وياعطر التراب “إلى سيد الشهداء ع”
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
بقلم : وجيه عباس ..
أَ وَحْيٌ فيكَ أم توحي الدماءُ
ومكَّةُ فيكَ أمْ ذي كربلاءُ؟
أَ وَحْيُكَ في الطفوفِ دمٌ ولحمٌ؟
وإلا كيف ينتصبُ اللواءُ !
وغارُ حِراءَ قبرُكَ أم طوافٌ
تدورُ الأرضُ حولَكَ والسماءُ؟
وهلْ للأرضِ دونك من مسيلٍ
جرى فتوقَّدتْ فيهِ الدماءُ ؟
ونحرُكَ أمْ فراتُكَ حين يجري
ونوحاً كان عرشُكَ وَهْوَ ماءُ
وحزنُكَ وهو سلطانٌ قديمٌ
وأنتَ الألفُ، دون دمٍ، وباءُ
وعاشوراءُ حزنُكَ وهو يلقي
عباءَتَهُ، فتسودُّ العَباءُ
مضتْ ألفٌ وجُرحُكَ ليس يغفو
كأنَّ الأرضَ يوقِظُها البُكاءُ
بلى أبقيتَ بعدَكَ مستحيلاً
وإنَّ المستحيلَ به وِعاءُ
نزفتَ بهِ وجودَكَ فاستفاضتْ
على جنبيهِ من دمِكَ الدلاءُ
وياعطرَ الترابِ مشى عليهِ
فأورقَ تحت خطوتِهِ الهواءُ
وأمْطَرَهُ محمَّدُ من عليٍّ
وفاطمةٍ، فكانَ هو السَقاءُ
ويالكَ كربلاءٌ ليس تظما
ومن عينيهِ يبتديءُ الرواءُ
وزمزمُ والطفوفُ على يديهِ
أَمامٌ ليس يوسعُهُ وراءُ
أَ يظمأُ في الفرات بها حسينٌ
ومنْ عَجَبٍ يلوذُ بهِ الظِماءُ؟
ويوطأُ بالخيولِ على مَحَلٍّ
به أمُّ الكتاب له وِقاءُ
ويحملُ رأسَهُ رمحٌ خضيبٌ
تردّاهُ، وقد سُلِبَ الرداءُ
فيا لَكَ من غريبٍ في بلادٍ
تغشّاها، فما نفع الغِشاءُ
معيْ كُنْ أيُّها الجبلُ المُضاءُ
ودعني فيك يمطرُني العراءُ
سلاماً بالجوامعَ من نداءٍ
وحيثُ تكونُ يبلغُكَ النداءُ
سلاماً أينما ارتحلتْ خطاهُ
برضوى حيثُ أوجَدَكَ البقاءُ
غريباً مثل جدِّكَ لستُ أدري
ولكنَّ المقامَ بهِ عَناءُ
تُوزِّعُكَ الرياحُ على يديها
ويمطرُك التوجُّعُ والولاءُ
ورُعياً للمواجعَ حيثُ حلّتْ
وإن قَصُرتْ يداك بما تشاءُ
تُقلِّبُ في يديكَ شواظَ جمْرٍ
وما أُورثتَ، إنَّ دماً طِلاءُ
وإنَّكَ فيهِ أولاهُ احتساباً
بثأرِكَ بيْدَ أنَّكَ لاتُساءُ
أَ تنظرُ كربلاءَ بما أفاضتْ
فيُبكيكَ التَوحُّدُ والخَفاءُ
وتغسلُ بالدماء جفونَ عينٍ
يتيماتٍ، وأنتَ لها كِفاءُ
أَ أَوْجعَكَ الجوادُ بغيرِ سرْجٍ
يؤوبُ إلى الخيامِ، وذاكَ داءُ
وعمّاتٌ تجَمّعنَ التياعاً
لَهنَّ الليلُ سترٌ، والبلاءُ
هناك ترى الحسينَ على رمالٍ
يَسفُّ عليهِ من ريحٍ عزاءُ
وعيناً أُطْبقتْ ودماهُ غطَّتٌ
أصابُعُهُ تُمدُّ ولا تُجاءُ
أَ أَوْجعَ سهمُ حرملةٍ قلوباً ؟
وفي العباس من دمِه امتلاءُ
وفي ذبحِ الرضيع دمٌ رقيقٌ
كأنَّ الوردَ دون يدٍ إناءُ
وأفجعُ ما يُغيضُ الحرَّ فيها
عباءةُ زينبٍ برزتْ، وشاؤوا
لَحقَّ لك القِصاصُ بمن عليها
وحقِّكَ أنَّهمْ فيكم أساؤوا
وإنَّكَ لستَ توسعُها قضاءاً
بأنملةٍ، وأنتَ بها قضاءُ
مُحرَّمُ جاءَ فيكَ وجئتَ فيهِ
فأيَّكُما لصاحبِه الوِقاءُ ؟
وأيَّكُما خلودٌ كان يحيى
وحقَّ به لصاحبِه بقاءُ ؟
وأيَّةُ حرمةٍ هُتِكتْ وأدري
بأنَّكما ذبيحان سواءُ
وأيَّكُما الفداءُ وماعليها
لَوْأنَّ الموتَ غصَّ به الفداءُ
مفارقةٌ ستنكرُها الحكايا
بأنَّ الواهبات هي العطاءُ
تنكَّرت الحياةُ وحين ولَّتٌ
وأدبرَ عنك معروفٌ جزاءُ
ولم يَتَبقَّ فيها من إناءٍ
وقد وَلَغتْ به حتى الجِراءُ
وحقٌّ باطلٌ ولذيذُ عيشٍ
