دخلت تاريخ النضال الوطني الفلسطيني من عدة أبواب أهمها أنها شهدت أول عملية عسكرية للفدائيين والتي عرفت باسم "نفق عيلبون".

وعيلبون قرية فلسطينية في منطقة الجليل الأدنى الشرقي، غربي بحيرة طبريا وشمال غربي مدينة طبريا، ترتفع حوالي 200 م عن مستوى سطح البحر، مساحة أراضيها 14712 دونم، وتبلغ مساحتها المبنية اليوم حوالي 4888 دونم.



تحيط بها عدة قرى وبلدات فلسطينية حالية ومهجرة، هي: قرية المعار، خربة الوعرة السوداء، قرية حطين، قرية نمرين، قرية البعينة، وبلدة دير حنا .

وتشير الدلائل التاريخية إلى أن عمر القرية يعود لحوالي 200 عام قبل الميلاد، ويبدو أن القرية هجرت فترة من الزمن وأعيد إعمارها على يد عائلات فلسطينية قدمت من قرى: سخنين، عرابة، دير حنا، والمغار، وذلك بدايات القرن السابع عشر الميلادي.

وأقدم الوثائق التي ذكرت قرية عيلبون هي وثائق من العهد الروماني ظهر فيها اسم القرية بدون حرف النون عيلبو. كما عرفت في زمن الكنعانيين باسم إيلانو وكانت قرية يسكنها رعاة الأغنام والمواشي.

ويذكر المؤرخ مصطفى الدباغ فيما وثّقه عن قرية عيلبون أنه يوجد في جوار موقع القرية الحالي عدة خرب أثرية تحيط بها، وتحتوي على آثار، وأنقاض، وصهاريج وأكوام حجارة لمنازل قديمة مدمرة، ومدافن منقورة في الصخر، ومعاصر منحوتة في الصخر.

كما يوجد في عيلبون عدد عام من المعالم والأبنية الإدارية والخدمية والتعليمية من بينها كنيسة للروم الكاثوليك التي بنيت عام 1879بمساعي الأب بولس أشقر، فيما بنيت كنسية أخرى لطائفة الروم الأرثوذكس عام 1928 بمساعي الأب إلياس زريق.

وفيما يتعلق بالسكان ففي إحصائيات تعود لعام 1922 قدر عدد سكان عيلبون بنحو 319 نسمة، ارتفع في عام 1931 إلى حوالي 404 نسمة، جميعهم من العرب المسيحيين، إضافة لبعض العائلات المسلمة، وأصبح في عام 1945 نحو 550 نسمة، وبعد تهجير معظم سكان القرية على خلفية المجزرة قدرت سلطات الاحتلال عدد سكان القرية الباقين فيها بنحو 93 نسمة فقط.

وشهد عام 1949 زيادة في عدد سكان عيلبون إلى 675 نسمة، وذلك بعد أن عاد أهالي القرية المهجرين عنها إضافة لبعض سكان القرى المهجرة المجاورة لها. وفي عام 2002 بلغ عدد سكان عيلبون حوالي 4040 نسمة، وفي عام 2007 وصل إلى 4374 نسمة، ويزيد عدد سكانها حاليا عن 5 آلاف نسمة.

ومع بدء العمليات العسكرية في حرب عام 1948، دخلت قوات غولاني، في سياق عملية "حيرام" التي كان هدفها احتلال منطقة الجليل والسيطرة عليها، أراضي قرية عيلبون في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1948، وعلى الرغم من تناقل الأخبار على قرب العصابات الصهيونية من أراضي عيلبون بعد أن ارتبكت في اليوم السابق مجزرة أزهقت أرواح العشرات من عشيرة المواسي التي تقع مضاربها على مقربة من أراضي عيلبون، لم يغادر أهالي عيلبون قريتهم، وتجمعوا في كنيسة القرية، ورفعوا الأعلام البيضاء، ومع ذلك شنت العصابات الصهيونية هجوما وحشيا فأعدموا 15 شابا من أبناء عيلبون، وطرد باقي أهالي القرية باتجاه الأراضي اللبنانية.


                              نصب إحياء ذكرى مجزرة عيلبون في الداخل المحتل.

وأنتج فيلم وثائقيا روى وقائع المجزرة المروعة التي نفذتها المنظمات الصهيونية في قرية عيلبون، وقد عرض للمرة الأولى عام 2010 بعنوان "أبناء عيلبون" من إخراج هشام زريق، وهو فيلم وثائقي يتضمن شهادات يرويها شهود عيان نجوا من المذبحة التي وقعت قبيل ترحيل القرية.

