على وقع الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، يتحرك قادة الحكومة السودانية لترسيخ العلاقات مع روسيا، وسط اعتراضات من قبل مكونات سياسية سودانية، خاصة الباحثة عن إنهاء الحرب واستعادة المسار الديمقراطي.

وأوردت وسائل إعلام سودانية أن نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، سيغادر إلى روسيا في زيارة تمتد لأيام، لمناقشة عدد من القضايا مع الجانب الروسي.

ويرى القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، شريف محمد عثمان، أن روسيا تهدف من التقارب مع السودان لتحقيق حلمها المتمثل في إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر.

وقال عثمان لموقع الحرة، إن "بناء القاعدة الروسية على الساحل السوداني يستخدم من أجل تقويض الأمن والسلم في الإقليم، ولتوسعة دائرة الصراع بالبلاد وتحويله إلى صراع دولي، بإدخال أطراف خارجية".

وشدد على أن "حكومة الأمر الواقع التي تدير السودان الآن، لا تملك أي مشروعية سياسية أو قانونية لتوقيع اتفاق مع روسيا، بشأن إقامة قاعدة عسكرية".

وتابع قائلا "السلطة الحالية نتجت عن الانقلاب على الحكومة المدنية في 25 أكتوبر 2021، وهذا الانقلاب دانه الاتحاد الأفريقي وكثير من المؤسسات الإقلمية والدولية، وبالتالي هي سلطة فاقدة للشرعية".

وأشار القيادي في تنسيقية "تقدم" إلى أن التقارب مع روسيا، وبناء قاعدة روسية من شأنه أن يعرقل المساعي الرامية لإنهاء الحرب في السودان.

روسيا تعرض تزويد الجيش السوداني بالسلاح والذخيرة مقابل مطلب وحيد قال ياسر العطا، القائد الكبير بالجيش السوداني، السبت، إن روسيا طلبت إقامة محطة للوقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة وإن اتفاقيات بهذا الصدد سيتم توقيعها قريبا.

بدوره يرى الخبير الاستراتجي، عمر أرباب، أن "الحكومة السودانية تخطط من التقارب مع روسيا، للحصول على السلاح والذخائر التي تعينها في الحرب بمواجهة قوات الدعم السريع".

وقال أرباب، لموقع الحرة، إن "روسيا ظلت لفترات طويلة، تعمل لإنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر، وظلت تتحين حالات الضعف التي تعاني منها الحكومات السودانية، لتحقيق حلمها الاستراتيجي بأقل الخسائر، أو دون مقابل".

وأضاف أن "الحكومة الحالية تعاني من حالة ضعف بالغ الخطورة، ولذلك تتقارب مع روسيا، لاعتقادها أن بناء القاعدة الروسية سيسهّل لها الحصول  على السلاح، وبالتالي تحسين موقفها في المعارك".

ولفت الخبير الاستراتجي إلى أن "قادة الحكومة الحالية يهدفون من التقارب مع موسكو، إلى حث الحكومة الروسية على قطع علاقتها بقوات الدعم السريع".

وطورت روسيا في السابق علاقات مع قوات الدعم السريع التي تملك علاقات أيضا مع مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، وفقا لما نقلته رويترز عن دبلوماسيين غربيين.

واستعبد أرباب، وهو ضابط سابق في القوات البحرية السودانية، أن يؤثر التقارب مع روسيا على تحسين موقف الجيش في المعارك الحالية، أو أن يقود موسكو لقطع علاقتها مع الدعم السريع".

وتابع قائلا: "روسيا من أكبر تجار السلاح، ولن تكون حريصة على إيقاف الحرب في السودان، وستعمل لاستمرارها، من خلال دعم كل الأطراف، لضمان استفادتها من بيع وتسويق السلاح لكلا الطرفين".

وكان مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، قال في مايو الماضي، إن "روسيا طلبت من الحكومة السودانية إقامة محطة للوقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة".

وأضاف العطا، وهو عضو مجلس السيادة الانتقالي، وفق تصريحات نقلتها رويترز، أن "روسيا طلبت نقطة تزود على البحر الأحمر، مقابل إمدادنا بالأسلحة والذخائر".

