على ماذا يعوّل .. لماذا يصر الجيش السوداني على الحسم العسكري
تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT
رغم تراجعه الميداني الكبير بعد اكمال الدعم السريع السيطرة على دارفور في أواخر أكتوبر، وتقدمه في إقليم كردفان المجاور في أعقاب السيطرة على مدينة بابنوسة الاستراتيجية، إلا أن الجيش السوداني يصر على خيار استمرار الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر عشرات الآلاف وتشريد نحو 15 مليونا، مكبدة اقتصاد البلاد خسائر بمليارات الدولارات، فلماذا يرفض الجيش الحلول الدولية المطروحة وعلى ماذا يعول في خيار الحسم العسكري؟.
التغيير _ وكالات
و يرى مراقبون أن استراتيجية إطالة أمد الحرب ترتبط بشكل أساسي بين طموحات قيادة الجيش وحلفائه في تنظيم الإخوان للاستمرار في السلطة، في ظل مخاوفهم من أن يؤدي أي مسار سلام جاد إلى إصلاح القطاع الأمني، وفرض التزامات تضعف القبضة السياسية والاقتصادية والأمنية لقيادة الجيش والتنظيم.
ويشيرون إلى أن الإصرار على “الحسم العسكري”، ورفض الحلول السلمية المطروحة هو جزء من الأدوات المستخدمة لمقاومة أي مسار جاد قد يؤدي إلى تقليص نفوذها أو كشف ملفاتها.
وبالتوازي مع المبادرات الدولية والإقليمية التي سعت لايقاف القتال، بذل تحالف الحرب المكون من قيادات الجيش وتنظيم الإخوان ومجموعات أخرى، جهدا منظما لاقناع الرأي العام بسردية “الحفاظ على السيادة”، للتغطية على الجرائم والانتهاكات الواسعة، والرفض المستمر للمبادرات التي بلغت حتى الآن 11 مبادرة.
وفي ظل صعوبات تمويلية ضخمة تسعى قيادة الجيش السوداني إلى مقايضة روسيا بامتيازات تعدينية في مجال الذهب مقابل الحصول على أنظمة دفاع جوي متطورة وذخائر موجهة بأسعار تفضيلية، بهدف تعزيز تحصينات المدن وتغيير التوازن التكتيكي، وفقا لتقرير نشره موقع “أخبار الدفاع”، لكن ضابط كبير سابق في الجيش، قلل من أهمية التعويل فقط على الحصول على الأسلحة للاستمرار في منهجية الحسم العسكري، مشيرا الى اضرار كبيرة لحقت ببنية الجيش، وحذر من أن اطالة امد الحرب ستؤدي الى إنهيار كامل في الجيش.
استراتيجية البقاءيربط مراقبون بين الرفض المتواصل للمبادرات الدولية التي سعت منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، واستراتيجية قيادة الجيش وداعميها من تنظيم الإخوان الرامية لاستمرار الحرب كوسيلة للبقاء في السلطة.
وأكدوا أن رفض الجهود الدولية الحالية ليس موقفا مبدئيا، بل هو تعبير عن بنية تعتبر الحرب وسيلة للحكم، وانعكاس لخوف متجدد من عودة الرقابة الدولية، وفتح ملفات جرائم الحرب المرتكبة حاليا، والانزلاق نحو مسار سياسي قد يفضي إلى انتقال لا مكان فيه للنظام القديم.
واعتبر المراقبون أن تعدد المبادرات لم ينجم عن تعدد الجهود، بل لسياسة متعمدة تهدف إلى تعطيل أي مبادرة يمكن أن تنجح، مشيرين إلى أن السلطة القائمة في بورتسودان تسعى إلى تعطيل مبادرة الرباعية قبل أن تتحول إلى مسار دولي ملزم.
وفي هذا السياق، يقول مهدي الخليفة الوزير الأسبق بالخارجية السودانية: “يستمر تحالف الحرب في الهجوم على أي مبعوث أممي، أو التشكيك في أي وسيط دولي، أو طرح مبادرة ثالثة ورابعة، كآلية دفاعية جوهرية، لأن الوصول إلى حل يعني ببساطة احتمال فتح ملفات لا يريدون لها أن تفتح. ولذلك سيظل هذا الخطاب يتجدد، ما دام بقاء التنظيم وقيادة الجيش مرهونا بحماية شبكات المصالح، ومنع الرقابة، وتعطيل أي عملية سياسية تعيد السلطة إلى الشعب”.
ويعبر الخليفة عن مخاوفه من أن يؤدي النهج الرامي لإطالة أمد الحرب إلى تداعيات كارثية، ويقول: “سيظل السودان عالقا بين مبادرات لا تنفذ، وسلطات تطيل الحرب لتضمن بقاءها، وشعب يدفع ثمن صراع لا نهاية له إلا بسلام حقيقي يستند إلى الإرادة الوطنية، لا إلى مناورة السلطة”.
