استهداف المرأة اليمنية ومسخ هويتها .. أبرز وسائل الاختراق الأمريكي !!
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
يمانيون – متابعات
بالتوازي مع التحرك الأمريكي المدمر في أوساط الشباب، كانت المرأة اليمنية أبرز عناصر المجتمع اليمني، الواقعة في دائرة الاستهداف.
وتظهر اعترافات الجواسيس جملة من الأنشطة المزيفة التي كانت تنشط بها أمريكا وعناصرها بغرض إيقاع المرأة اليمنية في فخ التجنيد، أو على الأقل في فخ التدمير.
وفي السياق يقول الجاسوس عبد المعين عزان، إن برنامج المرأة في المعهد الديمقراطي الذي كانت تديره خبيرة هولندية تدعى فلور بيومنغ، كان على أساس أنه يقدم الدعم للمرأة وللقيادات النسوية، لكنه كان يستهدف المرأة اليمنية، ومن خلاله يدفع بأجندة أمريكية، وأجندة غربية، فيها مفاهيم كثيرة تهدف إلى تناقض الأسلاف والأعراف والتقاليد اليمنية وحتى الشرع الإسلامي، واسُتخدم في سبيل ذلك وسيلة استقطاب قيادات نسوية، وهذا كجانب مخابراتي لعمل البرنامج”.
ويوضح الجاسوس عزان أن الفعالية التي كان ينظمها برنامج المرأة في المعهد الديمقراطي، أو برنامج الأحزاب وغيرها، يتم من خلالها استقطاب النساء الحاضرات في الفعالية، وكان يتم ربط علاقات شخصية بين قيادات البرنامج مع القيادات النسوية، عبر دعوات وعزائم وغيرها، ومن خلالها تم ترميز الشخصيات، مؤكداً أنه من خلال تلك النساء وحتى الناس الذين تدربوا عند هؤلاء السيدات وغيرها، استطاع هذا البرنامج أن يروج لمفاهيم ومبادئ غربية وأمريكية تنافي القيم والأخلاق اليمنية والقيم والشرع الإسلامي.
عناوين “تمكين المرأة”.. وسيلة للاستهداف والإيقاع
وعن استهداف المرأة اليمنية من خلال برامج كثيرة، يوضح الجاسوس عبد القادر السقاف أنه تم استهداف المرأة ببرامج، أو أفكار كثيرة منها، تمكين للمرأة، حرية المرأة، بمعنى أن المرأة لابد أن تشارك في الحياة السياسية، وفي الحياة الاجتماعية في البلد، مؤكداً أن هناك منظمات خاصة بالبرنامج، كانت موجودة تقوم بتشجيع هذه الأفكار، وتقدم الدعم، ومن تلك المنظمات، منظمات شبابية منفلتة أمورها، وهذه المنظمات الصغيرة الجديدة، كانت المرأة تديرها، والشباب والشابات يكونون مع بعض يشتغلون في هذه المنظمات.
من جانبه يؤكد الجاسوس جمال سلطان أن من مسارات استهداف المرأة اليمنية، كان يتم من خلال تبني برامج ودعم برامج وتمويل برامج، تحت مفهوم تمكين المرأة، وتقويتها في المجتمع، وجعلها امرأة قوية، فيما يتناسب مع بناء قدراتها، سواء كانت قدرات، أو مهارات اللغة، والإدارة، وحقوق الإنسان ونشاطها سواءً كانت على المستوى السياسي، أو على المستوى الحقوقي، أو على المستوى المجتمعي من خلال المنظمات.
ويوضح الجاسوس سلطان أن المرأة “كانت تستهدف من خلال التعليم والبرامج التعليمية، وكان يتم التركيز على المرأة منذ البداية من أيام المدرسة، حتى إنشاء البرامج لها والاهتمام بها بشكل حثيث، وبناء عمل برامج خاصة لها تستهدف تحت مسمى المواطنة، ومساوة المرأة بالرجل، والكوتا النسائية”، وهو ما يؤكد حجم النشاط الأمريكي في أوساط المجتمع اليمني خصوصا شريحة النساء والفتيات.
ويشير إلى أنه من ضمن الأهداف الأمريكية في البلد استهداف المرأة اليمنية ومسخها عن هويتها من خلال دورات تدريبية مع الرجل والمشاركة معه في تدريبات عدة، في تمكين المرأة، ودعمها في مشاريع كثيره، منها مشاريع فنية ومهارات حياتية من خلال المنظمات المحلية، ومن خلال تمكينها في كل المجالات الحياتية، مشيراً إلى أن كل هذه العناوين كانت مجرد وسيلة للإيقاع بالمرأة اليمنية في الفخ المرسوم من قبل أمريكا وأدواتها.
