كيف يؤثر غياب رئيسي واللهيان في المشهد السياسي لإيران؟
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
طهران- بعد ليلة طويلة وعصيبة انتهت بإعلان مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان في حادث تحطم المروحية الرئاسية، قدم خبراء ومراقبون إيرانيون قراءات متباينة حول ما قد يطرأ على المشهد السياسي في البلاد خلال المرحلة المقبلة.
وبما أن الدستور في إيران كان قد رسم خارطة واضحة المعالم للتعامل مع حالات الخلاء السياسي، سارعت السلطات الرسمية إلى معالجة الفراغ الرئاسي خلال سويعات، بيد أن غياب رئيسي وعبد اللهيان أثار تساؤلات عن تداعيات غيابهما المفاجئ على الساحة السياسية بالبلاد.
وبالنظر إلى أن الراحلين يعدان من أبرز المسؤولين في إدارة الجمهورية الإسلامية خلال السنوات الثلاث الماضية، انقسمت الأوساط الإيرانية بين من توقع أن يؤثر غيابهما على السياستين الداخلية والخارجية بشكل مباشر، وآخرين قللوا من أهمية الأفراد في صياغة السياسات العليا للبلاد.
دولة مؤسسات
وردا على سؤال حول تداعيات المرحلة التي تمر بها طهران وأثرها في رسم سياسات البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي، يقلل الخبير المقرب من الحرس الثوري أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران محمد صادق كوشكي، من أهمية الأشخاص بذاتهم في التعامل مع الملفات الوطنية الساخنة كونها من عمل المؤسسات.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد كوشكي أن الجمهورية الإسلامية بلغت رشدها بعد دخول ثورتها عامها الـ46، مشيرا إلى أن الدولة الفتية سبق أن شهدت أزمة حقيقية في سنواتها الأولى بفقدان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس السلطة القضائية، وعدد آخر من الوزراء ونواب البرلمان، جراء تفجيرين إرهابيين، خلال أقل من شهرين، لكنها استعادت عافيتها وتجاوزت المحنة.
ووصف الباحث السياسي المحافظ، بلاده بأنها "دولة مؤسسات" لا تعتمد على الأشخاص بقدر اعتماد السلطات على السياسات التي ترسم في مراكز صنع القرار، مؤكدا أن مكتب المرشد الإيراني الأعلى هو من يضع السياسة الخارجية.
وأوضح أن الدستور الإيراني يضمن لكافة المكونات السياسية خوض المعترك الانتخابي والمشاركة في إدارة البلاد، مؤكدا أن المرحلة المقبلة ستشهد تنافس التيارات السياسية على منصب رئاسة الجمهورية في إيران.
وتابع مستدركا، أنه لا تغيير في الملفات الساخنة والسياسة الخارجية -ومنها دعم القضية الفلسطينية والموقف من السياسات الأميركية- خلال تولي الحكومة المقبلة؛ لأن سياسات البلاد العليا لا تعتمد بشكل أساسي على رؤية شخص الرئيس.
ورأى المتحدث نفسه، أن رأس هرم السلطة في إيران هو المرشد الأعلى وليس منصب الرئيس الذي يحل في المرتبة الثانية.
ويعتقد كوشكي، أن كلا من التيارين الإصلاحي والمحافظ لم يدخرا جهدا في سبيل تحسين الوضع المعيشي لدى فوزهما بمنصب الرئاسة، ما يؤكد استمرار السياسات الداخلية خلال المرحلة المقبلة، في ظل ضرورة تنفيذ الحكومة تشريعات البرلمان.
تأثير المؤسسات
في المقابل، يعتقد "فريدون مجلسي" الدبلوماسي المخضرم والقنصل الإيراني الأسبق في واشنطن إبان العهد الملكي، أنه لا يمكن استبعاد أي تأثير لشخص الرئيس في رسم سياسات البلاد الخارجية، مستشهدا بالنهج الذي سبق أن تبناه بعض الرؤساء الإيرانيين خلافا لما كان دارجا في الحقبة السابقة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح مجلسي أن "مرشحي الرئاسة قد يبدؤون حملاتهم الدعائية بحماس ويطلقون -بصدق- وعودا لتحسين الوضع المعيشي أو رسم سياسة خارجية جديدة، لكن المؤسسات السيادية تقوم بتوجيههم عقب الفوز بالانتخابات ووضع الرئيس المنتخب في صورة السياسات العليا للبلاد، ليقوم بدوره بتوجيه مجلسه الوزاري وتنسيقه مع السياسات العليا المرسومة مسبقا".