تعويل على صفقة روسيةحيث تصر قيادة الجيش على خيار الحسم العسكري رغم الواقع الميداني المتردي، في ظل تقارير تتحدث عن صفقة محتملة مع روسيا لتوريد انظمة دفاع متقدمة.
ووفقا لتقرير نشره موقع “أخبار الدفاع”، فإن محادثات تجري مع موسكو على صفقة لتزويد الجيش السوداني بأنظمة دفاع جوي متطورة وذخائر موجهة بأسعار تفضيلية، مقابل منح روسيا امتيازات في قطاعات التعدين وموانئ البحر الأحمر.
ومن بين أنظمة الدفاع الجوي التي يسعى الجيش السوداني للحصول عليها نظام “اس 300 بي ام يو 2 فافوريت” المزود برادار لديه القدره على رصد الأهداف على مسافة تزيد عن 300 كيلومتر، بالإضافة إلى نظام “اس 350 فيتياز” المصمم للاشتباك مع الطائرات والصواريخ ضمن نطاق يبلغ حوالي 120 كيلومترا باستخدام صواريخ اعتراضية متطورة.
كما تشمل الصفقة المحتملة نظام “بوك-إم2إي”، المستخدم ضد الطائرات والطائرات المسيرة وصواريخ كروز على مدى يتراوح بين 45 و50 كيلومترا، وحلول الدفاع النقطي قصيرة المدى مثل “بانتسير-إس1″، المُصمم خصيصا لاعتراض الطائرات المسيرة.
لكن اللواء كمال إسماعيل رئيس التحالف الوطني السوداني، يشير الى أن الحصول على السلاح وحده لا يكفي للاستمرار في الحرب في ظل صعوبة السيطرة والقيادة بسبب تعدد المجموعات المسلحة المتحالفة مع الجيش وتباين اهدافها وطموحاتها.
ويحذر اسماعيل، من التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تلحق بالجيش مع إطالة أمد الحرب. ويوضح في حديث لموقع سكاي نيوز عربية: “هنالك أضرار كبيرة لحقت بالجيش خلال فترة الحرب الحالية، شملت الخسائر في الأفراد والمعدات، مما أثر كثيرا على بنية الجيش، وأتوقع أن يكون التأثير أكبر في حال الإصرار على مواصلة الحرب”
ويضيف: “الحسم العسكري غير ممكن وهنالك فقدان للقيادة والسيطرة وهو ما ظهر خلال الانسحابات الأخيرة التي تمت خارج الأطر العسكرية المعروفة، مما يؤكد وجود خلل وانخفاض كبير في الروح المعنوية لضباط وجنود الجيش”.
ويشدد إسماعيل على أن الحل الوحيد أمام قيادة الجيش هو الذهاب الى التفاوض، قبل أن يحدث الانهيار الكامل.
الوسومإطالة أمد الحرب التقدم في كردفان الجيش الدعم السريع السيطرة على دارفور تراجع ميدانيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إطالة أمد الحرب التقدم في كردفان الجيش الدعم السريع السيطرة على دارفور
إقرأ أيضاً:
بعد عثر جهود وقف إطلاق النار .. أمريكا تدرس فرض عقوبات أوسع على الجيش السوداني و الدعم السريع
تدرس الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات أوسع على الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مع تعثر جهود وقف إطلاق النار غي البلاد في وقت فشل فيه مبعوث ترامب مسعد بولس في تأمين اتفاق بينما تستعد النرويج لاستضافة محادثات حول كيفية استعادة الحكومة المدنية في السودان.
التغيير _ وكالات
وفي الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن العمل بدأ لإنهاء الحرب في السودان بعد طلب شخصي للتدخل المباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لكن بولس، حمُو ابنة ترامب تيفاني، يحاول في الواقع منذ أشهر إقناع الجيش السوداني ومنافسه، قوات الدعم السريع شبه العسكرية، بدعم وقف إطلاق النار، ولكن دون جدوى.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال اجتماع وزاري في البيت الأبيض يوم الأربعاء إن ترامب هو “الزعيم الوحيد في العالم القادر على حل الأزمة السودانية”.
فيما قال دبلوماسي عربي: “ترامب يُعطي زخمًا لعمليات السلام. المهم هو ما نفعله بها”.
و بحسب صحيفة الغارديان فأن الأطراف المتحاربة قيل لها إنه من المرجح للغاية أن يستخدم ترامب مجموعة أوسع بكثير من العقوبات العقابية على الجماعات التي يعتبرها تقف في طريق وقف إطلاق النار.
خارطة طريقو تستعد وزارة الخارجية النرويجية لدعوة مجموعة واسعة من المجتمع السوداني إلى أوسلو في الأسابيع المقبلة لوضع خريطة للمعايير التي يمكن من خلالها استعادة الحكومة المدنية في حال انتهاء الصراع، و بحسب الأمم المتحدة، أسفرت الحرب عن مقتل 40 ألف شخص – على الرغم من أن بعض جماعات حقوق الإنسان تقول إن عدد القتلى أعلى بكثير – كما خلقت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع نزوح أكثر من 14 مليون شخص.