وينوه الجاسوس سلطان إلى أنه كان يعمل مع القيادات الشابة، بصفة أنه منسق لمشاريع التدريبات، التي كانت تهدف لتدريب 15-30 شاباً وشابة في المجالات التنموية والمهارات الحياتية والتخطيط الاستراتيجي الشخصي، وكلها كان فيها اختلاط للمرأة والرجل، وهي ضمن أهداف الحرب الناعمة الموجودة في البلد، الهادفة الى مسخ هوية الشباب وتمكين المرأة بثقافة الانفتاح والبعد عن العادات والتقاليد المجتمعية، كون المجتمع اليمني مجتمع محافظ ويراد بالمرأة اليمنية وسلخها عن مجتمعها.
أما الجاسوس هشام الوزير، فيؤكد أن التركيز على النساء كان يتم بشكل كبير ومهم؛ لأن النساء تعد أكبر شريحة يعتبرونها متضررة من الحرب، فهي التي فقدت الشهداء في الحرب، وهي التي أصبحت مسؤولة عن إعالة الأسرة بسبب فقدان الرجال في الحرب، فيتم التركيز عليهن من هذا الجانب، بالإضافة إلى دور النساء المتمثل في تثوير المجتمع من ناحية اجتماعية داخل البيوت، أو من خلال اللقاءات الاجتماعية، وفي نشر عمليات الأخبار والإشاعات، والأخبار المغرضة، وهذه هي الطريقة التي كان يتم استخدامها ضمن البرامج ويتم الاعتماد عليها.
تفكيك الأسرة والمجتمع
أما عن الأنشطة المشبوهة لما تسمى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ودورها في استهداف المرأة اليمنية، يقول الجاسوس شايف الهمداني :”كُلفت في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن أكون نقطة الوصل فيما يتعلق بموضوع “الجندر” أو النوع الاجتماعي بعد مغادرة الشخصية التي كانت تتولى هذا الملف، وهي السيدة “حياة كليكسنر” التي كانت تعمل في عمًان، وكان الهدف الرئيسي هو حضور اجتماعات لجنة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، أو ما تسمى باللجنة الدولية لتنسيق شؤون المرأة أو تنسيق النوع الاجتماعي”.
ويضيف: “هذه الاجتماعات كانت تتم برئاسة قسم المرأة في الأمم المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي كان من المحركين الرئيسيين لهذا الملف، ويحضر هذا الاجتماع عدداً كبيراً من المانحين، منهم السفارة الأمريكية، والسفارة الهولندية، والسفارة البريطانية والسفارة الدنماركية، ومكاتب التنمية في السفارة الألمانية مثل KFWGIZ وكذلك منظمات الأمم المتحدة”.
ويوضح الجاسوس شايف أنه كان يتم في هذه الاجتماعات تحريك عناوين تقوية وضع المرأة في اليمن ودعمها بشتى الوسائل، بحجة أنها تستحق أن تأخذ حقوقها في المجتمع، وكان الهدف الرئيسي هو تثوير المرأة وجعلها تتمرد على أسرتها، وهذا يحدث شرخاً اجتماعياً في المجتمع اليمني، يؤدي إلى تفكك الأسرة، وتفسخ المجتمع وتفككه، بذريعة دعوة الحرية للمرأة، مؤكداً أن ذلك كان ضمن من الأهداف الرئيسية لتلك الاجتماعات التي كان يحضرها الجاسوس ويكتب عنها محاضر ويشاركها مع مدير مكتب البرامج، وبقية موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي كانت تعقد هذه الاجتماعات كل 4 أشهر إلى 3 أشهر.
استهداف الأسرة وفق معيار المناطقية
وبشأن الأنشطة الاستخباراتية التي قامت بها شركة “لابس” في اليمن، يقول الجاسوس عبد المعين عزان: “من الأنشطة الاستخباراتية التي قمنا بها في شركة لابس في اليمن، إعداد الدراسات والمسوحات الواسعة والشاملة عن المجتمع اليمني”، مؤكداً أن أبرز هذه الدراسات كانت دراسة متعلقة بالعادات الغذائية للأم والطفل في الألف اليوم الأولى، والتي نفذت بتمويل من منظمة اليونيسف وشريك منفذ كان المركز اليمني لقياس الرأي.
