بغداد اليوم- متابعة

قال تقرير لمجلة الإيكونميست البريطانية،اليوم الاثنين (6 ايار 2024)، إن الجيوش العربية "لا تتمتع بالفعالية"، ورغم أن الحكومات تنفق الأموال على تحديث جيوشها، فإن هذا "لا يساعد في تلميع سمعتها".

والمشكلة، وفق التقرير، ليست في نقص المال أو المعدات، فالإنفاق العسكري المشترك في دول مجلس التعاون الخليجي الست بالإضافة إلى مصر والأردن يصل إلى أكثر من 120 مليار دولار سنويا (أنفق أعضاء الناتو الأوروبيون 380 مليار دولار في عام 2023).

ويمكن لتلك الدول العربية معا حشد 944 ألف جندي و4800 دبابة و1000 طائرة مقاتلة. 

وتعد مصر والأردن من بين أكبر الدول المتلقية للمساعدات العسكرية الأميركية، وذلك بقيمة حوالي 1.7 مليار دولار سنويا.

وكان معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) قد أصدر، مؤخرا، تقريرا كشف أن الإنفاق العسكري العالمي بلغ في عام 2023 مستويات قياسية، مسجلا 2440 مليار دولار.

وجاءت السعودية وإسرائيل والجزائر وإيران من بين من الدول التي زادت إنفاقها العسكري، العام الماضي، بسبب التوترات في الشرق الأوسط. 

وزادت السعودية، أكبر منفق في الشرق الأوسط، إنفاقها بنسبة 4.3 بالمئة، إلى ما يُقدّر بنحو 75.8 مليار دولار. 

وشهدت إسرائيل، ثاني أكبر منفق في المنطقة، زيادة بنسبة 24 في المئة، ليصل إنفاقها إلى 27.5 مليار دولار عام 2023.

كيف تصدرت السعودية وإسرائيل قائمة "الأكثر إنفاقا عسكريا" بالشرق الأوسط؟

ارتفع الإنفاق العسكري العالمي للعام التاسع على التوالي في عام 2023 ليصل إلى ما مجموعه 2443 مليار دولار، من بينها أكثر من 200 مليار دولار أنفقتها الدول في الشرق الأوسط في أعلى معدل نمو سنوي تشهده المنطقة في العقد الماضي.

لكن إيكونوميست ترى أنه "يتم تبديد الكثير من هذه الأموال" التي يتم إنفاقها على الجيوش العربية.

ويقول بول كولينز، ملحق الدفاع البريطاني السابق في القاهرة، إن القوات المسلحة العربية غالبا ما تشتري معدات لا تتناسب مع التهديدات التي تواجهها.

وتُستخدم عمليات الشراء لكسب النفوذ لدى الحكومات الغربية، وفق أندرياس كريغ، من كينغز كوليدج في لندن. ويشير التقرير في هذا الصدد إلى مشتريات قطر من طائرات أف-15 ورافال وتايفون التي لقيت استحسانا في واشنطن وباريس ولندن. 

وعلى مدى السنوات العشر الماضية، تم إنفاق 54 في المئة من قيمة واردات الأسلحة في السعودية على الطائرات. 

وتشير المجلة إلى هوس لدى بعض الجيوش بالقوة الجوية على حساب فروع أخرى، مثل البحرية، ونتيجة لذلك، لم تتصد بعض الدول بكفاءة لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر. 

وعلى مدار عقود من الزمن، لم تستثمر العديد من الدول بشكل كافي في دعم سلاح البحرية في ظل الحماية البحرية الأميركية والبريطانية، وفق ديفيد روبرتس، من كينغز كوليدج في لندن. 

وحتى تلك الدول التي بدأت بالاستثمار بذلك الفرع فإنها تواجه نقصا كبيرا في الأفراد، وعلى سبيل المثال، طلبت البحرية القطرية 7 سفن جديدة من إيطاليا، لكنها تحتاج إلى 660 بحارا إضافيا لتشغيلها، أي ما يعادل ربع عدد أفرادها الحاليين في البحرية.

والجيوش العربية تعكس عموما فكرة استبداد حكامها، ويكره القادة العسكريون منح الجنود الاستقلالية والسلطة اللازمة لعمليات الأسلحة المشتركة، بحسب تقرير إيكونوميست.

ويشير كريغ إلى أن التدريبات تكون نمطية ولا تعكس سوى القليل من واقع القتال. 

وأفراد الجيوش العربية يعملون بمثابة "حراس إمبراطوريين"، مثل الحرس الوطني السعودي الذي يبلغ قوامه 130 ألف جندي مكلفين بالحماية الشخصية للأسرة الحاكمة. 

وفي مصر، يدير الجيش إمبراطورية تجارية مترامية الأطراف تعمل في كل شيء من المنتجعات إلى شركات البناء.

