دراسة تحذر من مواقد الغاز على الكبار والأطفال...
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
أكدت دراسة جديدة أن التعرض لمواقد الغاز والبروبان لفترة طويلة الأمد، قد يتسبب في الإصابة بـ50 ألف حالة ربو مستمرة لدى الأطفال، والمرتبطة بمستويات غير صحية من ثاني أكسيد النيتروجين، وذلك لأن الغاز لا يبقى في المطبخ فحسب، بل يؤثر على المنزل بأكمله، حتى بعد ساعات من إطفاء الموقد.
ووجد الباحثون من جامعة ستانفورد، أن التعرض لثاني أكسيد النيتروجين في أمريكا، على المدى القصير من استخدام موقد الغاز، يتجاوز في كثير من الأحيان حدود السلامة، التي حددتها كلا من منظمة الصحة العالمية ووكالة حماية البيئة الأمريكية، وفقا لموقع "Science".
وأشاروا إلى أن 25 دقيقة فقط من استخدام الفرن في نصف غرف النوم بالمنزل التي تم اختبارها، تجاوزت المبادئ التوجيهية لوكالة حماية البيئة ومنظمة الصحة العالمية لكل ساعة، لتركيزات ثاني أكسيد النيتروجين.
وقال روب جاكسون، أستاذ علوم نظام الأرض في كلية ستانفورد دوير للاستدامة والمؤلف المشارك للدراسة: "لقد قمنا بعمل جيد حقا في هذا البلد، فيما يتعلق بالحد من التلوث الخارجي، لكننا تجاهلنا المخاطر التي يواجهها الناس في الداخل، وهذا هو الهواء الذي نتنفسه معظم الوقت".
كما وجدت الدراسة أن الآثار الصحية السلبية للطهي، باستخدام مواقد الغاز، تؤثر بشكل غير متناسب على الأشخاص من السكان الأصليين، وسكان ألاسكا الأصليين، واللاتينيين، والسود، بالإضافة إلى أولئك الذين يعيشون في الأسر ذات الدخل المنخفض، إذ تتعرض الأسر السوداء واللاتينية لثاني أكسيد النيتروجين بنسبة 20٪ أكثر، عند مقارنتها بالمعدل الوطني، بينما تواجه الأسر الهندية الأمريكية وسكان ألاسكا الأصليين مستويات أعلى بنسبة 60% من المتوسط الوطني.
ووجدت الدراسة أيضا أن أولئك الذين يعيشون في منازل تقل مساحتها عن 800 قدم مربع، يتعرضون لأربعة أضعاف ثاني أكسيد النيتروجين على مدى فترة زمنية أطول، مقارنة بأولئك الذين يعيشون في منازل أكبر من 3000 قدم مربع.
لكن لفت الباحثون أيضا، إلى أن الفوارق القائمة على العرق والدخل، يمكن أن تشمل عوامل أخرى غير حجم المنزل، بما في ذلك؛ سلوك الطهي والتهوية، والوقت الذي يتم قضائه في الهواء الطلق.
ووجد البحث أيضا أن التعرض طويل الأمد لثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن هذه المواقد، يمكن أن يكون سببا لوفاة ما يصل إلى 19000 شخص بالغ سنويا.
وتطلق مواقد الغاز كذلك الفورمالديهايد والبنزين، وهي مواد مسرطنة معروفة؛ ويشير الباحثون إلى أن هذا التعرض يمكن أن يكون مسؤولا عن 200 ألف حالة ربو لدى الأطفال سنويا، بحسب الدراسة.
واقترح مؤلفو الدراسة أيضا، أن إزالة موقد الغاز أو البروبان في المنزل، هو الحل الأفضل لتقليل هذه المخاطر، كما تم اقتراح شراء موقد حثي محمول، أو استخدام مرشح هواء، أو فتح نافذة أثناء الطهي، خاصة بالنظر إلى أن التكلفة المادية قد تكون عائقا بالنسبة للبعض.
عن سبوتنيك عربيالمصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: أکسید النیتروجین إلى أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. للعقل وللدَّجل أيضاً
ليس هناك مجالٌ لا يتنازع داخله الضّدان، ومثلما الأذكياء في الخير والأمانة والتَّقدم، يقابلهم أذكياء في الدَّجل والكذب والتَّأخر، وهنا أقصد المجال الفكريّ، ففي لحظة يُقدم «الاصطناعيّ» بحثاً، في أيّ مجال ترغبُ، إن أردت الفيزياء فعنده ما ليس عند إسحاق نيوتن (ت 1727)، وإنْ طلبت البيان فعنده ما ليس لدى الجاحظ (ت 255 هج)، وإن طلبت علوم الرّجال والسِّير، فيُقدم لك ما تجهد به لأيام وشهور بثوانٍ. لهذا نجد التّثاقف يتزايد، فالكلّ يتحدث، فإن سُئلت، كطبيب أو مؤرخ، عن دواء أو واقعة، تجد الذي سألك يوزع عيناه بينك وبين آيفونه، وما يقرأه فيه هو المصدقُ، مع أنه جمعه مِن علوم النّاس، لكنَّ هيبة الجهاز، وعجائبيته الباهرة، تغري بالتّصديق، وكأن العلم الذي فيه ليس بشريّاً.