ويضيف: “الدراسة نفذت واستهدفت المحافظات اليمنية كلها، وكانت على أساس أنها تعمل استبيانات وأسئلة متعلقة بالعادات الغذائية للمرأة والطفل، بما يخدم هدف المشروع والبرنامج، ولكن في الحقيقة والجانب الخفي والمخابراتي في الموضوع أن الدراسة كانت أوسع من ذلك بكثير، حيث تم من خلالها جمع معلومات واسعة وشاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها”.
ويوضح أنه كان يتم التطرق إلى جوانب عن عدد سكان الأسرة، وعدد الرجال فيها بالمقارنة إلى عدد النساء وهل فيها نساء عانسات أو متزوجات، وكذلك الحالة الاجتماعية لهن، ومستوى دخل الأسر، والمستوى التعليمي لأفراد الأسرة.
ويؤكد الجاسوس عزان أن الدراسة كانت تستهدف المنطقة نفسها، وليست الأسرة فحسب، حيث كانت تطرح أسئلة حول النشاط التجاري لأبناء المنطقة، وللسكان فيها، وكم عدد الأطفال فيها، بالمقارنة بعدد كبار السن.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المجتمع الیمنی تمکین المرأة المرأة فی التی کانت التی کان من خلال کان یتم
إقرأ أيضاً:
مالك اليحمدي: الاستثمار العقاري أحد أبرز المسارات التي نراهن عليها لتحقيق الاستدامة
ترسيخ مبدأ التكامل لا التداخل في العمل الخيري -
في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى نماذج مبتكرة من العمل الخيري المستدام، وتتعالى فيه الأصوات المطالبة بإعادة إحياء الدور الحيوي للأوقاف في خدمة المجتمعات، برزت مؤسسة «بوشر الوقفية»، كمثال حديث لكنه طموح، يفتح آفاقًا جديدة لفهم الوقف بوصفه شريكًا فاعلًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا مجرد وعاء تقليدي للعمل الخيري. وبينما تمضي المؤسسة قدمًا نحو ترسيخ حضورها في المشهد الوقفي العُماني، فإن ما حققته خلال فترة وجيزة منذ تأسيسها لا يعكس فقط حُسن التأسيس، بل يُظهر كذلك وضوح الرؤية وجرأة التنفيذ.
ولدت «مؤسسة بوشر الوقفية العامة» من رحم الرؤية الوطنية التي تتطلع إلى تحويل الأوقاف من أصول ساكنة إلى محركات فاعلة تدفع بعجلة التنمية إلى الأمام. وقد جاء تأسيسها بموجب القرار الوزاري رقم 801/2022 الصادر عن معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية، وإشهارها في الجريدة الرسمية، لتكون كيانًا وقفيًا عامًا يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة، ويتولى مسؤولية إدارة وتنمية الأوقاف بما ينسجم مع متطلبات العصر واحتياجات المجتمع.
منذ انطلاقتها، اتخذت المؤسسة من الشراكة المجتمعية طريقًا، ومن الابتكار الاستثماري منهجًا، واضعة نصب عينيها تحقيق أثر تنموي مستدام يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الناس. فقد وضعت لنفسها جملة من الأهداف الاستراتيجية، منها تعزيز التواصل مع مختلف أطياف المجتمع، وترسيخ ثقافة الوقف ودوره التنموي، وتجديد النظرة إلى الاستثمار الوقفي كأداة متقدمة تلبي الاحتياجات الخيرية والاجتماعية، وتحدث أثرًا ملموسًا في الواقع.
وفي سجل إنجازاتها، ما يستحق التوقف عنده بإعجاب. فقد نظمت المؤسسة «مؤتمر عُمان للوقف 2024»، الذي جمع تحت مظلته أكثر من 500 مشارك من المهتمين وصُنّاع القرار، بمشاركة 44 مؤسسة وقفية، وأكثر من 45 جهة حكومية وخاصة. كما أطلقت أول مشروعاتها الاستثمارية، وهو «مشروع مبنى نداء الوقفي»، بتكلفة بلغت 1.55 مليون ريال عماني، وبعائد سنوي متوقع يصل إلى 144 ألف ريال، بنسبة عائد تُقدّر بـ9.3%. وتواصل المؤسسة تنفيذ هذا المشروع، واضعة ثقتها في أن الاستثمار المحترف هو سبيل الاستدامة.
أكثر من ذلك، تمكنت المؤسسة من رفع قيمة أصولها بنسبة ملحوظة بلغت 23.6% خلال عام واحد، لتنتقل من 1.5 مليون إلى 1.87 مليون ريال عماني. كما وزعت 47 ألف ريال من ريع الأوقاف خلال حفلين سنويين على المؤسسات الخيرية في ولاية بوشر، في تأكيد واضح على التزامها بتحقيق التكافل الاجتماعي.
