خالد سلك وفزاعة حرب الكل ضد الكل
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
(١) خالد سلك محدود القدرات الفكرية والسياسية ويتوهم بأن الشعب السوداني الواعي والذكي بذات الوهن السياسي وذلك عندما ينزع الى تبرئة ساحة تحالف تقدم من التآمر في حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م بل ويقدم ذاته في ثياب الواعظينا ومن خلال هذه المواعظ المفخخة يبعث برسائل التهديد للشعب السوداني الملتف حول جيشه الباسل حتى النصر وذلك كما فعل في تحليله لخطاب المجرم حميدتي الاخير ووصفه بأنه يكرس لمرحلة جديدة من حرب الكل ضد الكل داخليا وخارجيا وان القادم أسوأ ونحن نقول له زعم الفرزدق ان سيقتل مربعا
فابشر بطول سلامة يامربع وليس هناك أسوأ من النهب والسلب والاغتصاب والتشريد ورغم ذلك فان الشعب الجيش مصممان على تصفية وهزيمة المليشيا الارهابية مهما كانت التضحيات وارادة الشعوب لا تقهر في المعارك المصيرية.
(٢)
أما محاولة تبرئة ساحة تحالف تقدم من مؤامرة ١٥ ابريل ٢٠٢٣م فهي مردودة فتجارب التاريخ السياسي الوطني تؤكد انه ما وقع انقلاب عسكري في السودان إلا واستثمرت في التخطيط والتحريض له قوى سياسية وايديولوجية مدنية قبل العسكريين ، هكذا كانت الانقلابات العسكرية الكبرى في السودان بدءا من حركة نوفمبر ١٩٥٨م والتي كانت محض تسليم وتسلم من رئيس الوزراء والأمين العام لحزب الأمة عبد الله خليل الى قائد الجيش الفريق عبود، وانقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩م حيث كانت راءه الجبهة اليسارية التقدمية وواجهتها تنظيم الضباط الاحرار وانقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م الذي خططت له ونفذته الحركة الاسلامية السودانية.
معلوم ان المجرم حميدتي ظل يخطط لابتلاع السودان بعد ما يسمى بثورة ديسمبر ٢٠١٨م وتضخمه سياسيا وعسكريا واقتصاديا بدفع وموافقة قيادات قحت / تقدم ، ولكن حميدتي كان يدرك ان اي منازلة عسكرية بحتة له مع الجيش السوداني تعني هزيمته بإرادة الجيش والشعب السوداني معا ، لذلك خطط لاضعاف الجيش بابعاد الكثير من العناصر الصلبة ، وتدجين جهاز الامن والمخابرات بحل هيئة العمليات ، كما خطط لعزل المجتمع والثوار عن الجيش وجند لذلك جوقة معليش معليش ما عندنا جيش وحميدتي الضكران الخوف الكيزان.
(٣)
لكن حتى تكتمل خيوط مؤامرة المجرم حميدتي لابد من إسناد خارجي فعلى المستوى الإقليمي لابد من صيانة المصالح الاقتصادية والتجارية خاصة لاثيوبيا والامارات وبذل الرشاوي لرقيق السياسة الافارقة، اما على المستوى الدولي خاصة وسط الدوائر الأوربية والامريكية لابد من تبني شعارات الديمقراطية والدولة المدنية
لقد اتقنت قيادات قحت/ تقدم هذه الأدوار ببراعة حيث قدمت للمجرم حميدتي السند الفكري والسياسي المدني، والحاضنة الاجتماعية، ونزعت الى دق إسفين بين الجيش والمجتمع السوداني، ثم أعادت تبييض المجرم حميدتي وتسويقه دوليا كأيقونة للدولة المدنية الديمقراطية وذلك عبر رافعة الاتفاق الاطاريء . ولعل من تناقضات الهالك تصريحه قبل شنه للحرب ان الاطاريء هو المهاد الوحيد لانضاج التجربة الديمقراطية، بينما وصفه في خطابه المأزوم والمهزوم الاخير بأنه السبب المباشر لحرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م.
ان حياد قيادات تقدم يعني كسر إرادة الجيش والشعب السوداني واستلام السلطة عبر بندقية مليشيا آل دقلو ولما فشل هذا السيناريو في يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٣م. لجأوا الى تحقيق ذات الغاية عبر ابرام صفقة تسوية سياسية برعاية حلفائهم على المستوى الإقليمي والدولي. ولا يزالون يلهثون ولكن هيهات هيهات.
