بعد أقل من شهر على ثورة يوليو ١٩٥٢ تم اغتيال الدكتورة سميرة موسى عالمة الذرة المصرية عندما كانت في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية.. ولهذا نحاول في هذه الزاوية أن نكرم ذكراها.. وبالبحث وجدت كتابا للكاتب عبدالله بلال هو «اغتيال العقل العربى» وهو من سلسلة للكاتب تتضمن أبرز العلماء الذين تم اغتيالهم لتنطفئ شمعة نبوغهم.

. يتحدث المؤلف في هذا الكتاب عن سيرة الدكتورة سميرة موسى الذاتية وقام بتقديم الكتاب الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التربية والتعليم الأسبق.

أخبار متعلقة

ذاكرة الكتب .. حقائق من حرب الخليج الثانية يرويها محمد حسنين هيكل

ذاكرة الكتب.. هدى عبدالناصر تنشر أوراقًا خاصة بخط والدها عن ذكريات تأميم قناة السويس

ذاكرة الكتب.. فى ذكراها.. أمين دويدار يسرد كيف وضع النبى خطة الهجرة من مكة إلى المدينة؟

يبدأ الكاتب بالحديث عنها قائلا: ولدت سميرة في مارس سنة 1917 في قرية سنبو الكبرى مركز زفتى غربية.. وهى الابنة الرابعة بين إخوتها التسعة.. ولقد ولدت في خضم تفاعلات وأحداث الحركة الوطنية التي عبرت عن أصالة الشخصية المصرية.. فبعد مولدها بسنتين في سنة 1919 تقوم الثورة فتتفتح (سميرة) هي وأبناء جيلها على المد الوطنى المطالب بالحرية والاستقلال.. فها هو طلعت حرب يؤسس بنكا يحمل اسم مصر.. وهذا الفنان محمود مختار يصنع تمثالا يحمل اسم (نهضة مصر) ثم تقوم الجامعة الأهلية، ثم تظهر هدى شعراوى ويؤسس الاتحاد النسائى المصرى معها (أم المصريين صفية زغلول) ثم مجموعة من الرائدات المصريات اللاتى ناضلن من أجل حق المرأة في التعليم، ولاشك أن في ظل هذا المناخ لم يكن صعبا على سميرة بدء مشوارها التعليمى كغيرها من بنات القرية.

وعن تعليمها يقول الكاتب: وفى مدرسة سنبو الأولية لفتت النظر بحبها الشديد للقراءة وبقدرتها الفائقة على الحفظ، وبأسئلتها التي لا تنتهى عن تلك الاختراعات التي تقرأ عنها مثل الطائرات والسيارات والقطارات حتى (الراديو) كان يثير فضولها. أما الإجابة فكانت دائما: (إنه العلم يا سميرة) ذلك الساحر الذي يحقق المعجزات للبشرية.

وبالطبع لم يكن أمام الأب (الحاج موسى على) إلا أن يأخذ بنصيحة الأهل الذين لفت نظرتهم تفوق (سميرة) بترك الريف والذهاب إلى القاهرة حتى تأخذ ابنته فرصتها في التألق والنبوغ.

ويمضى الكاتب: لقد ترك الأب الريف واستقر في القاهرة ليهيئ لابنته فرصا أفضل للتعليم، فاشترى فندقا صغيرا يستثمر فيه أمواله ويعول من دخله أفراد أسرته، وتلتحق سميرة بمدرسة قصر الشوق الابتدائية لتكون من أوائل الشهادة الابتدائية.. ثم يدق الحظ على بابها لتنتقل إلى مدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة التي أسستها وأدارتها المربية الرائدة (نبوية موسى) وهناك تجد نفسها، وتظهر تفوقا، نتيجة لتشجيع هذه (الناظرة) التي تحملت الكثير من أجل نصرة حقوق المرأة، حتى أصبحت القدوة والمثال لتلميذتها، فإذا بسميرة ذات السبعة عشر عاما تصدر كتابا من تأليفها، يضم تلخيصا ميسرا للكتاب المدرسى المقرر في مادة (الجبر) من وزارة المعارف على طلبة السنة الأولى الثانوية، وقد شجعها والدها وطبع الكتاب على نفقته الخاصة، حيث قامت هي بتوزيعه بالمجان على زميلاتها.

