تعليق كينيدي لحملته الرئاسية يثير تساؤلات
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
أعلن المرشح الرئاسي المستقل، روبرت كينيدي جونيور، الجمعة، تعليق حملته لانتخابات الرئاسة ودعم المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، مشيرا إلى أنه سيسحب اسمه من بطاقات الاقتراع في الولايات المتأرجحة.
وقال كينيدي إن استطلاعاته الداخلية أظهرت أن وجوده في السباق سيضر بترامب ويصب في مصلحة المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، رغم أن الاستطلاعات العامة الأخيرة لا تشير بوضوح إلى تأثير كبير له على دعم أي من مرشحي الحزبين الرئيسيين.
خلال كلمته، أشار كينيدي إلى قضايا حرية التعبير والحرب في أوكرانيا و"حرب على أطفالنا" كأسباب دفعته لمحاولة إزالة اسمه من بطاقات الاقتراع في الولايات المتأرجحة.
وقال: "هذه هي الأسباب الرئيسية التي أقنعتني بمغادرة الحزب الديمقراطي والترشح كمستقل، والآن لدعم الرئيس ترامب".
والولايات المتأرجحة "Swing States" هي الولايات التي تلعب دوراً حاسماً في الانتخابات الرئاسية الأميركية، لأنها لا تصوت بشكل ثابت لصالح حزب معين (الديمقراطيين أو الجمهوريين)، مما يجعل نتائج التصويت فيها غير محسومة، مثل بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن وجورجيا وأريزونا ونورث كارولينا ونيفادا.
وسحبت حملة كينيدي طلبها للحصول على تصريح للترشح في أريزونا، وفق ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" وقدّم محامي الحملة إشعاراً في بنسلفانيا يفيد بأن كينيدي سينسحب من هناك.
ومع ذلك، في ميشيغان، قال مسؤولو الانتخابات إن الأحزاب الصغيرة لم تعد قادرة على سحب مرشحيها.
وقال مسؤولو الانتخابات في ولايات أخرى، بما في ذلك نيفادا ونورث كارولينا ويوتاه وكولورادو، إنهم لم يتلقوا طلباً من الحملة أو حزبه السياسي لسحب اسمه من ورقة الاقتراع.
استياءقرار كينيدي أثار استياء وسط أنصاره، وفق صحيفة "الغارديان".
وعلى موقع فيسبوك، حيث حشدت مجموعات مؤيدة لكينيدي آلاف المؤيدين في مختلف أنحاء البلاد، أعرب البعض عن خيبة أمل. ففي نظرهم، كان كينيدي وسيلة لمقاومة، بل وحتى كسر، نظام الحزبين في الولايات المتحدة، ورغم أن تعليق حملته الانتخابية كانت مؤلمة، "إلا أن قرار دعمه أحد المرشحين من الحزبين الرئيسيين يُنظَر إليه باعتباره أسوأ بكثير"، بحسب التعليقات.
You didn't drop out of the race in all states. What a lame endorsement of Trump. Funny stuff!
— Art Candee ???????? (@ArtCandee) August 23, 2024وفي تعليقه حول قرار كينيدي، قال المحلل السياسي الأميركي، خالد صفوري، إن الرجل عهد "حب الظهور" وإن حديثه بشأن تعليق حملته في بعض الولايات "مبهم"، ويوحي بأنه لم يحسم في الواقع أمره.
وفي حديث لموقع الحرة، شدد صفوري على أن السر وراء ذلك هو رغبته في الاستمرار في لعب دور في هذه الانتخابات حتى لا ينقطع عن الإعلام.
وقال: "قبل نحو سنة، عندما أعلن كينيدي قراره الترشح كمستقل، تهافتت عليه وسائل الإعلام، لكن بعد ذلك تراجع ظهوره بشكل كبير" وهو "السر"، وفق صفوري، وراء رغبته (كينيدي) في إبقاء وضعه غير محسوم.