ولفت إلى أن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان "سيوقع على اتفاقيات مع روسيا قريبا".

تسعة لاعبين و3 قضايا.. كيف تحول الساحل السوداني لمنطقة تنافس دولي؟ تبدي دول ومنظومات اقتصادية عدة، اهتماما متجددا بشرق السودان، وخاصة ساحل البحر الأحمر، ويسعى بعضها لإبرام اتفاقيات مع السلطات السودانية تضمن لها الوجود أو الاستثمار الاقتصادي أو العسكري في تلك المنطقة.

من جانبه، دافع قائد القوات البحرية السودانية السابق، الفريق فتح الرحمن محي الدين، عن موقف الحكومة السودانية الساعي للتقارب مع روسيا، معتبرا أن ذلك التقارب لا يأتي خصما على مصالح السودان.

وقال محي الدين لموقع الحرة، إن "السودان دولة ذات سيادة، لها مطلق الحق في الدخول في تحالفات مع أي دولة، بما يخدم مصالح السودان والسودانيين".

وأشار إلى أن الحكومة السودانية من حقها إبرام أي تحالفات تراعي المصالح المشتركة بمصداقية، وتلبي تطلعات السودانيين.

وكان الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وقع عام 2017، اتفاقا مع روسيا لإنشاء قاعدة على البحر الأحمر، لتستضيف سفنا روسية، بما في ذلك سفن تعمل بالوقود النووي، على أن يتمركز فيها 300 جندي.

وذكر الموقع الإلكتروني للحكومة الروسية، أن "موسكو وقعت اتفاقا مع السودان لإنشاء "مركز للدعم اللوجيستي" في بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، حيث يمكن إجراء "عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد".

وبحسب الموقع، فإن "الاتفاق نافذ لمدة 25 عاما، مع تجديد تلقائي بعد مرور 10 سنوات، إذا لم يطلب أي من الطرفين إنهاءه مسبقا".

لكن الاتفاق لم ير النور، وتم تجميده خلال فترة رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، وهو ما أرجعه أرباب إلى اعتراضات أبداها قادة الحكومة التي تولت إدارة البلاد عقب سقوط نظام البشير.

وأشار إلى أن قادة الجيش أنفسهم كانوا جزءا من قرار تجميد الاتفاق، بحجة أن اعتماد الاتفاق وتنفيذه "يحتاج إلى برلمان منتخب ومؤسسات منتخبة".

وأضاف قائلا "لم يتغير شئ يجعل الحكومة مؤهلة لاعتماد وتنفيذ الاتفاق، فالبلاد تعاني من غياب المؤسسات الدستورية، وتعاني من غياب البرلمان، وتعيش حالة من الفراغ الإداري".

ومع مرور 12 في المئة من التجارة العالمية عبره، بحسب غرفة الشحن البحري الدولية، يعتبر البحر الأحمر بمثابة "طريق سريع" يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي عبر قناة السويس، وبالتالي أوروبا بآسيا.

ولفت أرباب إلى أن بناء القاعدة الروسية في البحر الأحمر يمثلا "تهديدا خطيرا" للسعودية التي تنظر إلى ساحل البحر الأحمر ضمن نطاق أمنها القومي، وكذلك لمصر، والدول صاحبة القواعد في البحر الأحمر، مثل فرنسا وغيرها".

وكانت السعودية وقعت عام 1974 اتفاقا مع السودان بهدف التنقيب عن المعادن في المياه الإقليمية، وبهدف التموضع لتأمين منطقة البحر الأحمر من الجانب السوداني.

تحليل يكشف خطورة "سيطرة" روسيا والصين وإيران على السودان مع اشتعال الصراع الأهلي في السودان منذ عامين، يرى معهد "غيتستون" للسياسة الخارجية الدولية، أن الدولة الأفريقية أصبحت هدفا رئيسيا للأنظمة الاستبدادية في روسيا وإيران.