نادراً ما يوجد باحث، أو كاتب اليوم، لم يستفد مِن محركات البحث، بصورة أو أخرى، فبواسطتها تؤخذ المعلومة مِن أمهات العلوم كافة بلمح بصر، أو لمح برق، إنَّها سرعة الضّوء، وما عليك إلا تحديد المعلومة، ثم تدقيق النتيجة بطريقتك، وهذا يحتاج إلى عِلمٍ وتخصص وثقافة، وإلا المحرك لا يهديك إلى شيء موثوق. كانت سرعة لمح البصر، أو لمع البرق، مِن أحلام الأولين، تأتي قصص عديدة فيها وصل فلان بلمح بصر، تشبيهات لواقع متخيل سيأتي وقد أتى، نعيشه الآن، كالشَّعاع الذي تخيله المتكلمون، وهو اليوم يماثل الأشعة فوق البنفسجية.
غير أنَّ هذا التَّقدم الفائق، يُستخدم في الدَّجل أيضاً، أشخاص يدعون البحث، ومترجمون يدعون الترجمة، يستخدمون «الذَّكاء الاصطناعي» في تأليف الكتب وترجمتها، ويبدون متخصصين، لكنهم أتقنوا إدارة أدوات «الذَّكاء الاصطناعي»، فألفوا الكتب العِظام، وللأسف معارض الكتب ملأى بمؤلفاتهم، وهي ليست لهم، ولا للذكاء الاصطناعي، فالأخير يقوم بمهمة الإدارة والتنسيق، لِما رمي في أجواف أجهزته. إنّ الدَّجل في الكتابة ظاهرة قديمة، لكنها تعاظمت، مع ظهور «غوغل»، وبقية محركات البحث، بما يمكن تسميته بـ «نسخ ولصق»، ولأنَّ الدَّجالين احترفوا لصوصية الحروف، فهم يقومون بإعادة صياغة النُّصوص، كي لا تبدو مِن جهود غيرهم، مع التَّلاعب بالمصادر والحواشي، إذا اقتضى الأمر. هذا هو الدَّجل، الذي يمنحه الذَّكاء الاصطناعي، وليس لدي ما أستطيع التعبير به، عن الوقاية مِنه.
سيكون أمام المؤسسات الأكاديميَّة، ومراكز البحوث، مهمة صعبة، في التَّمييز بين ما ينتجه العقل، وما يستولي عليه الدَّجل، وإلا لا قيمة تبقى لهذه المراكز، ولم تبق حاجة لأهل الاختصاص، والخطورة الأكثر تكون في العلوم الإنسانية والآداب، فمجال اللصوصيّة فيها مفتوح، منذ القدم، ولكنه توسع، وسيتوسع، مع الذَّكاء الاصطناعي.لا أتردد في المشابهة بين العقل والدَّجل، مع الذكاء الاصطناعي، باكتشاف نوبل للديناميت، أفاد البشرية بأعز فائدة، لكنه صار أداة قتل رهيبة، فمنه تصنع المتفجرات القالعة للصخور، والمبيدة للحياة، في الوقت نفسه. إذا فتح مجال الذّكاء الاصطناعي، دون ضوابط صارمة، وأحسبها في مجال التأليف والكتابة، صعبة المنال، ستتحول الثّقافة إلى مستنقع مِن الدَّجل، فما وصله ول ديورانت (ت 1981)، في «قصة الحضارة» سيظهر مؤلفات لدجال، وأسفار غيره أيضاً، لأن الذَّكاء الاصطناعي يُقدمها له، فيطبخها مِن جديد. قد يلغي الذكاء الاصطناعي الاختصاص، فيظهر أصحاب السَّبع صنائع. يقول أبو عُبيْد القاسم بن سلام (ت 224 هج)، صاحب «الأموال»: «ما ناظرني رجلٌ قطٌ، وكان مُفَنِّناً في العلوم إلا غلبته، ولا ناظرني رجلٌ ذو فنٍّ واحد إلا غلبني في عِلمه ذلك» (ابن عبد البرِّ، بيان العلم وفضله).
قدمت منصات الذَّكاء الاصطناعي باحثين مزيفين، وخبراء دجالين في كلّ علم ينطون، يزايدون على ابن سلام في شرح كتابه «الأموال»، وبحضوره! قد يفيد ما قاله المفسر فخر الدِّين الرَّازي (ت 606 هج) شاهداً: «نهاية إقدام العقول عِقالُ/ وأقصى مدى العالمين ضلال» (ابن خِلِّكان، وفيات الأعيان).
(الاتحاد الإماراتية)