والجنس من كل حي. وردت كلمة الأمة بالمفرد52 مرّة، وبالجمع 13 مرّة، في القرآن والسنة للدلالة على جميع المسلمين في كل مكان أو زمان. وقد يطلق لفظ الأمة ويراد به جميع المسلمين في وقت معين، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "ستكون هنات، وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان".

إنَّ لفظ الأمة قديم في اللغة العربية وشاع منذ ظهور الإسلام في بداية القرن السابع. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في مراجع كثيرة. لكنه من الألفاظ الحديثة في تاريخ أوروبا. ولم يتفق الفقهاء على تعريف محدد للأمة.

بالتعريف الحديث للأمة: هي جماعة أثنية من البشر لها خصائص تربط بين أفرادها برابطة الانتماء والولاء لها من خلال وشائج التاريخ المشترك، والعادات والتقاليد، واللغة، والثقافة،والدين، والحضارة، وتُميزها هذه الخصائص عن غيرها.

هناك شبه إجماع على أنَّ تاريخ الأمم القديمة، التي ظهرت على مسرح التاريخ وكونت إمبراطوريات مثل الصين والعرب، ليس بالتأكيد هو تاريخ الأمم الأوروبية. وهذا الاختلاف الجوهري نفهمه مما كتب ماركس وإنجلز عن العرب والهنود غيرهم من شعوب الشرق. فالأمم قديمة وعالمية، وتاريخها طويل جداً ومتنوع. تاريخ الشعوب بعد ظهور الإنسان النوع هو، جوهرياً، تاريخ تكوّن الأمم. من التعريفات التي تناولت مصطلح الأمة ورد في موسوعة ديدور الفرنسية من أن الأمة هي "اسم جنس يدل على مجموعة كبيرة من الناس، يعيشون على قطعة من الأرض، داخل حدود معينة، ويخضعون لحكومة واحدة" .هناك شبه إجماع على أنَّ تاريخ الأمم القديمة، التي ظهرت على مسرح التاريخ وكونت إمبراطوريات مثل الصين والعرب، ليس بالتأكيد هو تاريخ الأمم الأوروبية. وهذا الاختلاف الجوهري نفهمه مما كتب ماركس وإنجلز عن العرب والهنود غيرهم من شعوب الشرق. فالأمم قديمة وعالمية، وتاريخها طويل جداً ومتنوع. تاريخ الشعوب بعد ظهور الإنسان النوع هو، جوهرياً، تاريخ تكوّن الأمم. من التعريفات التي تناولت مصطلح الأمة ورد في موسوعة ديدور الفرنسية من أن الأمة هي "اسم جنس يدل على مجموعة كبيرة من الناس، يعيشون على قطعة من الأرض، داخل حدود معينة، ويخضعون لحكومة واحدة" .

إنَّ مشكلة هذا التعريف تتمثل في اعتبار جميع رعايا الدولة الواحدة أمة واحدة، بصرف النظر عن انقساماتهم الإثنية والقومية. لقد كانت ألمانيا، قبل إنجاز الثورة الديمقراطية البرجوازية، مجزأة إلى عدة دويلات صغيرة، فهل يعقل أن نعتبر سكان برلين وبون وفرانكفورت من أمم مختلفة لأنهم ينتسبون إلى دول مختلفة؟ وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإمبراطورية العثمانية التي كانت تضم عدة أقوام مثل الأتراك والعرب والأرمن والبلغار والأكراد.. إلخ فهل يعقل، أيضاً، أن تعتبر هذه الأقوام كلها أمة واحدة لأنهم يخضعون لدولة واحدة؟.

لذلك علينا، ومع احترامنا لما تذهب إليه بعض النظريات الحديثة في الأمة من أنَّ هذه الأخيرة لا توجد إلا في الدولة، أنْ نميّز بين تشكّل الأمة عبر سيرورة تاريخية معقدة وبين وجود الدولة. فمن الممكن جدّاً أن تكون الأمة موجودة من دون تحقيق وحدتها السياسية في إطار "الدولة الحديثة".لكل أمة خصائص معينة، وإنَّه لمن الصعب إحصاء العناصر التي تتكون منها الأمة، ومن المستحيل قياس المكونات غير المحسوسة فيها.

يمكن القول إنَّ الأمةَ جماعةٌ من الناس لها خصائصها ومكوناتها هي: منطقة جغرافية، والرغبة في العيش سوياً أي وحدة المشيئة والإدارة، واللغة المشتركة، والعادات والتقاليد وحدة الثقافة والتاريخ المشترك.