ولفت صفوري إلى أن كينيدي كان قد حصل على نسب مقبولة خلال الفترة التي كان فيها الرئيس، جو بايدن، مرشح الحزب الديمقراطي، لكن الوضع لم يعد كذلك بعد ترشيح نائبته، كامالا هاريس، لمواجهة ترامب، "هذا سر رغبته في لعب أي دور في هذه الانتخابات".
وبخصوص تركه اسمه على بطاقات الاقتراع في بعض الولايات دون أخرى، قال صفوري إن كينيدي يحاول إبقاء حظوظه لنيل منصب إذا ما فاز ترامب، وذلك عن طريق إبقاء "ورقة لعب في يده" قد يفاوِض بها ترامب أو حتى هاريس "هذا سر عدم حسم موقفه في كل الولايات"، يقول صفوري.
وكان كينيدي قال في خطابه، الجمعة: "سيظل اسمي موجودا على ورقة الاقتراع في معظم الولايات، إذا كنت تعيش في ولاية زرقاء، فيمكنك التصويت لي دون الإضرار بالرئيس ترامب أو نائبة الرئيس هاريس أو مساعدتهما، وفي الولايات الحمراء، سينطبق الأمر ذاته".
المقابل؟وكانت وسائل إعلام أميركية زعمت أن روبرت كينيدي قد يتولى "بعض الإشراف" على واحدة من الوكالات الحكومية، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية (CIA) ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في نوفمبر.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن كينيدي تحدث مع ترامب عن تأييد حملته وتولي وظيفة في إدارته، للإشراف على مجموعة من القضايا لا سيما "الصحية والطبية"، وفق تعبير الصحيفة.
والشهر الماضي، قالت نفس الصحيفة إن كينيدي وترامب اتفقا على الاجتماع في ولاية ميلووكي خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري.
وجاء في تقرير الصحيفة "كان ترامب مهتماً بكينيدي حتى رغم انتقاده العلني له"، وفق ما نقلته عن أشخاص مطلعين على الأمر.
وكشفت أن المناقشات بين الرجلين "تضمنت مناصب محتملة يمكن أن يمنحها كينيدي في إدارة ترامب ، سواء على مستوى الوزارة أو المناصب التي لا تتطلب تأكيداً من مجلس الشيوخ".
في السياق، قال المحلل صفوري إن اختيار كينيدي لترامب على حساب هاريس يعود لكون حملة الأخيرة رفضت وعده بأي منصب، بينما "ترامب المعروف بوعوده فعل كذلك".
وكشف صفوري أن ترامب يبحث من خلال الحصول على تأييد كينيدي دعم حظوظه فقط، وقد لا يمنحه أي منصب إذا فاز.
وقال إن هذه الحيثية جعلت كينيدي يفضل التريث وعدم الانسحاب في كامل الولايات، وقد يقرر قبل نحو أسبوعين من يوم الاقتراع كيف سيتعامل مع الوضع، وفق صفوري.
ولفت صفوري إلى أن ترامب أيضا يلعب على حبل الوعود تماما كما فعل مع حاكم نيوجرسي وعمدة نيويورك حيث وعدهما بمناصب في إدارته السابقة لكنه لم يفعل.
وأنهى الانسحاب الجزئي لكينيدي ما بدا في البداية وكأنه أحد أكثر المحاولات الرئاسية الواعدة التي خاضها حزب ثالث في التاريخ الحديث الأميركي، والتي اجتذبت الناخبين الساخطين إلى سليل إحدى أكثر العائلات الديمقراطية المحبوبة في أميركا.
وكينيدي هو نجل السياسي الديمقراطي الراحل روبرت إف كينيدي، وابن شقيق الرئيس الأسبق جون كينيدي.
وفي مساء الجمعة، أي في نفس اليوم الذي أعلن فيه كينيدي تعليق حملته الانتخابية، ظهر في تجمع انتخابي إلى جانب ترامب في أريزونا، حيث أكدا اتفاقهما على عدة ملفات وقضايا.
وأعلن ترامب أنه في حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، سيقوم بإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في محاولات الاغتيال.
وقال ترامب إن اللجنة المستقلة ستكون مكلفة بالكشف عن جميع الوثائق المتبقية المتعلقة باغتيال الرئيس الراحل جون كينيدي.
