أخبارنا:
2025-06-27@11:48:35 GMT

ضبط الانفعالات النفسية في السنة النبوية

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

ضبط الانفعالات النفسية في السنة النبوية

الانفعالات هي حالة وجدانية نفسية تطرأ على هذا الإنسان بسبب عوامل داخلية أو خارجية، وتكون مصحوبة بتغييرات فيسيولوجية ونفسية، ينتج عنها رغبة بسلوكيات معينة، كما ذكر أحمد عزت في كتاب أصول علم النفس، وقد تكون بعضها إيجابية تبعث في النفس السرور، والنشاط، واللذة، كالحب، والفرح، وغيرها، وبعضها سلبية تبعث على التعاسة، والألم، كالغضب، والرهاب، والكراهية.

وتكتسب الانفعالات أهميتها من جهة أنها موجهة للنشاط والسلوك الإنساني، وهي جزء من حياة الإنسان التي يتعامل بها مع المجتمع من حوله، ومن دونها تكون الحياة بدون معنى ولا إحساس، فإن الإنسان يتكون من مجموع المشاعر والأحاسيس، كالحب والبغض، والسرور والحزن، والأمن والخوف، وذلك إذا جاءت في سياقها الطبيعي، وفي مقدارها المتوازن.

وإذا كانت بهذه الأهمية فلا غرابة أن نجد الإسلام قد اهتم بهذه الجوانب الوجدانية، وفي السنة على وجه الخصوص، وذلك من خلال التعامل معها بواقعية وموضوعية، فلم تطالب المسلم بالتجرد عن انفعالاته ومشاعره، ولكنها وجهت تلك الانفعالات، وأرشدت إلى سبل ترشيدها، والسلامة من السلوكيات الناشئة عنها.

انفعال الحب:

الحب هو أحد الانفعالات النفسية التي أودعها الله في النفس البشرية، وبه تستقيم الحياة، وتتأسس العبودية الحقة بين العبد وربه، وبه تستقيم الحياة الإنسانية، من خلال تكوين العلاقات الأسرية، والاجتماعية، فجاء التوجيه النبوي بضرورة امتلاء القلب بمحبة الله ورسوله، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله، وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما».

وفي سنن الترمذي عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله».

وفي سنن الترمذي أيضاً عن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: «اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبُّه عندك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، اللهم وما زويت عني مما أحب فاجعله لي قوة فيما تحب».

والنصوص النبوية في هذا المعنى كثيرة؛ لأن حب الله ورسوله هو أساس لحب كل شيء في الوجود، وينبني عليه محبة الدين، والمؤمنين، ومحبة الأعمال التي يحبها الله ورسوله.

ولأن الإنسان مدني بطبعه، فقد جاء التوجيه بإشاعة المحبة بين أفراد المجتمع، وفعل الأسباب الجالبة لها، فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على ما تحابون به؟» قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: «أفشوا السلام بينكم».

وفي مسند الإمام أحمد عن أبي مالك الأشعري قال: قضى صلاته ثم أقبل إلى الناس بوجهه فقال: «يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم، النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله»، فجثى رجل من الأعراب من قاصية الناس، وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله! انعتهم لنا، حَلِّهم لنا، -يعني صفهم لنا-، فسُرَّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لسؤال الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيُجلِسَهم عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون».

انفعال الخوف:

من الانفعالات الفطرية التي ركبها الله في هذه النفس هو الخوف، فالإنسان بفطرته يخاف من أمور كثيرة، ومخاوفه من الأضرار والهلاك أمر مشاهد لا يحتاج إلى دليل، ولذلك يقوده الخوف إلى تصرفات إيجابية وقد يقوده إلى تصرفات سلبية، فالخوف من الله يقوده إلى طاعته واجتناب مناهيه، وخوفه من المرض يدفعه للوقاية والعلاج، وخوفه من الفقر يدفعه إلى العمل والإنتاج، وهكذا قد يقوده الخوف غير المعتدل إلى سلوكيات خاطئة، كالقنوط من رحمة الله، وقد يقوده إلى الكسب الحرام، أو الاستسلام للعدو، وغير ذلك.

وقد جاء في النصوص النبوية ما يوجه المسلم نحو الخوف من الله، وبيان أن عاقبته خير، كما في سنن الترمذي عن أبي هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة».

وفي الصحيحين عن أبي هريرة في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله: «ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله»، فهذا الخوف التعبدي الذي يمنع الإنسان من اقتحام الفواحش، وفعل المعاصي.

انفعال الغضب:

من أهم الانفعالات الفطرية التي تحصل لدى الإنسان هو الغضب، وذلك حين يحول مانع بينه وبين إشباع رغباته، وتحقيق طموحاته، ويتفاوت الناس في درجة هذا الانفعال، فمن الناس من يتملكه الغضب فينفعل بسلوك خاطئ، أو قول سيء، وهذا ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: «لا تغضب» فردد مرارا، قال: «لا تغضب»، وليس النهي متوجها إلى الغضب من حيث هو انفعال فطري، ولكن النهي متوج إلى السلوكيات الناشئة عن الغضب.

ولما كان انفعال الغضب مشوشا على التفكير فقد اعتبرت السنة النبوية الغضبان حال غضبه غير صالح للتصرف، لما يحصل عنده من تغير في جسمه ونفسه، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بين المتخاصمين حتى تبرد جمرة غضبه، ففي صحيح البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يقضينَّ حكمٌ بين اثنين وهو غضبان».

وقد جاء في السنة النبوية ما يوجه هذا الانفعال نحو ما يستحق أن يغضب له المسلم، فالمسلم له أولويات، ومهمات، فينفعل لما له شأن وأهمية، وما لا يستحق أن يغضب لأجله فليس من الكمال أن تثور له نفسه، وينفعل له وجدانه، ففي الترمذي وشعب الإيمان للبيهقي في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها».

انفعال الكره:

كما أن الحب أحد الانفعالات الوجدانية للنفس البشرية فإن الكره كذلك، وهو داء بشري قديم، كما في الترمذي: «دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء»، وذلك لأن الدنيا قائمة على التنافس والمشاحة في الأرزاق والمنافع، فحرصت الشريعة الإسلامية على تهذيب مشاعر المسلم من هذا الانفعال، لأنه سلبي في أكثر أحواله، إلا ما كان منه تعبديا، بكره ما يكرهه الله من الأعيان والأعمال.

ونصوص السنة النبوية كثيرة في النهي عن التباغض بين المسلمين، وتضييق دائرة هذه المشاعر السلبية، من خلال النهي عن كل تصرف يورث البغضاء والشحناء، لأن الكره سبب للمعاملات السيئة بين المسلمين، فإذا كرهه أساء به الظن، وتجسس عليه، ووقع في عرضه بالغيبة والنميمة، والهمز واللمز، وربما اعتدى عليه بالضرب، وقد يصل الأمر إلى القتل، ومبدأ ذلك الكراهية والبغضاء التي يذكيها الشيطان في قلوب الناس، للإيقاع بينهم.

فالانفعالات البشرية كما أنها فطرية وجبلية إلا أن الله قد خلق في هذا الإنسان قدرات متناسبة معها للتخلص من شرورها، والسيطرة على آثارها، فلا عذر للإنسان في غضبه المدمر، ولا في كرهه للناس بغير سبب، ولا في حبه الذي يجعله يقترف الحرام، وهنا يكمن حقيقة العبودية، من خلال ضبط انفعالات النفس بتعاليم الإسلام، وتوجيهها نحو ما ينفعها في دينها ودنياها، وعلى المسلم أن يقوي عزيمته، ويروض نفسه على التصدي لتلك الانفعالات والمشاعر حتى لا توقعه في المهالك، وهذه بعض الأمثلة على الانفعالات، وإلا فإن الحسد، والغيرة، والحياء، من الانفعالات التي وردت نصوص في توجيهها، وسبل السيطرة على آثارها.

عن اسلام ويب

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وسلم النبی صلى الله علیه وسلم السنة النبویة رضی الله عنه الله ورسوله من خلال من الله

إقرأ أيضاً:

فتاوى وأحكام| حكم التهنئة برأس السنة الهجرية.. هل يجوز الصيام في شهر المحرم ولماذا سمي بهذا الاسم

فتاوى وأحكام

حكم التهنئة برأس السنة الهجرية

حكم الصيام في شهر المحرم 

لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم .. فضل الصيام فيه

 نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى والأحكام التى تشغل بال كثير من المسلمين نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.


حكم التهنئة برأس السنة الهجرية

ما حكم التهنئة برأس السنة الهجرية؟ سؤال ورد الى دار الإفتاء المصرية.

وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن التهنئة بمناسبة رأس السنة الهجرية جائزة شرعًا ولا بدعة فيها.

حكم تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري الجديد

وأشارت الإفتاء إلى أن تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري الجديد من الأمور المستحبة شرعًا؛ لما فيه من التذكير بأيام الله، وشكر الله على تجدد النعم التي تتجدد مع تجدد الأيام وتداولها على الناس.

وأوضحت أنه في التهنئة برأس العام الهجري استحضار للعديد من المعاني التي يجوز شرعًا التهنئة عليها؛ ومنها:
- الامتثال للأمر القرآني بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعم وعبر وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، والهجرة يوم عظيم من أيام الله تعالى، ينبغي أن يتذكره ويسعد به البشر كلهم؛ لأن الهجرة كانت البداية الحقيقية لإرساء قوانين العدالة الاجتماعية، والمساواة بين البشر، وإقرار مبدأ المواطنة بين أبناء الوطن الواحد مع اختلاف العقائد، والتعايش والسلام ونبذ العنف.

الأوقاف تصدر بيانا بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع بهاالمسيح الدجال.. تعرف على صفاته وكيف تعصم نفسك من فتنتهجامعة الأزهر تهنئ الأمة الإسلامية بذكرى الهجرة النبويةقصة الهجرة النبوية.. أسباب ودروس وعبرر


- تذكر نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة على مشركي مكة، بأنْ يسَّر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، ممَّا كان سببًا لنصرة الإسلام وسيادته؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، وقد تقرَّر أنَّ التهنئة إنما تكون بما هو محلّ للسرور، ولا شيء يسر به المسلم قدر سروره بيومِ نصرِ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
- أن رأس السنة الهجرية بداية لعام جديد، وتجدد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التي تستلزم الشكر عليها؛ لأنَّ الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، والتهنئة عند حصول النعم مأمور بها.


فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَتَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ؟ إِنِ اسْتَعَانَ بِكَ أَعَنْتَهُ، وَإِنِ اسْتَقْرَضَكَ أَقْرَضْتَهُ، وَإِنِ افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ، وَإِنِ مَرِضَ عُدْتَه،ُ وَإِنْ مَاتَ اتَّبَعْتَ جَنَازَتَهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَزَّيْتَهُ» أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"، والطبراني في "المعجم الكبير" و"مسند الشاميين"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وقد صنف جماعة من العلماء في استحباب التهنئة عند حصول النعم؛ كالحافظ ابن حجر العسقلاني في "جزء التهنئة في الأعياد"، والحافظ الجلال السيوطي في "وصول الأماني بأصول التهاني"، والعلامة الزرقاني في "رسالة في التهنئة والتعزية والإصلاح بين الناس".
فإذا اجتمعت التهنئة بالأوقات والأحداث السعيدة، مع الدعاء بعموم الخير واستمراره، والبركة في الأحوال والأوقات كان ذلك أشد استحبابًا وأكثر أجرًا وأدعى لربط أواصر المودة بين المسلمين.


وأكدت بناء على ذلك: أنه يستحب تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري؛ لما في التهنئة به من إحياء ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم، وما فيها من معان سامية وعبر نافعة، وقد حثَّ الشرع على تذكر أيام الله وما فيها من عبر ونعم، كما أنه بداية لعام جديد، وتجدد الأعوام على الناس من نعم الله عليهم التي تستحب التهنئة عليها.

حكم الصيام في شهر المحرم 

حكم الصيام في شهر المحرم .. أكدت دار الإفتاء، أنه لا مانع شرعا من صيام شهر المحرم كاملا، لأن الصيام مندوب فيه، وكذا بقية الأشهر الحرم، وأفضلها المحرم، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم» رواه أبو داود والترمذي.

وكانت قد استطلعت دار الإفتاء المصرية هلال شهر المحرم لعام ألف وأربعمائة وسبع وأربعين هجريا بعد غروب شمس يوم أمس الأربعاء التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة لعام ألف وأربعمائة وست وأربعين هجريا، الموافق السادس والعشرين لعام ألفين وخمس وعشرين ميلاديا بواسطة اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة في أنحاء الجمهورية.    


فضل صيام شهر المحرم

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن حكم الصيام في شهر المحرم، إنه يستحب الإكثار من الصيام في شهر الله المحرم.

واستشهد المركز في فتوى له، بما روي فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل» أخرجه مسلم.

وأوضح المركز 4 فضائل لشهر المحرم، وهي أولا: هو أول شهر من الأشهر الهجرية، وأحد الأشهر الأربعة الحرم، وأفضلها، وذكر الله تعالى الأشهر الحرم في قوله: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم» (التوبة:36).

وأضاف: ثانيا الصوم فيه يلي في الفضل صوم شهر رمضان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل» أخرجه مسلم.

وتابع: ثالثا حدث فيه أمر عظيم ونصر مبين، أظهر الله فيه الحق على الباطل؛ حيث نجى فيه موسى -عليه السلام- وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فهو يوم له فضيلة عظيمة، ومنزلة قديمة.

وواصل: رابعا اشتماله على يوم عاشوراء، الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر صيام سنة ماضية، وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى صيامه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء».


صيام عاشوراء
ورد عن صيام عاشوراء ، ما رواه مسلم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).

وورد عن صيام عاشوراء ، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان)، وقوله: (يتحرى)؛ أي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان شديد الاهتمام بصيام الأيام المستحب صيامها بعد رمضان، ومنها يوم عاشوراء.

صيام عاشوراء وتاسوعاء
ذكرت دار الإفتاء المصرية، أنه يستحب صيام عاشوراء وتاسوعاء، ويوم بعد عاشوراء، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان العام المقبل -إن شاء الله -صمنا اليوم التاسع"، وقوله: "خالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده".

سبب صيام تاسوعاء مع عاشوراء
وذكرت الإفتاء، أن تقديم صيام يوم تاسوعاء على عاشوراء له حكم ذكرها العلماء؛ منها أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر، الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط، فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر.

صيام عاشوراء منفردا
وأفتت دار الإفتاء المصرية، بأنه يجوزصيام عاشوراء منفردا دون صيام يوم قبله أو بعده، ولا حرج في ذلك شرعا؛ لأنه لم يرد نهي عن صومه منفردا، بل ورد ثبوت الثواب لمن صامه ولو منفردا.

واستشهدت دار الإفتاء بما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟» قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: «فأنا أحق بموسى منكم»، فصامه، وأمر بصيامه. أخرجه البخاري في "صحيحه".

وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» أخرجه مسلم في "صحيحه".

لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم .. فضل الصيام فيه
شهر المحرم هو أول شهور السنة الهجرية ويُعد من أعظم الشهور في التقويم القمري الإسلامي، وقد يتساءل البعض عن سبب تسميته بهذا الاسم وما الذي يميزه عن باقي الشهور.

في الجاهلية لم يكن يُعرف باسم المحرم بل كان يُطلق عليه اسم مؤتمر، في حين أن اسم المحرم كان يُطلق على شهر رجب ، وعندما جاء الإسلام أُعيد ترتيب الأسماء ودلالاتها، فاختص الله هذا الشهر باسم المحرم لما له من مكانة عظيمة، فأصبح اسمه الشرعي شهر الله المحرم.

وسمي بهذا الاسم لأنه شهر محرَّم أي معظم وممنوع فيه القتال وسفك الدماء، وهو واحد من الأشهر الحرم الأربعة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب.

 وهذه الأشهر لها حرمة خاصة عند الله، ويُطلب من المسلمين تعظيمها واجتناب المعاصي فيها.

وقد ورد في الحديث النبوي أن السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والرابع هو رجب الذي يقع بين جمادى وشعبان.

الحافظ السيوطي أوضح أن اسم شهر الله المحرم لم يكن مستخدمًا قبل الإسلام، بل هو اسم إسلامي خالص، ولذلك أضيف إلى اسم الله تشريفًا له.

 فرغم أن بعض الشهور مثل رمضان فيها فضل كبير، إلا أن اسم المحرم تميز بإضافته إلى الله تعالى.

أما ابن الجوزي فذكر أن الشهور العربية قبل الإسلام كانت لها أسماء مختلفة، فكان يُطلق على المحرم اسم بائق، وعلى صفر اسم نفيل، وربيع الأول طليق، وربيع الآخر ناجز، وجمادى الأولى أسلح، وجمادى الآخرة أفتح، ورجب أحلك، وشعبان كسع، ورمضان زاهر، وشوال بط، وذو القعدة حق، وذو الحجة نعيش.

وتسمية هذا الشهر بالمحرم تعكس قيمته الدينية والتشريعية، فهو ليس فقط بداية العام الهجري، بل هو زمن مقدس يُنهى فيه عن القتال، ويُحث فيه على الإكثار من الطاعات.

فضل الصيام في شهر محرم

 فقد ورد عن النبي أن أفضل الصيام بعد رمضان هو في شهر الله المحرم، كما ورد أن أفضل الصلاة بعد الفريضة هي صلاة الليل.