علا بالجورِ فيهِ الادعياءُ
رغبتَ لقاءَ ربِّكَ وهو حقٌّ
سعادةَ أن يكون به اللقاءُ
برمت الظالمين وقد تلوّتْ
سياطُ البغي وانكشف الغطاءُ
ولستَ من العبيد يقرُّ ذلّاً
وجدُّكَ فيه أحمدُ والعلاءُ
ولا لَعَقَ اللسانُ هناك ديناً
ودينُ الحرِّ موتٌ وابتداءُ
وكنتَ بها الحسينَ وأيُّ نفسٍ
بصدرِكَ حين ينتحرُ الإباءُ
ويالغةَ الجراح على شفاهٍ
تأبّى أن يكون بها شفاءُ
ويامُدُناً تقولُ لهاجريها
وضاقت دونهم أرضٌ فجاؤوا
ويامعنى الحروف إذا تجلّتْ
بقائِلِها وقد ضاق الهِجاءُ
إذا الإنسانُ كان بها خساراً
فنعمَ البيعُ فيهِ والشراءُ
وقفتَ بها، قيامتُه انبعاثٌ
وإنَّ فخارَ كل القول:لاءُ
و”لا” عند الحسين أعزُّ كونٍ
إذا قالت: نعمْ فيها النساءُ
وجيه عباس
6-7-2024
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
كيف يقود الأمير الحسين الأردن إلى الثورة الصناعية الرابعة والخامسة؟
صراحة نيوز- كتب أ.د. محمد الفرجات
بين جائحة عالمية عطّلت حركة الاقتصاد، وحرب غزة التي شغلت الإقليم وألقت بظلالها على الأسواق والاستثمارات، كان يمكن للأردن أن يدخل مرحلة ركود طويلة. لكن ما حدث كان العكس تمامًا؛ إذ تحوّلت هذه التحديات إلى دافع لبناء اقتصاد رقمي متقدّم، يقوده ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني برؤية تركّز على تمكين الشباب، وتطوير المهارات، والربط بين التعليم والتقنية والإبداع.
الأردن اليوم، رغم ضيق الموارد وتقلبات المنطقة، يدخل بثقة زمن الثورة الصناعية الرابعة والخامسة، عبر مسار إصلاحي وتقني يعيد تشكيل الاقتصاد ويؤسس لفرص جديدة تستند إلى رأس المال البشري كمنطلق رئيسي للتنمية.
ثورة صناعية على الطريقة الأردنية
تعتمد الثورة الصناعية الرابعة على الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات، والروبوتات، بينما تضيف الثورة الخامسة بُعدًا إنسانيًا يقوم على التعاون بين البشر والآلة، والاستدامة، والطاقة النظيفة، والصناعات الإبداعية.
ولأن الأردن لا يملك موارد ضخمة، فقد تبنى هذه الثورة من بوابة المهارات البشرية، عبر تعليم تقني متطوّر، ومبادرات ابتكارية، وتطوير بيئة رقمية مرنة قادرة على الصمود في وجه أي أزمة.
مبادرات ولي العهد: بناء منظومة رقمية وليست مشاريع منعزلة
جامعة الحسين التقنية: إعادة تعريف التعليم المهني والتقني
تُعد جامعة الحسين التقنية أحد أهم المشاريع الريادية في المملكة، فهي لا تُخرّج حملة شهادات، بل تُخرّج محترفين قادرين على العمل في قطاعات الذكاء الاصطناعي، علم البيانات، الأمن السيبراني، الروبوتات، والميكاترونيكس.
إنها باختصار “مدرسة المستقبل” التي تربط الطالب بسوق العمل منذ اليوم الأول.
مختبرات التصنيع الرقمي ومصانع الأفكار
تمنح هذه المختبرات الشباب فرصة تحويل أفكارهم إلى نماذج أولية قابلة للتطوير، باستخدام أدوات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، والقصّ بالليزر، والأنظمة المبرمجة.
إنها البيئة التي ينبثق منها جيل من الصناعيين الجدد الذين يصنعون التكنولوجيا بدل استيرادها، ويؤسسون لمشاريع ناشئة عالية القيمة.