ويأمل البعض أن تتمكن الجيوش العربية من توفير قوة لحفظ السلام في غزة، لكن خبراء يشككون في قدراتها التشغيلية اللازمة للمشاركة في قتال متقدم.

وفي أغلب الأحيان، تجد هذه الجيوش  صعوبة في العمل مع بعضها البعض. ويقول كينيث بولاك، من معهد أميركان إنتربرايز: "إنهم جميعا متشككون للغاية، وما زالوا لا يثقون ببعضهم البعض". 

وسرعان ما تلاشت المقترحات المقدمة عامي 2014 و2018 لإنشاء هيكل عسكري مشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، بسبب قلق الدول الصغيرة من سيطرة جيرانها الكبار.

والعديد من الزعماء العرب يفضلون الالتزام الأميركي بحمايتها بدلا من إنشاء تكتل متعدد الأطراف، "وقليلون هم الذين يتصورون خوض حرب مع دولة أخرى دون دعم أميركي". 

ولاتزال دول الخليج تعتمد إلى حد كبير على قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الأميركية، ومراكز القيادة والسيطرة، ومنصات التزود بالوقود التابعة لها في المنطقة. 

ويدلل على ذلك سعي السعوديين "بإصرار" نحو إبرام اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة، وهو ما ظهر علنا في الفترة الماضية..

ويشير التقرير أيضا إلى غياب الخبرة المتخصصة لدى بعض الجيوش، والتي غالبا ما تكون مستوردة: وعلى سبيل المثال، جلب الحرس الرئاسي والقوات الخاصة في دولة الإمارات عددا كبيرا من المستشارين الأجانب، معظمهم من الضباط الغربيين السابقين.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الجیوش العربیة ملیار دولار عام 2023

إقرأ أيضاً:

احتفال الكرامة.. تقييم لتركيبة الجيش ومسؤوليته

ما كان استعراض الجيوش والتهليل لها محل سخرية وسخط كما هو الحال منذ السابع من أكتوبر الماضي وبعد انتفاضة الأقصى، فالجيوش العربية يعد عناصرها بالملايين وعتادها يقيم بمئات المليارات من الدولارات، إلا أنها خارج معادلة التدافع اليوم، وبعضها يوظف لخدمة العدوان الإسرائيلي.

لقد دمرت قوة غير نظامية في غزة أسطورة الجيش الذي لا يهزم، وبالنظر إلى تجربة عملية الكرامة في الشرق الليبي، فإن انتصارها في حرب بنغازي خلال الأعوام 2014 ـ 2017م تحقق بفعالية المجموع الكبير من المقاتلين غير النظاميين، وصرح أبرز القادة الميدانيين، العقيد فرج البرعصي، من أن عدد العسكريين ممن شاركوا في العمليات العسكرية في حرب بنغازي لم يتجاوز 5 ـ 10%. وحين تحول الجيش إلى النمط النظامي العسكري التقليدي، أخفق في هزيمة مجموعات مسلحة غير نظامية، وذلك في حرب الجيش على العاصمة العام 2019م، برغم التفوق الكبير في العتاد وبرغم وجود عناصر أجنبية مدربة، هم قوات فاغنر،، فقد استمات المدافعون، والكثير منهم مدنيون، في إفشال خطة دخول العاصمة طرابلس أشهرا،  قبل أن ينقلب الدفاع إلى هجوم بدعم من الاتراك.

ما يزال الاعتماد على الجيوش والإنفاق عليها بسخاء أساسيا لدى الأنظمة العسكرية الشمولية، وبرز نموذج الجيش "البزناس" الذي يدير مشروعات تجارية وشركات بناء وتشييد ومصانع وغيرها، ويبدو أن الجيش التابع لمجلس النواب يسير على خطى التجربة المصرية في هذا الصدد، ليصبح السؤال المشروع: ما هي مهمة الجيش ومسؤوليته وقد ثبت أنه عاجز عن تحقيق انتصارات على الأرض، ومنسحب من معركة الأمة، وتشوهت رسالته، وانحرف عن مهمته؟

في الحالة الليبية اليوم، فإن الدور الذي اعتبره غالبية أنصار الجيش في الشرق بناء وذلك بعد العام 2014م، من خلال محاربة "الإرهاب"، صار محل شك لدى كثير من مؤيديه بعد أن أعيد تشكيله تحت سيطرة الأسرة المتنفذة، ودخل في عملية غربلة وفقا لمعايير بعيدة عن الأسس الصحيحة لبناء الجيوش، واتجه إلى تحقيق غايات سياسية من المفترض أن ينأى الجيش بنفسه عنها.من يدافعون عن الجيش بشكله وتركيبته الحالية في الشرق الليبي باستماته ينقسمون إلى أقلية هم أصحاب منفعة، وأغلبية يعتقدون أن الجيش هو ضمانة الاستقرار والأمان وبناء الدولة، والحقيقة أن هذا الفهم مغلوط، فالاستقرار الأمني فترة النظام السابق الذي دام عقودا لا علاقة للجيش به، بل فرضته أجهزة وكتائب أمنية، وهذا هو الحال في أغلب الأنظمة الاستبدادية المغلقة التي حكمت، ولا تزال، العالم العربي.