ومن أعظم أيام هذا الشهر يوم عاشوراء، اليوم العاشر من المحرم، الذي يكفر صيامه ذنوب سنة كاملة كما جاء في الأحاديث. وقد شرف الله هذا الشهر وأضافه إلى نفسه، إشارة إلى علو منزلته وأن حرمته ليست من صنع البشر بل من أمر الله مباشرة.

إن شهر المحرم هو فرصة عظيمة لكل مسلم كي يبدأ عامه بالنية الصالحة والعمل الصالح، في زمن عظيم منحه الله فضلًا ومكانة لا تُضاهى في باقي شهور العام.

أحكام شهر المحرم

أولا: تحريم القتال فيه:

فمن أحكام شهر الله المحرم تحريم ابتداء القتال فيه؛ قال ابن كثير رحمه الله: وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام: هل هو منسوخ أو محكم؟ على قولين:

أحدهما، وهو الأشهر: أنه منسوخ؛ لأنه تعالى قال هاهنا: «فلا تظلموا فيهن أنفسكم» وأمر بقتال المشركين.

والقول الآخر: أن ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام، وأنه لم ينسخ تحريم الشهر الحرام؛ لقوله تعالى: «الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» وقال: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين».

وكانت العرب تعظمه في الجاهلية، وكان يسمى بشهر الله الأصم؛ من شدة تحريمه، والصوم في شهر محرم من أفضل التطوع؛ فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل».

حكم صيام يوم عاشوراء

صيام يوم عاشوراء كان واجبا في أول الأمر بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، على الصحيح من قولي أهل العلم، لثبوت الأمر بصومه، كما في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: «أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم أن أذن في الناس: أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء» (متفق عليه).


ولما فرض رمضان في السنة الثانية من الهجرة نسخ وجوب صوم يوم عاشوراء، وبقي على الاستحباب، ولم يقع الأمر بصيام يوم عاشوراء إلا في سنة واحدة، وهي السنة الثانية من الهجرة حيث فرض عاشوراء في أولها، ثم فرض رمضان بعد منتصفها، ثم عزم النبي في آخر عمره في السنة العاشرة على ألا يصومه مفردا بل يصوم قبله اليوم التاسع.

ولا يعدصيام يوم عاشوراءمشابهة لأهل الكتاب، لأننا كمسلمين نأخذ بالسبب الذي أخذوا به وهو لنا في الشرع صحيح، وهم قد أخذوا به وهم كفار وبالتالي فإنه لا ينفعهم في شيء، فقد أخرج مسلم: «كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتخذونه عيدا، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصوموه أنتم».
وقد قال بعض الفقهاء إنه يكرهصيام عاشوراءوحده، وقال بعضهم إنه أمر مباح، وقد اختار شيخ الإسلام: أنه لا يكره صيام عاشوراء وحده، ولا شك أنه ينبغي أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده، ولا يصومه وحده، ولكن لو أن إنسانا لم يستطع صوم عاشوراء إلا وحده فحينئذ نقول تزول الكراهة للحاجة، أما لغير حاجة فلا ينبغي صيامه وحده، وهذا ابن عباس راوي بعض أحاديث صيام يوم عاشوراء يصوم يوما قبله ويوما بعده مع صيام عاشوراء.

طباعة شارك فتاوى وأحكام حكم التهنئة برأس السنة الهجرية رأس السنة الهجرية حكم الصيام في شهر المحرم شهر المحرم فضل صيام شهر المحرم صيام عاشوراء أحكام شهر المحرم

مقالات مشابهة

  • أنوار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
  • أوقاف الفيوم: الهجرة النبوية شكلت تناغمًا بين الدين والوطن والإنسانية
  • فتاوى وأحكام| حكم التهنئة برأس السنة الهجرية.. هل يجوز الصيام في شهر المحرم ولماذا سمي بهذا الاسم
  • فعالية خطابية في ريمة بذكرى الهجرة النبوية
  • قصة الهجرة النبوية.. أسباب ودروس وعبرر
  • في ذكرى الهجرة النبوية .. الرحلة إلى الحبشة وخطوات التخلص من اضطهاد قريش
  • ماذا نتعلم من الهجرة النبوية؟.. 5 دروس وعبر ستغير حياتك
  • ذكرى الهجرة النبوية.. 4 معجزات حدثت في رحلة الرسول من مكة إلى المدينة
  • كم يوما استغرقت الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة؟
  • قصة الهجرة النبوية باختصار .. 24 معلومة نتعلّم منها الدروس والعِبر من هجرة النبي