بسم الله الرحمن الرحيم

قادة دينيون من أجل السلام والتماسكالاجتماعي

فقه التعامل في ظل الفتنة

كتبه د. عبدالمحمود أبو

في ظل الحروب تعلو أصوات البغض، والكراهية، والانتقام،وهي أصوات يغذيها دعاة الشر، وهم كثر في المجتمع يأتون عبر مداخل شتى فعلى المؤمن أن يكون حذرا قال تعالى:(( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))

عليه فإن فقه التعامل في ظل هذا المناخ المأزوم يقوم على الآتي:-

أولا:التأني والتريث في تلقي المعلومات للتأكد من صحتها، حتى لا يتهم البريء بما لم يرتكبه قال تعالى:(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ))

ثانيا:عدم ترويج الإشاعات والحذر من نشر الأخبار التي تضر بالفرد أو الجماعة أو الوطن، ففي الحديث ((كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع)) وقال تعالى:(( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا))*

ثالثا:الحذر من التعرض لإلحاق الأذى بالناس، سواء كان بالهمز أو اللمز، أو الغيبة والنميمة، أو الاتهام بالباطل ففي الحديث:((يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبهِ ، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عوراتهِم ، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ)) وقال تعالى:(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)).

رابعا:ضبط اللسان والحذر من إطلاق الكلام على عواهنه، فربما كلمة تخرج منك تؤدي إلى سفك دم حرام أو تحدث قطيعة بين متحابين، أو تفسد صلة بين أرحام ولذلك على المسلم أن يجتهد ليسلم الناس من لسانه ويده فالرسول صلى الله عليه وسلم قال:((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))، وقال تعالى:(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))

خامسا:الإبتعاد عن كل ما من شأنه أن يثير الغضب ويوغر الصدور ويثير الشحناء؛ ففي ظل مناخ الإثارة لا يتحكم المرء في مشاعره وربما يتصرف تصرفا يضر به وبالآخرين، ولذلك وصى الرسول صلى الله عليه وسلم بضبط النفس عندما قال:((ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))، وقال:((من كظم غيظًا – وهو يستطيع أن ينفذه – دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي الحور العِين شاء))

سادسا:استحضار حرمة النفس الإنسانية، وإدراك أن انتهاك حق الغير يسدد من أجر العبادات، وأنك مهما جودت علاقتك بالله بأداء العبادات فإن ظلمت العباد فلن يفيدك ذلك يوم القيامة، وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :((أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ))

سابعا:محاسبة النفس ومراجعتها، فالعاقل من شغله عيبه عن عيوب الناس، وتذكر أن كل ما تستنكره عند الآخرين فأنت أيضا عندك مثله، وكل قول أو فعل أو موقف تقوم به فهو مسجل حتى ولو كان الطرف الآخر غافل فالله ليس بغافل وهو القائل:(( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ))

نحاسب أنفسنا قبل أن تحاسب، ولنزن أعمالنا قبل أن توزن، فالذنب لا ينسى والديان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان

# لا للحرب نعم للسلام
#لا للكراهية نعم للتسامح
#لا للعنصرية القبلية نعم للتعايش

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: التعامل الفتنة ظل فقه في قال تعالى

إقرأ أيضاً:

أذكار المساء.. سلاح المسلم لحماية نفسه وتهذيب النفس وروحانيته

يستحب لكل مسلم ومسلمة أن يجعل لهم وردًا يوميًا من أذكار المساء، ليختموا به يومهم متقربين إلى الله عز وجل، فالذكر عبادة تقوي الروح، وتحصن النفس، وتمنح الإنسان طمأنينة وراحة بعد يوم طويل. 

أذكار المساء الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم


وردت العديد من الأذكار الثابتة عن النبي ﷺ التي يحرص على قراءتها المؤمنون في نهاية اليوم، ومن أهمها:

"أمْسَيْنا وَأَمْسى الملكُ لله وَالحَمدُ لله..." (مرة واحدة)؛ ومن قالها موقنًا بها حين يمسي ومات من ليلته دخل الجنة، وكذلك عند الصباح.
"اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ..." (مرة واحدة)؛ وهو دعاء يستغفر فيه العبد الله ويعترف بذنوبه ويشكر نعمه.
"رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـًا وَبِالإسْلامِ ديـنًا وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـًا" (ثلاث مرات)؛ قراءة هذا الذكر عند المساء أو الصباح تكفل رضا الله يوم القيامة.
"اللّهُـمَّ إِنِّـي أَمْسيتُ أُشْـهِدُك..." (أربع مرات)؛ قراءة هذا الدعاء تقي الإنسان من النار.
"اللّهُـمَّ ما أَمسى بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك..." (مرة واحدة)؛ ذكر يؤدي شكر العبد على نعم يومه.
"حَسبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ..." (سبع مرات)؛ من قالها كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة.


يستحب قراءة أذكار التحصين طوال الليل، مثل:

"أعوذ بالله العلي العظيم من شر ما ذرأ في الأرض..."

"أفوض أمري إلى الله، والله بصير بالعباد..."

"اللهم يا من تعيد المريض لصحته، وتستجيب دعاء البائس..."

وتساعد هذه الأدعية في حماية النفس من العين والحسد والفتن، وتحقق الطمأنينة والسكينة للعبد.

أفضل أوقات أذكار المساء
اختلف العلماء في تحديد وقت أذكار المساء، لكن الأقرب أن تبدأ من وقت العصر وتمتد حتى غروب الشمس، ويجوز قراءتها حتى ثلث الليل لمن فاته وقتها. أما أذكار الصباح فيستحب أن تكون من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، وإن فات الوقت يمكن تأديتها قبل صلاة الظهر.


أذكار المساء ليست مجرد عادات، بل هي عبادة تحصن الروح، وتبعد الشرور، وتقرّب العبد من الله، وتمنحه الطمأنينة بعد يوم عمل طويل. الالتزام بها يوميًا يعزز الإيمان، ويثبت القلب على الطاعة، ويجعل المسلم دائم التذكر لله في كل أحواله.

مقالات مشابهة

  • أذكار المساء.. سلاح المسلم لحماية نفسه وتهذيب النفس وروحانيته
  • بيان فضل التذكير بذكر الله وقراءة القرآن الكريم
  • علي جمعة: هُناكَ إِرشادٌ نَبويٌّ في تربيةِ الإنسانِ لنفسِه ووصوله لمرتبة الإحسان
  • نص خطبة الجمعة الثانية غدًا 5 ديسمبر
  • حكم وقوع الطلاق من مريض الوسواس القهري
  • نص موضوع خطبة الجمعة 5 ديسمبر 2025.. «العقول المحمدية»
  • علي جمعة: تهذيب النفس يبدأ من ظاهر السلوك حتى يرقّ القلب
  • تعرف علي صفاء القلب والروح وطريق الوصول الى الله
  • هل التصوف علاج روحي يعيد للانسان كرامته الداخلية
  • تحفظك وتدفع عنك الضرر| أدعية تحصين النفس من العين والحسد