وأضاف أن اللجنة ستقوم أيضا، بمراجعة شاملة لمحاولة اغتياله التي وقعت في تجمع انتخابي في بتلر بولاية بنسلفانيا، في 13 يوليو الماضي.
ووصف ترامب هذه الخطوة بأنها "تكريم لبوبي"، في إشارة إلى روبرت كينيدي جونيور الذي أعلن دعمه لترامب.
يُذكر أن كينيدي جونيور هو ابن شقيق الرئيس الراحل جون كينيدي.
وكان ترامب قد تعهد سابقا، في حال فوزه بولاية ثانية، بالكشف عن جميع الوثائق المتعلقة باغتيال جون كينيدي، وذلك بعد أن وافق في فترة رئاسته السابقة على الإفراج عن بعض الوثائق بينما احتفظ بأخرى سرية بناءً على طلب وكالات الأمن القومي.
من جانبه، أشاد كينيدي جونيور، بالرئيس السابق، وأكد أن ترامب يشاركه في مواقفه المتعلقة بالسياسة الخارجية، ومكافحة الرقابة الحكومية، و"القضاء على الأوبئة والأمراض المزمنة".
وخلال كلمته، أوضح كينيدي كيف التقى بترامب الشهر الماضي بعد محاولة اغتياله، ثم التقاه مرة أخرى في فلوريدا لمناقشة ما وصفه بـ"القيم المشتركة بينهما".
وقال كينيدي: "تحدثنا ليس عن القيم التي تفرقنا، لأننا لا نتفق في كل شيء، بل عن القيم والقضايا التي تربطنا".
وأضاف "إحدى القضايا التي ناقشناها كانت ضمان توفير طعام صحي وإنهاء وباء الأمراض المزمنة".
وتساءل كينيدي: "ألا ترغبون في رئيس يجعل أميركا صحية مرة أخرى؟"
وقبل أن يدعو كينيدي إلى المنصة، أعلن ترامب أنه سيطلب منه العمل على لجنة للتحقيق في "الزيادة المستمرة على مدى عقود في المشكلات الصحية المزمنة، بما في ذلك اضطرابات المناعة، التوحد، السمنة، العقم وغيرها".
وذكر كينيدي في كلمته أن ترامب أكد له رغبته في "إنهاء سيطرة المحافظين الجدد على السياسة الخارجية الأميركية" وتقليص الوجود العسكري الأميركي في الخارج.
كما شدد كينيدي على التزامهما المشترك بمعارضة الرقابة، وهي قضية كانت محور حملة كينيدي الانتخابية، حيث انتقد مرارا إدارة بايدن لتعاونها مع شركات التواصل الاجتماعي من أجل مكافحة المعلومات المضللة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: تعلیق حملته الانتخابیة کینیدی جونیور روبرت کینیدی دونالد ترامب الاقتراع فی فی الولایات جون کینیدی أن ترامب
إقرأ أيضاً:
سياسات ترامب تقلّص حركة السياحة إلى الولايات المتحدة
في وقت علّق فيه العاملون في قطاع السياحة الأميركي آمالهم على عام 2025 ليكون نقطة انطلاق للتعافي من الأضرار الاقتصادية التي خلّفتها جائحة كورونا، جاءت الإحصائيات لتكشف عن تراجع ملحوظ في أعداد السياح الدوليين مقارنة بالعام الماضي.
ورغم تأكيدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن السياحة في البلاد تشهد انتعاشًا ملحوظًا، فإن المعنيين بالقطاع السياحي يخالفونه الرأي، مشيرين إلى أن هذا التراجع يرتبط بشكل مباشر بعدد من السياسات التي تبنّتها إدارته.
في مقدمة تلك السياسات رفع الرسوم الجمركية وتشديد إجراءات الهجرة والرقابة على الحدود، وهي خطوات أثرت سلبًا على تدفق الزائرين وأسهمت في تراجع الولايات المتحدة كوجهة سياحية دولية.