استراتيجية الأمن السيبراني: حماية التحوّل الرقمي
مع توسع التحول الرقمي، باتت حماية البيانات ضرورة وطنية.
ولذلك جاء تأسيس المجلس الوطني للأمن السيبراني، وتطوير برامج تدريبية متخصصة، ليشكّلا ركيزة ضرورية تجعل من الأردن بيئة آمنة للشركات التقنية العالمية والإقليمية.
مبادرة “ض”: التكنولوجيا تقابل الهوية
تهدف هذه المبادرة إلى دمج اللغة العربية في التقنيات الحديثة، وتطوير محتوى رقمي عربي في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعليم الإلكتروني والتطبيقات الذكية.
بهذه الخطوة، لا يواكب الأردن العالم فقط، بل يدخل إليه بثقافته ولغته.
مبادرة “مليون مبرمج أردني”: تأسيس جيل رقمي
تأتي هذه المبادرة كخطوة استراتيجية لتوسيع قاعدة المهارات الرقمية في المملكة، عبر تدريب الشباب على البرمجة، تطوير التطبيقات، والعمل الحر عالميًا.
ورغم الظروف الصعبة، تمكّنت المبادرة من تمكين أكثر من مئة ألف شاب وشابة حتى عام 2023، ما يعكس توجّهًا واضحًا نحو بناء قطاع تكنولوجي قوي، قادر على المنافسة والانطلاق خارج الحدود.
الإنجاز وسط الأزمات: كيف تقدّم الأردن رغم كورونا وحرب غزة؟
ما يلفت الانتباه أن هذه المشاريع لم تتوقف خلال أصعب فترات الإقليم.
ففي الوقت الذي تعطلت فيه قطاعات كثيرة حول العالم، واصل الأردن تطوير البنية الرقمية، وتعزيز الإنترنت، وتوسيع منصة سند والخدمات الحكومية الإلكترونية، وإطلاق منصات تعليمية وطنية مكّنت الطلاب من مواصلة التعلم عن بُعد.
كما استمرت شركات عالمية كأمازون وأبل وسيسكو بالعمل من الأردن، ما يعكس ثقة بقدرات الشباب الأردني وببيئة العمل الرقمية التي يجري بناؤها.
انعكاس الثورة الرقمية على اقتصاد المملكة
هذا التوجه لا يمثل رفاهية تقنية، بل يحمل آثارًا اقتصادية مباشرة:
أولًا – وظائف نوعية جديدة:
قطاع التكنولوجيا قادر على خلق آلاف الوظائف في البرمجة، أمن المعلومات، التحليل، الخدمات السحابية، والمهن الإبداعية.
ثانيًا – جذب الاستثمار الأجنبي:
كلما كبرت مهارات الشباب، زادت رغبة الشركات العالمية بالاستثمار في الأردن ونقل جزء من عملياتها إليه.
ثالثًا – تخفيض فاتورة الاستيراد:
كل حل تقني محلي يعني استغناءً عن الاستيراد، وزيادة للقيمة المضافة داخل الاقتصاد.
رابعًا – إطلاق صناعات جديدة:
سهولة التصنيع الرقمي تفتح الباب أمام صناعات مبتكرة منخفضة الكلفة وعالية الإبداع، تضع الأردن على خارطة التكنولوجيا التصنيعية.
كيف نقيس النجاح؟ مؤشرات عملية لقياس التقدم
لضمان تقدم مدروس يمكن تتبعه، لا بد من اعتماد مؤشرات واضحة، مثل:
عدد الشركات الناشئة التقنية سنويًا
عدد الوظائف الرقمية الجديدة
صادرات التكنولوجيا وخدمات البرمجيات
نسبة انتشار الألياف الضوئية والإنترنت عالي السرعة
عدد المشاريع المنتجة عبر مختبرات التصنيع
حجم التدريب في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات
نسبة الخدمات الحكومية المؤتمتة بالكامل
براءات الاختراع والمشاريع الصناعية المبتكرة
هذه المؤشرات تمنح صانع القرار رؤية واقعية لقياس الإنجاز وتطويره.
الأردن يتقدم رغم العواصف… والموارد البشرية هي الرصيد الأقوى
من التعليم التقني إلى الأمن الرقمي، ومن مبادرات البرمجة إلى التصنيع الرقمي، يثبت الأردن أنه قادر على بناء اقتصاد معرفي حقيقي، حتى في أصعب الظروف.
إن رؤية الأمير الحسين في تمكين الشباب وربط الأردن بعالم التكنولوجيا ليست ردة فعل لحظية، بل مسار استراتيجي يهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز إقليمي للتقنية والإبداع والصناعات المتقدمة.
وباستمرار هذا النهج، يمكن للأردن أن ينتقل من دولة محدودة الموارد إلى دولة تصنع مستقبلها بعقول شبابها وإصرارهم.