اجتماعات سودانية في أديس أبابا لبحث ترتيبات ما بعد الحرب
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
أديس أبابا – تنطلق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اليوم الجمعة، اجتماعات ينظمها الاتحاد الأفريقي، تضم عددا من القوى السودانية، لمناقشة المسار السياسي للأزمة السودانية، وترتيبات الحكم بعد وقف الحرب الدائرة في البلاد.
ومن المقرر أن تستمر الاجتماعات 3 أيام، بمشاركة تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية المعروفة اختصارا بـ”تقدم”، والحركة الشعبية لتحرير السودان في جنوب كردفان والنيل الأزرق بزعامة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور، وحزب البعث العربي الاشتراكي بالسودان.
وقال الناطق الرسمي باسم تنسيقية “تقدم” بكري الجاك للجزيرة إن الاجتماعات “تأتي في إطار إطلاق عملية سياسية تؤسس لواقع ما بعد الحرب، في تزامن مع مباحثات وقف إطلاق النار”.
وأضاف أن القوى المشاركة في الاجتماعات “برغم ما قد يكون بينها من تباينات، فإنها تظل القوى الحاملة لرؤية مغايرة لمستقبل البلاد، أساسها المواطنة المتساوية وحسن إدارة التنوع، عبر مشروع وطني تنموي يرى جل السودانيين أنفسهم فيه”.
كما أشار إلى أن الهدف من الاجتماعات هو “تطوير رؤية مشتركة تمهد لتصورات حول الأجندة وأطراف العملية السياسية لتصحيح البداية الخاطئة، التي صاحبت اجتماع الاتحاد الأفريقي، في يوليو/تموز الماضي، والذي جمع مجموعة جلها مناصرة لرؤية الحرب وسلطة الأمر الواقع، وتحمل تصورات تعمل لشرعنة الحرب واستمرارها”.
أما حركة تحرير السودان المسلحة في دارفور بزعامة عبد الواحد نور، فقالت إنها تشارك في الاجتماعات “بعد أن أكد لها الاتحاد الأفريقي عدم مشاركة حزب المؤتمر الوطني المعزول بالثورة السودانية”، وشددت في بيان لها على أن موقفها هو أنها “لن تشارك في أي اجتماع أو مؤتمر ممثلا فيه حزب المؤتمر الوطني المخلوع”.
من جهته، أكد الناطق باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله للجزيرة أن الاجتماعات، التي يشارك فيها حزبه، “ذات طابع تحضيري للإعداد للعملية السياسية لما بعد وقف الحرب وموضوعاتها ومطالب أطرافها”.
وكان الاتحاد الأفريقي قد نظم اجتماعات في يوليو/تموز الماضي حول الأزمة السودانية ومسارها السياسي، حضرته قوى سياسية، في حين قاطعتها القوى المشاركة في اجتماعات الغد.
وتسبق اجتماعات الغد، مفاوضات بمبادرة ودعوة أميركية لوقف الحرب السودانية، من المقرر أن تبدأ بسويسرا، في 14 أغسطس/آب الجاري، وفي وقت وافقت فيه قوات الدعم السريع على المشاركة في مفاوضات سويسرا، لم يقطع الجيش السوداني بمشاركته فيها حتى الآن.
المصدر : الجزيرةالمصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی
إقرأ أيضاً:
وزارة الإصلاح المؤسسي: ضرورة وطنية لإنقاذ الدولة السودانية
بقلم: عادل عبد العاطي
مقدمة:
لم يعد الحديث عن إصلاح الدولة السودانية ترفًا فكريًا أو مطلبًا حزبيًا محدودًا، بل تحوّل إلى أولوية وجودية تتعلق ببقاء الدولة ذاتها.
فبعد عقود من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاداري، وبعد عامين من الحرب المدمرة، وما خلفته من ترهل وعجز في كافة مؤسسات الدولة، لم يعد بالإمكان المضي قُدمًا دون معالجات جذرية تعيد هيكلة الجهاز الحكومي وتستأصل الفشل والفساد من جذوره.
في هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة لتأسيس وزارة للإصلاح المؤسسي، تكون ذات صلاحيات واسعة واستقلالية كاملة، وتتبع مباشرة لرئيس الوزراء.