تشهد العلاقات السياسية بين كندا والولايات المتحدة واحدة من أكثر مراحلها توترًا في العقود الأخيرة انعكست مباشرة على السياحة التي لطالما شكّلت أحد أبرز وجوه التعاون بين البلدين.
ففي ظل التصريحات المتصاعدة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحديدًا دعوته المتكررة لضم كندا كـ"ولاية رقم 51″ لبلاده، تراجعت أعداد الكنديين المسافرين إلى الولايات المتحدة بشكل حاد، وسط استياء شعبي كبير.
وكان رئيس الوزراء الكندي السابق، جاستن ترودو، أكّد في وقت سابق أن "كندا لن تكون على الإطلاق جزءًا من الولايات المتحدة" ودعا مواطنيه في فبراير/شباط الماضي إلى اختيار بلادهم كوجهة رئيسية لخططهم السياحية. حديث ترودو فسّره مراقبون على أنه دعوة مباشرة لمقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة التي كانت وجهة سياحية مفضلة.
إعلانأما ترامب، فلم يتوقف عن استغلال أي مناسبة منذ عودته إلى البيت الأبيض، لتكرار عرضه بضم كندا للولايات المتحدة. أحدثُها كان خلال استقباله في البيت الأبيض لرئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، الثلاثاء الماضي، حينما قال "ما زلت اعتقد أن كندا يجب أن تكون الولاية رقم 51". الرد الكندي جاء سريعا وقاطعا من كارني الذي أكد قائلا "بلادنا ليست للبيع".
الكنديون يتخلون عن أميركا كوجهة سفروأصدرت الحكومة الكندية في مارس/آذار الماضي تحذيرا لمواطنيها بشأن السفر إلى الولايات المتحدة، بعد إعلان الأخيرة ابتداءً من هذا الشهر عن إجراءات جديدة تقضي بتسجيل الأجانب الذين تزيد أعمارهم عن 14 عاما إن استمرت إقامتهم داخل الأراضي الأميركية لأكثر من شهر.
ويشمل ذلك الكنديين الذين كان بإمكانهم سابقا الإقامة حتى 6 أشهر بدون تأشيرة، مما أثار مخاوف تتعلق بالخصوصية، وأعطى مؤشرا إضافيا على الانزلاق المستمر في العلاقات.
البيانات الأخيرة لهيئة الإحصاء الكندية، كشفت عن انخفاض عدد المسافرين الكنديين عبر المنافذ البرية إلى الولايات المتحدة بنسبة 32% في مارس/آذار 2025، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، بينما سجّل السفر عبر الطيران تراجعا بنسبة 13.5%. كما تراجعت الحجوزات المسبقة للرحلات الجوية من الولايات المتحدة إلى كندا للفترة الممتدة من أبريل/نيسان إلى سبتمبر/أيلول القادم بأكثر من 70%.
ويرى مراقبون أن الرسوم الجمركية الباهظة على المنتجات الكندية، دفعت مجموعة من الكنديين لإعادة النظر في زياراتهم إلى الأسواق الأميركية وتقليص الارتباط بها، بعد أن كان التسوق يشكل نشاطا ترفيهيا رئيسيا في وجهاتهم داخل الولايات المتحدة.
ووفقا لتقديرات جمعية السفر الأميركية، فإن انخفاضا بنسبة 10% فقط في أعداد الزوار الكنديين قد يكلف الاقتصاد الأميركي ما يصل إلى 2.1 مليار دولار سنويا. وأكد جيف فريمان، الرئيس والمدير التنفيذي للجمعية، أن السياح الكنديين ينفقون في عطلاتهم 3 أضعاف ما ينفقه المواطن الأميركي، وهو ما يجعلهم "عنصرا حيويا في الإنفاق السياحي".
إعلان إجراءات تُربك الأوروبيينعلى غرار الكنديين، بات الأوروبيون أكثر ترددا في زيارة الولايات المتحدة كوجهة سياحية، بعد أن شهدت الأشهر الأخيرة تشديدا في إجراءات الدخول، أدى لحالات احتجاز وترحيل طالت بعض الزوار الأوروبيين، حتى من حاملي التأشيرات والإقامات القانونية.