وكان للقرية فيما بعد دور هام في تاريخ حركة فتح والثورة الفلسطينية، وشهدت القرية انطلاقة أول علمية للثورة، تزامنا مع فترة التحضير لإعلان تأسيس قوات العاصفة الجناح العسكري لحركة فتح، فكانت عملية تفجير "نفق عيلبون" لإفشال مخطط إسرائيلي لسرقة مياه نهر الأردن، الانطلاقة الرسمية لحركة فتح والتي اعتبرت إعلان رسمي للثورة الفلسطينية مطلع عام 1965.

وعيلبون اليوم قرية عربية من قرى الداخل الفلسطيني المحتل، إداريا تتبع للمنطقة الشمالية وفقا للتقسيم الإداري المعتمد من قبل كيان الاحتلال، سكانها جميعهم من العرب المسيحيين والمسلمين، وفيها عدد هام من المراكز الثقافية والعلمية والخدمية.

تتوسط القرية القديمة ساحة كبيرة بمساحة ما يقارب 150 متر مربع، تسمى الحارة، وكانت تتم فيها لقاءات رجال القرية صباح الأحد قبل توجههم للكنيسة، وتستخدم لحفلات الأعراس، وبعد النكبة أطلق على الساحة اسم ساحة الشهداء تخليدا لذكرى شهداء عيلبون.


                                           بؤرة استيطانية قرب “عيلبون”.

ولا تخلو قرية أو بلدة فلسطينية من أطماع الاحتلال ففي تموز /يوليو الماضي صادقت حكومة الاحتلال على إقامة مستوطنة "رامات أربيل" على أراض عيلبون، وقد استولى عليها المستوطنون من "شبيبة التلال" عام 2007، إلا أن حكومة الاحتلال في حينه لم توافق على بقاء المستوطنين فيها وأخلت بعض المباني الكرفانات وأبقت على مبنيين اثنين فقط.

وتكرر في الآونة الأخيرة، اقتحام عشرات المستوطنين للمنطقة، ووصل بعضهم عبر حافلات في محاولة لبسط المزيد من السيطرة وتكثيف الوجود على الأرض خصوصا بعد مصادقة وشرعنة حكومة الاحتلال.

كما منعت سلطات الاحتلال الصهيوني تسمية شوارع في بلدة عيلبون بأسماء عربية وفلسطينية منها اسم الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وأيضا رفضت تسمية أحد الشوارع بشارع "العودة" في إشارة لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين.

المصادر

ـ فلسطينيو 48 يطالبون بالتصدي لشرعنة الاحتلال بؤرة استيطانية قرب عيلبون، المركز الفلسطيني للإعلام، 8/7/2023.
ـ الاحتلال يمنع إطلاق أسماء عربية على شوارع في عيلبون المحتلة، بوابة اللاجئين الفلسطينيين، 14/9/2022.
ـ رائد موسى، من عيلبون إلى جلبوع.. تاريخ فلسطيني من المقاومة بالأنفاق، الجزيرة نت، 11/9/2021.
ـ الياس صليبا سرور، عيلبون تاريخ وذكريات: النكبة في عيلبون السبت 30-10-1948".
ـ معلومات عامة عن قرية عيلبون، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ وديع عواودة، في ذكراها الـ71.. معمرون فلسطينيون يروون تفاصيل مروعة عن مجزرة عيلبون، القدس العربي، 1/11/2019.
ـ حكومة الاحتلال تصادق على بناء مستوطنة جديدة في عيلبون بالجليل، عربي21، 2/7/2023.
ـ عيسى زهير حايك، عيلبون التاريخ المنسي والمفقود، 2020.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير تاريخ الفلسطيني قرية فلسطين تاريخ قرية هوية تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکومة الاحتلال عدد سکان فی عام

إقرأ أيضاً:

انترسبت: إسرائيل تقتل سكان غزة بمنع الغذاء أو خلال محاولة الحصول عليه

قال موقع إنترسبت إن الموت في غزة، في ظل حصار الاحتلال المتواصل، قد يأتي من نقص الغذاء، أو حتى من محاولة الحصول عليه.

