قائد الثورة يتوّجه بالتهاني للشعب اليمني والأمة بدخول شهر ذي الحجة الحرام
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
الثورة نت../
توّجه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بالتهاني والتبريكات للشعب اليمني والأمة الإسلامية كافة بمناسبة دخول شهر ذي الحجة الحرام.
وأوضح السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في “الدرس الأول من حكم أمير المؤمنين عليه السلام” أن شهر ذي الحجة من الأشهر المباركة، وفيه مناسباتٌ دينيةٌ في غاية الأهمية، وفيه يضاعف الأجر، وفرص فتح الله فيها أبواب رحمته لعباده.
وأشار إلى أن من ضمن مناسبات هذا الشهر المبارك أداء ركنٍ عظيمٍ من أركان الإسلام، وفريضة عظيمة مقدسة، هي فريضة الحج.. مبيناً أن الحج له أهداف عظيمة، وغايات كبيرة ومقدسة، ويعد من أهم معالم الدين الإسلامي، بعطائه الواسع.
وأفاد قائد الثورة بأن للحج أهمية على المستويين التربوي، والأخلاقي، وتزكية النفس، وعلى المستوى الروحي في الانشداد إلى الله تعالى، كما أن له أهمية على مستوى مسؤوليات الأمة، ووحدة كلمتها، وأخوتها، ومن أهم ما يرمز إلى وحدة المسلمين.
وعبر عن الأسف الشديد إزاء المعاناة الشديدة التي يواجهها المسلمون ليتمكنوا من أداء فريضة الحج، والفوز بما فيها من العطاء الكبير، الذي يمنّ الله به على عباده، بسبب القيود، والإجراءات، والتعقيدات التي يمارسها النظام السعودي تجاه المسلمين.
وتابع “هناك متاجرة من جانب النظام السعودي، ليس له فيها أي حقٍ أبداً تجاه فريضة الحج، فهو يبتز الحجاج، ويأخذ مقدماً الكثير من الأموال”.
وأردف قائلاً “في هذا الموسم هناك زيادة كبيرة في الالتزامات المالية، وفي الجباية والقيود المالية، التي تؤثر على الكثير من أبناء الإسلام، سيما مع الظروف الصعبة التي يعاني منها المسلمون، والشيء المؤسف أنه مجرد ابتزاز، واستغلال، وكسب محرم، يعني: ليس النظام السعودي بحاجة إليه”.
وذكر السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن “من حكمة الله أنه هيأ لأن تكون في بلاد الحرمين ثروة وسعة في الرزق، وكانت هذه المسألة في تدبير الله، منذ دعوة نبي الله إبراهيم عليه السلام والذي استجاب الله دعوته”.
وقال “نحن في اليمن، بلد مجاور لبلاد الحرمين الشريفين، ومع ذلك معظم اليمنيين يعتبرون الحج مسألة معقدة في إجراءاتها، وترتيباتها، وكلفتها المالية”.. لافتا إلى “أن الكلفة المالية التي تؤخذ من الحاج مقدماً، بغض النظر عن النفقات التي يحتاجها هناك، حيث تستغل السلطات السعودية حتى هذه المسألة، وعندما يأتي موسم الحج يقومون برفع الأسعار، والإيجارات، ورفع أي تكاليف تتعلق به”.
وأشار إلى أن النظام السعودية يحاول أن يستغل الحج كمورد مالي، لكن إلى أسوأ مستوى يتخيله الإنسان، ثم يطلق على نفسه لقب خادم الحرمين، ويقدم نفسه على أنه يخدم الحرمين الشريفين، وهو يستغله للحصول على أموال هائلة جداً وابتزاز الناس.
وبين السيد القائد أن المعاملة مع الحجاج، والقيود التي تُفرض عليهم أثناء أداء فريضة وشعائر الحج، تأتي في إطار النظرة المذهبية الوهابية الضيقة، وأيضاً في إطار آخر يتمثل في التوجه السياسي للنظام السعودي الذي يطغى على كل شيء، ويكون هو السقف فوق شعائر الحج، وفوق ما فيه من فرائض، وأنشطة تُعزز الأخوَّة بين المسلمين، والتفافهم حول قضاياهم الجامعة ومسؤولياتهم المقدَّسة.
