بعد سنوات من انتقادات مسؤولين وحقوقيين لغياب إسرائيل عن "قائمة العار" المرتبطة بعدم احترام حقوق الأطفال، أدرجت الأمم المتحدة إسرائيل إليها بسبب ما يعانيه الأطفال في غزة في الحرب المستمرة منذ أشهر.

ودان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزارء في حكومته، قرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إدراج الجيش الإسرائيلي على "قائمة العار" الأممية المتعلقة بعدم احترام حقوق الأطفال في النزاعات.

وسيصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقريرا في 18 يونيو الحالي، بشأن هذا الأمر، لكن السفير الإسرائيلي، جلعاد إردان، أعلن، الجمعة، أنه تلقى اتصالا هاتفيا من مدير مكتب غوتيريش يبلغه فيه بقرار الأمين العام إدراج الجيش الإسرائيلي على "قائمة العار".

وفي الأشهر الأخيرة زادت حدة الانتقادات الإسرائيلية للأمم المتحدة عموما وأمينها العام خصوصا بسبب تصريحات تنتقد ما وصلت إليه الأوضاع الإنسانية في غزة.

ما هي "قائمة العار"؟

بناء على طلب مجلس الأمن الدولي، ينشر الأمين العام للأمم المتحدة كل عام تقريرا يرصد انتهاكات حقوق الأطفال في نحو عشرين منطقة نزاع حول العالم، ويتضمن ملحقا يدرج فيه المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ومن المقرر تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي في 14 يونيو.

ويطلق على هذا الملحق اسم "قائمة العار" لاحتوائه على أسماء جهات متهمة بارتكاب انتهاكات بحق أطفال في النزاعات، بما في ذلك قتلهم أو تشويههم أو تجنيدهم أو اختطافهم أو ارتكاب أعمال عنف جنسي بحقهم بحسب وكالة فرانس برس.

الأمم المتحدة تدرج الجيش الإسرائيلي وحماس والجهاد على "قائمة العار"  أعلنت إسرائيل، الجمعة، أنها أُخطرت بقرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إدراجها على "قائمة العار" الأممية المتعلقة بعدم احترام حقوق الأطفال في النزاعات، مبدية "صدمتها واشمئزازها" من هذا القرار الذي يفترض أن يدخل حيّز التنفيذ رسمياً بحلول نهاية يونيو الجاري.

وأعدت التقرير، فيرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح. وتستهدف القائمة المرفقة بالتقرير فضح أطراف الصراعات على أمل دفعها إلى تنفيذ تدابير لحماية الأطفال.

وتنقسم القائمة إلى قسمين، الأول للأطراف التي اتخذت تدابير لحماية الأطفال والثاني للأطراف التي لم تفعل ذلك.

وقالت الأمم المتحدة الشهر الماضي إن ما لا يقل عن 7797 طفلا قتلوا في قطاع غزة خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، مستشهدة ببيانات من وزارة الصحة في غزة حول الجثث التي تحددت هويتها. وتعد الأمم المتحدة تلك الأرقام موثوقة. ويقول المكتب الإعلامي التابع لحكومة غزة إن نحو 15500 طفل في المجمل قتلوا.

ويقول المجلس الوطني الإسرائيلي لسلامة الطفل إن 38 طفلا قتلوا في هجوم السابع من أكتوبر الذي أدى إلى اندلاع الحرب وإن 42 طفلا كانوا بين حوالي 250 رهينة اقتادتهم حماس كرهائن إلى غزة في السابع من أكتوبر. وأُفرج عن جميع الأطفال باستثناء اثنين.

ماذا يعني ضم إسرائيل لـ"قائمة العار"؟

"قائمة العار، تمثل أسوأ تصنيف ضمن التقارير التي تصدرها الأمم المتحدة، وإضافة إسرائيل لها قد يمثل اعترافا أمميا هاما للغاية حول بشاعة قتل إسرائيل للأطفال الفلسطينيين"، حسبما تقول، سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي "داون"، لموقع "الحرة".

وترجح تعرض "الأمين العام للأمم المتحدة لضغوط كبيرة حتى لا يدرج إسرائيل ضمنها".

والعام الماضي، أدرج الأمين العام على "قائمة العار" الأممية الجيش الروسي وجماعات مسلحة "موالية له"، لكنه لم يدرج يومها إسرائيل، الأمر الذي أثار استياء منظمات حقوقية تطالب منذ سنوات بوسم إسرائيل بهذه السمة، بحسب وكالة فرانس برس.

وتعتقد ويتسون أن "إدراج إسرائيل ضمن هذه القائمة، قد لا يكون له أعباء قانونية مباشرة على إسرائيل ولكنه سيشكل دعما للقضايا التي رفعتها جنوب أفريقيا وإسبانيا في قضية الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين".

وتقول ويتسون وهي ناشطة حقوقية أميركية إنه "من المرجح أن نرى دولا أخرى تتخذ إجراءات وتغير مسارها الدبلوماسي في التعامل مع إسرائيل، أو قد نرى حتى فرض عقوبات ولو بشكل رمزي، أو بالنأي عن دعم إسرائيل على الصعيد الدولي".

