" مرَّتْ الأيّام كالخَيال أحلاَم... مرَّت ومرَّ نَعِيم كان ظنِّي فيه يطول ... لكنُه مرَّ سرِيع " . كانِ ذلك هو لسانُ الحالِ وقد انقضى الحَوْلُ إثرَ الحَولِ منذُ أن بدَأنا العملَ بمركز التَّدريب التابع للشركة السعودية للكهرباء في الدمام. ثلاثةُ حُؤولٍ انصَرمتْ منذُ البَدءِ وحتى نوفمبر ٢٠٠٦م ، بقيتْ لنا ثمانيةُ أشهرٍ على العقدِ المُبرمِ بيننا وشرِكة الحُقيط.

سارَ العملُ في تدريسِ المُتدَرِبين سيراً حسناً وحثيثاً إذ تَخرَجتْ دُفعةٌ منهم وشَمِلتْ عدداً من التَّخصُّصاتِ المُرتبطةِ بأعمالِ الشركة السعودية للكهرباء والذين سيتَفرَقونَ على محطاتِ الكهرباء في المدنِ المختلفة . وهنالك دفعةٌ أخرى سوف تتخَرّجُ مع انتهاءِ تعاقُدِنا الذي يتواءمُ مع انتهاءِ العامِ الدِّراسي ٢٠٠٧م .
على صعيدٍ آخر ، انضمَّ أبنائي عمر وأحمد منذُ حُلولِنا بحي الرَّاكة بالخُبر إلى حلقاتِ تحفيظِ القرآنِ الكرِيم المُقامةِ بعد صلاةِ العصرِ يومياً بأحدِ المساجدَ . فكانَ أنْ حَفِظَ عُمَر عشرينَ جُزءاً بنهايةِ الثلاثةِ أعوام وحَفِظ أحمد إثني عشرةَ جُزءاً. ذلك فضلٌ مِن اللهِ ونِعمَةٌ .
ظلَّ حبلُ الوُدِّ بيننا وبين معارِفنا وأصدِقائنا وأهلِنا في الجُبيل البلد والجُبيل الصناعية ممدوداً بِتَبادُل الزياراتِ الأُسرِية بيننا ، وازْدَدْنَا كيلَ بَعِير بعلاقاتٍ أُخَر يانعاتٍ مع مجموعةٍ أخرى من الأُسر السُّودانية بالدَّمام والخُبر مِمّن جَمعَتنا بهم صلاتُ العملِ أو الرَّحِم، وكذلك ظلَّ الوصل حميماً معهم .
وهكذا كانتْ تلك السُّنونُ الثلاثُ ونَيْف برداً وسلاماً علي وعلى أبنائي وزوجتي وانجازاً شمِلَ حياتَنا المادِّيةَوالمَعنوِية وكان جبراً لخَواطِرنا وتَعوِيضاً عمَّا عانَيْنا منه في السَّابِق . ونحمدُ اللهَ أنْ أراد بنا خيراً وهيّأ لنا تلك النِّعم . فللَّهِ الحمدُ كلُّه والشُّكرُ كلُّه . ولم يقتصرْ التوفيقُ والخيرُ علينا فقط بل امتَدَّ إلى الأهلِ بالسُّودان .
انصَرمتْ كذلك الأشْهرٌ الثَّمانيةُ الأخيرةُ من عُمرِ التَّعاقُد مع SCECO وخُتِمتْ في يوليو ٢٠٠٧م بالامتِحاناتٍ النِّهائيةِ والنًّتائِج التي أسْفَرتْ عن تَخرِيجِ دُفعةٍ أخرَى مُؤهلةٍ تماماً في مجالاتِ تَخَصُّصِها ، بِمهْنِيةٍ مُستَحقةٍ وجدارةٍ شَمِلتْ حتى اللُّغة الإنجليزية well- deserved merits لكلِّ الخِرِّيجين من مركزِ التَّدريبِ التَّابع للشّركةِ السَّعودية للكهرُباء .

