تنامي قوة "بريكس" وتأثير ذلك على سطوة الدولار
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
حمد الناصري
يُشكل النظام الاقتصادي الجديد تحدياً كبيراً للنظام العالمي الحالي الذي يُهيمن عليه الدولار بتأثيرات مُحتملة في ظل التنامي المُضطرد لمجموعة بريكس وظهورها كقوة اقتصادية ضخمة ومؤثرة. ومجموعة "بريكس" التي هي مُختصر لخمس دول؛ منها أربع من أقوى اقتصادات الأرض؛ هي: الصين والهند وروسيا والبرازيل، إضافة إلى جنوب إفريقيا، وتطمح دول هذه المجموعة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدُول الأعضاء واستنساخ تجربة اليورو في إصدار عُمْلة مُوحدة تنافس الدولار وتكون من العُملات الرئيسية العالمية؛ مِمّا قد يؤدي لتراجع تدريجي للدولار وهيمنته العالمية كعملة أساسية؛ وذلك من شأنه خفض الطلب عليه، مِمّا قد يؤدي إلى تغيير في ميزان القوى الاقتصادي العالمية وتقليل نفوذ الولايات الأمريكية المُتحدة.
وتمثّل "بريكس" بتركيبتها الراهنة 42% من سكان الأرض وأكثر من ربع الاقتصاد العالمي؛ وبالتالي هي قوة اقتصادية لا يُستهان بها، وتبلغ قيمة اقتصادياتها مُجتمعة أكثر من 28.5 تريليون دولار، أي حوالي 28 بالمئة من الاقتصاد العالمي. وستنتج دول البريكس أيضا نحو 44 بالمئة من النفط الخام عالميا.
وإذا ما نجحت "بريكس" في جعل عُملتها ذات قوة وتأثير عالميين فسيكون ذلك بداية النهاية لهيمنة الدولار كعملة عالمية أساسية وتقليل الاعتماد عليه في التجارة الدولية والاستثمارات، وستهتز قيمة وقوة الدولار وبقية العُملات الأخرى المرتبطة به مما سيرفع قيمة المنافس الجديد المُتمثل في "بريكس".
وقد تبدو هذه الخُطوة رغم عدم مُناقشتها بشكل جدّي مُغامرة اقتصادية فقد فشلت عُملات كبرى في مُجاراة الدولار من قَبْل وكانت الغلبة للدولار على اليورو والروبل الروسي واليوان الصيني وغيرها.
وقد نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالًا حول ما تمخّضت عن قمة مجموعة "بريكس" التي عُقدت في جوهانسبورغ في جنوب إفريقيا، نهاية سبتمبر 2023، وركزت على موضوع إنهاء هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية، خاصة مع فرض عقوبات على أعضاء في المجموعة كروسيا والصين.
وذكر الكاتب ماثيو كرونيغ من بمجلة "فورين بوليسي" أنه يبدو أن بريكس تقدّم نفسها بوصفها مِحْوراً جديدًا للسلطويين على النقيض من نادي الديمقراطيات، الذي تُمثله مجموعة الدول السبع.
وشاركه الكاتب "إيما أشفورد" أنّ تجمّع "بريكس" تُصادفه تحديات؛ إذ إنّ هناك انقساماً بين روسيا والصين فيما يتعلق بعضوية إيران التي تفكر هي وماليزيا ودول أخرى في الانضمام للمجموعة.. بينما أبدتْ الهند والبرازيل قلقاً في تكتلات المجموعة على اعتبارها مُناهضة للولايات الامريكية التي تُهيمن على اقتصاد العالم.
ويرى محللون اقتصاديون أنّ خلافات جيوسياسية قد تلعب دوراً في زعزعة الثقة بين دول البريكس وتدخّل الولايات الأمريكية لمنع ظهور مارد اقتصادي يُنافسها ويُقَوّض سُلطتها على اقتصادات الأرض أو يكون منافساً للدولار.
خلاصة القول.. إنّ مقدار الاستعداد لدول البريكس لإقامة نظام مالي جديد يَحِدّ من الاعتماد على نظام الاقتصاد الحالي، هو في حد ذاته تغيير مُتوقع خاصة مع تطور المواقف الدولية و حروب الشرق الأوسط ومُحاولة أمريكا فرض سياساتها الأحادية وهيمنتها على القرارات العالمية من خلال الاقتصاد. وأيضا من جهة أخرى قدرة النظام المالي بقيادة الدولار على مُواجهة النظام الجديد، الذي يسعى لتقليل الاعتماد على الدولار في التعاملات المالية الدولية أو كبداية في التعاملات الثنائية بين دول البريكس نفسها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإمارات تشارك في اجتماع وزراء تجارة «البريكس» في البرازيل
برازيليا (الاتحاد)
شاركت دولة الإمارات، ممثلةً بجمعة محمد الكيت، الوكيل المساعد لشؤون التجارة الدولية في وزارة الاقتصاد، في الاجتماع الخامس عشر لوزراء تجارة دول البريكس، الذي عُقد في العاصمة البرازيلية، برازيليا.
وأكد الكيت، التزام دولة الإمارات بتعزيز الشراكات واستكشاف فرص جديدة لتعزيز التجارة والاستثمار والتعاون بين دول البريكس.
وتبادل أعضاء مجموعة البريكس وجهات النظر حول أبرز تطورات التجارة العالمية، مؤكدين دعمهم الراسخ لنظام تجاري متعدد الأطراف قائم على العدالة والالتزام بالقواعد.
واختتم الاجتماع باعتماد عدد من الوثائق المحورية الرئيسة التي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وترسيخ دور المجموعة في حوكمة التجارة العالمية.
وتمثل هذه المخرجات تأكيداً على التزام المجموعة في دعم العلاقات التجارية نحو مزيد من التكامل، وتعزيز الازدهار الاقتصادي المشترك.
كما أتاح الاجتماع لدولة الإمارات فرصة تسليط الضوء على متانة العلاقات الثنائية مع البرازيل، العضو المؤسس في مجموعة البريكس، حيث تم التركيز على نجاح المبادرات المشتركة التي أسهمت في توسيع التعاون مع أكبر شريك تجاري واستثماري للإمارات في أميركا الجنوبية.
وحققت التجارة الثنائية غير النفطية بين الإمارات والبرازيل نمواً ملحوظاً في عام 2024، حيث بلغت 5.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 23% مقارنة بالعام السابق، وتسعى الدولتان لتعزيز تعاونهما في مختلف القطاعات، التي تشمل الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، لتعزيز فرص التنمية المشتركة.
وقال الكيت إن الشراكة التجارية ضمن مجموعة البريكس تعزز قدرتنا على العمل معاً بنجاح لإيجاد حلول فعّالة، وتشكل دليلاً واضحاً على أهمية النهج القائم على التعددية في التجارة العالمية، مشيرا إلى أن دولة الإمارات ملتزمة بتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين دول البريكس وعلى المستوى العالمي.
وأضاف ننظر إلى دورنا كجسر يربط بين الشرق والغرب والجنوب العالمي، بما يسهم في تيسير الحوار وبناء الشراكات التي تدعم التنمية الاقتصادية المستدامة والنمو، لافتاً إلى أن مشاركة الإمارات الاستراتيجية ضمن مجموعة البريكس تعكس التزامها الأوسع بالتعاون الاقتصادي والدبلوماسي على المستوى العالمي
ويُعد اجتماع وزراء التجارة في مجموعة البريكس حدثاً سنوياً بارزاً يُعقد بالتزامن مع قمة البريكس، ويشكّل منصة استراتيجية لتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، وتنسيق الجهود المشتركة، ودفع المبادرات التجارية والاقتصادية نحو مراحل متقدمة.
وتضم مجموعة البريكس في عضويتها كلاً من البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب أفريقيا كأعضاء مؤسسين، وقد توسّعت خلال السنوات الأخيرة لتضم أيضاً كلاً من مصر، وإثيوبيا، وإندونيسيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، لتشكل تكتلاً اقتصادياً بارزاً على الساحة الدولية.