ويشير عثمان إلى أن كل القوى السياسية التي تعمل على إيقاف الحرب، ترفض بناء القاعدة الروسية، "لأن القاعدة ستقود إلى تدويل الصراع في السودان".

وأشار إلى أن "حكومة الأمر الواقع التي تدير السودان حاليا، تملك علاقات مع إيران ومع روسيا، وهي علاقات من شأنها أن تقود، في ظل وجود قاعدة روسية في البحر الأحمر، إلى تهديد الملاحة وحركة السفن، من خلال جماعة الحوثي في اليمن".

وأضاف "هذا من شأنه أن يُدخل السودان في صراع مع مصر، التي تعاني من انخفاص حركة السفن في قناة السويس، وكذلك يمكن أن يُدخله في صراع مع السعودية، إذ يمثل ساحل البحر الأحمر ممرا بحريا مهم جدا، بالنسبة لها".

من جانبه يؤكد محي الدين عدم وجود ما يمنع السودان من تطوير علاقاته الخارجية، بما يراعي المصالح المشتركة، ويحقق له الفائدة التي يرجوها.

وأشار إلى أنه "من حق السودان أن يتحالف مع أي دولة تراعي المصالح المشتركة، في ظل احترام متبادل بعيدا عن التعالي وفرض الوصايا".

ومنذ أكثر من عام، يدور قتال في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

ومنذ اندلاع الحرب، قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك ما يصل إلى 15 ألفا في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور. كما أجبر القتال نحو 9 ملايين شخص على النزوح واللجوء، وفق الأمم المتحدة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الحکومة السودانیة ساحل البحر الأحمر فی البحر الأحمر الدعم السریع وأشار إلى أن التقارب مع فی السودان مع روسیا تعانی من

إقرأ أيضاً:

سلطات الطيران الروسية: توقف مطارات موسكو بسبب هجوم أوكراني بالمسيرات

شهدت العاصمة الروسية موسكو هجومًا بطائرات مسيّرة أطلقتهما أوكرانيا، ما دفع سلطات الطيران المدني الروسية إلى تعليق مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطاري فنوكوفو ودوموديدوفو، إلى جانب مطار كالوجا الإقليمي، وذلك كإجراء احترازي لضمان سلامة الطائرات المدنية والمجتمع 

بحسب ما أورده عمدة موسكو سيرغي سوبيانين عبر قناته في “تيليغرام”، تمكنت الدفاعات الجوية الروسية من إسقاط تسع طائرات مسيّرة كانت في طريقها إلى العاصمة بحلول الساعة 04:00 صباحاً، وألحق بعضها أضرارًا جسدية بسيطة، دون الإبلاغ عن خسائر بشرية كبيرة مباشرة داخل المدينة 

. إلا أنّ حطامًا سقط في منشأة “مخبز آزوت” الكيميائي بمحافظة توﻻ، مما أدّى إلى نشوب حريق وإصابة شخصين، في حين تم اسقاط سبع طائرات أخرى في سماء محافظة كالوجا المجاورة 

الهجوم يأتي ضمن ما يُعرف بـ"عملية شبكة العنكبوت" (Operation Spiderweb)، التي شنّتها القيادة العسكرية الأوكرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع، مستهدفةً عدة أهداف داخل روسيا، خاصة الطائرات الاستراتيجية ذات القدرات النووية في بعض القواعد الجوية 
 

وأكدت مصادر روسية أن الدفاعات الجوية أسقطت ما لا يقل عن 61 مسيّرة أوكرانية عبر مناطق متعددة تشمل بريانسك وبيلغورود وكالوغا وتولا وموسكو وشبه جزيرة القرم 

أعلنت وكالة النقل الجوي الاتحادية الروسية “روسافياتسيا” على صفحتها في “تيليغرام” تعليق الرحلات في مطارات فنوكوفو ودوموديدوفو وكالوجا حتى إشعار آخر 

ولم تُعلن شركات الطيران الدولية عن تعليق رحلاتها رسميًا إلى موسكو إثر هذا الحدث، بخلاف ما حدث في هجمات سابقة منذ مايو، والتي تسببت بإلغاء وتأجيل مئات الرحلات وإعاقة خطط سفر نحو 60 ألف راكب .