وتطرق إلى التوجه السياسي للنظام السعودي، الذي يجعل منه سقفاً، يحاول من خلاله أن يقلل من أهمية الحج، وشعائره، وما فيه من مناسبات وأمور مهمة تحت سقف توجهه السياسي.
وأكد أن النظام السعودي لا يمتلك الحق في تلك الممارسات والسياسات، التي حوَّل بها الحج إلى موردٍ ماليٍ من جهة، وفرض سياساته من جهةٍ أخرى، ومنها ممارسات تكررت في عدة أعوام، تستهدف الحجاج في حياتهم، وتؤثِّر على أمنهم وسلامتهم، بما فيها الاعتقالات.
ولفت إلى أن البعض من الحجاج سواء من اليمن أو مصر ودول أخرى اعتقلوا وهم يؤدون شعائر الحج في الديار المقدسة وفي الموطن الذي أراد الله أن يكون آمناً، وجعل له حرمته العظيمة.
وذكر قائد الثورة أن النظام السعودي يعتقل من يريد دون تقدير حرمة بيت الله الحرام والديار المقدسة، وحرمة شعائر الحج، والبعض يتعرض للاعتقال في العمرة التي لها حرمتها كذلك، لكنه ينتهك كل الحرمات.
وأشار إلى أن النظام السعودي ليس له الحق في كل تلك الممارسات، التي يدخل كثيرٌ منها تحت عنوان “الصَّدّ عن المسجد الحرام”، وتحدث عنها القرآن الكريم، مستعرضاً أبرز جرائم الكافرين في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما كانوا يسيطرون على مكة المكرمة ويتحكمون بشعائر الحج، وممارساتهم التي تدخل ضمن الصَّدّ عن المسجد الحرام.
وأفاد بأن السيطرة على مكة لا تعطي أي جهة مشروعية التصرف كما يحلوا لها، وتشاء وتريد، وفق سياساتها وتوجهاتها الخاطئة والمنحرفة عن تعاليم الله .. مضيفاً “ليس للنظام السعودي شرعية في قيوده وإجراءاته الظالمة والخاطئة، وكذا قيوده التي تشكل عائقاً لأكثر المسلمين عن الذهاب إلى الحج، أو عن أداء فريضة الحج كما ينبغي”.
وجدد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي التأكيد على أن الإجراءات التي تعيق الناس عن الذهاب لأداء العمرة وفريضة الحج، تدخل في عنوان “الصد عن المسجد الحرام”.. مبيناً أن القيود المالية، والإجراءات الظالمة والمعقدة، والمخاطر الأمنية من اعتقالات وتهديد، وقيود على أداء الفريضة تدخل تحت نفس العنوان، والتي تشكل معاناة للأمة، في عدم تمكُّنها من الاستفادة من ذلك الركن العظيم، الذي له أهميته الكبرى.
وأوضح أن المناسبة الأخرى في شهر ذي الحجة هي “عيد الأضحى”، الذي هو عيدٌ للمسلمين، وله أهمية كبيرة، وعلاقة بالحج نفسه، وفيه أيضاً تخليدٌ لموقفٍ عظيم، يمثل درساً عظيماً للأجيال البشرية إلى قيام الساعة.
واستشهد قائد الثورة بدرس قدّمه نبي الله وخليله إبراهيم مع ابنه نبي الله إسماعيل “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ”، في التسليم لأمر الله والمحبة والطاعة لله وإيثار رضا الله على كل الاعتبارات.. وقال ” العيد له دلالة مهمة في تعزيز الأواصر والروابط الأخوية بين المسلمين، والعناية بالفقراء، والمواساة لهم، والصلة لذوي الأرحام وغير ذلك”.
وتناول في الدرس الأول من حكم أمير المؤمنين عليه السلام، ذكرى حجة الوداع، التي ودَّع النبي “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” فيها أمته، وأعلن عن قُرب رحيله من الحياة الدنيا، وقدَّم فيها توجيهات وتعليمات ذات أهمية كبيرة جداً للأمة.