ونتوقف عند كلمة الأهداء التي كتبتها ووجهتها لأستاذها فتقول: إلى أستاذى الفاضل محمد أفندى حلمى: «جاز لى أن أتقدم بكتابى (الجبر الحديث) إليكم بعد انتهائى من تأليفه، وهو الثمرة التي نتجت من غرس أياديكم البيضاء، فهاك الكتاب راجية أن يحوز عطفك السامى ورضاك. المهداة سمير موسى».. ولا يعنى أثناء قراءة هذا الكتاب إلا التوقف عند هذا الموقف الذي يزيدنا إيمانا بالنبوغ المبكر لهذه الفتاة.. ففى أحد الأيام تلقت (نبوية موسى) ناظرة المدرسة من تلميذتها (سميرة) طلب نقل من مدرستها إلى مدرسة حكومية، فاستدعتها على الفور لتستفسر عن السبب، فكان رد الطالبة أنها في حاجة إلى معمل طبيعة لا يتوفر في المدرسة، وعندئذ لم يسع الناظرة إلا أن تنهى تلميذتها عن النقل بعد أن وعدتها بتلبية طلبها، وبالفعل لم يمض وقت طويل حتى حصلت سميرة على (حلمها).

وننتقل مع الكاتب إلى حياتها داخل الجامعة: لقد أسهمت بجهودها في نشاط العديد من الجمعيات، فأسست (جمعية الطلبة لنشر الثقافة) التي كان من أهدافها محو أمية الفلاحين في الريف وفى الأحياء الشعبية بالمدن ثم انضمت إلى (جماعة النهضة الاجتماعية) التي كان هدفها جمع التبرعات من الأغنياء وتقديم المعونات للفقراء.

وقد اختارت سميرة التخصص في علم دقيق وهو علم الذرة ليكون لمصر القوة والقدرة على العمل من أجل السلام والخير، وقد صممت أن تكافح لتكون (الذرة من أجل السلام) لتجنب البشرية ويلات الدمار الذي عرفته من خلال الحربين العالمية الأولى والثانية، كما حددت شعارها الإنسانى لبنى وطنها وبنى البشر أجمعين (أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين).

وتتخرج سميرة في كلية العلوم عام 1942 ولتكون الأولى على دفعتها ويتم تعيينها أول معيدة بها بفضل تشجيع أستاذها د. مصطفى مشرفة. لقد ساهمت سميرة بعلمها وتجاربها المعملية في معهد الراديوم وكلية الطب، بالإضافة إلى جهودها في تأسيس مؤسسة الطاقة الذرية إلى جانب عضويتها في العديد من اللجان المتخصصة ومنها: لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية.. التي شكلتها وزارة الصحة. ولقد أطلق عليها مس كورى المصرية.

ومما هو جدير بالذكر أنها اضطرت لعمل رسائلها الجامعية في مصر بعد ترشيحها للسفر في بعثة إلى بريطانيا نتيجة قيام الحرب العالمية الثانية ولكنها قبلت زيارة معامل في إنجلترا وأمريكا لعمل بعض الأبحاث ولقد أذهلت الأوساط العلمية في أمريكا وأوروبا النتائج التي توصلت إليها.

لقد نجحت في التوصل إلى تصنيع الذرة من معادن رخيصة متوفرة لدى دول العالم ومنها البلدان النامية، وهذا يعنى كسر احتكار تصنيع القنبلة الذرية على الدول الكبرى التي تمتلك وحدها مادة (اليورانيوم) وبالتالى يفرضون تسلطهم على العالم، وقد شهد بنبوغها أستاذها الإنجليزى فأرسل إلى الجامعة خطابا يؤكد فيه أن تجارب (سميرة موسي) قد تغير وجه الإنسانية لو أنها وجدت المعونة الكافية.

