بريطانيا تحشد لمواجهة عنف أقصى اليمين وتنتقد إيلون ماسك
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
أعلنت الحكومة البريطانية اليوم الثلاثاء أن 6 آلاف عنصر من قوات الشرطة وُضعوا في حالة استعداد للتعامل مع أعمال الشغب التي يقودها أقصى اليمين، والتي تضمنت احتجاجات مناهضة للمسلمين، إثر مقتل 3 فتيات طعنا مطلع الأسبوع الماضي وانتشار معلومات مضللة بشـأن المهاجم.
ووسط تقارير عن اعتقال نحو 400 شخص حتى الآن، زادت الحكومة البريطانية من سعة سجونها بتأمين 600 مكان للاحتجاز لمواجهة أعمال الشغب العنيفة المناهضة للمهاجرين التي استمرت أسبوعا ودفعت عددا متزايدا من الدول إلى تحذير مواطنيها من مخاطر السفر إلى بريطانيا.
وأكدت وزيرة العدل هايدي ألكسندر -في تصريحات إذاعية اليوم الثلاثاء- أن الحكومة أمّنت 500 مكان إضافي في السجون، واستعانت بـ6 آلاف عنصر شرطة متخصصين للتعامل مع أعمال العنف المستمرة، قائلة "سنضمن لكل شخص يصدر بحقه حكم بالسجن نتيجة أعمال الشغب والفوضى مكانا ينتظره في السجن".
كما انتقدت ألكسندر اليوم مالك منصة إكس الملياردير الأميركي إيلون ماسك بسبب قوله إن "الحرب الأهلية" في المملكة المتحدة "حتمية"، وقالت الوزيرة "أعتقد أن هذا تصرف غير مسؤول على الإطلاق. يجب أن يدعو الجميع إلى الهدوء".
وسبق أن قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر -أمس الاثنين- إن العنف جاء من أقلية صغيرة "لا يتحدثون باسم بريطانيا"، مؤكدا "لا يوجد مبرر لتعليقات مثل هذه. ما رأيناه في هذا البلد هو بلطجة منظمة وعنيفة لا مكان لها، سواء في شوارعنا أو عبر الإنترنت".
وأمس الاثنين، أُوقف 6 أشخاص وأُصيب عدد من عناصر الشرطة حينما هاجمهم مثيرون للشغب برشقهم بالحجارة والألعاب النارية في بليموث جنوبي إنجلترا، في حين هاجم آخرون شرطيين في بلفاست في أيرلندا الشمالية، وذلك خلال محاولة لإضرام النار في متجر يملكه أجنبي.
وقالت الشرطة إن رجلا ثلاثينيا تعرّض لاعتداء خطير خلال الاضطرابات، وإنها تتعامل مع الحادث على أنه جريمة كراهية ذات دوافع عنصرية، إلى جانب حديث الشرطة عن حوادث "إجرامية" أخرى.
عقوبات جنائيةوقد عقد رئيس الوزراء كير ستارمر -أمس الاثنين- اجتماعا طارئا للوزراء وقادة الشرطة لبحث الوضع، وتعهد أمام وسائل إعلامية بفرض "عقوبات جنائية سريعة" على المتورطين بأعمال الشغب، بعد أن حذر الأحد الماضي محتجي أقصى اليمين من أنهم "سيندمون".
وسبق أن أعلنت الشرطة توقيف أكثر من 378 شخصا منذ بدء المواجهات، وهو عدد مرشح "للازدياد كل يوم" ما دام المحققون يواصلون تحديد هويات مثيري الشغب وتوقيفهم.
وبدأت أعمال الشغب بعد انتشار معلومات مضللة -تم نفيها جزئيا- بشأن ديانة وأصل أكسل روداكوبانا (17 عاما) المتهم بالقتل ومحاولة القتل، في حين يُعرف رسميا فقط أن روداكوبانا ولد في ويلز، إلى جانب حديث تقارير إعلامية أن والديه من رواندا.
وفي حين عرضت الحكومة إجراءات أمنية طارئة جديدة على أماكن العبادة الإسلامية، أكدت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر في حديث لشبكة "بي بي سي" أهمية "المحاسبة"، قائلة إن "مثيري الشغب سيدفعون الثمن.. تأكدنا من أن المحاكم جاهزة، ونتوقع أن تتحقق العدالة بسرعة".