(٤)
كل الانقلابات العسكرية التاريخية في السودان كانت فوقية وهدفها االقفز على السلطة، وكان مصيرها أما الإجهاض وهي في صراع الرؤى والتكوين ، او الانتصار والازاحة من السلطة بعد حين بثورة شعبية وانحياز من المؤسسة العسكرية .
أما انقلاب تحالف آل دقلو / تقدم فهو الاخطر لانه حشد المرتزقة العابرة للحدود، ولأنه نزع إلى تصفية المؤسسة العسكرية الام واحلال المليشيا الاثنية الاسرية في مهامها ولأنه نزع إلى طمس الهوية الثقافية السودانوية المتراكمة منذ انسان سنجة إلى انسانه المعاصر، ولأنه نزع إلى احداث انقسام عمودي وخلخلة ديمغرافية في احواز المجتمعات السودانية، واحلال اثنية العطاوة كطبقة سكانية جديدة .
ان الاخطر في مؤامرة حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م نزوعها إلى اختزال قضايا السلطان والحكم في نظام الملك الاسري والاثني الجبري، والسودان القديم والحديث وتنوع مجتمعاته لم يعهد سوى تفتيت السلطة والثروة لا مركزيا. وبلوغ المؤامرة الوضيعة غايتها كان يعني تفكيك السودان على اساس صراع الهويات القاتلة.
(٥)
ان هذه الحرب الوجودية المصيرية وضعت الدولة السودانية في خيار واحد وهو ضرورة انتصار إرادة الجيش والشعب وافناء المليشيا الارهابية من جذورها وعدم القابلية لإعادة تدويرها سياسيا واقتصاديا وعسكريا بل واجتثاث الحالة الذهنية التي انتجت ظاهرة المجرم حميدتي
مع ضرورة اخضاع قيادات تحالف تقدم للمحاكمات الناجزة والعادلة عبرة لمن يعتبر.
انه الخيار الاستراتيجي الوحيد لصيانة الدولة السودانية من الاستلاب الخارجي والتفكك والانهيار الشامل، او الوقوع في فخاخ الحرب الاهلية ولانقاذ المشروع الوطني الديمقراطي من الاختطاف والأهم لاجتثاث ثقافة التمرد والعنف والاستقواء بالاجنبي.
انه الخيار الاستراتيجي الوحيد لانبعاث السودان في نهضة حضارية جديدة ركيزتها كل المجتمع.
عثمان جلال
الجمعة: ٢٠٢٤/١٠/١١
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ١٥ ابریل ٢٠٢٣م
إقرأ أيضاً:
أمريكا كانت تعرف، فلماذا سمحت بذبح السودانيين؟
في اليوم التاسع لاندلاع الحرب الحالية في السودان (24 أبريل 2023) أعلن وزير الخارجية الأمريكي وقتها، أنتوني بلينكن، أن كلاً من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وافقا على “هدنة إنسانية” لمدة 72 ساعة، لتمكين المدنيين في ولاية الخرطوم من قضاء احتياجاتهم، والأجانب من الجاليات وأعضاء البعثات الدبلوماسية من الاجلاء، وقد سبق ذلك إتصالات مباشرة أجراها قائد القيادة المركزية الأمريكية مع كل من رئيس مجلس السيادة ونائبه لضمان سلامة الأمريكيين بالسودان، وخاصة أعضاء البعثة الدبلوماسية، وشرعت الولايات المتحدة، في اليوم الثالث للحرب، في وضع خطة إجلاء شاملة، ونسقت مع “الطرفين” مسارات وصول وهبوط الطيران الحربي الأمريكي القادم من جيبوتي وهبوطه في مبنى السفارة الأمريكية في ضاحية سوبا.
