الوزير: الدولة عازمة على تطوير صناعة السيارات والصناعات المغذية لها
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
عقد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل لقاءً مع ممثلي شركة جنرال موتورز مصر لصناعة السيارات برئاسة شارون نيشي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة جنرال موتورز مصر وشمال أفريقيا حيث تناول اللقاء مشروعات الشركة الحالية بالسوق المصري والمشروعات المستقبلية التي تدرس الشركة إقامتها في مصر والتي تتمثل في موديلات السيارات التي تعتزم الشركة انتاجها في مصر.
وقال الوزير إن اللقاء استعرض التوجهات الحالية للدولة المصرية لتنمية وتطوير صناعة السيارات والصناعات المغذية لها بما يسهم في توفير احتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق الخارجية وخاصة الدول المبرم معها اتفاقيات تجارة حرة، مشيراً إلى ان اللقاء تناول متطلبات ومقترحات الشركة التي تؤهلها للتوسع في السوق المصري، بما يسهم في ضخ استثمارات حقيقية، وتوطين الصناعة، وتوفير المزيد من فرص العمل أمام الشباب، حيث تضمنت أهم مقترحات الشركة الإسراع في تنفيذ البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات (AIDP)، لافتاً إلى أن السيارة شيفروليه أوبترا ستكون أول طراز جديد يتم تسجيله في البرنامج ومصمم خصيصاً بأعلى نسبة قيمة مضافة محلية.
ووجه الوزير بدراسة مشاركة وزارة الصناعة وشركة جنرال موتورز مصر لصناعة السيارات في إدارة العملية التدريبية والتعليمية بمراكز التدريب المهني التابعة لمصلحة الكفاية الانتاجية بالوزارة من خلال تخصيص مدرسة لمصنع جنرال موتورز بحيث تقوم الشركة بالمساهمة في وضع المناهج العلمية والتدريب العملي للدارسين بهدف النهوض بالتعليم الفني والتدريب المهني من اجل تنمية ودعم العنصر البشرى وتزويده بأحدث الأساليب والنظم التعليمية والتدريبية وفقاً للمعايير الدولية وبما يتواكب مع الحداثة الصناعية على أن يستفيد المصنع من خريجين المدرسة فيما بعد، لافتا أن العنصر البشري يعد الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الصناعية.
وأعلن نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل أن الدولة المصرية تستهدف في الفترة المقبلة العمل على زيادة الصادرات وخاصة الصناعات التي بها قيمة مضافة محليا كبيرة، وفي هذا الإطار فيمكن تقديم حوافز تصديرية لقطاع السيارات من أهمها الدعم المباشر على تكلفة النقل للعديد من الأسواق.
كما أشار السيد نائب رئيس مجلس الوزراء إلى أنه سوف تقوم الحكومة باستكمال مبادرة الـ15% الخاصة بتمويل الصناعة؛ وسوف يتم تحديد القطاعات المستهدف النهوض بها، مؤكداً حرص الوزارة على توفير كل أوجه الدعم لشركات السيارات العالمية للإنتاج والتوسع في السوق المصري والتصدير.
وأوضح الوزير أن السوق المصري يمتلك كافة الإمكانات والمقومات الاستثمارية التي تؤهله لقيام صناعة سيارات قوية حيث يتوفر أمام الصناعة حجم سوق استهلاكي كبير هذا فضلا عن توافر الأيدي العاملة المؤهلة تمتاز بأجور منافسة وكذا وجود عدد كبير من الصناعات المغذية بالإضافة الى شبكة اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية المبرمة مع عدد كبير من الشركاء التجاريين والتكتلات الاقتصادية الرئيسية الاقليمية والعالمية والتي تمكن المنتجات المصرية من النفاذ لعدد كبير من الأسواق الخارجية بإعفاءات من الرسوم الجمركية.
ومن جانبها أعربت شارون نيشي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة جنرال موتورز مصر وشمال أفريقيا عن حرص الشركة على تعزيز تواجدها بالسوق المصري باعتباره أحد أهم الأسواق الرئيسية بمنطقة الشرق الأوسط وقارة أفريقيا، موجهاً الدعوة للوزير لحضور احتفالية جنرال موتورز بمناسبة انتاجها المركبة المليون بمصنع الشركة بمصر وذلك يوم ٢٢ سبتمبر المقبل.