وقال الموقع في تقرير ترجمته "عربي21" إنه خلال استعداد عمال مطبخ غزة ‏الخيري لتقديم وجبات الطعام للعائلات النازحة ‏التي لجأت إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة في مشروع بيت ‏لاهيا، الأسبوع الماضي، بدأت القنابل بالتساقط‎.‎‏ استمر الهجوم 30 ‏دقيقة وأسفر عن استشهاد أربعة أشخاص بحسب مدير المطبخ ‏هاني المدهون نقلا عن ابن أخيه الذي يعمل في المطبخ ونجا ‏من الهجوم. ‏

وكان من بين الضحايا ابن عم المدهون، سامح إبراهيم ‏المدهون، البالغ من العمر 16 عاما، والذي كان متطوعا في ‏المطبخ. وقال المدهون إنه استشهد مع امرأتين كانتا تحتميان ‏معا. وبترت ذراع ابن عم آخر كان يساعد في المطبخ بعد ‏إصابته بنيران صاروخية. وتمكن المعزون من دفن سامح ‏في قبر حفر على عجل قبل الفرار من المنطقة.‏

وأجبرت الغارة المطبخ على الخروج من مشروع بيت لاهيا ‏إلى جباليا جنوبا. وهذه الحركة طبيعية بالنسبة للمطبخ، الذي ‏يدير عدة مواقع متنقلة في جميع أنحاء القطاع وينتقل إلى أي ‏مكان تشتد فيه الحاجة.

وقال المدهون: "نذهب حيث يوجد ‏الناس". وقد اعتمدت بعض العائلات على مطبخ غزة ‏كمصدر رئيسي للغذاء في ظل المجاعة المستمرة الناجمة ‏عن الحصار الإسرائيلي غير القانوني للمساعدات الإنسانية ‏على غزة. ولكن في الآونة الأخيرة، أصبح مكان توجه ‏المطبخ يمليه القصف وأوامر الإخلاء.‏

في تشرين الثاني/ نوفمبر، استشهد محمود المدهون، شقيق ‏المدهون، المؤسس المشارك لمطعم غزة الخيري، في غارة ‏للاحتلال بطائرة مسيرة أثناء توصيله الطعام إلى مستشفى ‏كمال عدوان، الذي كان محاصرا من قبل الجيش. و‏وصف المدهون وعائلته الهجوم بأنه اغتيال مستهدف، وقالوا ‏إن الجيش يواصل استهداف العاملين في مطعم غزة الخيري.‏

وكانت الغارة الجوية التي وقعت يوم الثلاثاء بالقرب من ‏مطعم غزة الخيري في مشروع بيت لاهيا جزءا من حملة ‏عسكرية إسرائيلية أوسع نطاقا، أطلقتها يوم الأحد الماضي ‏والمعروفة باسم "عملية عربات جدعون".

وتتضمن الخطة ‏قصفا مكثفا في الشمال بهدف دفع الفلسطينيين جنوبا، مما ‏يؤدي في النهاية إلى تركيز سكان غزة البالغ عددهم حوالي ‏‏2.1 مليون نسمة فيما أسماه رئيس حكومة الاحتلال ‏بنيامين نتنياهو "منطقة معقمة"، والتي يسيطر عليها الجيش ‏ بالكامل.

كما استخدم الاحتلال "منطقة معقمة" في الضفة الغربية المحتلة للإشارة ‏إلى المناطق التي تعزل الفلسطينيين مع إتاحة الوصول ‏للمستوطنين الإسرائيليين.

في وقت سابق من هذا الشهر استعرض وزير مالية الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش خطة دفع الفلسطينيين جنوبا، ‏مشيرا إلى جنوب غزة بـ"منطقة إنسانية" على طول حدودها ‏مع مصر. وقال سموتريتش، وفقا لترجمات من العبرية، إنه ‏من الجنوب، "سيبدأ الفلسطينيون بالرحيل بأعداد كبيرة إلى ‏دول ثالثة" بسبب سوء الأحوال المعيشية. ‏

وعند مناقشة عملية "عربات جدعون،" ردد نتنياهو يوم ‏الأربعاء موقف حليفه اليميني، قائلا للصحفيين إن من بين ‏شروطه "لإنهاء الحرب" مطلب نزع سلاح حماس ونفيها ‏من غزة. كما قال إن "إسرائيل ستنفذ خطة ترامب، في ‏إشارة على الأرجح إلى اقتراح الرئيس دونالد ترامب ‏بتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط ونقل سكانها ‏الفلسطينيين إلى الدول المجاورة وهي فرضية تتماشى مع ‏الرؤية الراسخة لجماعات المستوطنين اليمينية المتطرفة لدى الاحتلال.