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

المرونة.. مفتاح العمل المناخي في عالم مضطرب

شهد العالم، في أعقاب اتفاق باريس، موجة من الحماس المؤسسي تجاه العمل المناخي، حيث تصدّرت التزامات «صفر انبعاثات» وجدول التحول في مجال الطاقة أجندات الحكومات والشركات على حد سواء. إلا أن التحولات السياسية والتحديات التنفيذية التي واجهت هذه الالتزامات أبطأت من زخمها. وقد تعززت الشكوك بشأن إمكانية تحقيق بعض أهداف هذا التحول، مدفوعة جزئيًا بمقاومة قطاعات الوقود الأحفوري، وتزايد الريبة الشعبية في العديد من المناطق، حيث عمد الخطاب الشعبوي إلى تصوير الطموحات البيئية الواسعة على أنها غير واقعية أو بعيدة عن هموم الناس.

ويمر المشهد الجيوسياسي بتحولات زلزالية، تفرز ضغوطًا اقتصادية واستراتيجية جديدة. فالتنافس بين القوى الكبرى أخلّ بسلاسل الإمداد التي طالما كانت راسخة، مما ولّد حالة من عدم اليقين. وتجد الشركات نفسها اليوم مضطرة للتكيف، غالبًا بتكاليف باهظة. فاستثمارات طويلة الأمد في سلاسل إمداد قائمة قد تصبح فجأة غير مجدية مع تغيّر الرياح السياسية. وهذا يدفعها إلى إعادة تقييم كيفية تحقيق التوازن بين إدارة المخاطر والحفاظ على الالتزام المناخي في ظل اقتصاد عالمي آخذ في التفتت. بالنسبة لكثير من المؤسسات، أصبح التوفيق بين التوترات العالمية والامتثال البيئي ضمن أنظمة قضائية متعددة، أمرًا بالغ الصعوبة.

وفي ظل هذا المشهد المتقلب، بدأت المرونة تظهر كعدسة تحليلية مفيدة للمؤسسات والشركات لمواجهة حالة عدم اليقين. فهي لا تشكل بديلًا مباشرًا لاستراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG)، لكنها توفر إطارًا يعزز القدرة على التنبؤ والتكيف مع مختلف أنواع الاضطرابات. وهذا التحول ليس مجرد فكرة نظرية. فالكوارث المناخية التي تزداد حدة، مثل الأعاصير وموجات الحرّ والفيضانات، باتت تتسبب في تعطيلات واسعة النطاق للعمليات العالمية. إنها تكشف نقاط ضعف سلاسل الإمداد، وتستنزف الموارد، وتضرّ بسمعة الشركات. كما أنها تثير تساؤلات حول جدوى استراتيجيات التخفيف من المخاطر التي تعتمد بشكل مفرط على نماذج الأعمال القائمة على التأمين.

وفي الوقت ذاته، فإن تبني مبدأ المرونة يعني أيضًا إعادة النظر في معضلات قديمة طال أمدها تتعلق بما يسمى بـ «قضايا الترابط» – أي التحديات المتشابكة بين المناخ وأمن الموارد، مثل الطاقة والمياه والغذاء والمعادن.

وتوفر المرونة أيضًا إطارًا ثمينًا لدمج التحدي المناخي مع أجندة الطبيعة والتنوع البيولوجي. فهي تعزز الحلول المتكاملة مثل ترميم النظم البيئية، واستعمالات الأراضي المستدامة، وحماية المواطن الطبيعية لتقليل آثار تغيّر المناخ.

المرونة.. أولوية لأصحاب المصلحة

إن التركيز على المرونة من شأنه أن يُحدث تحولًا جوهريًا في جدول أعمال الابتكار المؤسسي. فبدلًا من الاكتفاء بالاستجابة للمخاطر الآنية، تدفع المرونة الشركات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها طويلة الأجل – لا سيما فيما يتعلق بقضايا المناخ والموارد. عندئذٍ، لا يقتصر الابتكار على تحسين المنتجات أو العمليات فحسب، بل يشمل أيضًا تصميم أنظمة قابلة للتكيف مع مستقبلٍ يتّسم بعدم اليقين.

وقد يفضي هذا التحول إلى تقدم ملموس في تطوير بنية أساسية مصممة للاستدامة على المدى الطويل، بما في ذلك نماذج الاقتصاد الدائري، وتقنيات التقاط الكربون، ومصادر الطاقة النظيفة – أي مواءمة الاستقرار التشغيلي مع الأهداف البيئية.

ومن شأن التركيز على المرونة أن يتيح لقادة الشركات توسيع نطاق اهتمامهم ليشمل مجموعة أوسع من أصحاب المصلحة، لا أن ينحصر في تعظيم قيمة المساهمين فقط. فمن خلال تلبية احتياجات الموظفين، والمستهلكين، والمجتمعات المحلية، بل والمجتمع المدني عمومًا، يمكن للشركات أن تبني الثقة والشرعية في زمن تتزايد فيه الرقابة العامة.