فمنذ اللحظة الأولى لأدائه القسم الدستوري، شرع الرئيس الأميركي في إصدار أوامر تنفيذية صارمة تتعلق بالهجرة، أفضت إلى تكثيف الحملات على المهاجرين غير النظاميين، وتشديد الرقابة على التأشيرات، وتوسيع التدقيق الأمني عند المنافذ الحدودية والمطارات، بما في ذلك المسافرون القادمون من دول صديقة.
وكان من أبرز حالات الترحيل، ما نشرته وكالة فرانس برس في مارس/آذار الماضي بشأن منع عالم فرنسي من دخول الولايات المتحدة، رغم تلقيه دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر علمي بولاية تكساس. وبحسب الوكالة، خضع العالم لتفتيش دقيق عند وصوله، وعُثر في هاتفه على رسائل خاصة ينتقد فيها سياسة ترامب تجاه العلماء. إلا أن تريشيا ماكلولين، مساعدة وزير الأمن الداخلي الأميركي، نفت ذلك، مؤكدة أن القرار استند إلى "حيازته معلومات محمية من مؤسسة بحثية أميركية، وهو ما يشكل مخالفة لاتفاقية عدم الإفصاح".
صحيفة فايننشال تايمز نقلت أن شركة الخطوط الجوية الفرنسية سجلت انخفاضا بنسبة 2.4% في الحجوزات من أوروبا إلى الولايات المتحدة في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران، بينما شهدت الحجوزات الأميركية إلى أوروبا ارتفاعا بلغ 2.1%. وفي وقت سابق حدّثت الحكومة البريطانية إرشادات السفر، محذّرة مواطنيها من إمكانية "الاعتقال أو الاحتجاز في حال مخالفة" القواعد، وشددت على أن السلطات الأميركية تطبق هذه القواعد بصرامة.
ألمانيا بدورها أصدرت تحذيرا جاء في أعقاب احتجاز مواطن ألماني يحمل إقامة دائمة في الولايات المتحدة لأكثر من أسبوع قبل أن يتم ترحيله، رغم امتلاكه الوثائق القانونية الكاملة. التحذير الألماني أوضح أن "الحصول على التأشيرة لا يضمن الدخول إلى الولايات المتحدة".
مع تزايد المؤشرات السلبية لانكماش قطاع السياحة الدولي في الولايات المتحدة، بدأت الولايات الأكثر اعتمادا على هذا القطاع في استشعار تداعيات التراجع على اقتصاداتها المحلية، وفي مقدمتها ولاية كاليفورنيا. حاكم الولاية، غافين نيوسوم، أصدر بيانا الأسبوع الماضي حذر فيه من التهديد الذي يواجه قطاع السياحة الذي يدعم أكثر من مليون وظيفة، ويضخ مليارات الدولارات في خزينة الولاية كل عام.
إعلانوفي محاولة استباقية لتفادي موجة الركود، أطلق نيوسوم حملة دعائية موجهة نحو السوق الكندية، تهدف إلى إعادة جذب السياح من الشمال. وتضمنت الحملة مقطع فيديو نشره الحاكم على منصة "إكس" خاطب فيه الكنديين قائلا "أنتم تعلمون من يحاول إثارة المشاكل في واشنطن العاصمة، لكن لا تَدَعوا ذلك يفسد خططكم لقضاء عطلة على الشاطئ".
أما في ولاية نيفادا، التي تُعد واحدة من أكثر 5 ولايات استقبالا للزوار الأجانب، فقد ارتفعت حدة القلق السياسي من عواقب تراجع عوائد السياحة على الأسر العاملة والشركات الصغيرة.
السيناتورة كاثرين كورتيز ماستو، الممثلة عن الولاية، عبّرت عن قلقها من تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الاقتصاد المحلي، وطالبت في رسالتها الموجهة إلى عدد من المسؤولين، بتقديم خطة واضحة لتخفيف الضغوط الاقتصادية الناجمة عن هذه السياسات، مذكّرة بأن قطاع السفر والسياحة يمثل 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويدعم أكثر من 15 مليون وظيفة على المستوى الوطني.