وأكدت نيشي أن الشركة حريصة على العمل والتعاون المثمر مع وزارة الصناعة بهدف تعميق الصناعة وزيادة نسبة المكون المحلي في منتجاتها لتصبح مصر مركز تصديري هام لمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا ومن هذا المنطلق فإن الشركة تستهدف خلال الفترة المقبلة فرص تصديرية لبعض انواع السيارات التي تقوم بتصنيعها إلى أسواق شمال افريقيا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جنرال موتورز وزير الصناعة والنقل شمال أفريقيا صناعة السیارات السوق المصری رئیس مجلس
إقرأ أيضاً:
عن الديكتاتوريات الثورية التي لا تُهزم
يشكّل كتاب "الثورة والديكتاتورية: الأصول العنيفة للاستبداد الدائم" للباحثين ستيفن ليفيتسكي ولوكان واي، إضافة فكرية عميقة إلى فهمنا لأحد أكثر الأسئلة إلحاحا في التاريخ السياسي الحديث: كيف تنشأ الأنظمة الشمولية من رحم الثورات، ولماذا تعيش طويلا بعد أن تهدأ أصوات البنادق؟ الأطروحة التي يقدمها المؤلفان تقلب المفهوم التقليدي للاستقرار رأسا على عقب؛ إذ يريان أن الأنظمة الاستبدادية التي تولد من العنف الثوري لا تضعف به، بل تستمد منه صلابتها ومناعتها. فالثورة التي تُخاض بالدم والنار، كما في الصين وكوبا وإيران والاتحاد السوفييتي، تُنتج دولا قادرة على البقاء ليس رغم العنف، بل بسببه.
يطرح الكتاب مفارقة لافتة: العنف، الذي يُفترض أنه أداة للهدم، يتحول في لحظة الثورة إلى أداة للبناء. فحين تواجه الثورات مقاومة شرسة، داخلية أو خارجية، ينشأ ما يشبه "عقلية الحصار" داخل القيادة الثورية. الخطر الداهم يوحّدها، والدماء التي تُراق تصبح مادة لِحَميّةٍ سياسية جديدة تصهر النخبة في بوتقة واحدة. هكذا يتحول الخوف من الزوال إلى طاقة مركزية للبقاء، ويصبح النظام الثوري أكثر قدرة على التنظيم والسيطرة كلما ازدادت شدة التهديد. العنف هنا ليس فعلا عرضيا أو انفعالا مؤقتا، بل هو جزء من البنية التكوينية للنظام نفسه. إنه اللحظة التي تنصهر فيها السلطة الوليدة، وتُعيد ترتيب علاقتها بالمجتمع وبالعدو معا، فالثورة التي تُخاض حتى النهاية تُنشئ في داخلها ذاكرة جماعية من الخطر والبقاء، تجعلها تفضّل القبضة الحديدية على التسامح، والوحدة القسرية على التعدد.
يرى ليفيتسكي وواي أن ما يسمّيانه "الاستبداد الدائم" يقوم على ثلاثة أعمدة متكاملة: نخبة موحدة، وجهاز قمعي مخلص، ومجتمع منزوع البدائل. فالعنف الثوري يولّد نخبة متجانسة تعرف بعضها عبر التجربة الدموية المشتركة. هذه النخبة ليست مجرد حزب سياسي، بل جماعة مغلقة تُفرز الولاء عبر النار، وتجعل الانقسام الداخلي شبه مستحيل، لأن كل عضو فيها يدرك الثمن الذي دفعه لبنائها. ومن رحم الثورة أيضا تولد الأجهزة الأمنية والعسكرية المشبعة بعقيدة العداء والخوف، فتتحول إلى مؤسسات تحرس النظام لا الدولة (مصر مثالا ما بعد يوليو 1952)، وتستمد شرعيتها من الدفاع عن "المشروع الثوري" ضد أعداء الداخل والخارج. أما المجتمع، فسرعان ما يُعاد تشكيله على صورة الدولة الجديدة: تُلغى الأحزاب، وتُقمع النقابات، وتُخنق المنظمات المستقلة، ويُمحى أي صوت قد يذكّر بزمن ما قبل الثورة. عندها تكتمل الدائرة؛ لا يبقى سوى الدولة والحزب والقائد، ولا يعود التغيير ممكنا إلا عبر العنف ذاته الذي أوجد النظام أول مرة.