حرب إسرائيل على غزة.. الجوع يدمر أدمغة وأجساد الأطفال يلاحق أطفال الغزة الجوع ونقص التغذية، ومن ينجو من القصف الإسرائيلي والمعارك ينتظره مشاكل صحية مزمنة، فيما كشفت منظمة الصحة العالية أن 25 طفلا على الأقل توفوا بسبب مضاعفات مرتبطة بسوء التغذية.

وتحدثت باستغراب قائلة "لو قامت أي دولة أخرى (غير إسرائيل) بقتل قرابة 50 ألف شخص في نحو سبعة أشهر، ستقوم كل الدول والأنظمة حول العالم بفرض عقوبات عليها"، واتهمت بعض الأطراف بحماية إسرائيل دوليا "بما يجعلها تتوسع في هجماتها في غزة من دون الامتثال للقانون الدولي".

وتشير إلى أن "إضافة إسرائيل لهذه القائمة ليس أمرا محرجا للسلطات الإسرائيلية وحدها، بل أيضا للولايات المتحدة، التي ترسل الأسلحة والذخائر التي تستخدم في قتل المدنيين في غزة".

تبعات دبلوماسية 

أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، وليام لورانس، يرجح أن نرى تبعات "دبلوماسية لإدراج إسرائيل ضمن قائمة العار، إذا أنها ستحفز المزيد من الدول على القيام بخطوات رمزية، مثل الاعتراف بدولة فلسطينية، وزيادة الضغط في المجتمع الدولي لحث إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي".

وهناك العديد من الإجراءات والأدوات الدبلوماسية التي قد تستخدمها الدول "لتعديل سياساتها في التعامل مع إسرائيل"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير إلى أنه من غير المعروف "كيف سيكون رد إسرائيل على مثل هذه التحركات الدبلوماسية، إذ أنها قد تكون عدائية ولن تتعامل بدبلوماسية مع الآخرين، وهذا يظهر أيضا من ردود فعلها العدائية تجاه الأمم المتحدة نفسها".

ويؤكد  لورانس أن إضافة إسرائيل إلى "قائمة العار" لا "يعني تعرضها لدعاوى قضائية أو إجرءات قانونية، ولكنها قد تكون جزءا من قضايا، وضمها إلى مستندات القضايا في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية".

الأمم المتحدة: إسرائيل مسؤولة عن التجويع بغزة وقد يرقى إلى جريمة حرب اعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلاثاء أن القيود الإسرائيلية المستمرة على دخول المساعدات إلى غزة، إلى جانب الطريقة التي تواصل بها العمليات العدائية، "قد يصل إلى حد استخدام التجويع كوسيلة للحرب، وهو ما يعد جريمة حرب".

وعادة "ما تشير مثل هذه القوائم والتقارير إلى وجود انتهاكات، وقد ترغب بعض الدول في إزالة اسمها منها لهذا يقومون بعقد اجتماعات مع خبراء في الأمم المتحدة لمعرفة ما المطلوب تحسينه لهذا الأمر"، وفق أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن.

ويشير إلى أن "الرد الإسرائيلي لا يبشر بإقرارها بوجود انتهاكات"، ولكن قد نرى نوعا من "التحسينات التكنوقراطية".

ويقول إن "إسرائيل تواصل قتلها للمدنيين بشكل ممنهج في غزة، ولكن بوتيرة أقل مما كانت عليه في بداية الحرب، وهذا بالنهاية يخالف القانون الدولي في كلتا الحالتين، ولكن قد تراه الولايات المتحدة تحسنا، وقد تراه بعض الدول استمرارا للممارسات السلبية من الجانب الإسرائيلي".

وكانت الأمم المتحدة حذرت في تقريرها لعام 2022 من أنها لن تتوانى عن إدراج إسرائيل على "قائمة العار" إذا لم يحدث أي تحسن على صعيد احترام إسرائيل لحقوق الأطفال في النزاعات.

وبالفعل فإن تقرير العام الماضي رصد "انخفاضا كبيرا في عدد الأطفال الذين قتلوا بأيدي القوات الإسرائيلية، بما في ذلك في غارات جوية"، بين العامين 2021 و2022.

"صادم وغير مقبول"

لطالما ربطت إسرائيل بالأمم المتحدة "علاقة متوترة" وأدت الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى إلى "تفاقمها".

وتعليقا على قرار غوتيريش، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن "الأمم المتحدة أدرجت اليوم نفسها على قائمة التاريخ السوداء بانضمامها إلى أولئك الذين يدعمون مجرمي حماس".

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي "هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم وما من قرار أممي وهمي بوسعه أن يغير هذا الأمر".

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن القرار "ستكون له عواقب على علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة".

ونشر السفير الإسرائيلي جلعاد إردان على حسابه في منصة إكس الجمعة تسجيل فيديو لجزء من هذه المحادثة الهاتفية ظهر فيه وهو يقول "أشعر بصدمة عميقة واشمئزاز من هذا القرار المخزي الذي اتخذه الأمين العام".

وأضاف "إنه قرار غير أخلاقي يساعد الإرهاب ويكافئ حماس. الشخص الوحيد الذي تم إدراجه على القائمة السوداء اليوم هو الأمين العام. عار عليه!".

I received the official notification about the Secretary-General's decision to put the IDF on the "blacklist" of countries and organizations that harm children. This is simply outrageous and wrong because Hamas has been using children for terrorism and uses schools and hospitals… pic.twitter.com/o1civfJFAk

— Ambassador Gilad Erdan גלעד ארדן (@giladerdan1) June 7, 2024

وشن إردان هجوما عنيفا على الأمين العام للأمم المتحدة، معتبرا أن "قراراته منذ بداية الحرب، وحتى قبل ذلك، تكافئ الإرهابيين وتشجعهم على استخدام الأطفال في أعمال إرهابية".

ومن جانبه، يتحدث المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، عن "مقتل الكثير من المدنيين وبينهم أطفال خلال الحرب في قطاع غزة"، لكنه يرى أن المقارنة بين إسرائيل وحماس والجهاد الإسلامي "لا صلة لها بالواقع".

ولم يقصد الجيش الإسرائيلي "استهداف المدنيين أو الأطفال" خلال الحرب في غزة، وفق حديثه لموقع "الحرة".

لكن "العكس صحيح"، فحماس كانت معنية بأسر وقتل الأطفال والمدنيين خلال هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل، وبالتالي فالمساواة "خاطئة ولا أساس لها من الصحة وتدل على نوايا سيئة"، حسبما يؤكد شتيرن.

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي أن إسرائيل تحاول "تجنب استهداف المدنيين، لكن العناصر الإرهابية موجودة داخل مناطق مكتظة بالسكان".

ويشدد شتيرن على أنه "لا يمكن فقط إلقاء اللوم على الطرف الذي يحاول استهداف الإرهابيين (إسرائيل) لكن يجب محاسبة من يختبئ بين السكان ويحتمي بهم (عناصر حماس)".

ويعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي أن إدخال إسرائيل "قائمة العار" يأتي بسبب "العداء المبدئي الأيديولوجي للجانب الإسرائيلي وليس نتيجة الاعتماد على تحليل حقيقي وواقعي للأحداث كما حصلت".

الدولة الديمقراطية في "قائمة العار"

من جهته أكد، ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، صحة المكالمة الهاتفية التي أجراها مدير مكتب غوتيريش مع السفير الإسرائيلي، موضحا أنها كانت "مكالمة مجاملة" وإجراء روتينيا مع الدول "المدرجة حديثا" في الملحق.

وأوضح دوجاريك في مؤتمر صحفي أن الهدف من هذه المكالمة هو إخطار الدولة المعنية وتجنب حصول تسريبات، منتقدا بشدة إقدام السفير الإسرائيلي على تسجيل هذه المكالمة الهاتفية ونشر مقطع فيديو لهذا التسجيل.

وقال دوجاريك إن ما أقدم عليه السفير الإسرائيلي  "أمر صادم وغير مقبول، وبصراحة هذا شيء لم أر مثيلا له قط خلال 24 عاما في هذه المنظمة".

ويشير تقرير نشرته تايمز أوف إسرائيل إلى أنه يرجح أن "إسرائيل أول دولة ديمقراطية تدرج في القائمة".

وتضمنت تقارير سابقة للأمم المتحدة فصولا عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واتهمت إسرائيل بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ولكن لم يتم إدراج إسرائيل مطلقا في ملحق "قائمة العار".

وقالت الناشطة الحقوقية ويتسون في حديثها لموقع "الحرة" إن "إدراج إسرائيل في القائمة يعتبر عاملا آخرا يؤدي إلى تآكل الكذبة ومزاعم أن إسرائيل دولة ديمقراطية".

وأضافت أنه من المستغرب اعتبارها دولة ديمقراطية في الأساس "وهي تتحكم في مصائر ملايين الفلسطينيين بحكم عسكري، وبسياسات فصل عنصرية" بحسب تعبيرها، مشيرة إلى أنها "دولة احتلال منذ أكثر من سبعة عقود".

الديمقراطية في إسرائيل.. مؤشرات وقراءات لـ"التراجع التاريخي" من فئة "ديمقراطية ليبرالية" إلى "ديمقراطية انتخابية"، تراجعت إسرائيل في مقياس الديمقراطية الذي يصدره المعهد البحثي السويدي "في ـ ديم"، للمرة الأولى منذ 5 عقود .

ومن جانبه، يقول الأكاديمي لورانس إن "إسرائيل لطالما استفادت من ثغرة في التقييمات الدولية لتأخذ تصنيفات جيدة كدولة ديمقراطية وتلتزم بحقوق الإنسان، إذ أن المقياس كان يعتمد على طريقة تعاملها مع الإسرائيليين أنفسهم فقط أو عرب إسرائيل الذين يشكلون أقل من 20 في المئة ويعيشون ضمن حدود 1967، ولا يقيس ما يحدث في إسرائيل والأراضي الفلسطينية ككل رغم أنها قوة احتلال".