ويستطرد الكاتب: لقد حاولت كل من بريطانيا وأمريكا احتواءها بتوجيه الزيارات لها وتقديم المغريات المادية حتى لا تعود إلى الوطن، كما أنها اعتذرت عن قبول الجنسية الأمريكية.

ونتوقف عند نقطة مهمة، وهى أن سميرة قد تنبهت منذ وقت مبكر إلى أخطار البعد النووى في الصراع العربى الإسرائيلى، وتابعت مساهمة علماء الذرة اليهود الأمريكان في دعم إسرائيل، ورأت كيف تزرع علماءها في المعاهد والمعامل كى يحصلوا على كل أسباب التقدم ويصبحوا قوة ذرية في المنطقة.

وفى غمضة عين اختفت (سميرة) عالمة الذرة المصرية، ففى أحد الأيام من شهر أغسطس في عام 1952 خرجت في نزهة لتلقى مصرعها في حادث سيارة قبل العودة إلى الوطن من أمريكا وهى في الخامسة والثلاثين من عمرها، وقيدت الحادثة ضد مجهول ولكن هناك دائما قتلة!.

ثقافة ثورة يوليو ١٩٥٢ ذاكرة الكتب كتاب اغتيال العقل العربى

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين ثقافة ثورة يوليو ١٩٥٢ ذاكرة الكتب زي النهاردة ذاکرة الکتب من أجل

إقرأ أيضاً:

تكريم سميرة أحمد ولبنى عبد العزيز.. مؤسسة حضرموت للثقافة تكشف تفاصيل إحتفالية علي أحمد باكثير

عقدت مؤسستا حضر موت للثقافة وضي للثقافة والإعلام مؤتمرا صحفيا بقاعة الدكتور ثروت عكاشة بأكاديمية الفنون للإعلان عن تفاصيل إحتفالية الأديب على أحمد باكثير.. 115 عاما من التأثير المقرر لها يوم الإثنين الموافق ٢٢ ديسمبر الجاري إحتفاءا بالإرث الأدبي والثقافي والفني الكبير للأديب الراحل، بمناسبة مرور 115 عاما على ميلاده (1910 - 1969).

كشف الدكتور عبدالله بانخر عضو مجلس أمناء مؤسسة حضر موت للثقافة أن الاحتفالية تأتي تكريما للأديب الكبير الذي جمع بين الهوية المصرية العربية والإسلامية وعمق الأصول الحضرمية اليمنية، ليقدم أعمالا أدبية عالمية.

وأشار  إلى أن  عطاء الأديب الراحل إمتد ليشمل كافة فروع الإبداع من شعر ورواية وترجمات 

لافتا الإنتباه  إلي أن باكثير  يمثل أحد أقطاب الرواية التاريخية، إلى جانب كونه أحد رواد الأدب الإسلامي في العالم العربي.

مشيرا إلي   أن الاحتفالية تتزامن أيضاً مع الذكرى الـ 56 لرحيل باكثير التي حلت الشهر الماضي، حيث رحل عن عالمنا في العاشر من نوفمبر سنة 1969، تاركا إنتاجا أدبيا وفيرا يضم العديد من المؤلفات الشعرية والنثرية والروائية والمسرحية والتراجم.

وكشف  أن الاحتفالية تتضمن عددا من الفقرات منها فقرة  تكريمية  لعدد من الأسماء االفنية البارزة التي شاركت في أعمال من تأليف الأديب الراحل، وجسدتها على شاشة السينما وعلى خشبة المسرح، مثل سميرة أحمد ولبنى عبد العزيز وأحمد مظهر وحسين رياض ومحمد عوض 

علي أحمد باكثير أديب عظيم 

من جانبه، ذكر  رئيس زياد باسمير عضو مجلس أمناء مؤسسة ضي للثقافة والإعلام، أن إقامة الاحتفالية في القاهرة مسألة طبيعية حيث عاش الراحل على أرضها وانتشر من خلالها أديبا عربيا كبيرا، وأوصى بدفنه بها.