و دعمت السعودية ومصر الجيشَ دعمًا واسعًا، بينما دعمت الإمارات قوات الدعم السريع . قد تكمن فعالية تدخل ترامب في إقناع الإمارات سرًا بأن موقفها – الذي تنفيه الإمارات، رغم الأدلة التي جمعتها الأمم المتحدة وخبراء مستقلون ومراسلون – يأتي بنتائج عكسية. وقد يتطلب ذلك أيضًا من السعوديين تخفيف إصرارهم على استمرار “المؤسسات الشرعية” في السودان – وهو نهج دبلوماسي يهدف إلى الحفاظ على الجيش الحالي الخاضع لتأثير الإسلاميين.
وجاء التحرك المتأخر للسودان على أجندة الولايات المتحدة في الوقت الذي حذر فيه المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أنه منذ 25 أكتوبر، عندما استولت قوات الدعم السريع على مدينة بارا في شمال كردفان، كان هناك ما لا يقل عن 269 قتيلاً مدنياً نتيجة للضربات الجوية والقصف المدفعي والإعدامات بإجراءات موجزة.
و بعد تدخل ولي العهد السعودي، من المرجح أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لتوسيع نطاق العقوبات على الأطراف المتحاربة، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات لتطبيق وتمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على دارفور، والذي يُساء استخدامه على نطاق واسع. حتى الآن، اقتصرت العقوبات الأمريكية على قيادات قوات الدعم السريع والجيش، ومجموعة صغيرة من الإسلاميين السودانيين المرتبطين بالجيش، وبعض الشركات الإماراتية.
سبتمبر، طرحت ما يسمى بالرباعية – التي تضم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر – خطة لهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تؤدي إلى عملية سياسية مدتها تسعة أشهر وتؤدي إلى حكم مدني
حيث تظاهرت قوات الدعم السريع بقبولها ، لكنها واصلت القتال، ورفض الجيش خارطة الطريق بغضب، متهمًا الرباعية بالتحيز، مما أثار غضب بولس. وقال الجيش إن الاقتراح يستلزم حل الجيش، الذي يُعدّ حجر الزاوية في قاعدته.
و كان نائب وزير الخارجية النرويجي، أندرياس موتزفيلد كرافيك، في بورتسودان الأسبوع الماضي للقاء قيادة الجيش. وقال كرافيك: “بدون وقف إطلاق النار، ستستمر البلاد في التفكك، مع عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها”. وأضاف: “تأمل النرويج في الأسابيع المقبلة أن تجمع المجتمع المدني في أوسلو لمناقشة كيفية إعداد حكومة مدنية”.
وفي الوقت نفسه، فإن تهديد ترامب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية، والذي دعمته هذا الأسبوع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، قد يضعف الجيش لأنه متهم في كثير من الأحيان بوجود روابط واسعة النطاق مع الحركة .
ولا شك أن اهتمام البيت الأبيض بالأزمة السودانية قد تزايد بفعل التقارير المتجددة التي تشير إلى أن الجيش ربما يكون على استعداد لتأجير ميناء لروسيا على مدى فترة طويلة، فضلاً عن مزاعم بأنه منع سلطات الأمم المتحدة من الوصول إلى الموقع لتقييم مزاعم استخدامه للأسلحة الكيميائية.
وتقول الإمارات العربية المتحدة، التي تعارض نفوذ الإسلام السياسي، إن القضاء على جماعة الإخوان المسلمين يجب أن يظل العامل الرئيسي في نهج الغرب تجاه المنطقة.
و في حديثها بمركز تشاتام هاوس للأبحاث هذا الأسبوع، قالت لانا نسيبة، وزيرة الدولة الإماراتية، إن حل النزاع يكمن في إعادة السودان إلى حكومة مدنية واسعة النطاق. وأضافت: “لا نرى أي إعادة تأهيل سياسي لأيٍّ من الطرفين المتحاربين. لقد ارتكبت قوات الدعم السريع وهيئة بورتسودان (كما تصف نفسها) انتهاكات جسيمة، وتعرضتا للعار، وفي نظر المجتمع الدولي، ليس لأي منهما الحق الشرعي في تشكيل مستقبل السودان”.
و أصدر المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الخميس، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن السودان، معربًا عن خشيته من “موجة جديدة من الفظائع” وسط تصاعد القتال العنيف في إقليم كردفان. وحثّ فولكر تورك “جميع الدول ذات النفوذ على الأطراف على اتخاذ إجراءات فورية لوقف القتال، ووقف تدفق الأسلحة الذي يؤجج الصراع
الوسومأمريكا الجيش السوداني الدعم السريع الرباعية بعد تعثر الجهود ترامب فرض عقوبات أوسع مسعد بولس وقف إطلاق النار