وقتها أدركت أمريكا أن خطة الإنقلاب التي أطلعتها عليها حليفتها الإمارات، لاستلام السلطة في السودان بواسطة الدعم السريع، قد فشلت، ولأنها – أمريكا – كانت على علم بمدى الإعداد الذي تمّ لتنفيذ ذلك الإنقلاب، وخاصة في جانبه العسكري، وأن ترسانة الأسلحة والمعدات القتالية التي حشدها الدعم السريع كانت كافية لتحويل العاصمة إلى رماد، قال وزير خارجيتها إنه “لا حل عسكري للنزاع”، وظلت هذه هي سردية الجانب الأمريكي، وحلفاؤه إلى يومنا هذا.
ولم ينقضِ شهر الحرب الأول، حتى أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها فتحت نافذة إلكترونية لرصد “الانتهاكات” التي تحدث، وطلبت من السودانيين رصد ما يشاهدونه أو ما يتعرضون إليه من انتهاكات، ورفعها على الصفحة الإلكترونية التي تم تخصيصها لذلك، فتفاعل البعض مع الفكرة، وشكك آخرون في النوايا، لكن الشاهد في هذا هو أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تتوقع حدوث انتهاكات، لأنها كانت تعرف طبيعة السلوك الاجرامي للدعم السريع، وتعرف أن “الطرف” الذي يقف وراءه، لن يقبل أن يفشل “المشروع” حتى لو تحول إلى حرب أهلية وأدى لتقسيم البلاد، كما في حالتي ليبيا واليمن.
بعد شهرين من اندلاع الحرب، أكملت قوات الدعم السريع حصارها لمدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وقتلت الوالي خميس عبد الله أبكر، ومثلت بجثمانه في حادث مشهود، وحينها أدركت أمريكا أن المجازر في دارفور ستعود بشكل أشرس مما جرى في أوائل الألفية، فاستدعت وزارة الخارجية الأمريكية مركز أبحاث جامعة ييل للأبحاث الإنسانية، والذي كان ينشط في رصد الانتهاكات في أوكرانيا، إلى العمل تجاه الملف السوداني، فأقبل الدكتور ناثينال ريموند وفريقه مزودين بمقدرات الأقمار الاصطناعية التي وضعت فوق دارفور منذ 2006 لرصد الانتهاكات، ثم لمراقبة تدفق الأسلحة إلى دارفور تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وكان أشهر تلك الأقمار إعلامياً ذلك الذي يتبع لمشروع “ذا سنتري” ، وهي منظمة تحقيق استقصائي شارك في تأسيسها الممثل والمخرج الشهير جورج كلوني
بالتعاون مع الناشط في مجال حقوق الإنسان جون بريندرغاست، وتقول المنظمة أنها تهدف إلى فضح وتمويل الصراعات في أفريقيا عبر تعقب الأموال المشبوهة ومجرمي الحرب لإبعادهم عن النظام المالي الدولي، وتعمل المنظمة كشريك استراتيجي لمؤسسة كلوني للعدالة، وقد أصدرت منظمة (ذا سنتري) أكثر من تقرير تفصيلي عمّا يحدث في دارفور خلال فترة حصار الفاشر تحديداً.
لم يقف رصد الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، ولقرارات مجلس الأمن بمنع وصول أسلحة إلى دارفور، عند حدود ما ترصده تلك الأقمار، بل أسهمت كبريات المؤسسات الاعلامية الدولية، أمثال نيويورك تايمز و وول استريت جورنال، وفرانس 24 والغارديان البريطانية، وغيرها، في نشر سلسلة من الحلقات التي تتبعت مسارات وصول السلاح النوعي والذخائر إلى الدعم السريع في دارفور، سواء الآتي من بلغاريا أو اليونان أو القادم مباشرة من دولة الإمارات عن طريق الجو والبحر، أو الأسلحة ذات المنشأ الكندي أو البريطاني أو الصيني، والتي يُعاد تصنيعها وانتاجها في الإمارات، وتأخذ طريقها إلى دارفور رغم قرارات مجلس الأمن الدولي.
وعلى المسار الدبلوماسي والرسمي ظل السودان، عبر بعثته الدائمة في نيويورك، يقدم الشكوى تلو أختها، ويخاطب مندوبه الدائم مجلس الأمن الدولي، مستدلاً بالوثائق والمستندات، لإثبات الدور الإماراتي في تأجيج الحرب في السودان، وإرسال آلاف الاطنان من الأسلحة إلى دارفور، تارة عبر تشاد وتارة عن طريق جنوب السودان، ومحذراً من أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني التي أرتكبت في مختلف ولايات وسط السودان، سترتكب في دارفور، لكن كل هذا كله ظل حبيس الإدراج، اللهم إلا من قرار خجول أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، مطلع هذا العام، تصف فيه بعض الأفعال التي قام بها منسوبو الدعم السريع بأنها ترقى لمستوى إبادة جماعية !!