ولدى إشارته إلى سياسة مجلس صيانة الدستور في استبعاد بعض المرشحين وحرمانهم من خوض المعتركات الانتخابية السابقة، يؤكد الدبلوماسي السابق أنه مهما كان الرئيس قويا ويحظى بشعبية واسعة فإنه لا يمكن أن يتحرك خارج إطار السياسات المرسومة مسبقا، لا سيما بشأن السياسة الخارجية.
وأكد في الوقت نفسه أن توحيد السلطات في الوقت الراهن لجهة هيمنة المحافظين على البرلمان والسلطة القضائية معا، سيقيّد حرية الرئيس المقبل في العزف خارج السرب.
علامات استفهام
وتوقع مجلسي أن تكون الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 يونيو/حزيران المقبل، مماثلة للانتخابات السابقة، مستبعدا أن تشهد تنافسا كبيرا بين التيارات السياسية.
ورغم إجماع الأوساط الإيرانية على أن الدولة لا تُدار بواسطة شخص الرئيس فحسب، هناك من يرى أن حادث سقوط المروحية الرئاسية قد رسم علامات استفهام كبيرة ستؤثر الإجابة عنها بشكل أو بآخر على المشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة.
في هذا السياق، يعتقد الباحث السياسي بوريا آستركي، أن المرحلة المقبلة لا تخلو من تحديات، لا سيما في ظل تساؤل الشارع الإيراني عن سبب استخدام مروحية لنقل الرئيس ووزير خارجيته في ظروف مناخية قاسية، أو مبررات حضورهما مراسم تدشين سد على الحدود حيث الوجود العسكري الإسرائيلي.
وفي حديثه للجزيرة نت، توقع آستركي أن تعمل الأجهزة الأمنية في بلاده على التحقيق أو الاستماع إلى جميع الجهات المرتبطة بزيارة الرئيس إلى الحدود، وعما إذا حصل تساهل أو تعمد ساهم في وقوع الحادث.
وخلص الباحث السياسي الإيراني إلى أنه في ظل ما يتم تداوله حاليا على منصات التواصل الاجتماعي بشأن فرضية المؤامرة، فإن الكشف عن ملابسات الحادث قد يؤثر على المشهد السياسي للبلاد خلال المرحلة المقبلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات خلال المرحلة المقبلة المشهد السیاسی
إقرأ أيضاً:
جمال علام: حسام حسن حقق المطلوب وأتوقع استمرار نجاحه مع منتخب مصر في المرحلة المقبلة
أعرب جمال علام، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم السابق، عن سعادته الكبيرة بتأهل منتخب مصر الوطني إلى نهائيات كأس العالم 2026، مؤكدًا أن الجهاز الفني بقيادة حسام حسن نجح في تحقيق الهدف المنشود، وأن هذا التأهل يمثل بداية مرحلة جديدة من النجاحات المنتظرة للكرة المصرية على المستويين القاري والعالمي.
وخلال مداخلة هاتفية عبر برنامج ستاد المحور الذي يقدمه الإعلامي خالد الغندور، وجَّه علام التهنئة إلى الشعب المصري بمناسبة تأهل الفراعنة، قائلاً:“مبروك للشعب المصري تأهل منتخبنا الوطني إلى كأس العالم 2026، فقد كانت لدينا ثقة كبيرة في الكابتن حسام حسن وجهازه الفني، وكنّا على يقين بأنهم سيقودون المنتخب لتحقيق هذا الحلم الكبير”.
وأضاف رئيس الاتحاد السابق أن التأهل إلى المونديال لم يكن مجرد إنجاز رياضي فحسب، بل يعكس حالة من الاستقرار الفني والإداري التي يعيشها المنتخب خلال الفترة الحالية، مشيرًا إلى أن اتحاد الكرة وضع خطة واضحة منذ تولي حسام حسن المسؤولية، وكان الهدف الأساسي منها إعادة الثقة إلى اللاعبين والجماهير معًا، وهو ما تحقق بالفعل عبر أداء قوي ونتائج مميزة طوال مشوار التصفيات.