في هذا الحوار مع مالك بن هلال بن حمود اليحمدي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة بوشر الوقفية، نسلط الضوء على تجربة «مؤسسة بوشر الوقفية»، ونتعرف إلى رؤيتها المستقبلية، والتحديات التي تواجهها، والفرص التي تطمح لاستثمارها في سبيل تعزيز دور الوقف في التنمية الوطنية.
ما هو أقدم وقف تشرف عليه مؤسسة بوشر الوقفية؟ وفي ماذا تكمن أهميته؟
أقدم وقف تشرف عليه مؤسسة بوشر الوقفية هو وقف «المربّع»، والذي يعود تاريخه إلى منتصف القرن التاسع عشر، وقد أوقفته السيدة خولة بنت حمود بن أحمد البوسعيدية، حفيدة السيد سعيد بن سلطان، وتُعد من أوليات النساء الرائدات في العمل الخيري والوقفي في عُمان وزنجبار.
تكمن أهمية هذا الوقف في عدة جوانب، أبرزها أن السيدة خولة خصصت ريعه لأوجه البر، مثل إعالة الأيتام والفقراء وتمويل الأنشطة الدينية والتعليمية، ما يعكس وعيًا مبكرًا بدور الوقف في خدمة المجتمع. كما أنه يمثل نموذجًا رائدًا لمساهمة المرأة العمانية في تنمية الوقف، ليس فقط من حيث التبرع، بل من خلال إدارته الفعّالة عبر وكلاء في أكثر من موقع.
ومن الجدير بالذكر أن وكيل السيدة خولة في مسقط كان الشيخ الفقيه سعيد بن ناصر الكندي، الذي أوصته بشراء أراضٍ تُروى من الأفلاج «العدّ»، وهي التي لا تتأثر بالجفاف، لضمان استدامة الوقف وتحقيق أهدافه الخيرية على المدى الطويل.
كما أن هذا الوقف يتميز بقيمته الاقتصادية، حيث وصفته السجلات بأنه «مزارع عدٍّ وافرة المياه»، فضلًا عن امتداداته العقارية التي وصلت حتى الساحل الشرقي لزنجبار، مما يجعله شاهدًا على التاريخ المشترك بين عُمان وزنجبار، ودليلًا على بُعد نظر مؤسِسته واستراتيجيتها في إدارة الوقف لضمان ديمومته.
ما هي المبادرة أو المشروع الذي تعتبرونه علامة فارقة في مسيرة المؤسسة؟ ولماذا؟
أبرز المبادرات التي نعتبرها علامة فارقة في مسيرة «مؤسسة بوشر الوقفية» هي تنظيم مؤتمر عُمان الوقفي، الذي عُقد في ديسمبر 2024 تحت شعار «الابتكار والاستدامة». ما يميّز هذا المؤتمر أنه يحمل اسم «عُمان»، ليكون منصة وطنية تمثل سلطنة عمان في مجال الأوقاف، وتعكس تطلعاتها في الريادة والابتكار في هذا القطاع الحيوي. جاءت فكرة المؤتمر بعد أن كنا في المؤسسة نُفكّر بالسفر إلى الخارج للتعلّم من تجارب الدول الأخرى في إدارة الأوقاف وتفعيلها، لكن سرعان ما تطور الرأي نحو جلب تلك الخبرات إلى عُمان، لتستفيد منها ليس فقط مؤسستنا، بل جميع المؤسسات الوقفية والقطاع الوقفي بأكمله داخل سلطنة عُمان.
وقد نُظّم المؤتمر بالشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وشهد مشاركة أكثر من 24 إجمالي المتحدثين ومديري الجلسات، من داخل وخارج عُمان، من أبرزهم: صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد، ومعالي الدكتور محمد غورماز، والدكتور زياد بن عثمان الحقيل، والدكتور عبد المحسن عبد الله الخرافي.
شمل المؤتمر أربعة محاور رئيسية تمحورت حول الابتكار في الاستثمارات الوقفية، والابتكار في تقنيات الاستمطار الوقفي، والتجارب المحلية، الإقليمية، والدولية في الابتكار والاستدامة الوقفية، ورؤية مبتكرة ومستدامة للعلاقة بين الوقف والعمل الخيري. كما تضمن المؤتمر ورش عمل متخصصة في الحوكمة، مؤشرات الأداء، إدارة المخاطر، والامتثال، بالإضافة إلى ورش الاستثمار الوقفي المعاصر وقياس العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI).