تراجع إسرائيلي بعد 50 عاما.. 98% من سكان الشرق الأوسط يعيشون بأنظمة استبدادية كشف تقرير أصدرته منظمة بحثية سويدة مستقلة أن 98 في المئة من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيشون تحت حكم أنظمة مستبدة، وقال إن الديمقراطية تراجعت في هذه المنطقة منذ انطلاق انتفاضات الربيع العربي، بينما خرجت إسرائيل للمرة الأولى من فئة "ديمقراطية ليبرالية" للمرة الأولى منذ 50 عاما

ويؤكد أن إدراج إسرائيل في قائمة العار قد "يثير القلق في إسرائيل بأن تخسر الدعم كدولة ديمقراطية، وتصبح دولة غير ديمقراطية في الشرق الأوسط على خلاف ما يروج له، وهو ما سيؤثر على صورتها العامة".

"قرار مبرر" رغم تأخره إسرائيل تواجه انتقادات دولية شديدة بسبب المستويات غير المسبوقة للضحايا المدنيين في غزة

وبالإضافة إلى إسرائيل، قالت مصادر دبلوماسية لوكالتي "فرانس برس" و"رويترز "إن التقرير الجديد سيضم أيضا حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قائمة العار.

وردا على سؤال حول احتمال إدراج حماس على القائمة، رفض دوجاريك إعطاء أي معلومات أخرى حول مضمون التقرير، داعياً الجميع إلى "قراءته بالكامل واستخلاص النتائج" عند نشره في 18 يونيو.

من جهته، قال لـ"فرانس برس"، لويس شاربونو، من منظمة هيومن رايتس ووتش تعليقا على قرار إدراج إسرائيل على القائمة هذا العام، إن "هذا قرار مبرر تماما من قبل الأمين العام، حتى لو كان ينبغي أن يكون قد اتخذ منذ وقت طويل".

الأطفال ونزاعات الشرق الأوسط.. الأرقام تكشف ما حدث في 2022 سجّل تقرير الأمم المتحدة السنوي بشأن الأطفال والنزاع المسلح وقوع أكثر من 27 ألف انتهاك جسيم تم التحقق منه وتضرر منه قرابة 19 ألف صبي وفتاة في مختلف أنحاء العالم.

وأضاف "هذا شيء كنا نطالب به منذ فترة طويلة، مع إدراج حماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى على القائمة".

ويأتي التحرك الأممي بعد تسعة أعوام من توصية الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة بإضافة إسرائيل وحماس إلى القائمة بسبب انتهاكات في حرب 2014 في غزة حينما قتل 540 طفلا من بين أكثر من 2100 فلسطيني لاقوا حتفهم.

وضغطت إسرائيل على، بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة حينها بقوة للبقاء خارج القائمة، إلا أنها نفت الضغط عليه. وفي نهاية المطاف لم يضف بان كي مون إسرائيل أو حماس إلى قائمة مرتكبي الانتهاكات، لكن التقرير انتقد بشدة إسرائيل بسبب الحرب التي استمرت 50 يوما عام 2014.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط أكثر من 36731 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأمین العام للأمم المتحدة السفیر الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی السابع من أکتوبر حقوق الأطفال فی دولة دیمقراطیة إدراج إسرائیل الأمم المتحدة دیمقراطیة فی الشرق الأوسط على القائمة إسرائیل على قائمة العار فی النزاعات إسرائیل فی فرانس برس أکثر من إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

«العار والألم».. المعركة المزدوجة لمرضى الإيدز

الصحة النفسية للمصابين.. خطوة ضرورية فى طريق العلاج«أحمد»: أصيبت بالمرض خلال نقل الدم«عمرو»: عملية جراحية أدت إلى الكارثة«ليلى»: ولدت مصابة.. ويعتبروننى مجرمة«حنان»: خوفى على أولادى أكبر من نفسي

 

اختار العالم شهر ديسمبر، أى بداية العام للاحتفاء بمرضى الإيذر.. باعتبارهم يحملون وصمة عار بلا ذنب.. وذلك فى إطار سياسة «تصحيحية» لمفاهيم مغلوطة عن المرضى.. الذى يعانى ضحاياه من الآلام النفسية قبل الجسدية. لم يختر أحد أن يصبح مريضًا ولا أن يلصق به لقب «مريض إيدز»، لكن الحياة تضع بعض الناس فى مواجهة قاسية، فكلمة واحدة من الطبيب قادرة أن تقلب الأحلام إلى كوابيس وتجعل المستقبل رهنًا لردود فعل مجتمع لا يرحم، فالخوف من الناس عند كثيرين بات أشد وقعًا من الخوف من الفيروس نفسه.