وشدد  على اعتزاز المؤسسة بالمشاركة في هذا الحدث الأدبي العربي الكبير، إيمانا منها بالدور الذي لعبه (باكثير) في الحركة الأدبية العربية، وإنتاجاته التي أثرت المكتبة العربية وشكلت وجدان أجيال عديدة في وطننا العربي.

وذكر باسمير أن الاحتفالية من المخطط لها أن تمتد لسنوات أخرى، والهدف منها هو تعريف الأجيال الجديدة بأديب عظيم أثرى المكتبة الأدبية العربية بالكثير من الروائع، وفي الوقت نفسه إلقاء الضوء على المواهب الشابة التي تسير على نهج الأديب علي أحمد باكثير.

متحف باكثير 

بدوره ذكر المخرج المسرحي أحمد فؤاد ان العرض المسرحي الذي تتضمنه الإحتفالية يرصد للأعمال الخالدة التي إبداعها الاديب الراحل 

وقال :إن العرض يحمل عنوان متحف باكثير والمقصود بهذا العنوان هو تجميع للكلاسيكيات التي أبدعها في رحلته الأدبية .

وتابع :ان العرض يشارك فيه مجموعة من مواهب مؤسسة حضر موت للثقافة في مجال التمثيل والعرض  فرصة كبيرة لإثبات مواهبهم وتقديمهم للساحة الفنية .

نبذة تعريفية عن مؤسسة حضرموت للثقافة: 

تأسست مؤسسة حضرموت للثقافة بتاريخ 8 ديسمبر 2021م، بهدف الحفاظ على الثقافة المحلية والوطنية، وتطويرها، ونشرها. وتعمل المؤسسة على اكتشاف ورعاية المواهب الأدبية والفنية ودعم إبداعات المثقفين، وتنمية المهارات الأدبية والفنية المتميزة، وحفظ التراث الثقافي ونشره، وتعزيز التنوع الثقافي والقيم الإنسانية، وخلق حراك ثقافي أدبي وفني في حضرموت والوطن عموما، وتتبنى المؤسسة مفهوما للثقافة بوصفها منظومة من المعارف، والموروث الثقافي، والآداب، والفنون، والأخلاق، ضمن إطار ثقافي وطني إنساني يحفظ القيم التي ترسخها الآداب والفنون.

إحتفالية الأديب على أحمد باكثير طباعة شارك أكاديمية الفنون أكاديمية الفنون للإعلان على أحمد باكثير الأديب على أحمد باكثير سميرة أحمد لبنى عبد العزيز

مقالات مشابهة

  •  خبيرة اقتصادية: 70% من قراراتنا الشرائية تعتمد على العاطفة وليس العقل
  • «العربى الأفريقى» توصى بشراء «فاليو» بسعر مستهدف 12.7 جنيه
  • نهم السؤال وظمأ الذات
  • في يوم حقوق الإنسان.. رسائل حب وإنسانية تتصدر ندوة دار الكتب
  • الدبيبة: «المتحف الوطني» يمثل ذاكرة الوطن الكامل عبر العصور
  • المصرى الأمريكى عصام فارس جاسوس لصالح ايران.. ما القصة وما علاقة سميرة موسى؟
  • رحلة العمر
  • تكريم سميرة أحمد ولبنى عبد العزيز.. مؤسسة حضرموت للثقافة تكشف تفاصيل إحتفالية علي أحمد باكثير
  • سهلة وسريعة .. طريقة الذرة الحلوة بالزبدة بطعم المحلات
  • سميرة أمام محكمة الأسرة: زوجي أجبرني على أفعال مُشينة.. فطلبت الخُلع