أزمة الدولة ومحدودية أدوات الإصلاح التقليدية:
شهد السودان، خاصة منذ مطلع الألفية الثالثة، انهيارًا متسارعًا في مؤسسات الدولة نتيجة الفساد الإداري، التسييس الحزبي، والمحسوبية وواقع الحرب. ادى لذلك لترهل وعجز كبير في اداء مؤسسات الدولة، سواء كان على المستوى الاتحادي او الولائي او المحلي. حال السفارات كممثليات للدولة السودانية بالخارح لا يقل سوءاً.
لقد فشلت محاولات الإصلاح السابقة لأنها اعتمدت على أجهزة تقليدية ضعيفة، خاضعة لذات المنظومة التي أنتجت الانهيار. بل إن بعض الهيئات الرقابية نفسها كانت جزءًا من المشكلة، إما بسبب افتقارها للموارد والصلاحيات، أو لانخراطها في شبكات النفوذ والمصالح المختلفة.
ما هي وزارة الإصلاح المؤسسي؟:
هي جهاز وطني مستقل يُؤسس بقانون، وتُمنح له الصلاحيات الكاملة في تقييم مؤسسات الدولة، محاربة الفساد، ومراجعة الأداء. لا تعمل كجسم رقابي فقط، بل كأداة تنفيذية لإعادة بناء الدولة على أسس الكفاءة، الشفافية، والحوكمة الرشيدة.
الاختصاصات الحيوية للوزارة:
وفق الورقة المرجعية التي اعددتها وقدمتها لرئيس الوزراء المعين الدكتور كامل ادريس، تتولى وزارة الإصلاح المؤسسي المهام التالية:
إصلاح هيكلي شامل: مراجعة هياكل الوزارات والهيئات، تقديم مقترحات بالدمج، الإلغاء، أو إعادة التنظيم، مع إعادة هيكلة الخدمة المدنية لتحقيق مبدأ الجدارة.
محاربة الفساد الإداري والمالي: من خلال وحدة متخصصة لتلقي البلاغات والتحقيق، وإعداد تقارير دورية معلنة، بالتنسيق مع القضاء ومؤسسات المحاسبة.
تقييم الأداء المؤسسي والفردي: عبر مؤشرات موضوعية للكفاءة والنزاهة، مع تقديم توصيات بشأن الإبقاء على القيادات أو استبدالها.
الرقابة الخارجية: تشمل مراجعة أداء السفارات والقنصليات، وهيكلة البعثات الخارجية بما يضمن الكفاءة والتمثيل الفعلي للدولة.
اقتراح السياسات والتشريعات: تكون الوزارة ذراعًا لرئيس الوزراء في تعديل القوانين المعيقة للتطوير، وضبط اللوائح بما يعكس رؤية الإصلاح الشامل.
لماذا نحتاجها الآن؟:
لأن الدولة تتفكك: الوزارات تعمل بجزر معزولة، ولا توجد جهة تنسق أو تراقب الأداء بشكل جاد ومهني.
لأن المواطن فقد الثقة: الشارع يرى الدولة كخصم لا كخادم، بسبب الفساد، الذي اشار اليه البرهان وعقار، التعيينات السياسية، وانهيار الخدمات.
لأن السودان يحتاج بناءً لا ترميمًا: نحن لا نعالج نظامًا معطوبًا فحسب، بل نؤسس لنظام جديد يعيد تعريف الدولة نفسها.
شروط نجاح الوزارة:
أن تُؤسس بقانون واضح، يضمن لها الاستقلالية عن التأثيرات الحزبية والبيروقراطية.
أن تتبع مباشرة لرئيس الوزراء، وتكون لها ذراع تنفيذي نافذ في كل المؤسسات والولايات.
أن تُدار بكفاءات وطنية محايدة، بعيدة عن المحاصصة.
أن تُربط قراراتها بنتائج تقييم واقعية، ويُمنح لها حق إقالة القيادات العليا أو اقتراحها لرئيس الوزراء.
خاتمة:
إن تأسيس وزارة الإصلاح المؤسسي ليس خيارًا إضافيًا ضمن برنامج الحكومة، بل ركيزة أولى لأي تحول ديمقراطي وتنموي في السودان. بدون هذه الوزارة، ستبقى مؤسسات الدولة أسيرة شبكات المصالح، وستتكرر دورات الفساد والانهيار مهما تغيرت الحكومات. هذه الوزارة هي الضمانة الوحيدة لبناء دولة فاعلة، شفافة، وخادمة لمواطنيها. هي وزارة المستقبل... ووزارة إنقاذ السودان.
عادل عبد العاطي
٢٣ مايو ٢٠٢٥م
adil@abdelaati.org