الترابط والتشابك مع دول العالم.. عنوان المرحلة المقبلة
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
د. يوسف بن حمد البلوشي
يَمُرُ العالم بتحوُّلات جوهرية مُتسارعة على كافة الأصعدة، مدفوعة بمزيج من الأزمات الجيوسياسية، والنزاعات الدولية، والتغيُّرات المناخية الحادة، والتطور التكنولوجي غير المسبوق، وفي خضم هذه التحديات العالمية المُتشابِكة، أضحى تعزيز الترابط الدولي وإقامة الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية وتكثيف التعاون والاندماج على الصعيد العالمي (Connectivity) ركيزةً أساسيةً لا غنى عنها، من أجل تحقيق الرؤى الوطنية والاقتصادية الطموحة.
ولا شك أن سلطنة عُمان يُمكنها تعظيم الاستفادة من العلاقات الدولية المتميزة والمزايا النسبية التي تتمتع بها، ومكانتها الرفيعة بين الأمم، مدعومةً بتاريخها العريق وقيمها الإنسانية، وهنا نُشير إلى أننا نمتلكُ مَكمنَ قوةٍ ومفردات مُهمة في هذا الشأن، يتعين توظيفها بشكل مناسب؛ الأمر الذي يتطلب تحولًا جوهريًا في إدارة هذا الملف بما يتوافق مع نظرتنا إلى العالم ونظرة العالم إلينا.
هذا التوجه الاستراتيجي يؤدي دورًا محوريًا في تحقيق الأهداف التنموية الشاملة، وجني المكاسب الاقتصادية المُستدامة، وتسهيل نقل التكنولوجيا والمعرفة، وتعزيز المشاركة الفعّالة في سلاسل القيمة العالمية، فضلًا عن تقوية القدرة على مواجهة التحديات المعاصرة بكفاءة وفعالية. وتبرز هذه الحاجة المُلِّحة بشكل خاص للدول التي تَمُر بمرحلة تحول هيكلي حاسمة في اقتصاداتها، كدول مجلس التعاون الخليجي ومن بينها سلطنة عُمان، والتي تسعى جاهدة إلى تنويع قواعدها الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على القطاع النفطي كمحركٍ رئيسيٍ للنمو، خاصةً في ظل التحديات الهيكلية التي تواجهها، والمتمثلة في محدودية حجم أسواقها المحلية والحاجة الماسّة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المُباشرة وتوطين التقنيات المتقدمة.
وعليه.. يغدو من الضروري لهذه الدول تكثيف جهودها لبناء جسور التواصل الاستراتيجي مع الاقتصادات العالمية الرائدة، وتعزيز الروابط والشبكات الاقتصادية الدولية، وتطوير استراتيجيات مُتكاملة للاندماج الفعّال والمُثمِر في الاقتصاد العالمي؛ مما يُمهِّد الطريق لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز المرونة الاقتصادية في مواجهة التحديات العالمية المتغيرة، وكذلك يضمن لها موقعًا مُتقدمًا في الاقتصاد العالمي. وهنا نؤكد أن وضع مقومات بناء جسور التواصل والارتباط موضع التنفيذ، يُمَثِّل المبتغى من إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية وتشييد بنية أساسية مُتقدمة لقطاع اللوجستيات بمختلف أنماطه، وتوافر موارد طبيعية، ووجود موقع جغرافي مُتمَيِّز، وكل ذلك مُرتبطٌ بتحقيقِ مكاسب ومنافع اقتصادية نحن في أَمَسِّ الحاجة إليها.