وتعزو الشرطة الفوضى إلى منظمات مرتبطة بـ"رابطة الدفاع البريطانية" المناهضة للإسلام التي تأسست قبل 15 عاما وجرى حلها، غير أن بعض المعلقين والقادة السياسيين يرون أن تصاعد الخطاب المناهض للهجرة في صفوف الطبقة السياسية منح المتظاهرين "شرعية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أعمال الشغب
إقرأ أيضاً:
الغارديان: نفاق المحافظين وهفوات بريكست.. هل يجب إعادة الضبط؟
وصف المعلّق في صحيفة "الغارديان" البريطانية، سايمون جينكنز، مُهاجمة المحافظون للخطوة الأولى التي اتخذها كير ستارمر نحو إعادة ضبط العلاقة مع بريكست، بكونها "نفاق هائل".
وأوضح جينكنز، عبر تقرير نشر على الصحيفة البريطانية، أنّ: "بريكست الذي نفذوه، قد أدّى إلى إنفاق 4.7 مليار جنيه إسترليني على تنفيذ ترتيبات الحدود بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، بحسب مكتب التدقيق الوطني، بما في ذلك نقطة حدودية باهظة التكلفة تحت شعار -استعادة السيطرة- في سيفينغتون بمقاطعة كِنت".
وأضاف: "لا توجد دولة أخرى في العالم أقامت مثل هذه الحواجز السخيفة ضد أكبر شركائها التجاريين. كل ذلك ذهب هباءً"، مردفا: "على الأقل يمكن إيقاف هذه المهزلة؛ يجب تثبيت لوحات تذكارية لبوريس جونسون على بوابات تلك النقاط، مع دعوة المارة إلى توقيع استمارة جمركية من خمسين صفحة إحياء لذكراه".
"في المقابل، ينبغي على ستارمر أن يشعر بالخزي. فقد كان في عام 2019، يعدّ الذراع اليمنى لجيريمي كوربين في ملف بريكست، حين صوّت حزب العمال ضد محاولة تيريزا ماي التفاوض على صفقة بريكست ناعمة، وهي صفقة كانت ستتجاوز بالتأكيد ما تم التوقيع عليه هذا الأسبوع" وفقا للمعلّق في صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأبرز: "كان ستارمر من ساهم في إحباط تحالف مُحتمل داخل مجلس العموم ضد البريكست المتشدد ومن أجل العودة إلى المنطق"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنّ: "كوربين وستارمر كانوا قادرين على إيقاف خمس سنوات من أسوأ أفعال الإيذاء الذاتي، التي قامت بها حكومة بريطانية منذ الكساد العظيم".
ومضى بالقول إنّه: "بعد تصويت الشعب البريطاني لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في 2016، كان السبب الرئيسي الذي قدموه لمراكز استطلاع الرأي هو الهجرة. حيث لم تكن هناك معارضة تُذكر للتجارة مع الاتحاد الأوروبي أو لعضوية بريطانيا في المجتمع الاقتصادي الأوروبي الأوسع"، متابعا: "بريكست المتشدد تم تبنيه بالكامل من قبل جونسون ومن حوله كأداة للإطاحة بتيريزا ماي من داونينغ ستريت".
واستطرد: "صدرت أكاذيب فجّة من حملته تزعم أن الخروج سيكون لصالح بريطانيا. لقد تم اختطاف المصلحة العامة من أجل السلطة" مؤكدا أنّ: "النتيجة واضحة وجليّة. جميع التقديرات الجادة، الرسمية وغير الرسمية، تتفق على أن بريكست جعل بريطانيا أفقر بعشرات المليارات من الجنيهات".
وتابع: "يمكن رؤية ذلك في تباطؤ النمو وتدهور الخدمات العامة؛ حيث لا توجد أدنى فرصة لتعويض هذه الخسائر في المستقبل المنظور، والاتفاقات التي تم التوصل إليها مع أستراليا والهند والولايات المتحدة لا يمكن أن تبدأ حتى في معالجة الضرر الناتج عن بريكست المتشدد".
وبحسب جينكنز، أيضا، فإنّ: "رد الفعل السياسي هذا الأسبوع، على اتفاق ستارمر، كان مثيرا للسخرية" مضيفا بأنّه: "أضعف بريكست بشكل كبير قدرة بريطانيا التفاوضية مع الاتحاد الأوروبي؛ ومن الطبيعي أن تضطر بريطانيا للامتثال لمعايير الغذاء الأوروبية إذا كانت تريد فعلاً أن تتاجر".
واسترسل بالقول إنّ: "الاتحاد الأوروبي سوق أكبر، وكذلك الولايات المتحدة، حيث إنّ منح حقوق صيد موسعة للأساطيل الأوروبية هو تنازل، لكنه يعكس تنازلا قد قدمه جونسون بشكل مُسبق، وكذلك الحال بالنسبة لتسهيل حركة الشباب الأوروبي".
إلى ذلك، استفسر جينكنز: "هل يعتبر نايجل فاراج ذلك فعلاً "استسلاماً مذلاً"؟ هل يريد فعلاً إبقاء نقطة التفتيش في سيفينغتون مفتوحة ومنع استخدام بوابات الجوازات الإلكترونية في المطارات؟"، متابعا: "لقد تهرّب من مواجهة ستارمر في البرلمان هذا الأسبوع، ومرّ عبر بوابة إلكترونية في طريقه لقضاء عطلة؛ على ما يبدو في فرنسا؛ إذ بالنسبة له، كان بريكست دوما مجرد لعبة".
وأردف: "لقد كنت في السابق من معارضي عضوية الاتحاد الأوروبي، إذ كنت أعتقد أن منطقة تجارة حرة أكثر مرونة مثل الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة تتماشى أكثر مع موقع بريطانيا في العالم. لكنني أرى الآن أنني كنت مخطئًا".
وأبرز: "لقد أثبت استقرار أوروبا الغربية على مدى نصف قرن صحة انضمام بريطانيا. كانت مارغريت تاتشر محقة في التفاوض على اتفاق السوق الموحدة عام 1986، وكان جون ميجور محقًا في تجنّب الوحدة الأعمق في ماستريخت، وكذلك توني بلير في تجنبه الانضمام إلى اليورو. عبر التاريخ، كانت علاقة بريطانيا بأوروبا دائمًا أفضل عندما كانت: نصف مندمجة".
وفي السياق نفسه، أبرز أنه: "منذ بريكست، طرأ تغييرين يجب أن يؤثرا الآن في النقاش. أولاً، أصبحت الهجرة قضية تستهلك أوروبا كلها، وتتطلب تعاونًا دوليًا بشدة، إذ أنّ الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي بدأت تتصلب، وباب الشنغن المفتوح بدأ يُغلق".
"أما داخل بريطانيا، فإنّ الغالبية الساحقة من المهاجرين السنويين هم مهاجرون شرعيون، يحملون تأشيرات عمل أو دراسة صادرة عن الحكومة. كان تجنيد المهاجرين لسد نقص العمالة سياسة تورية. كيف كان متوقعًا من بريكست أن يقلص ذلك؟ لا أحد يعلم" استرسل المعلق في الصحيفة البريطانية.
واستدرك: "رغم المشاعر العامة تجاه الهجرة، تظهر استطلاعات الرأي الآن أن غالبية كبيرة من البريطانيين يندمون على بريكست، إذ يقول 55 في المئة إنه كان خطأ، مقارنةً بـ52 في المئة ممن صوتوا لصالحه، وهو ما يمثل فقط 37 في المئة من الناخبين قبل تسع سنوات. فقط 3 من كل 10 يؤيدون الآن مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي. الناس أدركوا أنهم خُدعوا. لا يمكن للشركات البريطانية "التحكم" في التجارة من خلال عدم التجارة".
وتابع: "هذا الإدراك بدأ يضرب ليس فقط الزراعة والغذاء، بل كذلك في التصنيع والخدمات وتبادل الأبحاث والثقافة والسياحة. حتى الأوركسترات توقفت عن تنظيم جولات. دول أوروبية أخرى خارج الاتحاد لم تعزل نفسها بهذا الشكل، إذ أنّ بريكست المتشدد كان كارهًا للأجانب، عديم الفهم الاقتصادي، وضيق الأفق".
وأبرز: "أنا متأكد أن معظم الشخصيات العامة التي دعمته، كانت تعرف هذه الحقيقة، غير أنها تفتقر إلى شجاعة الاعتراف بها"، مضيفا: "منذ لحظة دخول بريكست حيز التنفيذ، كان من الحتمي بدء عملية إعادة الضبط المتعبة التي بدأت هذا الأسبوع. فعندما يتوافق الرأي العام مع المنطق الاقتصادي والعقل، فلا بد أن يحدث تغيير. لكنه سيكون بطيئًا. الاتحاد الأوروبي لا يدين لبريطانيا بشيء مقابل ما فعلته خلال العقد الماضي".
وختم التقرير بالقول، إنّ: "الاعتذار من جماعة بريكست أمر بعيد المنال؛ لكن الصمت سيكون بمثابة ارتياح. في هذه الأثناء، يجب أن يكون ستارمر جادًا فيما يقول: أن هذه مجرد خطوة أولى. لسنا بحاجة إلى "إلغاء بريكست" لكن يجب أن نُعيد تأسيس علاقات مدنية وتجارية مع القارة التي نحن جزء منها. لقد ارتُكبت غلطة فادحة. وهي بانتظار التصحيح".