مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
حذّر مختصون الشباب والأطفال اليافعين بتجنّب مقارنة حياتهم بمشاهير السوشيال ميديا، إذ يترتب على ذلك انعكاسات سلبية تؤثر على الفرد وجودة حياته، مؤكدين أنه للأسف زادت في الفترة الأخيرة تعرض بعض الشباب واليافعين إلى التوتر الزائد والشعور بالنقص وتبلد المشاعر الاجتماعية وذلك لأسباب متابعتهم لحياة الآخرين وعدم قناعتهم بما لديهم.
بداية يقول أستاذ الصحة العامة استشاري طب الأسرة والمجتمع البروفيسور توفيق احمد خوجة: للأسف الشديد بعض الشباب واليافعين لا يهتمون ببناء شخصيتهم ولا بجودة حياتهم بل يتابعون ما لدى الآخرين وخصوصًا مشاهير التواصل الاجتماعي، وهذا ما أوجد في حياتهم الكثير من المتاعب الفكرية والجسدية والنفسية ، إذ أصبحوا يراقبون الآخرين ولا يهتمون بكيفية بناء شخصيتهم المستقلة والتمتع بجودة الحياة.
وتابع: الواقع أن جودة الحياة مرتبطة بالفرد نفسه لأنها تشير إلى مستوى الراحة والرضا العام الذي يشعر به في حياته، كما تعبّر عن شعور السعادة والرفاهية الشخصية والاجتماعية، وترتبط بعدة جوانب من الحياة بما في ذلك الصحة العامة، الحالة المادية والاقتصادية، العلاقات الاجتماعية، الرضا النفسي والعاطفي، والبيئة والحياة البيئية ، وتترتب على جودة الحياة العديد من الفوائد والأثر الإيجابي على الأفراد والمجتمع بشكل عام ، فعندما يكون لدى الفرد جودة حياة مرتفعة فأنه بالتأكيد سيشعر بالسعادة والرضا الذي ينعكس على صحته العامة وحيويته.
ودعا البروفيسور خوجة جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بتجنّب حصر ما لدى الآخرين، والاهتمام والسعي نحو بناء شخصيتهم والاستمتاع بجودة الحياة ، فالرضا النفسي والعاطفي أحد المقاييس الهامة لجودة الحياة، فإذا كان الشخص يشعر بالسعادة الداخلية والرضا مع نفسه ويستطيع التعبير عن مشاعره بشكل صحيح، فبالتأكيد سيكون لديه جودة حياة عالية ، كما يمكن تحقيق الرضا النفسي والعاطفي من خلال التفكير الإيجابي والتعامل مع التحدّيات بطريقة صحية وبعيدًا عن المقارنة مع الآخرين.
وفي السياق يؤكد استشاري الطب النفسي الدكتور محمد اعجاز براشا، أن مقارنة النفس بالآخرين تمهد للشعور بالغيرة واليأس والإحباط وقلة الثقة في النفس، وعدم الوصول إلى مرحلة الرضا عن الذات وافتقاد التمتع بجودة الحياة.
وأضاف: بناء الشخصية المستقلة يكون من خلال وضع الأهداف الشخصية من دون أي مقارنة بالآخرين ، لا بالأشخاص الأكثر حظاً ولا بالأقل حظاً ، إذ يجب على الشخص أن يبحث عن إنجازاته وطموحاته وأهدافه ويسعى إلى العمل الجاد الحقيقي والطبيعي الذي يوصله إلى أهدافه لا إلى ما حققه الآخرين ، فمن خلال التمتع بجودة الحياة يتحقق الرضا وتحقيق الأهداف.
وأختتم د.براشا حديثه بقوله: إن مقارنة الشخص بإنجازات الآخرين تعتبر معركة خاسرة، فالأفضل والأجدر والأولى أن يسخِّر الفرد كل جهوده في تنمية قدراته وبناء شخصيته بعيدًا عن ما يفعله الآخرون.
ومن جانبه يقول المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: للأسف كثيرون يقارنون حياتهم بحياة الآخرين وخصوصًا من خلال متابعتهم ومراقبتهم لحياة الآخرين في منصات التواصل الاجتماعي ، وهذا ما يجعلهم بعيدين عن النجاحات والتمتع بجودة الحياة التي تعتبر مقياسًا مهما للسعادة والرضا والحياة الأسرية والاجتماعية والصحة والسلامة.
وأردف: جودة الحياة ببساطة هي كيف يحسّن الفرد حياته ويعيش سعيدًا وبرفاهية وصولًا إلى مستوى كبير من الشعور بالراحة والرضا في الحياة الاجتماعية اليومية مع التمتع بصحة جيّدة وحالة اقتصادية مطمئنة وملبية لكافة المتطلبات اليومية، وكذلك تكوين علاقات اجتماعية متينة بين العائلة والأسرة والأصدقاء.