وفي سياق التنمية المُستدامة العالمية، يبرُز الهدف السابع عشر (من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة) كركيزةٍ أساسية، مؤكدًا الأهمية الاستراتيجية للشَرَاكات والتعاون الدولي كعامل حاسم في تحقيق الأجندة التنموية الشاملة. وهذا النهج يستلزمُ إنشاء شبكة مُتعددة المستويات من الشَرَاكات الإقليمية والعالمية، والتي تستندُ إلى منظومة قِيَمِيَّة راسخة، ورؤية استراتيجية مُوحَّدة، تضع الرفاهية الإنسانية في صميم عملية التنمية. ويتجاوزُ مفهومُ التعاون والاندماج الدولي والعلاقات الاستراتيجية، الأطرَ التقليديةَ للتنسيق؛ ليعكس مستوى متقدمًا من التكامل والتآزر في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية، بحيث تعمل وفق إطار استراتيجي مُحكم وخطة عمل مُفصَّلة ومُتَفَق عليها من جميع الأطراف. وتهدفُ هذه الشراكات الاستراتيجية إلى صياغة آليات وتفاهمات مُتقدمة في مجال الاستثمار، وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي المستدام، وتحقيق عوائد مالية مُستدامة، ومُعالجة الفجوات في نماذج التنمية المحلية من خلال الاستفادة من اقتصاديات الحجم، ونقل وتوطين التكنولوجيا المتقدمة، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات. ويُشَكِّل هذا النهج الشمولي حجرَ الأساس في تسريع وتيرة التنمية المستدامة، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، وضمان مرونته في مواجهة التحديات العالمية المُتسارعة؛ مِمَّا يُمكِّن من إحداث تحوُّلات نوعية في مساراتها التنموية، والاندماج الفعّال في الاقتصاد العالمي، مع الحفاظ على هويتها الوطنية وأولوياتها الاستراتيجية، وضمان استدامة نموها في ظل البيئة الاقتصادية والجيوسياسية المُعقَّدة والمُتغيِّرة.
إنَّ تحليل الوضع الاقتصادي لسلطنة عُمان يكشفُ عن ضرورةٍ مُلحَّةٍ لتعزيز التكامل مع الاقتصادات الإقليمية والعالمية، وتنويع الروابط الاقتصادية، والاستفادة من الفرص المُتاحة لتقوية بُنية الاقتصاد العُماني؛ فالبيانات الإحصائية الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2022، تُظهِر تركُّزًا عاليًا في مختلف القطاعات الاقتصادية؛ مما يشكل تحديًا جوهريًا للاستدامة والنمو طويل الأجل. فعلى صعيد التجارة الخارجية، يتجلّى هذا التركز في استحواذ دولة الإمارات العربية المتحدة على نحو 30% من إجمالي الواردات السلعية، بينما تُهيمِن صادرات النفط والغاز على هيكل الصادرات، مع تركُّز جغرافي كبير يتمثل في استحواذِ الصين على أكثر من 90% من إجمالي الصادرات النفطية. وفي مجال الاستثمار الأجنبي المُباشر، يبرُز تركُّزٌ قطاعيٌ وجغرافيٌ ملحوظٌ؛ حيث يستأثرُ قطاع النفط بأكثر من 70% من إجمالي التدفقات، في حين تستحوذ 3 دول (المملكة المتحدة، الإمارات، الولايات المتحدة الأمريكية) على حوالي 80% من مُجمَل التدفُّقات الاستثمارية. أما في سوق العمل، فيظهر اختلالٌ هيكلي آخر يتمثل في هيمنة 3 جنسيات (بنجلادش، الهند، باكستان) على نحو 85% من إجمالي القوى العاملة الوافدة، مع تركُّز أكثر من 80% من هذه الفئة في مُستويات تعليمية مُتدنية (حملة الدبلوم وما دون).
ولمُعالجة هذه الاختلالات الهيكلية المختلفة، نقترح تبنِّي استراتيجية شاملة ومتكاملة تقوم على إنشاء حزمة من التحالفات الاستراتيجية مُتعددة الأطراف. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تنويع الشركاء التجاريين وتوسيع قاعدة الصادرات، وجذب استثمارات نوعية في قطاعات غير نفطية ذات قيمة مُضافة عالية، مع التركيز على تطوير رأس المال البشري الوطني، وتعزيز نقل التكنولوجيا والمعرفة، وتحسين بيئة الأعمال لتحفيز الابتكار وريادة الأعمال المحلية.