ومن أبرز ما ميّز هذا المؤتمر أيضًا، عقد جلسة مغلقة استراتيجية على هامش الفعالية، جمعت نخبة من ممثلي الجهات الوقفية والمالية والرقابية في سلطنة عمان، بهدف مناقشة التحديات التشريعية والمالية والاستثمارية التي تواجه القطاع الوقفي. وقد ركزت الجلسة على ثلاثة محاور رئيسية: استعراض التحديات التي تواجه المؤسسات الوقفية، مناقشة الحلول والمقترحات الريادية والمستدامة، وصياغة مبادرات استراتيجية تعزز التكامل بين القطاع الوقفي والجهات المالية.
وشارك في هذه الجلسة ممثلون من: وزارة الأوقاف، المصارف الإسلامية، المؤسسات الوقفية، شركات التأمين التكافلي، بورصة مسقط، هيئة الخدمات المالية، البنك المركزي العُماني، وزارة المالية، وزارة الاقتصاد، غرفة تجارة وصناعة عُمان، ووحدة تنفيذ رؤية عُمان 2040.
ويُعد مؤتمر عُمان الوقفي الأول من نوعه في سلطنة عمان، وقد أسهم بشكل كبير في تعزيز التكامل والتعاون بين الجهات الوقفية، وطرح حلول مبتكرة ترتبط بـ «رؤية عُمان 2040»، وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل الوقفي المؤسسي المستدام.
الأوقاف والتنمية المستدامة
كيف تتعامل المؤسسة مع قياس الأثر الاجتماعي لمشروعاتها وبرامجها؟
تولي المؤسسة أهمية كبيرة لقياس الأثر الاجتماعي لمشروعاتها وبرامجها، باعتباره أداة أساسية لضمان تحقيق رسالتها التنموية وتعزيز كفاءة استخدام الأصول الوقفية. ومن هذا المنطلق، بدأت المؤسسة في تبنّي منهجيات حديثة تعتمد على مؤشرات أداء واضحة وقابلة للقياس، تأخذ بعين الاعتبار ليس فقط العوائد المالية، بل أيضًا الأثر الاجتماعي الملموس على المستفيدين والمجتمع.
وقد تجلى هذا التوجه بوضوح من خلال تنظيم ورشة عمل متخصصة ضمن فعاليات مؤتمر عُمان الوقفي 2024، تناولت موضوع قياس العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI)، بهدف بناء قدرات العاملين في القطاع الوقفي وتزويدهم بالأدوات والمنهجيات اللازمة لتقييم أثر المشروعات بشكل منهجي وشفاف.
كما شرعت المؤسسة في التخطيط لتطبيق أدوات قياس مخصصة لكل مشروع أو مبادرة، تشمل على سبيل المثال عدد المستفيدين المباشرين وغير المباشرين، والتحولات النوعية في حياة الأفراد أو المؤسسات المستفيدة، ومدى تحقيق الأهداف المجتمعية المرجوة من الوقف.
وتسعى المؤسسة مستقبلًا إلى ربط مخرجات المشروعات الوقفية بموقعها الإلكتروني، بحيث تُعرض من خلاله جميع الأرقام والبيانات المتعلقة بكل مشروع أو مبادرة، مما يتيح قياس الأثر الاجتماعي بشفافية، ويُسهم في تعزيز الثقة والمساءلة. ويأتي هذا التوجه انسجامًا مع أهداف «رؤية عُمان 2040»، لضمان أن يكون كل مشروع وقفي أداة فاعلة في خدمة التنمية المستدامة في سلطنة عمان.
ما هي الآلية التي تعمل عليها المؤسسة لتجنب تداخل الأدوار بينها وبين لجنة الزكاة والفرق الخيرية في الولاية؟
منذ الانطلاقة، حرصنا في مؤسسة بوشر على ترسيخ مبدأ التكامل لا التداخل في العمل الخيري داخل ولاية بوشر، حيث اتخذت خطوات عملية لتجنب أي ازدواجية في الأدوار بينها وبين لجنة الزكاة وفريق نداء الخيري، وهما من أبرز الجهات الفاعلة في الولاية.
وقد تجسد هذا التوجه الاستراتيجي من خلال توقيع مذكرات تفاهم رسمية مع كل من لجنة الزكاة وفريق نداء الخيري، وذلك خلال حفل إشهار المؤسسة، الذي شهد حضورًا واسعًا من المؤسسات الرسمية والجهات المجتمعية. جاءت هذه الخطوة تأكيدًا على أن العمل الخيري أكثر فاعلية حين يُبنى على تنسيق الأدوار وتكامل الجهود.