ولكي يبرهنا على صلابة هذه البنية، يستعرض المؤلفان تجارب متعددة. فالثورة البلشفية في روسيا لم تكتف بإسقاط القيصر، بل خاضت حربا أهلية دموية جعلت الحزب الشيوعي يتوحّد كليا تحت راية واحدة. العنف هنا لم يكن خطأ تكتيكيا، بل لحظة ولادة الدولة الحديدية التي ستصمد سبعين عاما. وفي الصين، تحوّل العنف الثوري الطويل إلى بنية ذهنية دائمة، فالدولة الشيوعية هناك تعلّمت أن تعتبر أي احتجاج امتدادا للحرب القديمة. لذا حين اندلعت مظاهرات تيان آن مين عام 1989، كان القمع السريع والقاتل نتيجة طبيعية لمنطق البقاء الذي وُلد مع الثورة ذاتها.
في المقابل، فشلت ثورات أخرى لأنها لم تعبر هذا الطور "الدموي المؤسِّس". فالثورات التي سعت إلى التوافق أو التسويات السلمية، مثل بعض تجارب أمريكا اللاتينية أو أفريقيا، لم تُنتج دولا متماسكة بل أنظمة هشة تفككت سريعا أمام الأزمات. يبدو أن غياب الخطر الوجودي منعها من بناء جهاز قمعي قوي أو نخبة موحدة؛ فظلّت كمن يمشي على أرض رخوة.
في مصر، تشكّل نموذج يوليو 1952 كأحد أكثر التجليات وضوحا لفكرة "الديكتاتورية الثورية" التي لا تموت لأنها لا تكفّ عن التمثّل في ذاتها كثورة دائمة. فالعنف المؤسِّس الذي أطاح بالنظام الملكي لم يكن مجرد لحظة قطيعة، بل لحظة ولادة لسلطة جديدة صهرت نفسها في جيشٍ يتقمّص دور المخلّص، ويحرس شرعيته بما يسميه المؤلفان "أسطورة الخطر الوجودي". لم يعد النظام يبرر سلطته باسم الدولة، بل باسم الثورة التي لم تكتمل بعد. وهكذا تحوّل المشروع التحرري إلى آلة انضباطٍ شاملة، استبدلت فكرة الأمة بفكرة الجماعة الوطنية المطيعة، وامتصّت السياسة في جسدٍ واحد يحتكر النطق باسم الشعب. منذ ذلك الحين، لم تخرج مصر من منطق الثورة التي تحرس نفسها من الثورة، فاستمرّت ديكتاتورية يوليو كطيفٍ يتجدّد في كل أزمة، لأنها وُلدت من وهم الخلاص، ولأنها وجدت في هذا الوهم سبب بقائها.
ورغم الجاذبية الفكرية لأطروحة ليفيتسكي وواي، فإنها تطرح سؤالا مقلقا حول الثمن الإنساني للاستقرار. فهل يمكن لنظامٍ أن يُبنى على العنف دون أن يصبح أسيرا له؟ إن الدولة التي تولد من النار، مهما بلغت من القوة، تظل مشدودة إلى ذاكرتها الدموية وإلى خوفها من عودة الفوضى. إن العنف الذي يمنحها المناعة هو ذاته ما يجعلها عاجزة عن التحول، لأن أي انفتاح أو تسامح يبدو لها تهديدا وجوديا. وبهذا المعنى، تبدو الأنظمة الثورية المستقرة كيانات محنطة أكثر منها كائنات حية؛ فهي تصمد، نعم، لكنها لا تتطور. إن ثمن البقاء في مثل هذه الأنظمة هو موت السياسة ذاتها، وتحويل المجتمع إلى صدى باهت لسلطة لا تعرف سوى الخوف والارتياب. وهنا يكمن السؤال الأعمق الذي يتركه الكتاب مفتوحا: أيّهما أخطر على الإنسان- الفوضى التي تلد الحرية، أم الاستقرار الذي يلد القمع؟