وتنفيذ هذه الاستراتيجية الشاملة من شأنه تمكين السلطنة من تحقيق أهدافها التنموية وتعزيز مرونة اقتصادها في مواجهة التقلبات العالمية، مع ضمان نمو مستدام وشامل على المدى الطويل، وبناء اقتصاد متنوع وقادر على التكيف مع التحديات المستقبلية.
وفي خضمّ التغيُّرات الجيوسياسية والجيواقتصادية المُتسارعة، فإنَّ أمام سلطنة عُمان فرصة استثنائية لإعادة رسم خريطتها الاقتصادية وتحقيق أهدافها التنموية الطموحة، وذلك من خلال تنفيذ تحول استراتيجي شامل على مختلف المستويات، تستطيع من خلاله تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي على الساحة الاقتصادية الدولية، على أن يتضمن هذا التحوُّل توثيق الروابط وزيادة التشابك مع دول العالم المختلفة؛ لتعزيز مسار التنويع الاقتصادي وتوسيع آفاقه. وتتمثل هذه الخطوة في الاستفادة والبناء على التقدُّم الذي تحقَّقَ خلال العقود الماضية في قطاعات البنية الأساسية المتاحة والموارد البشرية والطبيعية الغنية والعلاقات الدولية المتميزة. وتمتلك السلطنة قوة ناعمة تُمكِّنُها من استغلال هذه العلاقات بشكل فعّال والدخول في شراكات استراتيجية متميزة لتعزيز فرص النمو وتحقيق رؤيتها الوطنية "عُمان 2040"؛ حيث إن التعاون الاقتصادي مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية يمثل أحد التوجهات الاستراتيجية الرئيسية لتعزيز مكانة عُمان الاقتصادية العالمية. ويساهم هذا التعاون في فتح أسواق جديدة لمنتجاتها وخدماتها، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ونقل المعرفة والتكنولوجيا، وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي والدولي.
وختامًا.. نؤكدُ أنَّ رحلة التنمية ليست سهلة، لكنّها مُمكِنة، من خلال تضافُر الجهود والتخطيط السليم والتنفيذ الأمين والمشاركة الفاعلة من جميع أطياف المجتمع، وبناء علاقات استراتيجية مُتوازنة مع مختلف دول العالم، وخاصةً تلك الرائدة في مجال العمل التنموي والتي تحتاجها السلطنة لتحريك مفاصل التنمية، وليس ذلك قاصرًا على الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين والهند وروسيا؛ بل يشمل أيضًا دول الجوار، وعلى رأسها الأشقاء في دول الخليج العربي واليمن وإيران. ونجاح هذه المساعي مرهونٌ بالمشاركة الفاعلة لشركات القطاع الخاص؛ باعتبارها الجسور الحقيقية للتواصل والتعاون في ميادين التجارة والاستثمار والتصنيع. وهنا لابُد من الإشارة الى الجهود الكبيرة المبذولة من الجميع، لكن يبدو أننا مع تسارع الأحداث وتعاظم التحديات، أصبحنا بحاجة إلى فكرٍ وفلسفةٍ جديدين؛ لضمان تحوُّلات نوعية في إدارة ملفات التواصل والترابط بين سلطنة عُمان ودول العالم بمختلف الأنماط والأدوات والوسائل البرية والجوية والبحرية، ويجب أن لا نغفُل الأدوار المُهمة للسفارات والموانئ والمطارات وخطوط الطيران التي تحتاج الى المزيد من التحفيز والاستيعاب للمفاهيم الجديدة والحديثة للشَرَاكات الاستراتيجية وتدفقات الاستثمار الأجنبي والتبادل التجاري ونقل التكنولوجيا والمصالح الاقتصادية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الجنيه المصري ينتعش أمام الدولار.. هل انتهت الأزمة الاقتصادية؟
القاهرة– عكس الجنيه المصري مساره الهبوطي وصعد أمام الدولار، بعد أن بلغ أدنى مستوياته في مطلع أبريل/نيسان الماضي عند 51.6 جنيها للدولار، وهو أدنى سعر يسجله منذ آخر تحرير لسعر الصرف في مارس/آذار الماضي، حين اقترب من 50 جنيها.
