مناقشة "مخاطر الفيضانات واستراتيجيات التقليل منها" في ندوة بمركز أبحاث المياه
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
مسقط- الرؤية
نظم مركز أبحاث المياه بالتعاون مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ومعهد بحوث الوقاية من الكوارث في جامعة كيوتو- اليابان والجمعية العمانية للمياه، ندوة بعنوان "مخاطر الفيضانات واستراتيجيات التقليل منها: دراسات من عمان واليابان" يوم الإثنين الموافق العاشر من يونيو2024 بجامعة السلطان قابوس.
وتحدث الدكتور علي بن خميس المكتومي مدير مركز أبحاث المياه في مستهل الافتتاح عن أهمية السدود في تعزيز مصادر المياه في المناطق الجافة، وكذلك الحد من مخاطر الفيضانات والتخزين السطحي في بعض المناطق. وأشار الدكتور الى أن حوادث انهيارات السدود حول العالم في الفترة الأخيرة تستوجب منا إعادة تقييم استراتيجيات بناء السدود وتصاميمها وادارتها لرفع كفاءتها وتعزيز صمودها امام التغيرات المناخية التي نشهدها في السنوات الأخيرة.
وتضمنت الورشة عدة أوراق عمل أولها قدمها البروفيسور سامح كنتوش من معهد بحوث الوقاية من الكوارث في جامعة كيوتو اليابانية التي ناقشت موضوع: آثار التغيرات المناخية والرواسب على سلامة السدود: نظرة على انهيارات السدود الأخيره في اليابان وليبيا وتركيا وغيرها من المناطق حيث يقوم المعهد الياباني بالعديد من الدراسات على المستوى الدولي في المناطق المتضررة. كما أشار البروفيسور الى أهمية دراسة أنماط تشكل العواصف وتتبعها ودراسة تاريخها من خلال صور الأقمار الصناعية والأدوات العلمية الأخرى لتوقع أنماط حدوثها في المستقبل مما سوف يسهم في الحد من مخاطرها. كما سلط الضوء على السدود وأهمية وضع خطة طويلة الأمد لصيانتها وإدارة الرواسب وتصريف المياه بشكل فاعل بالتعاون مع كافة الجهات الحكومية والأهلية، كما أكد على ضرورة وضع نظام تحذير للطوارئ مبني على نظم محاكاة دقيقة للحد من مخاطر فشل السدود والفيضانات.
واستعرض الدكتور أحمد حديدي من الجامعة الألمانية للتكنولوجيا ورقة عمل بعنوان: دراسة الفيضانات في عمان بواسطة تقنيات نظام الاستشعار عن بعد، كما تكلم المهندس خالد الهاشمي من جامعة السلطان قابوس كلية الزراعة والعلوم البحرية عن تأثير السدود على النظم الايكولوجية "النباتات والأشجار" من خلال دراسة نمط توزيع الرواسب في المناطق الفيضية: دراسة حالة وادي المعاول عمان. حيث أظهرت دراسته أن السد له تأثير كبير على حركة الرواسب من المنبع الى المصب حيث تحتجز الرواسب خلف السد فتقل كمية الرواسب التي تصل الى المصب مما يؤثر بشكل مباشر على مجتمع النباتات من حيث الأصناف والكثافة وتوزيعها في المنبع المصب.
وتناول الدكتور راشد العبري من الجمعية العمانية للمياه موضوع واقع ومستقبل السدود الأهلية في عمان، حيث أشار الدكتور الى الجهود الكبيرة للأهالي في بناء سدود التغذية والتخزين في مختلف مناطق السلطنة كأحد الحلول لندرة المياه. وأكد الدكتور على أهمية الاشراف المستمر ومتابعته الجهات المعنية لـ السدود الاهلية وتوفير الموارد اللازمة لصيانتها الدورية.
وفي ختام الورشة، قدم الدكتور محمود المعمري من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ورقة عمل بعنوان: تقييم الفيضانات والرواسب للأنواء المناخية المتطرفة في عمان التي ناقشت تأثير تراكم الرواسب على السدود في مختلف مناطق السلطنة وطرق قياس ومحاكاة الانواء المناخية للتنبؤ بكمية الرواسب في الوديان والسدود في الأوضاع الطبيعية وفي الأنواء المناخية الاستثنائية. كما أضاف الدكتور أنه يمكن من خلال المحاكاة الرقمية ودراسة حركة الرواسب توفير معلومات قيمة لتحديد أفضل الأماكن لإقامة السدود وإدارتها ووضع أنظمة فاعلة لإدارة الرواسب.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“جنون البقر الأكاديمي”: حين يتحول الباحث إلى ماكينة إنتاج والأكاديمي إلى نجم استعراض
#سواليف
” #جنون_البقر_الأكاديمي “: حين يتحول الباحث إلى #ماكينة_إنتاج و #الأكاديمي إلى #نجم_استعراض
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد بني سلامة
على هامش تصريحات معالي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الدكتور عزمي محافظة حول النزاهة الأكاديمية، وما أثارته من ضجيج لا يخلو من الانفعال، وجدت من واجبي، كأستاذ أمضى أكثر من عشرين عامًا في ميدان البحث الجامعي، أن أضع تجربتي أمامكم. لا لتزيين الذات، بل للتأشير على واقع بات يبعث على القلق والاشمئزاز في آن معًا.