ولكنَّ لا يمكن أن توجد أمة إذا اختفت كل هذه العوامل. ولا بد للأمة من رقعة من الأرض المستقلة تسكنها. وقد تتكون دولة واحدة في هذه المنطقة وبالتالي تنشأ الدولة الأمة أي القومية.

وقد تكون الأمة خاضعة لعدة دول كما هو الحال في الأمة العربية والألمانية سابقاً والكورية. ويعتبر التاريخ والعادات والتقاليد ووحدة الثقافة واللغة من أهم العوامل التي تخلق شعور القرابة المعنوية بين أبناء الأمة.

تعتبر قدرة أبناء الأمة على الاتصال من أهم مكوناتها، واللغة من أهم عوامل الاتصال والتماسك الاجتماعي، ذلك أنَّها تُقَرِّبُ بين السكان وتساعدُ على تفاهمهم وترابطهم. ولا تقتصر مكونات سهولة الاتصال بين أبناء الأمة على اللغة بل تشتمل أيضاً على الآداب والثقافة والعادات والتقاليد الاجتماعية والذكريات المشتركة. ويتضمن نمو الأمم تكثيف عمليات الاتصال بين أفرادها وتوسيع رقعته وتعميقه.

في هذا الكتاب الجديد الذي يحمل العنوان التالي: "لسان الضَّاد يجمعنا" لمؤلفه الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري، والصادر حديثا عن دار رواد المجد في دمشق،ويتألف من مجموعة نصوص قيمة تتمحور معظمها حول الهوية الثقافية العربية،واللغةالعربية والهوية القومية،والعروبة وضرورة الانتماء، والجمع بين القومية العربية والدين،يحاول  الكاتب أن يقدم لنا قراءة موضوعية حول مجموعة العوامل الروحية والمادية التي تُوجِدُ نفسية مشتركة بين الجماعات والشعوب، أليست هي القيم الأكثر سمواً والتي يعيش البشر من أجلها، ويناضلون دفاعاً عن وجودهم ومصيرهم وحريتهم ضمن انتماءات توحدهم، وتميزهم عن غيرهم.

اللغة العربية عنوان الهوية

في الهوية نحدِّدُ شخصيتنا من نكون وماذا نريد، وفيها نحدد طبيعة تفكيرنا، ومن خلالها نضع أسس مشروعنا للمستقبل. إن الهوية الثقافية تُعد أداة القوة والتقدم، كما إنها تشكل عاملاً أساسياً في الضعف والتفكك.فهناك اهتمام بالغ بموضوع الهويات الثقافية في العصر الراهن، إذتستخدمها القوى الاستعمارية الجديدة وسيلة فاعلة للهيمنة على العالم بتفكيك الهويات الوطنية والقومية إلى كيانات صغيرة متصارعة من جهة، وفرض هويتها على شعوب العالم من جهة أخرى.

كما حدث في تفكيك الاتحاد السوفياتي إلى كيانات قومية، وتفكيك دول أوربا الشرقية إلى دول صغيرة تقوم على أسس عرقية، وكما حدث في العراق الشقيق؛ فلم يتم غزوه واحتلال أرضه إلا بعد أن تم تنمية الهويات الطائفية التي أدى ظهورها إلى انهيار الدولة وانهيار كل الروابط الاجتماعية والوطنية بين أبناء الشعب الواحد.

وفي المقابل ستكون الهوية الوطنية والقومية هي السلاح الأكثر فاعلية للشعوب الضعيفة؛ للدفاع عن وجودها وشخصيتها، واستقلالها؛ بتأكيد ثوابت الهوية الوطنية والقومية، وتنمية روح الولاء للوطن والأمة، دون أن يعني ذلك الانغلاق على الآخر؛ والانكفاء حول الذات؛ بل يتعين تأكيد الذات من جهة؛ وتحديد شروط التعامل مع الآخر من جهة أخرى.

إن التمركز حول الذات يُعد مرحلة ضرورية؛ لتحديد الذات؛ لهويتها، وتحديد أهدافها، ورؤاها للمستقبل، وتحديد عوامل النهوض والتقدم، ثم تأتي مرحلة الانفتاح على الآخر لكي نحقق وجودنا معه؛ انطلاقاً من علاقة إنسانية تقوم على قاعدة من فلسفة التنوع والاختلاف (السنة الكونية) التي تعترف بالآخر.

