يجب أن تكون هناك حكومة وطنية ليست مستقلة عن هيمنة قيادة الجيش وحسب، وإنما (..)
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
باختصار قيادة الجيش التي سمحت بوصول البلد إلى هذه المرحلة، مع التقدير الكامل لكل الجهود والتضحيات، لا تملك الكثير لتقدمه. العقلية التي فشلت في التصدي للمخاطر الوجودية التي تهدد الدولة، والتي ربما عجزت حتى عن استيعابها، لا يمكن أن تكون هي المنقذ من هذه المخاطر.
هناك سوء تقدير وأخطاء قاتلة كثيرة وقعت فيها قيادة الجيش؛ وفي أفضل الأحوال هي دليل على الضعف وعدم الكفاءة.
عليه، لا يمكن أن تستمر هذه القيادة في احتكار القرار والسلطة في البلد في هذه اللحظات الحرجة.
ولذلك، يجب أن تكون هناك حكومة وطنية ليست مستقلة عن هيمنة قيادة الجيش وحسب، وإنما تملك المقدرة اللازمة لتصحيح ومراجعة عمل المؤسسة العسكرية نفسها؛ ففي النهاية هؤلاء العساكر مع احترامنا للتخصص والمهنية ولكنهم ليسوا أفضل من يفهم في السياسة وفي الحرب وفي التخطيط الاستراتيجي والعلاقات الخارجية. نحتاج إلى سلطة وبالذات سلطة من خارج مؤسسة الجيش تملك القدرة على دعم وإسناد الجيش نفسه من موقع المساءلة والتقويم ليقوم بمهامه بالشكل المطلوب.
طبعا لا يمكن أن ننتظر أن تقوم قيادة الجيش من تلقاء نفسها بتنفيذ هذا المطلب. يجب أن يتم الضغط على الجيش عبر المقاومة الشعبية المسلحة. المقاومة الشعبية يجب أن تكون هي الرافعة السياسية للحكومة ومنها تستمد شرعيتها، لا من البرهان.
مهمة الحكومة تتلخص في قيادة المرحلة وتعبئة الشعب وإمكانات الدولة لتحقيق الانتصار في هذه الحرب، والتي ليست مجرد حرب ضد المليشيا بقدر ما هي حرب وجود ضد عدوان خارجي يستهدف كيان الدولة وشعبها.
قيادة الجيش إذا كانت جادة في المعركة فيجب عليها أن تتجاوب مع هذا المطلب، وهو في النهاية مطلب لصالح الجيش طالما أن الهدف واحد في النهاية. ولكن قيادة الجيش قد تكون عاجزة عن إدراك هذه المصلحة. والجيش لن يقوم بتلبية هذا المطلب ما لم تكن هناك مطالبة جادة بذلك.
حليم عباس
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قیادة الجیش أن تکون یجب أن
إقرأ أيضاً:
بتأثير الضربات اليمنية.. نائب الرئيس الأمريكي يعترف بانتهاء هيمنة واشنطن البحرية والجوية
الثورة /
في أعقاب واحدة من أكثر المعارك العسكرية مرارةً في تاريخ البحرية الأمريكية الحديث، والتي شهدت اضطرار الأسطول الأمريكي إلى الانسحاب من البحر الأحمر تحت ضربات الطائرات المسيّرة والصواريخ اليمنية، ألقى نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس خطابًا لافتًا خلال مراسم تخريج دفعة 2025 من ضباط البحرية، مُقرًّا فيه بتحول عميق في طبيعة الحروب، وضرورة إعادة بناء العقيدة العسكرية الأمريكية.
الخطاب الذي نُشر كاملًا على موقع Capital Gazette، جاء كاعتراف ضمني بأن التفوق التقليدي الأمريكي لم يعد كافيًا، إذ قال فانس: «يجب على مشرّعينا وقياداتنا العسكرية على حد سواء أن يتعلموا التكيّف مع عالمٍ تُلحق فيه الطائرات المسيّرة الرخيصة، وصواريخ كروز المتاحة بسهولة، والهجمات الإلكترونية أضرارًا بالغة بأصولنا العسكرية وأفراد خدمتنا».
وأكد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس أن عصر الهيمنة الأمريكية على البحر والجو والفضاء انتهى وعلى الولايات المتحدة وجيشها أن يتكيفا. وأضاف: لقد تدخلنا في اليمن بهدف «دبلوماسي» لا نورط فيه قواتنا في صراع طويل الأمد.
كلمات فانس تعكس صدمة مؤسسات القرار العسكري من نتائج المواجهة في البحر الأحمر، والتي أظهرت أن خصومًا يمتلكون تقنيات منخفضة التكلفة قد ينجحون في كسر هيبة الأساطيل المتقدمة، بل وإجبارها على التراجع.
وأكد نائب الرئيس الأمريكي أن استمرار تمديد مهام حاملات الطائرات له كلفة بشرية جسيمة، مشددًا على أن القوات الأمريكية لم تعد تتحرك في فراغ سياسي، وأن القرارات يجب أن ترتكز على حماية المصالح الحيوية فقط، لا الانخراط في صراعات مفتوحة بلا نهاية. حيث قال فانس: «إدارة ترامب قد تراجعت عن المسار السابق. لا مزيد من المهمات غير المحددة، ولا مزيد من الصراعات المفتوحة. نحن نعود إلى استراتيجية قائمة على الواقعية وحماية مصالحنا الوطنية الأساسية» في إشارة واضحة إلى إعادة تقييم واشنطن لانخراطها العسكري العالمي.»
وفي تعليقه على دروس المعركة الأخيرة، شدد فانس على أن التهديدات لم تعد تنحصر في الأسلحة الثقيلة أو الجيوش النظامية، بل تمتد إلى «الطيف، والمدار الأرضي المنخفض، وسلاسل التوريد، والبنية التحتية للاتصالات»، حيث أصبحت التكنولوجيا أداة فعالة في إرباك الجيوش المتقدمة.
وفي خطوة تهدف لتجاوز إخفاقات الماضي، كشف نائب الرئيس عن توجه جديد في وزارة الدفاع الأمريكية قائلا «نحن لا نستثمر فقط في الأسلحة المتطورة مثل تلك الأسرع من الصوت، بل نركز أيضًا على التقنيات منخفضة الكلفة وعالية التأثير، مثل المسيّرات، التي قلبت ساحة المعركة رأسًا على عقب».
رسالة فانس، التي جاءت في لحظة مراجعة استراتيجية، توحي بأن المؤسسة العسكرية الأمريكية بدأت تدرك حجم التحول في موازين القوة، وأن زمن الحروب الباهظة والطويلة قد ولى، لتحل محله حقبة الحروب الذكية، متعددة الأبعاد، ومنخفضة الكلفة – ولكن عالية التأثير.