فى الشارع يمرون بجوارنا دون أن يلفتوا النظر، يعملون، يدرسون، وربما يجلسون بجانبك فى المواصلات العامة، قد ترتسم على وجوههم أحيانا ابتسامة لتخف ما وراءها من معاناة، فوراء تلك الوجوه تختبئ أسرار ثقيلة، قلوب ترتجف، وأرواح تبحث عن حضن أمان لا يطردها ولا يحكم عليها

فهؤلاء لا يؤلمهم المرض الجسدى وحده، بل تؤلمهم أكثر تلك النظرة التى تسلخ إنسانيتهم قبل أن تمس أجسادهم، نظرة تجعلهم غرباء فى بيوتهم وأحيائهم وأماكن عملهم.

ورغم ان العلم قد حسم طرق انتقال فيروس الإيدز وأكد أن التعامل الطبيعى لا ينقل العدوى، لكن الوصمة تبقى أقوى من الحقائق، حتى أن بعض المرضى يخفون أدويتهم داخل علب مسكنات، وآخرون يقدمون تمثيليات أمام أسرهم ليحتجب السر عنهم، بينما ينسحب البعض إلى عزلة صامتة، يبتعدون عن الناس قبل أن يبتعد عنهم المجتمع.

وعلى منصات التواصل يحاول آخرون أن يخلقوا ملاجئ بديلة، مجموعات مغلقة، حوارات سرية، صداقات مشروطة بالسر، وأحيانًا حب وزواج داخل هذه الدوائر، لكن حتى هناك لا ينجون من استغلال تجار أوهام العلاج، أو من يتخفى بثوب الدعم ليبتز الألم ويحوله إلى تجارة.

قصص المرضى تروى عن أطفال جاءوا إلى الدنيا مثقلين بمرض لم يكن لهم ذنب فيه، وعن نساء دفعن الثمن القاسى نتيجة خيانة أو نظام صحى عاجز عن حمايتهن، وعن رجال وجدوا أنفسهم ضحايا حقن ملوثة أو أخطاء طبية جسيمة، جميعهم يتشاركون مأساة واحدة عقاب مزدوج، مرة بيد الفيروس، ومرة بيد مجتمع لا يرحم.

فتحت "الوفد" نوافذ على تفاصيل إنسانية ورصدت أصواتا اختارت الصمت لسنوات طويلة، وحكايات مشبعة بالألم والصبر

حنان أم لثلاثة أبناء، أصيبت بالفيروس من زوجها الذى كان يتعاطى المخدرات لم تعلم بحقيقة إصابته إلا بعد وفاته، حين أجرت فحوصات طبية كشفت الكارثة.

تحكى والدموع فى عينيها: أنا مش خايفة على نفسى، أنا خايفة على أولادى كل يوم برجع من الشغل وأنا مرعوبة إن حد يعرف فى المدرسة، ويبعدوا ولادى عن باقى الاطفال، تضيف: الإيدز مش بس مرض، ده وصمة بتلاحقك إنت وأولادك، حتى لو هما سالمين.

تعيش حنان صراعًا يومياً بين الحفاظ على علاجها، وتأمين حياة طبيعية لأطفالها فى مجتمع لا يرحم.

عمرو، شاب فى أواخر العشرينات، يعمل موظف فى شركة خاصة أصيب بالفيروس نتيجة نقل دم ملوث أثناء عملية جراحية أكبر أحلامه كان الزواج والاستقرار، لكن المرض جعله يشعر أن هذا الباب قد أُغلق للأبد.

يقول: كل ما أهلى يجيبوا سيرة الجواز أغير الموضوع أنا نفسى أكون أب زى باقى الناس، لكن إزاى وأنا مريض؟ حتى لو لقيت بنت توافق، أهلها مستحيل يرضوا.

حاول عمرو مرة الارتباط بفتاة عبر مجموعة دعم لمرضى الإيدز، لكن التجربة انتهت بخوف وابتزاز من الطرف الآخر.

يضيف بحزن: بقيت حاسس إنى محكوم عليا أعيش لوحدى طول عمرى.

 

ضريبة الغربة

فاطمة سيدة فى أوائل الأربعينات، عاشت حياة أسرية مستقرة مع زوجها لسنوات طويلة كان يعمل بالخارج ويعود كل عام محملًا بالهدايا والذكريات لكن عودته الأخيرة كانت مختلفة، إذ اكتشفت أنه عاد حاملًا للفيروس بعد سنوات عمله بعيدا تقول فاطمة: كنت فرحانة برجوعه، لكن بعد فترة قصيرة بدأت أحس بأعراض غريبة لما عملت تحاليل اكتشفت الكارثة: أنا مصابة والأصعب إن بنتى الصغيرة كمان طلعت مصابة حسيت إن حياتى كلها انهارت فى لحظة.

الألم لم يكن جسديا فقط، بل نفسياً واجتماعيًا. زوجها لم يتحمل الموقف، تركها وابنتهما ورحل، لتواجه المصير وحدها.

تحكى بحسرة: الناس لما عرفوا بقوا يبعدوا عنى، حتى الأقارب بقوا يتجنبونا أصعب حاجة إنك تكونى بريئة، ومع ذلك الناس تعاملك كأنك مذنبة.

اليوم تعيش فاطمة لتعتنى بابنتها، تتنقل بين المستشفيات وتتحمل صعوبة العلاج.