كما لا يخفى ما فَرَضَتْه العولمة على معظم الدول النامية منها؛ وبخاصة تهديد ثقافتها، وتهميش متعمد ضار للخصوصيات الحضارية المميزة لتاريخها حتى صارت هذه الدول في بؤرة الصراع رغم محاولاتها المستميتة للبعد عنها.

ولقد انتقل هذا الصراع من المجالات العسكرية والاقتصادية إلى مجال أكثر حساسية وهو مجال الهوية، ومنظومة القيم، مما يُعد أخطر ما يواجهه الإنسان لما له من تأثير مباشر في صياغة الذهنيات، وقوى في بناء التصورات وتغير المفاهيم.

إن الحضارات القديمة بكل ثقافاتها وأديانها وقيمها هي الهدف القادم لهجوم المدنية الأورو - أمريكية البازغة، مُصِرَّةً على فرض هيمنتها، وبسط ثقافاتها، ونشر نمطها، وإظهار نموذجها، وتحقيق مشروعها، في كل أرجاء العالم.

هذه المدنية الليبرالية الحديثة تشعر أنها -في الواقع- هي المنتصرة السائدة المالكة لكل عناصر التقدم، وإمكانات بناء القوة وممارستها بكل عناصرها الفكرية والعلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية.

إن الهوية الثقافية تُعد أداة القوة والتقدم، كما إنها تشكل عاملاً أساسياً في الضعف والتفكك.فهناك اهتمام بالغ بموضوع الهويات الثقافية في العصر الراهن، إذتستخدمها القوى الاستعمارية الجديدة وسيلة فاعلة للهيمنة على العالم بتفكيك الهويات الوطنية والقومية إلى كيانات صغيرة متصارعة من جهة، وفرض هويتها على شعوب العالم من جهة أخرى.ومن ثُمَّ؛ فإنها تسعى إلى بسط قيمها، وتعميم ثقافتها على باقي الحضارات والثقافات والشعوب.

إن من أهم الأمور التي تُلح على الإنسان العربي في هذه الأيام، وأولها هو تعزيز حضوره الفعال وتثبيت هويته الخاصة به في ساحات المعترك الحقيقي، الذي يعيشه العالم؛ وبالتحديد معترك الصراع الذي يحتدم ـ على مستوي الكرة الأرضية كلها ـ بين الثقافات المختلفة، بين (وجود، حضور) ثقافة و(اندثار) ثقافة أو ثقافات أخرى.

يقول الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري:" وكانت اللغة العربية هي الحروف التي يكتب بها الأتراك والروس والأوروبيون والهنود والأفارقة إلى وقت قريب.فعودة اللغة العربية إلى سابق مجدها يعني بالضرورة تمسك الأمة بلغتها!

للغة أهمية كبيرة من حيث الترابط والتواصل بين الشعوب والحضارات ونعرض هذه الأهمية بخصوص اللغة العربية:للغة العربية قدرة كبيرة على دعم جميع العلوم في مختلف مجالاتها.

اللغة العربية رابط بين الحضارات والشعوب الأخرى حول العالم.إنها واحدة من أقدم اللغات التي تتمتع ببحر من الخيال المتطور.

لقد رميت اللغة العربية بسهام الأعداء وبعض الأبناء، فوصفوها بالصعوبة ونعتوها بالغموض والجمود، وحاولوا تهميشها في واقع الحياة، وتباهوا برطانة الأعاجم، وعزف كثير من الطلاب عن دراسة اللغة العربية، وتبرموا من مناهجها الدراسية، وانحدر مستوى مادة القواعد العربية والنحو والصرف، وكثرت الأخطاء في كلام الخطباء والكتاب، حتى إنك لا تكاد ترى رسالة في دائرة أو شركة إذا كتبت بالعربية إلا وهي مملوءة بالأخطاء."(ص 35).