وأفادت قناة إن بي سي نيوز مؤخرا أن إدارة ترامب ‏كانت تعمل على خطة لتهجير ما يصل إلى مليون فلسطيني ‏بشكل دائم من غزة إلى ليبيا، التي تعاني من مشاكلها ‏الخاصة المتمثلة في عدم الاستقرار والعنف، والمعروفة ‏بإساءة معاملة المهاجرين. على الرغم من أن وزير ‏الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال إنه لم يكن على علم ‏بخطة ليبيا، إلا أنه كرر خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين ‏إلى دول أخرى.‏

وقد أثارت خطة الاحتلال للسيطرة على توزيع المساعدات ‏إدانة واسعة النطاق من الفلسطينيين ومنظمات حقوق ‏الإنسان وجماعات الإغاثة والأمم المتحدة، وهي الجهات ‏المسؤولة عن غالبية توزيع المساعدات في غزة.‏

ورفضت منظمات الإغاثة والأمم المتحدة الخطة، التي تتحايل ‏على المبادئ التوجيهية والهياكل القائمة لإيصال ‏المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة وقالت إن عدم موافقة الأمم ‏المتحدة يعني تهميش أكثر من 13 ألف عامل إغاثة تابعين ‏للأونروا في غزة.



وتدير الأمم المتحدة عادة 400 موقع ‏توزيع؛ أما خطة الاحتلال فتقلص هذا العدد إلى أربعة ‏مواقع، وصرح المتحدث باسم اليونيسف، جيمس إلدر، بأن ‏الخطة تترك الفلسطينيين أمام "خيار مستحيل بين النزوح ‏والموت".‏

وانتقد سكوت بول، مدير السلام والأمن في منظمة أوكسفام ‏أمريكا، خطة الاحتلال لإجبارها الفلسطينيين على "إعادة ‏ترتيب حياتهم وتغيير مكان إقامتهم بشكل جذري خدمة ‏لأجندة سياسية".‏

وقال بول: "إنها خطة ستخلف حتما مئات الآلاف، إن لم يكن ‏أكثر من مليون فلسطيني، وكثير منهم من أكثر الفئات ضعفا ‏في قطاع غزة". وأضاف أن خطة مؤسسة غزة الإنسانية ‏تترك "المساعدة ذات المغزى كفكرة لاحقة" ولا تعالج ‏المساعدات الضرورية الأخرى، مثل الخدمات الصحية ‏السريرية، وخدمات الرعاية الصحية الخارجية، واحتياجات ‏المأوى، وإدارة النفايات، والحصول على المياه النظيفة.‏

وأضاف بول: "ما نتحدث عنه في الغالب هو الرغبة في ‏تجنب الظهور بمظهر المتواطئ في المجاعة‎".‎

وشبّهت مارا كرونينفيلد، المديرة التنفيذية لوكالة الأونروا ‏في الولايات المتحدة، الخطة بمعسكرات الاعتقال النازية في ‏ألمانيا التي فرّ منها جدها، والتي قتلت فيها أخته وعائلتها ‏لاحقا.‏

وقالت كرونينفيلد: "إن وضع نفس الدولة التي تهدد علنا ‏بالإبادة، والتي حوّلت بالفعل معظم غزة إلى أنقاض، ثم تجبر ‏الناس على النزوح منها، ووضع هذا الكيان مسؤولا عن ‏المساعدات الإنسانية لإبقاء الناس على قيد الحياة، هو ببساطة ‏مزيج من السخافة والشر".‏

مقالات مشابهة

  • في قطاع غزة.. جيش الاحتلال يطالب سكان هذه المدن بالإخلاء الفوري
  • السيد القائد الحوثي: استهداف العدو لأطفال الطبيبة الفلسطينية التسعة هي واحدة من المآسي المتكررة التي يعيشها الفلسطينيين
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • دول أوروبية شاركت في إبادة سكان غزة بأسلحتها.. تعرف على أبرز المصدرين للاحتلال
  • صورة: قوات الاحتلال تعدم شابا في قرية جيت شرق قلقيلية
  • 315 ألف نسمة عدد سكان الفجيرة
  • حاجز أمني إسرائيلي جديد يحرم سكان قرية الولجة من الوصول لأراضيهم
  • انترسبت: إسرائيل تقتل سكان غزة بمنع الغذاء أو خلال محاولة الحصول عليه
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية: آلية توزيع المساعدات أداة لخداع سكان غزة