وتابع علام حديثه مؤكدًا أن الجهاز الفني نجح في خلق توليفة متجانسة تجمع بين الخبرة والشباب، وهو ما ساعد المنتخب على تقديم أداء متوازن ومستقر، مضيفًا:“رأينا وجوهًا جديدة تقدم نفسها بثقة مثل أحمد نبيل كوكا، ومحمد حمدي، وإبراهيم عادل، إلى جانب النجوم الكبار الذين يمتلكون الخبرة مثل محمد صلاح وتريزيجيه وزيزو. هذا المزيج هو ما صنع الفارق وجعل المنتخب يبدو أكثر جاهزية من أي وقت مضى.”
وأشار جمال علام إلى أن التأهل المبكر دون انتظار الجولة الأخيرة من التصفيات كان دليلاً واضحًا على العمل المنظم والهدوء النفسي داخل معسكر المنتخب، وهو ما يعود إلى طريقة تعامل حسام حسن مع اللاعبين، قائلاً:“حسام يمتلك شخصية قوية وقادرة على تحفيز الجميع، وهو ما افتقدناه في بعض الفترات السابقة. المنتخب معه بات يلعب بروح قتالية وانضباط تكتيكي في آن واحد، وهذه السمة كانت من أهم أسباب نجاحه كلاعب وهي اليوم سر نجاحه كمدير فني.”
وفي سياق حديثه، حرص جمال علام على توجيه الشكر إلى هاني أبو ريدة، عضو المكتب التنفيذي للاتحادين الدولي والأفريقي لكرة القدم، على حضوره الاحتفالية الخاصة بالتأهل من أرض الملعب، مؤكدًا أن دعمه الدائم للكرة المصرية في المحافل الدولية لا يزال يمثل ركيزة أساسية لنجاح المنظومة.
وقال:“أشكر الأستاذ هاني أبو ريدة على حضوره ودعمه المتواصل. وجوده في هذه اللحظات التاريخية يعكس حرصه على دعم المنتخب والاتحاد المصري، وهو دائمًا ما يقف خلف المنتخبات الوطنية في المحافل الكبرى.”
وأكد علام أن اتحاد الكرة نجح خلال الفترة الماضية في تحقيق الأهداف الموضوعة مسبقًا، سواء على مستوى التأهل إلى كأس الأمم الأفريقية أو بلوغ نهائيات كأس العالم، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب استمرار العمل بنفس الجدية والانضباط من أجل المنافسة المشرفة في البطولتين.
وأضاف:“تحقيق التأهل إلى كأس أمم إفريقيا وكأس العالم معًا هو إنجاز يُحسب لهذا الجيل وللجهاز الفني الحالي. لكن الأهم هو الاستمرار بنفس الروح والتطوير المستمر للأداء، لأن الطموح لا يتوقف عند حدود التأهل، بل يمتد إلى المنافسة القوية والظهور المشرف في المحفل العالمي.”
واختتم جمال علام حديثه بالتأكيد على ثقته في استمرار النجاح خلال المرحلة المقبلة قائلاً:“الكابتن حسام حسن حقق المطلوب بكل جدارة، وأتوقع أن يواصل النجاح مع منتخب مصر في السنوات القادمة. شخصيته القيادية وخبرته الطويلة داخل الملاعب تجعله الرجل المناسب لهذه المرحلة. الكرة المصرية تسير في الطريق الصحيح، وما نحتاجه الآن هو دعم جماهيري وإعلامي كامل للمنتخب من أجل تحقيق إنجاز جديد في كأس العالم.”
بهذه الكلمات، عبّر جمال علام عن حالة من التفاؤل تسود الشارع الكروي المصري بعد ضمان التأهل إلى مونديال 2026، في وقت يعيش فيه المنتخب الوطني مرحلة من الاستقرار الفني والذهني، جعلته الأقرب لاستعادة أمجاده التاريخية، وكتابة فصل جديد في مسيرة الفراعنة نحو العالمية