اللغة العربية والتعريب في عصر الثورة العلمية والتكنولوجيا

من هذا المنظار فإنَّ خيار التعريب له علاقة عضوية مباشرة بخيار التعليم، ولأن التعليم إذا قيض له أن يسهم إسهاما ً حقيقيا ً في تكوين الإنسان من المدرسة إلى الجامعة، باعتباره إنتاجًا للبشر، الذي لا يعطي ثمارًا إلا بعد سنوات طويلة، حيث تمتص المجالات المتعددة الاقتصادية والسياسية والثقافية كل الكوادر المقتدرة والموهوبة، يتطلب أنْ يكون ضمن سياسة وطنية ثورية وقومية ديمقراطية شاملة للحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والوطنية في العالم العربي عامة، أولا يكون .إذا ً، فالتعريب في البلاد العربية عامة، هو مسألة لها علاقة عضوية مباشرة باهتمام الدولة الوطنية بسياسة المواطن ماديا ً، وفكريا ً، أولا ًوأساسا ً.فالتعريب ليس مجرد برنامج يطبقه هذا الوزير أو ذاك، بل هو اختيار أيديولوجي وسياسي وثقافي واعي للأمة العربية، لكي تخوض المعركة الفكرية والثقافية والتعليمية، بين الثقافة العربية الإسلامية، والثقافة الغربية المهيمنة، علمًا أن سلاحنا في هذه المعركة (نحن دعاة التعريب) ضعيف بحكم قانون التفاوت في التطور على صعيد الإمكانات الثقافية والحضارية بيننا وبين الغرب .

إنَّ طابع التخلف الذي يطبع لغتنا العربية عامة، وخيار التعريب، نابعٌ بشكل أساس من التأخر التاريخي لمجتمعاتنا العربية. ولما كانت اللغة العربية، عبر مسارها التاريخي بنية تحتية أسست لظهور المجتمع المدني، وتبلور فكرة الأمة، ضد كل التوصيفات الماركسية التي تعتبرها جزءا ًمن البنية الفوقية فقط، فإنَّها تشكل الآن أكثر من أي وقت سبق المعبر الرئيس الذي تنتقل به المجتمعات العربية من حالة التأخر التاريخي إلى التقدم، ومن القعود إلى النهوض.

إنَّ طابع التخلف الذي يطبع لغتنا العربية عامة، وخيار التعريب، نابعٌ بشكل أساس من التأخر التاريخي لمجتمعاتنا العربية. ولما كانت اللغة العربية، عبر مسارها التاريخي بنية تحتية أسست لظهور المجتمع المدني، وتبلور فكرة الأمة، ضد كل التوصيفات الماركسية التي تعتبرها جزءا ًمن البنية الفوقية فقط، فإنَّها تشكل الآن أكثر من أي وقت سبق المعبر الرئيس الذي تنتقل به المجتمعات العربية من حالة التأخر التاريخي إلى التقدم، ومن القعود إلى النهوض.والحال هذه، فإنّ اللغة العربية ليست عاجزةً عن استيعاب وتعلم العلوم الدقيقة، لاسيما الرياضيات العليا، والفيزياء النووية، والهندسة الوراثية، والميكانيك المعقدة. ولأنَّ هذه العلوم والرياضيات عبارة عن مصطلحاتٍ وأرقامٍ ورموزٍ تترجم أحيانا ً إلى اللغات الآخذة، وتنقل كما هي أحيانًا أخرى من اللغات المأخوذة عندما تكون أسماء عالمية تستعمل بنفس اللفظ أو الرمز في جميع اللغات. واللغة العربية لكي تكتسب كل خصائص اللغات العلمية الحية والمعاصرة والحديثة، وتدخل حلبة التنافس، تحتاج الى التأهيل العلمي واللغة والمستوى العلمي مترابطان، إذا لا يمكن للإنسان العربي أن يعيش بعقله في جهل القرون الوسطى، وعصور الانحطاط، بينما في لسانه يعيش في عصر الذرة والكمبيوتر والأنترنت. فحياة اللغة العربية، مرتبطة بالتحرر الراديكالي للأمة العربية في كل مجالاته أولا، وبحياة الفكر والثقافة المبدعين ثانيا ً .

وهكذا تبدو حياة اللغة العربية مرتبطة بالثورة الفكرية والثقافية الشاملة، على الصعيد العربي، وبالثورة السياسية، التي تؤسس لبناء مجتمع مدني حديث، بالتلازم مع بناء دولة الحق والقانون. ومن هذا المنظار تصبح حياة اللغة العربية هي تحقيق تحرر وحرية الشعوب العربية من الاستبداد والتبعية والتخلف.

إنَّ خيارَ التعريب كلٌّ لا يتجزأ، فهو لا يتم في التعليم وحده، ولا في اللغة على انفراد، بل يتم في جميع مؤسسات المجتمع، تسيره قوانين حازمة بعيدة عن التمتع بالرخاوة البرجوازية والثقافة الأمريكية المهيمنة . إنه ليس سؤالا ً ثقافيا ً، ولا سؤال يهم فقط المثقفين العرب وفي مقدمتهم القائمين بعلم الاجتماع واللغة العربية، لكي تحقق قفزة نوعية في تطورها التاريخي، ولكي تتجاوز تأخرها التاريخي، حيث أن التعريب على صعيد المناهج العلمية والتكنولوجية، خيار واحد من المعضلات الأساسية التي تواجه القوى القومية، والديمقراطية العربية، ويتطلب حلا ً ثوريا ً صحيحا ً.