وتطرق إلى الفضل الكبير للثلث الأول من شهر ذي الحجة “الليالي العشر” التي وردت بمختلف المذاهب والمقصودة بقول الله عز وجل “وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ”، عندما أقسم الله بها في القرآن الكريم، وفضل الأعمال فيها، ومضاعفة الأجر، وأهمية الإكثار فيها من ذكر الله والتَّقَرُّب إليه بالأعمال الصالحة.
وحث السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي على الاستفادة من هذا الموسم العظيم بالقربة إلى الله والسعي للارتقاء الإيماني والأخلاقي، والوعي وزكاء النفس، كون الإنسان بحاجة مُلِحَّة للاستفادة من مثل هذه المواسم في واقعه النفسي.
وقال “في أجواء هذه المناسبات والمباركات، نقدم كما في العامين الماضيين دروساً من حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام الذي قال عنه رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”: عَلِيٌّ مَعَ القُرْآنُ، وَالقُرْآنُ مَعَ عَلِي”، وقال عنه أيضاً: “عَلِيٌّ مَعَ الحَقّ، وَالحَقُّ مَعَ عَلِي”، وسمَّاه أيضاً باب مدينة علمه.
ولفت إلى أهمية هذا الموضوع في حياة الناس، كعامل مؤثِّر في معيشتهم، واستقرارهم، ودينهم ودنياهم، وإدارة شؤونهم.. مضيفاً “مؤسف أن السائد في أوساط الأمة، بالذات النخب الذين يتأثرون بالرؤية الغربية، التي تعتمد عليها أمريكا وأوروبا والغرب بشكلٍ عام تجاه هذا الموضوع، يرونها الرؤية المثلى، ويدعون إليها، ويدفعون لتطبيقها والالتزام بها، والبعض في اتجاهٍ آخر لديهم أيضاً تمسُّك بمفاهيم خاطئة، حُسِبت على الإسلام وهو منها براء، ودجنت الأمة الإسلامية على مدى قرونٍ من الزمن للطغاة، الجائرين، المظلين، الظالمين”.
وشدد قائد الثورة على ضرورة الحاجة لاستيعاب الرؤية الصحيحة، التي قدَّمها الله تعالى في القرآن الكريم، وقدَّمها رسوله وخاتم أنبيائه محمد صلوات الله عليه وعلى آله، وتحرَّك على أساسها، وكان من نماذجها المستوعبة والملتزمة بها، أمير المؤمنين علي عليه السلام.
وأوضح “أن الرؤية الغربية لا تنسجم أبداً مع هوية الأمة، وأول أساس ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في هذا الموضوع هو: هوية أمتنا وانتماؤها”.
وقال “انتماء أمتنا للرسالة الإلهية، بما فيها من مبادئ عظيمة، وقيم، وأخلاق، وتعليمات وشرع إلهي، وأهداف، وغايات مقدسة، يجعلها لا يمكن أن تنسجم أبداً مع الرؤية الغربية، التي تنسف القيم والأخلاق بشكل تام ووصلت إلى ما وصلت إليه من محاولة قنونة الشذوذ والفساد الأخلاقي”.
وتساءل السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بالقول “هل يمكن أن تنسجم أمتنا الإسلامية مع الرؤية الغربية؟ هم وصلوا إلى أسوأ مستوى من الانحطاط، وضرب القيم الإنسانية الفطرية، والقيم الإلهية، والأخلاق النبيلة، كل ذلك منسوفٌ عندهم، وما هم عليه من همجية وطغيان وإجرام تجلَّى في كثيرٍ من الأحيان، وآخرها دعمهم للعدو الصهيوني لارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني”.