ويؤكد الناشري أن المقارنة مع الآخرين تجعل الشخص يحمل عبئا نفسيًا، ويمكن أن تجعله يشعر بأنه محاصر بالتوقعات غير الواقعية التى يمكن أن تثقل كاهله، فالأولى أن يسخر الفرد كل جهوده في بناء شخصيته بعيدًا عن المقارنة بالآخرين، حتى يحقق النجاح لنفسه ويتمتع بكل متطلبات جودة الحياة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: بجودة الحیاة جودة الحیاة من خلال
إقرأ أيضاً:
مختصون: فجوة مخرجات التعليم والاعتماد الكبير على الوافدين من أبرز تحديات توظيف المواطنين
◄ تحديات الباحثين عن عمل تتطلب "حلولًا جرئية"
◄ مشاريع القيمة المحلية المضافة تفتح آفاقًا أوسع لفرص العمل
◄ دعوات بزيادة الاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية
◄ ضرورة اتباع "آليات مرنة" في التعمين تُراعي "خصوصية" كل قطاع
الرؤية- ريم الحامدية
مع تزايد الاهتمام بقضايا التوظيف وقلة فرص العمل، يُجمع خبراء على أن التعمين يمثل إحدى الركائز الأساسية لتعزيز المحتوى المحلي ودعم الاقتصاد الوطني وتمكين الكفاءات الوطنية، مشيرين إلى أنه رغم الجهود الحكومية والقطاع الخاص المتواصلة، ما يزال سوق العمل الوطني يواجه تحديات عدة، تستدعي البحث عن حلول شاملة ومتكاملة.
وناقش المختصون في مشروعات القيمة المحلية المضافة، عبر منصة "قيمة" على تطبيق التراسل الفوري "واتساب"، سياسات التعمين وأثرها على تعزيز المحتوى المحلي، مُسلطين الضوء على أبرز التحديات التي تواجه الباحثين عن العمل في السلطنة، والتي تتعلق بفجوة مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، والاعتماد الكبير على العمالة الوافدة، وقلة التنوع الاقتصادي.
وأشار المشاركون في هذا النقاش المفتوح إلى ضعف برامج التدريب والتأهيل الموجهة نحو الوظائف النوعية، وبطء نمو القطاعات التي تستوعب القوى العاملة الوطنية، إضافة إلى وجود وظائف حرجة لا تزال مهيمنة عليها العمالة الوافدة. ورصدت جريدة "الرؤية" هذه المناقشات الموسعة التي شهدت حضور عدد من الخبراء والمختصين في سوق العمل والمحتوى المحلي.
حوكمة التعليم
وأكد المختصون ضرورة مواءمة التعليم الجامعي والمهني مع متطلبات السوق عبر نظام حوكمة يشمل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة العمل، إلى جانب تحفيز الشباب على ريادة الأعمال وتمكينهم من خلال دعم المشاريع الصغيرة، وإلزام الشركات بخطط تعمين فعلية ضمن سياسات المحتوى المحلي مدعومة بمشاريع ذات عائد اقتصادي كافٍ.
وشملت الحلول المقترحة تقديم برامج تأهيل تخصصية سريعة مرتبطة مباشرة بالوظائف المتاحة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص تدريب وتوظيف حقيقية، بالإضافة إلى تطوير بيئة العمل في القطاع الخاص لتكون أكثر جذبًا للمواطنين. كما نوه المختصون إلى أهمية وضع خطة إحلال مدروسة تشمل إدراج تخصصات جديدة في الجامعات والكليات، ومتابعة التدريب أثناء الدراسة لضمان مصداقية وجودة التدريب العملي.
تحديات التعمين
ولفت النقاش إلى تحديات ملموسة تواجه التعمين مثل تهافت الشركات على جلب العمالة الوافدة دون الاهتمام بتوظيف العُمانيين بما يتناسب مع المخرجات التعليمية سنويًا، إضافة إلى تشريعات وشروط عمل قد تُعيق فرص المواطن، منها تحديد سن معين أو اشتراط شهادات تختلف بين العُماني والوافد، إلى جانب تفاوت في الرواتب رغم تساوي المؤهلات.
وأكد المختصون على فعالية نموذج "التدريب المقرون بالتوظيف" الذي نجح في توفير وظائف حقيقية مع تأهيل عملي على رأس العمل؛ مما أسهم في الإحلال التدريجي للعمالة الوافدة، مُستشهدين بنجاحات شركات مثل "تنمية نفط عُمان” التي خلقت آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة من خلال تبني سياسة المحتوى المحلي.
وأضافوا أن الغرامات المرتفعة تُعد أداة ضغط فعالة لإلزام الشركات بالالتزام بنسب التعمين، مُشددين على أن توطين الوظائف الناجح هو نظام مُتكامل يربط بين التعليم الجيد، الصناعة التنافسية، والسياسات الاقتصادية الذكية، مستفيدين من تجارب دول مثل كوريا الجنوبية التي استثمرت طويل الأمد في تطوير الكفاءات الوطنية.
قرارات جريئة
وفي الوقت نفسه، شدد المشاركون على أهمية اتخاذ قرارات جريئة ومدروسة للإحلال على المدى القصير مع تحمل التكلفة المصاحبة، والعمل على وضع استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز المقاومة الثقافية وتغيير الصورة النمطية لبعض المهن، وضمان رواتب تنافسية، وسد الفجوات المهارية عبر التدريب المُمَنهَج، إضافة إلى الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لاستشراف احتياجات السوق المستقبلية.
وتُعد الرقابة الصارمة على العقود وضمان تنفيذ نسب التعمين بشكل فعلي من أبرز التحديات، حيث ما يزال غياب التمكين الحقيقي للعُمانيين في المشاريع ملموسًا، ويُكتفى بتحقيق النسب رقميًا دون وجود أثر عملي حقيقي.
واختتم المختصون نقاشهم بالتأكيد على أهمية دعم الحاضنات وربطها باحتياجات المشاريع لتطوير مؤسسات عُمانية حقيقية، وتمكينها من المنافسة الفعلية في السوق المحلي؛ مما يفتح آفاقًا واعدة لتعزيز المحتوى المحلي وتحقيق التنمية المُستدامة.