 هناك تلازمٌ بين اللغة، باعتبارها أهم وأخطر أعضائنا العقلية، وبين محتواها الفكري والحضاري، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، ولهذا فإنّ اللغة، والمجتمع المدني، ودولة الحق والقانون مقولات تتقدم معا ً، وتتراجع معا ً أيضا ً.ولكي تسهم اللغة العربية في الإنتاج العلمي والتكنولوجي، يترتب على المثقفين العرب باللغات الانكليزية والفرنسية والألمانية وغيرها من اللغات الحية، أنْ لا تنحصر مهمتهم العلمية، في نقل المصطلحات الأجنبية وشرحها للطلاب فقط، بل إنَّ مهمتهم الأساسية هي توخي استراتيجية للترجمة طويلة الأمد لنقل الروح العلمية والتخليق التكنولوجي إلى اللغة العربية، لكي تصبح لغتنا العربية، بعد أنْ تهضم هذه الترجمة بالتوازي مع مواكبتها لتطور العلوم الدقيقة والتكنولوجية، قادرة على عملية التخليق العلمي والتكنولوجي، على الرغم من الصعوبات البنيوية الناتجة عن طبيعة مجتمعاتنا العربية المتأخرة تاريخيا، والمتسمة بالفوضى والإهمال ..

يقول الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري:"لقد رميت اللغة العربية بسهام الأعداء وبعض الأبناء، فوصفوها بالصعوبة ونعتوها بالغموض والجمود، وحاولوا تهميشها في واقع الحياة، وتباهوا برطانة الأعاجم، وعزف كثير من الطلاب عن دراسة اللغة العربية، وتبرموا من مناهجها الدراسية، وانحدر مستوى مادة القواعد العربية والنحو والصرف، وكثرت الأخطاء في كلام الخطباء والكتاب، حتى إنك لا تكاد ترى رسالة في دائرة أو شركة إذا كتبت بالعربية إلا وهي مملوءة بالأخطاء.

للغة العربية بعد وحدوي للأمة، وبخاصة في الصراع العربي الصهيوني، كما كان دوره بارزاً مع حركة التتريك في أواخر العهد العثماني في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.فمعظم النظريات القومية العربية ترتكز على أن اللغة مكون أساسي إن لم تكن هي المكون الأساسي في تشكيل الهوية القومية العربية.ولقد أعطى الفكر القومي العربي المكانة الثقافية والسياسية اللائقة للأمة العربية في العصر الحديث، كما كان للغة العربية دور مركزي في تشكيل الهوية القومية العربية في العصر الحديث.ومن المهم الربط بين ماضي اللغة العربية بالحاضر، حيث يعمل الماضي على تعميق مركزية اللغة، والوعي بها في إطار الهوية الراهنة"(ص37).

مقالات مشابهة

  • وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع تداعيات حادث الطريق الإقليمى بالمنوفية.. وتوجه بتقديم الدعم لأسر الضحايا
  • اللغة والهوية.. ركيزتان في معركة الوجود القومي وبناء الدولة الحديثة.. كتاب جديد
  • واشنطن تحث باكستان على دعم السلام بين إيران وإسرائيل
  • اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 36 مشروعا ينتظر أن تحدث حوالي 17 ألف منصب شغل وفق بلاغ لرئيس الحكومة
  • مصر.. دعوة من ساويرس وسط ضجة باحثة إسرائيلية وما قالته عن أصل أرض فلسطين
  • واشنطن تخفف الخناق عن النفط الإيراني.. لإغراء الصين بشراء الخام الأمريكي
  • الدعم الأمريكي لإسرائيل| تورط مباشر وأبعاد استراتيجية في المواجهة مع إيران.. ماذا يحدث؟
  • بروس: واشنطن تدعم الحكومة السورية في محاربة الإرهاب وضمان استقرارها
  • وزيرة البيئة: الحكومة بذلت جهوداً كبيرة لتجعل شرم الشيخ مدينة خضراء
  • الناتو يعيد تحديد أولوياته مع تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا في ظل رئاسة ترامب