وبدأ الجنيه المصري في التعافي منذ منتصف أبريل/نيسان، إلا أنه تعرض لضغوط جديدة مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل والضربات الأميركية، مما أدى إلى تراجعه وفقدانه مكاسبه. ومع ذلك، أعاد إعلان وقف التصعيد للجنيه بعض تماسكه أمام الدولار.
وبدأت سلسلة صعود الجنيه منذ الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران الماضي، ليواصل تعافيه حتى اليوم، مسجلا أعلى مستوياته أمام الدولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024، قرب 48.6 جنيها للدولار.
وبينما يُنظر إلى هذا التحسن كعلامة إيجابية، يتساءل مراقبون: هل يعكس هذا الصعود واقعا اقتصاديا مستداما مدعوما بأسس قوية؟ أم أنه مجرد تعاف مؤقت تدفعه أدوات مالية قصيرة الأجل وسياسات غير قابلة للاستمرار، مما يترك مستقبل استقرار العملة المصرية رهن التطورات الجيوسياسية؟
هل انعكس تحسن الجنيه على الأسعار؟هل ينعكس هذا التحسن فعليا على حياة المواطنين من خلال خفض أسعار السلع والخدمات؟ هذا التساؤل بدا حاضرا أيضا في حديث رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذي أشار إلى أن الأزمة الاقتصادية التي واجهتها الدولة المصرية في الفترة الماضية "تم تجاوزها"، مؤكدا أن مؤشرات أداء الاقتصاد كلها جيدة، إلا أن أسعار السلع لا تتناسب مع هذا التحسن.
وأضاف مدبولي، خلال اجتماع لمتابعة جهود خفض الأسعار المختلفة مع التجار والمصنّعين: "يتعين أن نوفر الأسباب التي تدفع نحو مسار نزولي للأسعار، فكما زادت الأسعار في فترات سابقة نظرا لتحديات واجهناها، يجب أن تنخفض الآن".
إعلانوشدد رئيس الوزراء المصري على أن المواطن لن يشعر بأي تحسن حقيقي في مؤشرات الاقتصاد إلا من خلال عنصر واحد فقط، وهو انخفاض الأسعار بشكل ملموس ومستدام، دون أن تعود للارتفاع مجددا.
وأوضح أن تسعير الدولار وقت الأزمة الاقتصادية كان يتم على أساس سعر السوق السوداء، كما أن المصانع لم تكن قادرة على العمل بكامل طاقتها بسبب نقص المعروض وندرة المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وهي تحديات تمكنت الدولة من التغلب عليها.
وأشار مدبولي إلى أن هناك اجتماعا آخر مرتقبا مع اتحاد الغرف التجارية لإعادة النظر في الأسعار وتخفيضها في مختلف القطاعات.
ارتفاع أم تحسنوعلق الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة أحد البنوك الخاصة، محمد عبد العال، على تحسن أداء الجنيه المصري أمام الدولار بالقول إن "هناك عوامل عدة وراء هذا التحسن" ولكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا يعني عودة الزمن إلى الخلف، أو أنه يدل على استمرار الارتفاع أمام الدولار، مشيرا إلى أن هذا التحسن سيظل مرهونا بعوامل داخلية وخارجية.