تقول: أنا مش خايفة على نفسى، أنا خايفة على بنتى نفسى تلاقى فرصة تعيش حياة طبيعية.

 

نقل دم

أحمد، شاب فى أوائل الثلاثينات، كان يعيش حياة طبيعية حتى تعرض لحادث سير منذ سنوات استدعى نقل دم عاجل لم يكن يدرى أن تلك اللحظة ستغير مصيره للأبد بعد الحادث تعافى جسديًا، لكنه بعد فترة من الفحوصات الروتينية اكتشف إصابته بفيروس الإيدز بسبب دم ملوث كانت الصدمة قاسية، لكنه قرر أن يخفى الأمر عن الجميع، حتى عن أسرته.

يقول أحمد: كنت فاكر إن المشكلة فى العلاج أو الفلوس، لكن لما رحت لدكتور أسنان عادى واكتشف إنى مصاب، رفض يلمسنى وقال لى بصوت واضح: روح مستشفى الحميات، هنا ما ينفعش. حسيت إنى مش بنى آدم.

من يومها تعلم أحمد أن يخفى مرضه حتى فى المستشفيات، لا يجرؤ على ذكر الحقيقة خوفًا من المعاملة القاسية يشترى الأدوية بصعوبة، يخبئها فى علب أخرى، ويقول إن عنده أنيميا أو مشاكل فى الكبد. يضيف بحزن: المرض فى الدم، لكن الوصمة فى الروح أوقات بحس إن الوصمة دى أفتك من الفيروس نفسه.

نهى، فتاة فى منتصف العشرينات، اكتشفت إصابتها بالفيروس بالصدفة، حين أجرت تحاليل طبية قبل عملية بسيطة لم تكن تعلم أن والدتها كانت حاملة للفيروس منذ ولادتها، وأنها ورثت المرض منها دون أن تدرى.

تحكى نهى: أنا مخطوبة لشاب محترم، بيحبنى جدًا كل يوم بعيش رعب إن حد يعرف، مرات بقعد أبص فى عينه وأسأل نفسي: أقول له ولا لأ؟ لو قولتله ممكن يسيبنى ويتخلى عنى، ولو ما قلتش هبقى بخدعه، تضيف: الموضوع مش سهل، ده مش مجرد سر، ده حياتى كلها متعلقة بيه. أوقات ببص فى المراية وأسأل نفسي: ليه أنا بالذات؟ أنا ما عملتش حاجة غلط علشان أدفع التمن ده.

تعيش نهى بين نارين: الخوف من فقدان حب حياتها، والخوف الأكبر من نظرة المجتمع لو انكشف سرها. تقول: الإيدز مش بيموت بسرعة زى ما الناس فاكرة، بس الوصمة ممكن تقتل روحك وأنت لسه عايش.

 

حكم بالإعدام

تقول سلوى: أول ما عرفت حسيت إنى فى كابوس ما لحقتش أستوعب، وكانت الكارثة التانية هى فصلى من العمل بعد ما عرفت صاحبة البيت اللى كنت بشتغل فيه بحقيقة مرضى، وما سألتش حتى إزاى المرض بينتقل.

فقدت سلوى مصدر رزقها الوحيد، وأصبح بيتها يعتمد على دخل ابنها الكبير، الذى يعمل فى مهنة شاقة ولا يكفى راتبه لسد احتياجات الأسرة. وتضيف: أنا مش خايفة من المرض قد ما أنا خايفة من الجوع والاحتياج لو الناس عرفوا إنى مريضة محدش هيدينى شغل بقيت أحس إن المرض حكم إعدام على حياتى الاجتماعية والمادية.

سامى، رجل فى أواخر الثلاثينات، يعيش وحيدًا فى شقة صغيرة بواحد من أحياء القاهرة لم يخبر أحدًا عن إصابته منذ أن اكتشفها قبل سبع سنوات قرر أن يعزل نفسه عن العالم كى لا يضطر لمواجهة نظرات الشفقة أو الخوف.

يقول: أنا اخترت أبعد عن الناس بقول لنفسى أحسن ما يكتشفوا الحقيقة ويعاملونى كإنى وحش حتى أهلى مش عارفين لما بيتصلوا عليا بقولهم مشغول أو تعبان، بس عمرى ما قلت السبب.

يقضى سامى معظم وقته أمام الإنترنت، يتصفح مجموعات مغلقة لمرضى الإيدز هناك وجد بعض الراحة، لكن حتى هذا العالم لم يكن آمنا تعرض لمحاولات ابتزاز من أشخاص عرفوا قصته وهددوه بفضح سره.

يقول: بقيت عايش بخاف من الفيروس، وبخاف من البشر أكتر الوحدة أرحم من نظرات الاتهام.

ليلى، طالبة جامعية، كانت تحلم أن تصبح مهندسة معمارية. لكن حلمها تحطم حين أجرت فحوصات قبل السفر فى منحة دراسية، فاكتشفت أنها تحمل الفيروس كانت الصدمة أن إصابتها جاءت من والدها الذى كان مصابًا ولم يخبر أحدا حتى وفاته.