لقد أنجزت، منفردًا ومشتركًا مع زملاء في جامعات أردنية وعربية وعالمية، نحو 80 عملاً علميًا من أبحاث، ومشاركات في فصول كتب، وأوراق علمية قُدّمت في مؤتمرات من الصين واليابان ,مرورا بأوروبا إلى أمريكا. وعلى مدار أكثر من عقدين، كان معدل إنتاجي أربعة أبحاث في العام. رقم متواضع بلغة التضخم الأكاديمي المنتشر، لكنه حقيقي، صادق، نابع من جهد علمي استغرق في بعض الأحيان عامًا كاملًا من القراءة والتحليل والمراجعة والتعديلات والرفض والقبول.
مقالات ذات صلةبل إن أبحاثًا لي قُبلت في مجلات علمية مرموقة ومصنفة ضمن الفئة الأولى عالميًا Q1، ينشر فيها أساتذة من طراز نادر في العلوم السياسية والاجتماعية، لكنني لم أتمكن من نشرها. لماذا؟ لأن رسوم النشر تجاوزت في بعض الحالات ثلاثة آلاف دينار أردني، في حين أن تعليمات حوافز النشر العلمي في جامعتي لا تغطي سوى 300 دينار فقط، بغض النظر عن تصنيف المجلة أو أهميتها العلمية. سواء نشرت في مجلة تابعة لأعرق الجامعات العالمية، أو مجلة صادرة عن جامعة لا نعرف موقعها على الخارطة وتصنيفها العالمي في المرتبة الثلاثين ألف… المعاملة واحدة. طلبنا من إدارة الجامعة مرارًا وتكرارًا إعادة النظر في هذه السياسة العقيمة، فكانت الإجابة الدائمة: لا رد. لأن البحث العلمي، ببساطة، ليس أولوية.
وسط هذا، فوجئت – كما فوجئ غيري – بتضخم مخيف في عدد أبحاث بعض اعضاء هيئة التدريس في بعض تدالجامعات الاردنية التي ظهرت باللون الاحمر في مؤشر النزاهة الاكاديمية ، يصل إلى حدود الكوميديا السوداء. كيف يمكن لإنسان طبيعي أن ينشر مئتي أو ثلاثمئة بحث في عام واحد؟ أي بمعدل بحث يومي تقريبًا! حتى لو افترضنا أنه لا يأكل ولا ينام ولا يمشي ولا يتنفس إلا على إيقاع لوحة المفاتيح… فكيف يستطيع أن يكتب بحثًا حقيقيًا، بمعاييره المنهجية السليمة، يوميًا؟ الحقيقة الوحيدة أن هذا لا يمكن تفسيره إلا بأحد أمرين: إما أننا أمام عباقرة لا مثيل لهم على سطح الأرض، أو أمام واحدة من أخطر الفضائح الأكاديمية في التاريخ.
البحث العلمي الحقيقي يحتاج وقتًا، وشغفًا، وتفرغًا، وبيئة حاضنة. أما ما نشهده اليوم في بعض المؤسسات فهو جنون أكاديمي جماعي. انفجار في عدد الأبحاث، واستشهادات وهمية تصل الى الالاف خلال عام واحد ، وأسماء تضاف لمجرد الدفع أو المجاملة أو المقايضة. أصبحنا أمام منظومة تشبه تمامًا ما كان يحدث في العصور العباسية حين تفشّى الكذب على لسان وضّاعين نسبوا الأحاديث زورًا إلى النبي ﷺ، حتى أن الأمة احتاجت إلى علم الجرح والتعديل لتمييز الكاذب من الصادق. واليوم، نحن بأمسّ الحاجة إلى “جرح وتعديل أكاديمي” لتخليص البحث العلمي من الوباء الذي أصابه.
تصريحات الوزير، التي أثارت كل هذه الضجة، لم تكن إلا دعوة للاستفاقة. لم تكن طعنًا في المؤسسة الأكاديمية كما يروّج البعض، ولا إساءة لسمعة جامعاتنا ، بل طعنًا في الفساد المتغلغل داخلها. هناك من تضرر من هذه الصراحة، لأن مكاشفة كهذه تهدد امتيازاتهم، وتكشف زيف مجدهم المصنوع من ورق. لذلك كان الرد هستيريًا، عدائيًا، فاقدًا لأي مضمون علمي.
هل حقًا نريد جامعات تنهض، أم نريد أن نستمر في خداع الذات؟ هل نريد إصلاحًا حقيقيًا، أم نكتفي بكم هائل من أبحاث خالية من الروح، يقال عنها إنها من “الدرجة الأولى” لمجرد أنها نُشرت في مجلة تفرض رسومًا ضخمة؟ وهل معيار التفوق العلمي هو قدرة الباحث على دفع المال، لا على إنتاج المعرفة؟
إننا نعيش عصر “البحث للتفاخر”، لا “البحث للتفكر”. عصر الـ H-index الذي صار مقياسًا للوجود الأكاديمي، حتى لو كانت تلك الأرقام تقف على أكتاف أبحاث مسروقة، أو منفوخة، أو مكررة بلا حياء.
ما قاله الوزير يجب أن يُستقبل بالحوار، لا بالصراخ. بالنقاش العميق، لا بالتخوين. وإذا أردنا إصلاح منظومة التعليم العالي فعلًا، فالبداية تكون من الاعتراف بأن جزءًا كبيرًا من ما يُنشر اليوم لا يستحق الورق الذي طُبع عليه.
كفانا خداعًا للذات. وكفانا اعتبار الأكاذيب العلمية بطولة. آن الأوان أن نعيد للبحث العلمي قدسيته. ليس لأنه مهنة شريفة فقط، بل لأنه مستقبل وطن، وكرامة جيل، ومرآة أمة.
والله من وراء القصد .