واستعرض في حديثه للجزيرة نت أسباب تحسن الجنيه المصري أمام الدولار كالتالي:
ضعف الدولار عالميا ودخوله مرحلة عدم اليقين منذ تولي ترامب الرئاسة بسبب حروب الرسوم الجمركية. تحسن مصادر النقد الأجنبي، مثل ارتفاع عوائد السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وزيادة الاحتياطي النقدي. التحسن في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من دول مثل قطر والسعودية وتحرك ملف برنامج الطروحات. ارتفاع شهية المستثمرين تجاه أدوات الدين الحكومي (سندات، أذون خزانة) وتحقيق عوائد مرتفعة تصل إلى أكثر من 27.5%.بحسب الخبير المصرفي، تُبعد هذه العوامل شبح فجوات النقد الأجنبي على المدى القصير، وتبقى النقطة الأساسية أن التضخم، رغم تراجعه إلى نحو 15%، فإن البنك المركزي لا يزال يثبت الفائدة المرتفعة عند 25% لضمان جاذبية أدوات الدين.
وبخصوص مستقبل الجنيه، يرى عبد العال أن متوسط سعر الصرف يدور حول 49.75 جنيها للدولار، وقد يتحرك جنيها صعودا أو هبوطا بنطاق محدود، لكن من غير المتوقع حدوث تقلبات حادة سواء بالانخفاض أو الارتفاع.
وبشأن انعكاس هذا التحسن على المواطنين وخفض الأسعار، خاصة أن مصر مستورد صافٍ للعديد من السلع الأساسية والأولية، أوضح عبد العال أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، بالإضافة إلى التنسيق والضغط مع الحكومة.
ولفت إلى أن العقود التجارية -ومعظمها آجلة- يجب أن تأخذ دورتها الكاملة من التعاقد حتى الاستيراد، لكن النتائج الإيجابية ستبدأ في الظهور تدريجيا مع استقرار سعر الصرف وتوافر الدولار.
الجنيه لم يخرج من دائرة الضغوطويتفق وائل جمال، رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة مستقلة)، مع الخبير المصرفي عبد العال بشأن الأسباب التي ساهمت في صعود الجنيه المصري أمام الدولار.
وأشار إلى:
تراجع قيمة العملة الأميركية عالميا. زيادة تحويلات المصريين بالخارج. ارتفاع عائدات السياحة. إلى جانب تدفق الاستثمارات على أدوات الدين الحكومية، مما وفر سيولة دولارية ساعدت على تحسن الجنيه. إعلانبيد أن جمال حذر، في تصريحات للجزيرة نت، من أن هذا التحسن في سعر الصرف "غير قابل للاستمرار على المدى الطويل"، موضحا أن الحكومة تواجه التزامات مالية ضخمة في المرحلة المقبلة، سواء على صعيد سداد أقساط وفوائد الديون أو تمويل برامج الدعم والإنفاق العام، وهو ما قد يعيد الضغط على احتياطي النقد الأجنبي ويهدد استقرار الجنيه مستقبلا.
ويرى جمال أنه طالما يستمر الدين العام في التصاعد، وترتفع معه تكلفة خدمته، بينما لا تنمو مصادر النقد الأجنبي بالمعدل ذاته، فإن الجنيه سيظل عُرضة للتقلب بين فترات من التحسن والضغط.
وأكد أن الوضع يتطلب خفض مستويات الدين العام إلى نطاق آمن، خاصة في ظل المخاطر الناتجة عن التوترات الجيوسياسية، والتي تُعد من العوامل الخارجية المؤثرة على استقرار العملة.
أما بشأن تصريحات رئيس الوزراء حول انتهاء الأزمة الاقتصادية، فقد أعرب جمال عن تحفظه، متسائلا: "لا أعرف أي أزمة يقصد بأنها انتهت. ربما يتحدث عن أزمة نقص الدولار، لكنها أزمة تظهر وتختفي دون حلول جذرية، فقد شهدنا تكرارا لها أكثر من مرة في السنوات الأخيرة".
واستبعد جمال حدوث انخفاض ملحوظ في الأسعار، رغم تحسن الجنيه، موضحا أن الأسعار تميل دائما إلى الارتفاع سريعا مع صعود الدولار، لكنها لا تتراجع بالحدة نفسها عند انخفاضه.
وعزا ذلك إلى غياب المنافسة ووجود درجة من الاحتكار، إذ إن شريحة من كبار المستوردين والتجار والمصنّعين يهيمنون على السوق.