وبالعودة للتجربة الليبية ومسؤولية الجيش في الأزمات والملامات، لم يكن للقوات المسلحة النظامية دور سلبي أو إيجابي العام 2011م، فمن اعتمد عليهم النظام السابق في حربه على من طالب بإسقاطه معظمهم كتائب أمنية ومتطوعون، ومن ساهم بدرجة كبيرة في مقاومته ثم إسقاطه جُلهم ليسوا عسكريين.

التجربة السورية لا تخلو من أمثلة موافقة لهذا التحليل، واليمن أكثر وضوحا في هذا الصدد، فبغض النظر عن الموقف الصحيح للمتحاربين سياسيا وأخلاقيا، فإن إرادة القوات النظامية، السعودية والإماراتية ومن ناصرهم من دول أخرى، والمجهزة تجهيزا كبيرا والمدعومة بالطيران والدبابات والمدافع والقواذف الحديثة تكسرت أمام قوة غير مصنفة ضمن الجيوش، وهم الحوثيون.

من ناحية أخرى، فقد ثبت أن الارتكان للجيوش تحول إلى توظيف سياسي هدام، وهذا حال الأنظمة العسكرية خلال العقود الست الماضية، ومثاله الأوضح في الوقت الراهن هو مصر، وفي الحالة الليبية اليوم، فإن الدور الذي اعتبره غالبية أنصار الجيش في الشرق بناء وذلك بعد العام 2014م، من خلال محاربة "الإرهاب"، صار محل شك لدى كثير من مؤيديه بعد أن أعيد تشكيله تحت سيطرة الأسرة المتنفذة، ودخل في عملية غربلة وفقا لمعايير بعيدة عن الأسس الصحيحة لبناء الجيوش، واتجه إلى تحقيق غايات سياسية من المفترض أن ينأى الجيش بنفسه عنها.

أرجع إلى تقييم خبراء عسكريين ومحللين ومخططين استراتجيين عسكريين وأمنيين لما وقع ويقع الآن في غزة ستصل إلى خلاصة مهمة تتعلق بالأهداف التي من أجلها تشكلت الجيوش والتي تتمحور حول الدفاع عن البلاد من العدوان الخارجي، وأن النمطية التي على أساسها تبنى الجيوش والأغراض التي من أجلها تتشكل لا تحقق هذه الغاية، والنبراس ليس فقط غزة، فالشواهد التاريخية  والمعاصرة كثيرة، وعندما تكون القضية عادلة والحق أبلج فإن الدفاع عنها سيكون عقيدة يهب الإنسان روحه لأجلها، أما إذا دخلت المصالح الضيقة على الخط، وصار الجيش أداة في الصراع الداخلي، فإن النتاج جسم بيروقراطي مترهل وعبئ على الخزانة والدولة وكيان بعيد عن المصلحة الوطنية.

أختم بالقول إن هذا التقييم لا مفهوم مخالفة له، أي لا يفيد بدعم الوضع الأمني والعسكري في المنطقة الغربية في البلاد واعتباره نموذجا سليما، بل هو وضع بائس ونموذج سيء، والكلام في هذا المقال له مناسبة هي الاستعراض العسكري الكبير احتفالا بذكري عملية الكرامة.

مقالات مشابهة

  • قائمة الدول المصدّرة لمعظم السلع والخدمات في العالم.. ما مرتبة العراق؟
  • لوتان: روسيا تكتشف 511 مليار برميل نفط بالمتجمد الجنوبي وقلق بريطاني
  • اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارا علي أغلب الأنحاء واضطراب الملاحة البحرية
  • العمليات اليمنية تستنزفُ قدرات البحرية الأمريكية: أعباءُ الفشل تثقل كاهل واشنطن
  • فلسطين: ستتوقف الحرب إذا أرادت أمريكا.. وعلى الدول العربية تغيير لغة الضغط
  • احتفال الكرامة.. تقييم لتركيبة الجيش ومسؤوليته
  • الذهب يلمع مع تزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأمريكية
  • دفعات الفدية ترتفع بواقع 500 بالمائة العام الماضي بحسب تقرير حالة برمجيات طلب الفدية من سوفوس
  • البنك الدولي: 86 مليار دولار استثمارات في البنية التحتية لدى الدول المنخفضة
  • ولي العهد السعودي يدعو إلى وقف أي أنشطة تؤثر على الملاحة البحرية