تقول ليلى: أنا ما عملتش حاجة غلط أنا مولودة بالفيروس بس أول ما النتيجة ظهرت، كل حاجة ضاعت المنحة اتلغت، وخفت أحكى لصحابى حسيت إن مستقبلى كله راح.

اليوم تواصل دراستها بصعوبة، لكنها تعيش فى عزلة تخشى أن يعرف أحد عن مرضها فيعاملها كمنبوذة. تقول: الإيدز خد منى حقى فى إن الناس تعاملنى عادى بقى فى دايمًا سور بينى وبين العالم.

عم رمضان، رجل فى أوائل الخمسينات، أصيب بالفيروس منذ أكثر من 15 عامًا بسبب خطأ طبى أثناء جراحة لم يكن يعرف طبيعة المرض وقتها، لكن حين انتشرت الشائعات بين أهالى الحى، تغير كل شيء.

يقول: «كنت بقعد على القهوة مع أصحابى كل يوم. بعد ما عرفوا، بقوا يقوموا من الترابيزة أول ما أقعد. حتى كباية الشاى ما بقوش يقربوا منها. حسيت إنى مش إنسان»، يضيف: أنا ماليش ذنب، بس طول عمرى بدفع التمن.

اليوم يعيش رمضان حياة شبه منعزلة يخرج فى أوقات متأخرة حتى لا يواجه الناس، ويقول بأسى: المرض ده بيخليك تموت مرتين مرة بالجسد، ومرة من نظرات الناس.

 

أكبر معركة

تقول الأستاذة أمينة عجمى، رئيس جمعية «صحتى من بيئتي» المعنية بالدفاع عن حقوق مرضى الإيدز، إن أكبر معركة يواجهها المصابون بفيروس نقص المناعة ليست صحية بقدر ما هى اجتماعية، فالمشكلة الحقيقية تكمن فى الوصمة والخوف الناتج عن الجهل بطبيعة الفيروس وطرق انتقاله.

وتوضح عجمى أن الوعى هو الخطوة الأولى نحو التعايش الآمن، فالفيروس لا ينتقل إلا بطرق محددة تتعلق بسلوكيات واضحة مثل تبادل الحقن بين متعاطى المخدرات، أو انتقال العدوى من الأم الحامل إلى طفلها أثناء الولادة أو الرضاعة الطبيعية، أو عبر العلاقات الجنسية غير المحمية. وما عدا ذلك فلا مجال للعدوى، إذ لا يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق اللمس أو السلام أو العطس أو استخدام أدوات المريض الشخصية كالأكواب أو الملابس أو الملاعق. حتى مشاركة الحمام أو الجلوس على نفس المقعد لا ينقل الفيروس. وتستشهد عجمى بوجود أسر كاملة يعيش فيها أحد الأبوين مصابًا دون أن تنتقل العدوى إلى الأبناء أو الشريك، مؤكدة أن التعامل اليومى لا يشكل أى خطر على الإطلاق.

وتضيف أن الحماية تبدأ بالمعرفة، فالأم المصابة يمكنها حماية طفلها إذا التزمت بالولادة القيصرية والرضاعة الصناعية، مؤكدة أن المريض الملتزم بتناول العلاج يصبح غير ناقل للعدوى، لأن الفيروس فى جسده يصل إلى مرحلة «غير مقروءة» فى تحليل الحمل الفيروسى. وتوضح: «الشخص المنتظم على العلاج يعيش حياة طبيعية تمامًا، يمكنه الزواج والإنجاب وممارسة عمله دون أن يشكل أى خطر على أحد». وتشير إلى أن هذا المفهوم مطبق فى كثير من الدول، حيث يعتمد الأزواج على العلاج الوقائى للطرف السليم، ويعيش الطرفان حياة زوجية طبيعية.

وفيما يتعلق بحق المرأة المصابة فى الإنجاب، توضح عجمى أن البرنامج الوطنى لمكافحة الإيدز وضع بروتوكولًا طبيًا متكاملًا يضمن سلامة الأم والطفل، وتلتزم بالولادة القيصرية، ويُعطى المولود علاجًا وقائيًا لمدة 45 يومًا مع الاعتماد على الرضاعة الصناعية فقط، ويُتابع الطفل بتحاليل دورية حتى عمر سنة ونصف. وتشير إلى أن مصر لم تسجل منذ عام 2013 أى إصابة جديدة بين السيدات المنتظمات على العلاج، مما يؤكد نجاح البروتوكول الوطنى وفعالية العلاج المتاح.

وتضيف أن العديد من المصابين يعيشون حياتهم بشكل طبيعى تمامًا وسط أسرهم ومجتمعهم دون أن يعرف أحد بإصابتهم سوى الشريك الزوجى، لكنها تحذر من أن الوصمة المجتمعية ما زالت تمثل عائقًا كبيرًا أمام تلقى العلاج بانتظام، فالكثير من المرضى يخشون الذهاب إلى مستشفيات الحميات خوفًا من أن يكتشف أحد من الجيران أو المعارف إصابتهم، خاصة فى القرى والمناطق الصغيرة، ما يدفع بعضهم إلى الانقطاع عن العلاج ويعرضهم وأطفالهم لمضاعفات خطيرة.