وفي الساحل الشرقي، تعيش مدينة نيويورك، أشهر وجهة سياحية في البلاد، حالة مشابهة من القلق. فوفقا لتقرير صدر عن هيئة السياحة والمؤتمرات في المدينة، من المتوقع أن تستقبل نيويورك 12.1 مليون مسافر أجنبي في عام 2025، بانخفاض كبير عن التقديرات السابقة التي بلغت 14.6 مليون. وأرجع مسؤولو المدينة الأمر إلى الرسوم الجمركية والسياسات المتشددة بشأن الهجرة.
قطاع الطيران والسفر يستنجدوبعيدًا عن الحروب التجارية والرسوم الجمركية، تبرز مخاوف أخرى لدى المسافرين الدوليين إلى الولايات المتحدة، تتعلق بشكل مباشر بانتهاك الخصوصية الرقمية، المتمثلة في عمليات مصادرة الهواتف وأجهزة الحاسوب عند نقاط الدخول. ورغم أن السلطات الأميركية تبرّر هذه الإجراءات باعتبارها جزءًا من إجراءات أمنية موسّعة، إلا أن مراقبين يرون أن اتساع نطاق الفحص والتفتيش بدأ يُقلق الزائرين.
إعلانوتعززت هذه المخاوف عقب توقيف طلاب من أصول عربية، شاركوا في احتجاجات داخل الجامعات الأميركية ضد الحرب على غزة. خلّفت تلك الحوادث انطباعًا لدى الزوار المحتملين بأن إبداء التضامن مع قضايا إنسانية، حتى عبر الإعجاب بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يُعرّضهم للاحتجاز أو الترحيل وإن كانت لديهم تأشيرات سارية المفعول مما دفع كثيرين إلى إعادة التفكير في فكرة السفر.
وزارة الخارجية الأميركية أكدت بدورها أنها تُجري مراجعات مستمرة لوضع حاملي التأشيرات للتأكد من التزامهم بالقوانين الفدرالية وقواعد الهجرة. وأوضحت أنها تلغي التأشيرات وتُرحّل أصحابها عند وجود انتهاك. وشدد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو على هذا التوجه في مقال نشره عبر فوكس نيوز، قال فيه "على حاملي تأشيرات الولايات المتحدة أن يعلموا بأن التدقيق الأمني لا ينتهي بمنح التأشيرة"، في إشارة إلى أن المراقبة مستمرة حتى بعد الدخول.
في هذا السياق، حذّر جيف فريمان، الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية السفر الأميركية، خلال شهادته أمام مجلس النواب في أبريل/نيسان الماضي، من أن الإجراءات "غير الفعالة" في نظام التأشيرات ونقاط التفتيش في المطارات، قد تُلحق ضررا مباشرا بقطاع السفر والطيران، في ظل استثمارات ضخمة تضخّها دول منافسة مثل الصين. ودعا فريمان إلى منح القطاع أولوية قصوى، واتخاذ خطوات فورية لتحسين تجربة السفر.
بدوره، توقّع دين بيكر، كبير الاقتصاديين في مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية، استمرار تراجع حركة السفر الدولية إلى الولايات المتحدة، مشيرا بشكل خاص إلى الطلب المتراجع من الطلاب الدوليين، الذين بدؤوا يتجنبون القدوم بسبب مضايقات موظفي الهجرة والجمارك، وتزايد الشعور بعدم الأمان القانوني.
ومع ذلك، يرى بعض خبراء السياحة أن الوضع الحالي لا يشير إلى امتناع نهائي عن زيارة الولايات المتحدة، بل إلى تأجيل مؤقت في خطط السفر. ويُراهن هؤلاء على أن السياحة قد تستعيد عافيتها مع دخول موسم الصيف، الذي سيكون، برأيهم، مؤشرًا حاسمًا على ما إذا كان القطاع في حالة ركود فعلي أم يمر بمرحلة تذبذب مؤقتة.
إعلان