وبين أن أمريكا تقدم نفسها على أنها أكبر نموذج لتطبيق الرؤية الغربية الليبرالية.. مضيفاً “نحن نرى أمريكا وماهي عليه من همجية وطغيان وإجرام وظلم، وفساد بكل أشكاله وفي المقدِّمة الفساد الأخلاقي، تستهدف بقية الأمم والشعوب، كما يقدّم العدو الصهيوني نفسه أيضاً نموذجاً آخر، ونحن نرى ما هو عليه من إجرام، وطغيان، وفساد، وظلم، وتوحش”.
وأضاف السيد القائد في ختام الدرس الأول “نحن نرى أنفسنا عبيداً لله لا نعبد إلا إياه، وهذه الرؤية تحررنا من العبودية لغير الله، وبالتالي لا نرى لأحدٍ من البشر الحق في أن يكون هو من يمتلك حق الأمر والنهي المطلق، والتشريع للعباد، لأن هذا هو حقٌ لله رب العالمين”.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: السید عبدالملک بدر الدین الحوثی الرؤیة الغربیة أمیر المؤمنین شهر ذی الحجة قائد الثورة علیه السلام فریضة الحج إلى أن الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
آداب الرجوع من الحج.. الإفتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها مضمونه: "ما هي آداب الرجوع من الحج؟ فوالدي سافر إلى الحج هذا العام، وطلب مني أن أسألكم عن أهم الآداب التي تُراعى لمن هو عائد من الحج.
لترد دار الإفتاء، موضحة: الآداب التي تُراعى للعائد من الحج كثيرة، من أهمها: أن يُعجِّل بالرجوع إلى أهله، والدعاء، وعمل النقيعة، وإخبار أهله بموعد قدومه، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي، ومداومة التعلق بالدار الآخرة، حتى يحافظ على نقائه الذي عاد به من الحج، فيكون حاله بعد الحج أفضل منه قبله.
بيان فضل الحج، وتأثيره على الحاج
حج بيت الله الحرام نفحة ربانية فارقة في حياة المسلم؛ فالإنسان إذا أتمَّ حجه ولم يرفث أو يفسق، رجع من ذنوبه إلى بلاده كيوم ولدته أمه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» متفق عليه. وفي رواية: «خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده".
والناس ينظرون إلى من أتم الله عليه النعمة بأداء هذه الفريضة نظرة إكبار وتبجيل وتوقير؛ لقرب عهده ببيت الله الحرام، ولِمَا لفريضة الحج في نفوسهم من مكانة عظيمة؛ ولذلك ينبغي على الحاج أن يكون على قدر هذه المنزلة، وأن تتغير أخلاقه وتتحسن سلوكياته، فقد رُوي أنَّ مِنْ عَلَامَةِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْءُ بَعْدَ حَجِّهِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَهُ. ذكره الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (4/ 199، ط. دار الكتب العلمية)، كما ينبغي عليه التعلق بالله سبحانه وتعالى، وطلب الدار الآخرة، بملازمة العمل الصالح، فقد قيل للحسن البصري: ما الحج المبرور؟ قال: "أن ترجع زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة" أورده الشجري في "ترتيب الأمالي"، بحيث يُري الله من نفسه خيرًا؛ حتى تظهر عليه أنوار الحج التي تفضل الله تعالى عليه بها في معاملة خالقه جلَّ وعلا وفي معاملة الناس، فإن ذلك مما يحبه الله تعالى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» رواه الترمذي، وأحمد، والبخاري في "التاريخ الكبير".
آداب الرجوع من الحجهناك مجموعةٌ من الآداب التي ينبغي أن يراعيها مَنْ حج البيت المعظم، وهي مأخوذة من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبمراعاتها يَعْظُم أجره، وتحصل له بعد الحج بركته، ومن هذه الآداب:
- أن يتعجل في الرجوع إلى بلده وأهله: فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ حَجَّهُ فَلْيُعَجِّلِ الرِّحْلَةَ إِلَى أَهْلِهِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِهِ» رواه الدارقطني، والبيهقي، والحاكم.
- أن يقرأ دعاء السفر أثناء ركوبه، ولفظه: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَليفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ، وإذا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ، تائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» رواه الإمام مسلم.