وبموجب هذه الاتفاقيات، تتفرغ مؤسسة بوشر الوقفية للقيام بدورها المحوري في إدارة وتنمية واستثمار الأصول الوقفية بكفاءة واحترافية عالية، في حين تتولى لجنة الزكاة وفريق نداء الخيري مسؤولية توزيع ريع الأوقاف على المستحقين، مستندين في ذلك إلى خبرتهم الميدانية وشبكاتهم المجتمعية.
هذا النموذج التشاركي يعكس رؤية المؤسسة في أن الوقف لا يُدار بمعزل عن محيطه، بل يُفعل من خلال شراكات مسؤولة تضمن استدامة العطاء وتحقيق الأثر الاجتماعي المرجو. كما يتماشى هذا النهج مع التوجهات الوطنية لتحقيق تنمية مستدامة وفق مستهدفات «رؤية عُمان 2040»، ويؤكد التزام المؤسسة ببناء منظومة تكاملية تسهم في رفع كفاءة العمل الخيري في الولاية.
تحديات وحلول
ما أبرز التحديات التي تواجهونها في إدارة وتطوير العمل الوقفي؟ وكيف تسعون لتجاوزها؟
تواجه «مؤسسة بوشر الوقفية»، كغيرها من المؤسسات الوقفية في سلطنة عُمان عددًا من التحديات التي تؤثر على كفاءة إدارة الأوقاف وتطويرها بالشكل الأمثل. ومن أبرز هذه التحديات، تسجيل الأوقاف وإثبات الملكية؛ إذ تواجه المؤسسة صعوبات في تسجيل بعض الأوقاف باسمها، حيث لا تزال مسجّلة باسم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مما يحدّ من مرونة المؤسسة في إدارتها وتنميتها. كما تعاني المؤسسة من ضعف الدعم المجتمعي، سواء على مستوى المساهمات أو التفاعل مع مبادراتها، مما ينعكس على قدرتها في توسيع قاعدة الأصول الوقفية. إضافة إلى ذلك، هناك نقص في الكفاءات المتخصصة، حيث توجد حاجة إلى كوادر مؤهلة ومتخصصة في مجالات الاستثمار الوقفي والإدارة غير الربحية، وهو ما يشكل تحديًا في تحقيق أداء احترافي ومستدام.
ولمواجهة هذه التحديات، تبنت المؤسسة عددًا من الآليات الفاعلة. من أبرز هذه الآليات تأهيل وتطوير الكوادر البشرية من خلال التدريب المتخصص وبناء القدرات في مجالات إدارة الأوقاف والاستثمار الاجتماعي، كما تسعى لزرع الوعي في الأجيال القادمة من خلال برنامج «سفراء الوقف». كذلك تعمل المؤسسة على تعزيز الشراكة المجتمعية عبر تنظيم الفعاليات، وإطلاق برامج توعوية ومبادرات تفاعلية، تهدف إلى رفع الوعي بأهمية الوقف ودوره في التنمية المستدامة.
ومن جانب آخر، تسعى المؤسسة إلى التنسيق مع الجهات الرسمية لتسهيل الإجراءات القانونية، والعمل على تطوير أطر تنظيمية تضمن مرونة أكبر في تسجيل الأوقاف وإدارتها. كما تسعى إلى الاستفادة من التجارب والخبرات الدولية في العمل الوقفي، عبر تبنّي أفضل الممارسات العالمية وتكييفها بما يتناسب مع البيئة العُمانية.
من خلال هذا النهج، تسعى مؤسسة بوشر الوقفية إلى تحويل التحديات إلى فرص، وتعزيز كفاءة القطاع الوقفي ليكون أكثر فاعلية واستدامة في خدمة المجتمع.
في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة، كيف تحافظ المؤسسة على استدامة تمويل مشروعاتها الوقفية؟
تدرك مؤسسة بوشر الوقفية أن الاستدامة المالية لمشروعاتها تُعد أحد الأعمدة الأساسية التي لا يمكن إغفالها في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة، والتي تفرض على المؤسسات الوقفية تحديات متجددة تستدعي حلولًا ذكية واستراتيجيات مرنة. ومن هذا المنطلق، تبنّت المؤسسة خطة استراتيجية واضحة المعالم تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعظيم العائد من الأصول الوقفية، مع الحفاظ على رأس المال وتنميته لضمان ديمومة العطاء.