وهذا لا يُعدّ مجرد موقف دفاعي، بل هو في جوهره مسار نحو خلق قيمة طويلة الأمد وتعزيز الابتكار المؤسسي. وبالنسبة للشركات التي أنهكتها المناقشات المستقطبة حول الحوكمة البيئية والاجتماعية، قد تشكّل المرونة مفهومًا جامعًا وواقعيًا. فهي تُبعد الجدل عن السجالات، وتُعيد توجيه الجهود نحو تحقيق أهداف بيئية واجتماعية ضرورية لإدارة رأس المال المستدام. وفي الواقع، بدأت العديد من الشركات بالفعل في التحرك بهذا الاتجاه. ويُمكن ملاحظة تركيزها المتجدد على المرونة من خلال خطوات ملموسة، منها تنويع قاعدة الموردين، وتوطين قدرات الإنتاج لخلق قيمة مضافة محليًا، وتحسين الأداء البيئي والاجتماعي للسلع والخدمات. كما تعمل هذه الشركات على تقليص الفاقد والقصور، وهي استراتيجيات تساهم في حماية العمليات، وصون الموظفين، والعملاء، والمجتمعات أثناء الأزمات.

ومع ازدياد تقلبات العالم، لم يعد يُنظر إلى المرونة كمجرد شعار رائج أو «كلمة طنانة»، بل باتت ضرورة عملية واستشرافية في صلب استراتيجيات الشركات بشأن المناخ والتحول الطاقي. فحين تدمج الشركات مبدأ المرونة في عملياتها، فإنها لا تكتفي بحماية نفسها من المخاطر، بل تساهم أيضًا بفعالية في الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ، وحماية الطبيعة، وتعزيز النمو المستدام والعادل.

من أجل نمو المستدام

يأخذ المشهد العالمي منحى متزايدًا من التعددية القطبية، تغذّيه التنافسية الاقتصادية والتفكك الجيوسياسي. لقد تلاشى إلى حدٍّ كبير مفهوم «الفرص المتكافئة». وفي ظل هذا الواقع، يتعيّن على الشركات أن تركّز على استراتيجيات «مضادة للهشاشة» ومتوافقة مع أهداف المناخ والاستدامة، دون انتظار إشارات سياسية واضحة. بل ينبغي لها أن تمضي قدمًا، متماشية مع تطلعات المجتمعات ومتطلبات البيئة.

وتشير أبحاث أجرتها مؤسسة «غلوب سكان» مؤخرًا إلى أن الدعم الجماهيري لمناصرة الشركات للعمل المناخي لا يزال قويًا، كما تظهر نتائج الاستطلاعات (انظر الرسم البياني في النسخة الأصلية للمقال). وهذا يؤكد أن للشركات تفويضًا مزدوجًا – استراتيجيًا وأخلاقيًا – للتحرك. إن المرونة لم تعد خيارًا إضافيًا، بل غدت حجر الأساس. فمع تصاعد التوترات العالمية والمخاطر المناخية، أصبح لزامًا على الشركات أن تتكيف. وبناء المرونة هو ما يوفّر الحماية لعملياتها ويعزّز في الوقت نفسه نموًا شاملاً ومستدامًا.

بيرنيس لي مستشارة أولى بالمعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن عن المنتدى الاقتصادي العالمي

مقالات مشابهة

  • ترامب من أبو ظبي: نتطلع إلى وقف الحرب في غزة وإدخال المساعدات
  • بيان مهم من العمل بشأن فرص عمل الإمارات.. تفاصيل
  • الإمارات.. 9 حالات لانتهاء عقد العمل
  • أزمة المرور في مسقط: دعوة إلى حلول عاجلة
  • العمل: اكثر من 66 ألف شخص من ذوي الاحتياجات استوردوا سيارات بشروط خاصة
  • كن عميقًا.. كن لبقًا
  • مؤسسات الأعمال الخيرية
  • سيف بن زايد يبحث التعاون مع وزير داخلية بيلاروسيا
  • مديرية الجبل الأخضر تتفقد جهاز مكافحة المخدرات في شحات
  • المرونة.. مفتاح العمل المناخي في عالم مضطرب