- أن يدعو بالدعاء الوارد في خصوص ذلك في السنة المطهرة: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قَفَلَ من غزو أو حج أو عمرة، يُكَبِّرُ على كل شَرَفٍ من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» متفق عليه؛ وذلك تعظيمًا لله ومواظبةً على ذكره وإظهارًا لكلمته، وإنما كان يَخُصُّ بذلك الشرف؛ لأن منه يرى من الأرض ما يقع عليه بصره، فكان يستحب أن يفعل ذلك أول ما يرى من الأرض مما فتحه الله عليه ويستقبله بالتكبير والتعظيم، ولأن ما شُرِعَ فيه الإعلان من الذكر فالأحق به ما علا من الأرض كالأذان والتلبية؛ لأن في ذلك إظهارًا للذكر، وفي تخصيص المطمئن به من الأرض ضرب من التَّسَتُّرِ، كما قال الإمام الباجي في "المنتقى" (3/ 77، ط. مطبعة السعادة).
- أن يُخبر أهله بموعد قُدُومه: قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 514، ط. دار البشائر الإسلامية): [يُستحب إذا قَرُبَ من وطنه أن يبعث قُدَّامَهُ من يخبر أهله؛ كي لا يقْدَم عليهم بغتة؛ فهذا هو السنة] اهـ، ومعلوم أن الإخبار يكون في كل زمان بحسبه.
- أن يدعو بالدعاء المستحب عند الإشراف على بلده ووطنه: فإذا أشرف على بلده فَحَسَن أن يقول: اللهم إني أسألك خيرها، وخير أهلها، وخير ما فيها، واستحب أن يقول: اللهم اجعل لنا بها قرارًا، ورزقًا حسنًا، اللهم ارزقنا جَنَاها، وأعذنا من وبالها، وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا. كما أفاد الإمام النووي في "الإيضاح" (ص: 514).
- أن يجمع الناس على الطعام، كما هو الحال في كل عائد من سفر، ويسمى نقيعة، وعمل النَّقِيعَةِ ودعوة الناس إليها عند قدوم المسافر من حج وغيره هو صنيع مُستحسَنٌ أقرَّه الشرع وجاءت بأصله السنة النبوية المشرفة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ "لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً" أخرجه البخاري، وبوَّب له بـ(باب الطعام عند القدوم). وفيه: استحباب الضيافة والإطعام عند القدوم من السفر... وهو من فعل السلف، كما في "شرح صحيح البخاري" للإمام ابن بطال (5/ 243، ط. مكتبة الرشد).
قال الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (15/ 16، ط. دار إحياء التراث): [وهذا الطعام يسمى النَّقِيعة، بفتح النون وكسر القاف: مشتق من النقع، وهو الغبار؛ لأن المسافر يأتي وعليه غبار السفر] اهـ.
وقال المُلَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/ 2516، ط. دار الفكر) عند شرح حديث جابر رضي الله عنه السابق: [السُّنَّةُ لمن قَدِم من السفر: أن يُضيِّفَ بِقَدْر وُسْعِهِ، ذكره الطيبي، وقال ابن الْمَلَكِ: الضيافة سُنَّةٌ بعد القُدوم] اهـ.
- جلب الهدايا والهبات وما يُدخل به السرور على نفوس الأهل وغيرهم، ويبعث في نفوسهم الشوق إلى زيارة بيت الله الحرام، كالثياب والسواك والمسبحة والطيب وسجادة الصلاة، وغير ذلك.
وفي الجملة: فإن الأنفع للعائد من الحج أن يتخلق بكل أدب يتوافق مع إتمام هذه الشعيرة العظيمة، وبما يحافظ له على البركة التي شملته من خلال الشعائر والمناسك والبقاع الطاهرة.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الآداب التي تُراعى للعائد من الحج كثيرة، من أهمها: أن يُعجِّل بالرجوع إلى أهله، والدعاء، وعمل النقيعة، وإخبار أهله بموعد قدومه، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي، ومداومة التعلق بالدار الآخرة، حتى يحافظ على نقائه الذي عاد به من الحج، فيكون حاله بعد الحج أفضل منه قبله.