وحين انفجرت فضيحة المرتزقة الكولمبيين الذين يقاتلون لجانب الدعم السريع في الفاشر وغيرها، واعترف مَن لم يقتل منهم بأنهم تم تجنيدهم بواسطة شركات أمنية إماراتية للعمل في تلك الدولة، ثم وجدوا أنفسم في صحارى دارفور، يقاتلون بجانب الدعم السريع، ويدربون عناصره على مختلف أنواع الأسلحة، لم يعد هناك شئ يمكن إخفاؤه ليستر عورة الانخراط الإماراتي في حرب السودان.
قد يتساءل البعض ويقول إن أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر كانوا يعرفون حجم التورط الإماراتي في إمداد الدعم السريع بأحدث أنواع الأسلحة، ويعرفون قدراً كبيراً من الانتهاكات والجرائم التي أرتكبت بواسطة تلك الأسلحة، ودول كثيرة حول العالم كانت تعرف ذلك، فلماذا توجه حديثك هنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية دون غيرها ؟
وللإجابة أذكّر بما أوردته في بداية هذا المقال من وقائع، وأضيف إليها بأن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تكن فقط أول مَن قدم نفسه وسيطاُ، ودعا للمفاوضات بين “الطرفين” كما جرى في جدة قبل أن ينقضي شهر الحرب الأول، ولا آخر “طرف” يدعو الآن لوقف الحرب ويتبنى مشروع وساطة، بل كانت هي أحد الفاعلين الرئيسيين في مشروع إعادة هندسة السودان حتى بعد نجاحها في فصل الجنوب، وكانت أيضاً على علم تام بما انتوى شريكها الإماراتي فعله، بل لعلي أضيف هنا أن مبعوثها السابق، توم بيريلو، كان يقول لممثل الجيش السوداني، أيام مفاوضات جدة، وبكل ثقة وعنجهية “من الأفضل لكم أن توقعوا حتى تحافظوا على ما تبقى من جيشكم” ، وكان ممثل الجيش يرد عليه “أنتم لا تعرفون جيش السودان”.
إن الشهادة التي قدمها الدكتور ناثينال ريموند، في جامعة هارفارد الأسبوع الماضي، والتي ملأت الدنيا، كانت الدليل الأكثر موثوقية وحداثة على تواطؤ الإدارة الأمريكية وسماحها لحليفتها دولة الإمارات، بأن تستمر في إمداد الدعم السريع بأحدث أنواع الأسلحة، والتي لم تبق أي نوع من أنواع جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية في القاموس إلا وارتكبت بواسطتها، فلولا الدعم الإماراتي المتدفق لما استمرت الحرب على مدى ثلاث سنوات، ولما تضاعفت الانتهاكات والجرائم، ولو أن أمريكا كانت حريصة على أرواح السودانيين، مثل ما تدعيه من حرص على الحكم المدني، لقالت منذ العام الأول لحليفتها، وقد ثبت فشل مشروعها، كفى كُفي عمّا تفعلين.
ويبقى السؤال الذي يتعين علينا كسودانيين أن نسأله: لماذا سمحت الولايات المتحدة الأمريكية بذبح السودانيين مادامت كانت تعرف منذ ذلك الحين، أن المجازر ستحدث، وما دامت قد وثقت منذ وقت مبكر، حدوث تلك المحازر و الجرائم والانتهاكات؟
العبيد أحمد مروح
إنضم لقناة النيلين على واتسابPromotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/06 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة ثالوث الإنكار لتبرئة الغزاة2025/12/06 العاقل من اتعظ بغيره!2025/12/06 مقترحات لبناء سودان جديد2025/12/06 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس…)2025/12/06 في البدء كانت الكلمة2025/12/05 المستوطنون الجدد… مخطط خطير يهدد ديمغرافية السودان وهويته2025/12/05شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات حرب مفروضة وهُدنة مرفوضة! 2025/12/05الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن