لجريدة عمان:
2025-05-14@21:14:42 GMT

نهايات فلسطينية حزينة

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

نهايات فلسطينية حزينة

أثناء بحثي في سيرة وتاريخ الرموز التاريخية الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني لفت انتباهي الحزن والانكسار الفادحين اللذين رافقا خروج العشرات من الشخصيات الفلسطينية المرموقة، على صخرة النكبة، تمزقت الصورة، وسقطت الأشياء، كانت لديهم آمال عراض، وتوقعات بالنصر وحسم الصراع لصالح الحق الفلسطيني، وعلى الصعيد الشخصي، تدمرت حياتهم وفقدوا كرامتهم وبيوتهم ومصالحهم التجارية، وأرضهم، وانتشروا في أصقاع الأرض لاجئين فقراء بعد أن كانوا أسيادا ووجهاء، من ينسى خليل بيدس العجوز والكاتب السردي العظيم، وصاحب مجلة النفائس؟ من ينسى خروجه المذل من بيته في حي (القطمون،) حيث أصر أن يبقى فيه، رغم فراغ الحي من سكانه، لكنه غيّر رأيه في آخر اللحظات بعد أن سمع عن مجازر يرتكبها الصهاينة، مشى بيدس من القطمون حتى القدس مشيا وهو العجوز الذي لا يقوى على المشي؟ من ينسى خروج المفكر والوطني الكبير خليل السكاكيني من بيته الفاخر في حي القطمون، الذي دفع فيه كل مدخراته، بيته الساحر بمكتبته الضخمة وبستانه المبهر؟ خرج السكاكيني تاركا خلفه مشاريعه الثقافية ومقاهي القدس، وقبر معبودته زوجته سلطانة، وكليته (النهضة) في حي (البقعا الفوقا)، وبقي مع عائلته مصرا على الصمود لكنه مثل (بيدس) غيّر رأيه وخرج بلا عودة، لا شيء معه سوى حقيبة ملابس ومذكرات وحبل النرجيلة دون وعائها.

من ينسى حزن المفكر التربوي الكبير أحمد سامح الخالدي وهو يغادر فلسطين بعد وقوع النكبة إلى لبنان سنة 1948، بعد أن وضع حرم «الكلية العربية» التي كان يرأسها، تحت حماية الصليب الأحمر لوقوعها في منطقة قتال؟ لقد وجّه نشاطه في لبنان للتأليف ولمساعدة اللاجئين الفلسطينيين وتعليم أبنائهم، وبنى مدرسة لهم في قرية الحنيّة من أعمال صور ما زالت قائمة إلى الآن، (لقد انكسرت روحي) قال لزوجته اللبنانية وهما يغادران البلاد إلى الأبد، أما قصة المحامي والشاعر والمترجم الفلسطيني اللبناني وديع البستاني فتشكل نموذجا لضراوة هذا النوع المخيف من الانكسار، شهد البستانيّ معركة حيفا وسقوطها بيد الهاجاناه وما اقترفته من جرائم بحقّ فلسطين وشعبها، وهاله عظم المآسي التي حلّت بأبناء مدينته حيفا، وهو المدافع عنها وعن شعبها مدّة ثلاثين عامًا، فالتزم بيته ولم يغادره، ودخلته عناصر من الهاجاناه ووطّنت بعض أُسَرِ المستوطنين المهاجرين في شقق العمارة التي بناها بنفسه. وُضع أبو فؤاد (كنية البستانيّ) تحت الرّقابة ومُنِعَ من التّحرّك مدّة طويلة، أمّا أبناؤه، فكان قد أرسلهم إلى بيروت علّ الأحوال تهدأ، لكنّا لم تهدأ حتّى اليوم. لم يتأقلم البستانيّ مع الحالة السّياسيّة والإداريّة الجديدة الّتي حلّت على وطنه، فترك حيفا عائدًا إلى بيروت عام 1953، لكنّ الموت خطفه مطلع عام 1954، في القرية الّتي وُلِدَ فيها.

كانت حسرة النّكبة والمآسي الّتي شهدها، والظّلم والقمع الّذي لَحِقَ بشعبه في فلسطين، وخسارته لمحبوبته حيفا، ذات أثر كبير في نفسه، فقال مخاطبًا ياسمينة زرعتها ابنته ليلى في ساحة بيته بحيفا:

يا ياسـمـينـةَ لـيـلـى

يا سلوتي فـي نـواهـا

نوّرتِ لـي بـسـمـاتٍ

ضحّاكـةً فـي لمـاهـا

هـذي جـنـايـةُ حـــرٍّ

لم يدرِ كيفَ جنـاهـا

أبـاكِ يـرى ثـراهــا

دمعًا دمًا لا مـيـاهـا

غنّى العروبةَ عُمْرًا

وعاشَ حتّى رثاها

ولعبد القادر المظفر السياسي والمناضل قصة انكسار أخرى، درس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدارس القدس، وتتلمذ على أيدي كبار علمائها، بمن فيهم والده، الذي توفي عام 1895م.

وبعد وفاة أبيه بسنتين سافر ليواصل دراسته في الأزهر الشريف، وانكب على التحصيل إلى أن تخرج فيه بشهادة الأهلية سنة 1918م، ثم عاد إلى القدس حيث اشتغل بالتجارة إلى جانب اهتمامه بالشأن العام، كان شديد الولاء للعثمانيين، كارها للإنجليز، تعرض للاعتقال والملاحقات، شارك في مؤتمر التسليح بنابلس عام 1931 وشغل مناصب كبيرة في المؤتمرات الإسلامية للدفاع عن المقدسات الإسلامية.

وبعد خروجه من السجن عام 1933، انسحب المظفر من الحياة السياسية يائسا منهكا وتوقف عن المشاركة في نشاطات الحركة الوطنية الفلسطينية وقيادتها، انخرط في تجارته وأعماله الخاصة، وبنى عمارة ضخمة في يافا ليستثمرها في مستقبله، لكن النكبة هجمت عام 48 وكسرت ظهر حلمه، غادر إلى عمَّان تاركا عمارته في يافا التي سمّاها (المظفر) حيث توفي هناك ودفن في مقبرة الساهرة في القدس.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من ینسى

إقرأ أيضاً:

فصائل وقوى فلسطينية تدين استهداف العدو الصهيوني للمستشفى الأوروبي بغزة

يمانيون../
أدانت فصائل وقوى فلسطينية ، مساء اليوم الثلاثاء، استهداف العدو الصهيوني مستشفى الأوروبي ومحيطه في جريمة جديدة تستهدف مستشفيات قطاع غزة.

واستشهد ما لا يقل عن 28 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف العدو بأحزمة نارية في محيط مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس ،كما قصف أحد المنازل، جنوبي قطاع غزة.

واعتبرت حركة الأحرار الفلسطينية في بيان أن الذرائع التي يسوٌّقها جيش العدو ومؤسساته الأمنية مدعين جود قيادات ورجالات للمقاومة تحت مبنى مستشفى غزة الأوروبي وغيرها من المستشفيات، هدفها استهداف القطاع الطبي، وخلق حالة من إنعدام الأمن الصحي وعدم وجود أو إبقاء مؤسسات خدماتية طبية في قطاع غزة في ظل نقص خدماتي شديد اصلا فيها.
وأشارت إلى أن العدو الاسرائيلي يتعمد استهداف التجمّعات المدنية، من المستشفيات مراكز الإيواء والنزوح إلى نقاط توزيع الطعام، في إطار حرب إبادة ممنهجة تهدف إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا بين صفوف المدنيين العزّل، وكسر إرادة شعبنا عبر القتل والتجويع والحصار.

من جانبها ادانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بأشد العبارات المجازر الدموية التي ارتكبتها قوات العدو الإسرائيلي بحق المؤسسات الصحية في جنوب قطاع غزة، وآخرها استهداف مشفى غزة الأوروبي ومحيطه في محافظة خان يونس، وذلك بعد ساعات فقط من قصف أحد الأقسام في مستشفى ناصر في المدينة ذاتها.

وأشارت الجبهة الديموقراطية أن هذه الجرائم المتلاحقة ضد المرافق الصحية والطواقم الطبية تكشف بوضوح عن تعمّد العدو تنفيذ سياسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، من خلال استهداف ممنهج للقطاع الصحي ومقومات البقاء، بما يشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

وأكدت الجبهة أن الصمت الدولي، والدعم السياسي والعسكري المفتوح من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية للعدو، شكّل مظلة للإفلات من العقاب، وسمح للعدو بالمضي قدماً في ارتكاب المزيد من المجازر والانتهاكات دون أي رادع.

وطالبت الجبهة الديمقراطية بتحرك دولي عاجل وفاعل، يتجاوز الإدانة اللفظية، ويؤدي إلى محاسبة قادة العدو كمجرمي حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات رادعة على العدو، ووقف عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

ودعت الجبهة إلى توفير دعم طبي وإنساني عاجل للقطاع الصحي المنهك في غزة، وتعزيز صموده في وجه الاستهداف الصهيوني الممنهج، وضمان الحماية الكاملة للطواقم الطبية والمرافق الصحية التي باتت هدفاً مباشراً للعدوان.

فيما أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في بيان في وقت سابق أن الغارات الوحشية المكثّفة التي شنّها جيش العدو الفاشي على حرم مستشفى غزة الأوروبي ومحيطه، جريمة جديدة تستهدف ما تبقى من مستشفيات قطاع غزة، بهدف إخراجها عن الخدمة.

وتأتي هذه الجريمة بعد قصف مشابه استهدف مبنى الجراحات بمستشفى ناصر الطبي، أسفر عن استشهاد الصحفي حسن تصليح وعدد من الجرحى، ودمار هائل في المكان.

ولا تزال قوافل الشهداء في قطاع غزة، تتسارع في ظل الاستهدافات المكثفة التي يشنها جيش العدو الإسرائيلي على القطاع المحاصر، منذ 583 يوماً، وسط صمتٍ عربي ودولي مُخزٍ.
وارتفعت حصيلة العدوان العسكري الصهيوني منذ 7 أكتوبر 2023 على قطاع غزة، إلى 52 ألفًا و908 شهيدًا، بالإضافة لـ 119 ألفًا و721 مصابًا بجروح متفاوتة؛ بينها خطيرة وخطيرة جدًا، وغالبيتهم أطفال ونساء.

مقالات مشابهة

  • بن طارق: تحقيق السلام العادل لا يتم إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة
  • استشهاد عائلة فلسطينية بقصف إسرائيلي على خيمة نازحين
  • طفلة فلسطينية شيبتها الإبادة الإسرائيلية
  • فصائل وقوى فلسطينية تدين استهداف العدو الصهيوني للمستشفى الأوروبي بغزة
  • لانا.. طفلة فلسطينية شيبتها الإبادة الإسرائيلية
  • إسرائيل تعاود قصف غزة وتقتل فلسطينية بعد الإفراج عن ألكسندر
  • فصائل فلسطينية تُعقّب على اغتيال الصحفي حسن اصليح
  • استشهاد فلسطينية بعد استئناف الجيش الإسرائيلي قصفه لغزة
  • شهيدة فلسطينية وإصابات بقصف صهيوني شرقي مدينة غزة
  • المرصد الأورومتوسطي: الاحتلال يقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في غزة