يُعد الاستثمار العقاري أحد أبرز المسارات التي تراهن عليها المؤسسة لتحقيق الاستدامة، حيث تم التركيز على تطوير محفظة عقارية مستدامة تحقق عوائد منتظمة، كما هو الحال في مشروع مبنى «نداء الوقفي»، الذي يمثل نموذجًا عمليًا للعائد طويل الأمد من الوقف. إلى جانب ذلك، سعت المؤسسة إلى إبرام شراكات استراتيجية مع مؤسسات مالية واستثمارية، مثل بنك نزوى وبنك صحار الإسلامي وبورصة مسقط، مما أتاح لها الوصول إلى أدوات تمويلية مرنة تدعم تنفيذ مشروعات جديدة. ولأن التمويل لا يقتصر فقط على العائدات الذاتية، فقد عملت المؤسسة على استقطاب رعاة من القطاع الخاص لدعم مبادراتها ومشروعاتها التوعوية، وهو ما خفّف من الأعباء المالية ووسّع نطاق الأثر المجتمعي. كما حرصت على إطلاق مشروعات وقفية مبتكرة تتواءم مع احتياجات السوق والمجتمع، من خلال اعتماد دراسات جدوى دقيقة تضمن العائد والاستدامة معًا.
وفي إطار ترشيد الموارد، أولت المؤسسة عناية كبيرة لتحسين كفاءة الإنفاق، وذلك بمراجعة العقود الحالية وتوجيه الموارد نحو مشروعات تتمتع بأعلى نسب من الأثر والعائد. ولم تغفل المؤسسة جانب القيمة الاجتماعية، حيث بدأت في تطبيق منهجية قياس العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI)، لضمان أن كل مشروع لا يحقق عوائد مالية فحسب، بل يقدم أيضًا قيمة مضافة للمجتمع العُماني، انسجامًا مع تطلعات «رؤية عُمان 2040».
قياس الأثر الاجتماعي
هل تعتقدون أن المجتمع المحلي بات أكثر وعيًا بأهمية الأوقاف ودورها التنموي؟ ولماذا؟
بدأ المجتمع المحلي يُبدي اهتمامًا متزايدًا بقضية الأوقاف ودورها في التنمية، وهو ما يدفعنا للاعتقاد بأن هناك تحوّلًا إيجابيًا في مستوى الوعي المجتمعي بهذا القطاع الحيوي. إلا أن هذا الوعي، على الرغم من تصاعده، لا يزال بحاجة إلى ترسيخ أعمق وتحول إلى سلوك فعلي وثقافة راسخة في الممارسة اليومية.
لقد لمسنا هذا التحول في عدد من المؤشرات البارزة، من بينها تزايد الإقبال على الفعاليات والبرامج التوعوية التي تنظمها المؤسسة، سواء تلك المرتبطة بمحاضرات رمضان، أو عبر برنامج سفراء الوقف، أو من خلال المشاركة الواسعة التي شهدها مؤتمر عُمان الوقفي، والتي شملت فئات عمرية متنوعة من المجتمع، في دلالة واضحة على اهتمام مجتمعي متنامٍ بالأوقاف.
كذلك، يشكّل التفاعل الإيجابي مع المبادرات الوقفية النوعية أحد أوجه هذا الوعي المتنامي، إضافة إلى الدور المهم الذي تلعبه التغطية الإعلامية والتواصل الرقمي، حيث أسهمت الوسائل الحديثة في إيصال الرسائل الوقفية بأسلوب مبسّط وعصري، يقرّب المفهوم من الناس، ويجسّر الفجوة بين التصورات التقليدية عن الوقف وصورته المعاصرة كأداة للتنمية والاستدامة.
ويعزز هذا الاتجاه كذلك اندماج الأوقاف في الخطط الوطنية الكبرى، مثل «رؤية عُمان 2040»، إذ بات الوقف جزءًا من المنظومة التنموية العامة في سلطنة عمان، إلى جانب غيره من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، ما عزّز من حضوره وفعاليته.
ومع كل هذه المؤشرات الإيجابية، فإن الوصول إلى حالة وعي مجتمعي شامل يتطلب مواصلة الجهد، سواء عبر توسيع دائرة التوعية المجتمعية، أو من خلال إشراك أفراد المجتمع ومؤسساته في تصميم المبادرات وتنفيذها، أو عن طريق تعزيز الشفافية في عرض أثر الوقف ونتائجه المجتمعية. وفي هذا الإطار، تعمل مؤسسة بوشر الوقفية على ترسيخ هذا التوجه عبر برامجها الإعلامية، ومبادراتها الميدانية، وعلاقاتها التشاركية مع مختلف مكونات المجتمع.