في المقابل، دفعت موسكو بتشكيلة من الإجراءات الأمنية، شملت تعزيز الحادثات الجوية والدفاعات الجوية في موسكو وضواحيها، علاوة على تعزيز انتشار عناصر الطوارئ للتعامل مع الحطام وتخفيف وطأة الخسائر المحتملة . 

ولم تعلق كييف رسميًا على مسؤوليتها مباشرة، لكنّ مصادر غربية أكدت أن أوكرانيا استهدفت، ضمن هذه الحملة، مواقع ومنشآت داخل روسيا بقصد إظهار قدرة الرد على القصف الروسي المتكرر على أراضيها 

ولم يكن الهجوم الأخير معزولًا، بل جزء من تصعيد متبادل يشير إلى تحول تكتيكي في استخدام الطيران المسيّر بوصفه أداة ضغط في حرب دون أطراف، يعكس تقاطع الاستراتيجية مع السياسة. بالنسبة لموسكو، فإن تأمين أجواء العاصمة وإظهار حصانة دفاعاتها بات أولوية لوجستية وسياسية، خصوصًا في ظل الاجتماعات الرسمية والزيارات الدبلوماسية المرتقبة. 

أما كييف، فتستخدم الطائرات المسيّرة لتوجيه رسالة تُفاد خاصّة: أنها ليست عرضة فقط للدفاع، وإنما قادرة على الانتقال إلى ضرب الأراضي الروسية، بما في ذلك أهداف استراتيجية إن لزم.

ومع تواصل القتال واستمرار تبادل الهجمات، يبدو أن الطائرات المسيّرة ستُشكل أداة رئيسية في الحرب اليومية بين موسكو وكييف، ما يضع ضغطًا على الحوامل المدنية والعسكرية على حد سواء. 

وتشير المعادلة الراهنة إلى أن التجاوب الروسي سواء بإغلاق مؤقت للمطارات أو تعزيز الدفاعات الأرضية سيظل سمة ملازمة لهذه المرحلة المتصاعدة من الصراع. وفي حال تكرار الهجمات، فإن تكرار عمليات الإغلاق أو حتى الإعلان عن ممرات طيران بديلة قد يصبح أمرًا اعتياديًا في المستقبل القريب.

وباتت سلامة حركة الطيران المدني واستقرار جداول الرحلات تحديًا جديدًا يُعقّد الصورة الأمنية الشاملة في موسكو، ويتطلب تنسيقًا أكبر بين الدفاع المدني ومشغلي المطارات، وربما أيضاً التداعيات السياسية على المستوى الدولي أمام شركاء روسيا التجاريين والسياحيين.

طباعة شارك موسكو العاصمة الروسية طائرات مسيّرة أوكرانيا الطيران المدني الروسية مطار كالوجا

مقالات مشابهة

  • دارشييف: جولة جديدة من المحادثات الروسية الأمريكية ستُعقد قريبا في موسكو
  • الخارجية السودانية: مشاركة كتيبة السلفية الليبية التابعة لخليفة حفتر اعتداء سافر على سيادة السودان
  • السوداني يؤكد اهتمام الحكومة بالقطاع الزراعي
  • هجمات بالمسيّرات وتحركات ميدانية كثيفة.. معارك ضارية بين الجيش السوداني و«الدعم» في كردفان
  • سلطات الطيران الروسية: توقف مطارات موسكو بسبب هجوم أوكراني بالمسيرات
  • بحرية الصين تؤكد تعلمها من الدروس التي تجرعها الأمريكان على يد اليمن في البحر الأحمر
  • كلمة الدكتور جبريل إبراهيم محمد رئيس حركة العدل والمساواة السودانية إلى الشعب السوداني الأبي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
  • الدفاعات الروسية تُسقط 4 مسيرات كانت تتجه نحو موسكو
  • الدفاعات الجوية الروسية تصد مسيرات استهدفت موسكو
  • الخارجية الروسية: موسكو تبذل جهودًا للوصول لحل بين واشنطن وطهران