وفيما يتعلق بالأطفال المصابين، تؤكد عجمى أن لهم الحق الكامل فى التعليم مثل أى طفل آخر، وأن وجودهم بين زملائهم فى المدارس لا يشكل أى خطر، إذ لم تسجل أى حالة عدوى واحدة بين الأطفال فى أى دولة بالعالم نتيجة الاختلاط أو اللعب. وتضيف بأسف أن بعض المدارس فى مصر ما زالت ترفض استقبال الأطفال المصابين، وتكتفى بإرسال شهادات نجاح شكلية لهم دون السماح بحضورهم الفعلى، وهو ما تعتبره انتهاكًا صارخًا لحقهم فى التعلم والاندماج.

وتختتم رئيس جمعية «صحتى من بيئتي» حديثها قائلة: «مريض الإيدز إنسان له كل الحقوق: فى العلاج والعمل والتعليم والسكن والحياة الكريمة. لا يجوز نبذه أو التنمر عليه بسبب الجهل. متى أدرك المجتمع أن فيروس نقص المناعة لا ينتقل بالمعاملات اليومية، سيسقط الخوف وتختفى الوصمة، وسنعيش فى مجتمع أكثر وعيًا ورحمة وعدلًا».

 

معاناة مضاعفة

وأكدت الدكتورة شيماء عراقى، استشارى الإرشاد الأسرى وتعديل السلوك، إن معاناة مرضى الإيدز لا تتوقف عند حدود الأعراض الطبية، بل تتضاعف بسبب الصدمة النفسية والوصمة الاجتماعية التى تلاحقهم. وتضيف: «المجتمع للأسف ما زال أسير صورة ذهنية قديمة تشكّلت عبر حملات دعائية وأعمال فنية ربطت المرض بالانحراف أو العلاقات المحرمة. هذه الصورة صنعت جدارًا من الخوف والرفض، وأصبح المريض يُدان مرتين: مرة بسبب الفيروس، ومرة بنظرة المجتمع».

وتشير إلى أن شريحة واسعة من المرضى لم يكن لهم أى ذنب فى الإصابة، فهناك أطفال ورثوا الفيروس من أمهاتهم، ونساء انتقل إليهن من أزواج أخفوا الحقيقة، وآخرون أصيبوا نتيجة أخطاء طبية أو عبر نقل دم ملوث. وتعلق: «لا يمكن أن نعامل هؤلاء باعتبارهم مذنبين. فالمرض قد يطرق باب أى إنسان، والمسئولية المجتمعية تفرض علينا أن نرى المريض كإنسان يحتاج إلى علاج ورعاية ودعم نفسى، لا إلى عزلة وحكم بالإعدام الاجتماعي».

وتوضح عراقى أن الأثر النفسى قد يؤدى إلى دخول المريض فى دوامات من القلق والاكتئاب والخوف، ما يدفع الكثيرين إلى إخفاء العلاج أو الانسحاب من الحياة الاجتماعية.

وترى أن التغيير يبدأ من مؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية عبر حملات توعية علمية تشرح طرق انتقال الفيروس، وتكسر الخرافات المحيطة به، مع ضرورة إدماج المرضى فى برامج دعم نفسى واجتماعى. وتشدد: «الصحة النفسية لمرضى الإيدز لا تقل أهمية عن العلاج الدوائى. لا بد أن يشعر المريض بالأمان فى أسرته ومدرسته وعمله».

وعن دور الأسر، تنصح د. شيماء بأن تكون البداية بالاحتواء: «حين يُكتشف إصابة فرد فى العائلة، يجب أن تكون الأسرة هى السند الأول لا القاضى. المطلوب التوازن بين التعاطف الإنسانى والحفاظ على قواعد السلامة الصحية، خصوصًا مع الأطفال، بحيث لا يتحول البيت إلى سجن ولا إلى ساحة إقصاء».

مقالات مشابهة

  • أميركا أولًا… لا الديمقراطية
  • «العار والألم».. المعركة المزدوجة لمرضى الإيدز
  • “الديمقراطية” تدعو الوسطاء لوضع ضوابط ملزمة ل”إسرائيل” لتطبيق المرحلة الثانية
  • مساعد وزير الداخلية الأسبق: قرار أمريكا ضد الإخوان يزيد فخر المصريين بقيادتهم
  • رئيس الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية الأسبق يتحدث عن "عام العواصف" في الجنوب
  • توصية حظر الحجاب وصيام الأطفال لرمضان.. ماذا يحدث في فرنسا؟
  • الأونروا: إسرائيل تمنع دخول 6 آلاف شاحنة مساعدات تكفي غزة 3 أشهر
  • العراق ينفي مصادقته على إدراج الحوثيين و"حزب الله" في قائمة الإرهاب
  • "الديمقراطية" تدين سماح أوروبا لـ"إسرائيل" بالمشاركة في "يوروفيجن"
  • "الديمقراطية" تدين سماح أوروبا لـ"إسرائيل"بالمشاركة في مسابقة "يوروفيجن"