هل تعتمدون على شراكات استراتيجية مع مؤسسات أخرى لتعزيز أثر مشروعاتكم؟
تعتمد مؤسسة بوشر الوقفية على الشراكات الاستراتيجية كأحد الأسس الجوهرية في تحقيق رؤيتها وتعزيز أثر مشروعاتها، وذلك انطلاقًا من إيمانها العميق بأن العمل الوقفي الفاعل لا يمكن أن يحقق نتائجه المرجوة دون تعاون تكاملي مع مختلف مكونات المجتمع. فالشراكة بالنسبة للمؤسسة ليست مجرد وسيلة للدعم، بل هي استراتيجية تنموية تسعى من خلالها إلى توسيع دائرة التأثير، وتبادل الخبرات، وتكامل الجهود لتحقيق الأثر المجتمعي الأوسع.
وتتجلى ملامح هذه الشراكات في عدة مبادرات ملموسة؛ فقد وقّعت المؤسسة مذكرات تفاهم مع لجنة الزكاة وفريق نداء الخيري في ولاية بوشر، سعيًا إلى توزيع الأدوار وتنسيق الجهود الخيرية بما يضمن كفاءة وفاعلية في الأداء. كما عقدت شراكات مع عدد من المؤسسات البارزة في القطاعين المالي والإعلامي، من بينها بنك نزوى، وبنك صحار الإسلامي، وقناة الاستقامة الفضائية، مما أتاح لها دعمًا مؤسسيًا وفنيًا واسعًا لمبادراتها المختلفة.
وفي إطار توجهها نحو تنويع قنوات الاستثمار وتعزيز الشفافية، قامت المؤسسة بتوقيع مذكرة عمل مشترك مع بورصة مسقط، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تطوير آليات استثمار الأوقاف وربطها بأدوات السوق المالي، ما يعكس سعي المؤسسة الحثيث إلى التحديث والابتكار في إدارة الأصول الوقفية.
وتُعد الرعاية المباشرة والدعم الذي تلقته المؤسسة من شركات القطاع الخاص إحدى الركائز المهمة التي مكّنتها من تنفيذ عدد من المبادرات الرائدة، مثل «برنامج سفراء الوقف»، و«معرض سيرة ومسيرة»، و«مؤتمر عُمان الوقفي 2024». وقد أسهمت هذه الشراكات بشكل ملموس في توسيع نطاق الحضور المجتمعي للمؤسسة، وتعزيز رسالتها الإعلامية، وترسيخ مكانتها كمؤسسة وقفية رائدة تسعى إلى تكوين بيئة وقفية مستدامة متكاملة.
ما هي رؤيتكم لمستقبل «مؤسسة بوشر الوقفية» خلال السنوات الخمس المقبلة؟
تملك «مؤسسة بوشر الوقفية» خطة خمسية تعمل عليها ضمن إطارها الاستراتيجي للأعوام 2023 - 2027، وتهدف من خلالها إلى ترسيخ مكانتها كمؤسسة وقفية رائدة تسعى إلى تحقيق الاستدامة المالية وتعظيم الأثر المجتمعي. وتنطلق هذه الخطة من قناعة راسخة بأن الوقف، حين يُدار بكفاءة ويُستثمر برؤية واضحة، يمكن أن يشكل ركيزة تنموية فاعلة تُسهم في تلبية احتياجات المجتمع على المدى البعيد. وفي هذا السياق، تولي المؤسسة اهتمامًا خاصًا بمحفظة الوقف العقارية، التي تُعد من أبرز الموارد الوقفية القادرة على توليد عوائد مستدامة، وتسعى المؤسسة من خلالها إلى رفع إجمالي أصولها إلى 9 ملايين ريال عماني خلال الفترة القادمة. وقد بدأت فعليًا في تقييم الأصول العقارية الحالية، وتحسين آليات إدارتها من خلال تطوير عقود الإيجار غير المجدية، وإطلاق مشروعات وقفية نوعية، مثل مشروع مبنى نداء الوقفي، الذي يُعد من أبرز النماذج الاستثمارية الناجحة من حيث العائد المتوقع والأثر المجتمعي. وترتكز رؤية المؤسسة على ثلاثة محاور استراتيجية: التأسيس، والانطلاقة، والنمو والاستدامة، وتتضمن هذه المراحل غرس ثقافة الوقف في المجتمع، وتوسيع نطاق الشراكات المجتمعية والاستثمارية، وتنفيذ برامج تنموية نوعية ذات أثر ملموس. كما تسعى المؤسسة إلى أن تكون مشاركتها في العمل الخيري قائمة على أسس مهنية واستثمارية متوازنة، تضمن الحفاظ على أصل الوقف، وتحقيق أعلى منفعة ممكنة للمجتمع.