بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- الرصاص والقنابل والأسلحة ولباس الحرب والديناميت وخطابات الشتائم وحملات التهديد والتجريح هي وجه صريح قبيح من وجوه من وجوه الحرب. ولكن هناك وجوه أخرى للحرب التي يشنها عدو على عدو منذ القدم. والوجوه الأخرى للحرب ربما كانت أكثر صمتًا وأقل ضوضاء وخالية من المواجهة الصريحة.
فالمواجهة ليست مما يساعد عدوا على إنفاذ طعنته في قلب عدو دون ظهور صريح ودون مسؤولية معلنة. والأفضل ألا تكون هناك مسؤولية طبعًا. كما أن الوجه أو الوجوه الأخرى للحروب تحتاج إلى وقت طويل لإنشاء خططها ولإنفاذ تلك الخطط في قلب العدو في وقار وتؤدة تصاحبها ابتسامة لطيفة لا معنى لها. ووفقًا لأدبيات تلك الحروب، فهي تحتاج إلى خمسة عشر عامًا إلى عشرين عامًا، لإخراج جيل جديد في بلد عدو وهو مصمم فكريا ونفسيا ليكون خطرًا على نفسه وعلى بلده، بمساعدة برامج تم تلقينه بها على مدار سنوات طفولته في بيته ووسط أسرته وفي مدرسته وفي جامعته حتى تخرج في الجامعة.
وبانتهاء تلك الفترة الزمنية يكون أبناء الجيل المستهدف مشبعين بأفكار يقبلون عليها ويطبقونها على أنفسهم وعلى أهلهم وعلى عملهم وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا، بينما هم ينشرون الفساد.
وهم يقطعون أوصال كل شيء أريد به أن يكون متصلًا، ويوقفون كل شيء أريد به أن يستمر ويتدفق، ويسيئون إلى أشياء كثيرة وهي جديرة بالاحترام والتقدير والاتباع بدقة. وهم يتهكمون على أصول وعلى قواعد يدفع الناس الثروات ليتعلمونها في أفضل المدارس والجامعات وفي مؤسسات العمل الخاص والعام، ويسيرون عكس اتجاه المرور -حتى في وضح النهار- ويقطعون الطريق بالسيارات من حيث لا ينبغي أن يقطع كأنهم يريدون الموت ويطلبون الموت والحوادث الجسام وهم ينظرون. وهم يشجعون الواسطة والمحسوبية والشلية القميئة والمصالح الخاصة على حساب العمل وعلى حساب الاتقان وعلى حساب كل شيء، لتغلق الأعمال أبوابها في وجوه من يصلح للعمل ومن قد يصلح به العمل، ويفتحون الطريق أمام الفاشلين الخاوين من المضمون ومن القدرات ومن الهدف النبيل وأمام العابثين عبثا متصلًا لاعبك قيمة كل شيء ماديًّا ومعنويًّا في آن واحد.
وهم ينفذون للعدو أمله في رؤية مجتمعهم يتأخر ويسقط ويتذلل للآخرين من أجل بضع دولارات بينما هو قادر أو كان قادرًا -لولا الجهود الخبيثة- على كسب قوت يومه وشق طريقه الصلب في الجبال بيديه القويتين العاريتين دون كلل أو زهق. وهم يتحولون الى حمقى يشعلون النيران في بيوت أهلهم التي لا بيت لهم غيرها ليصبحوا بلا مأوى، ثم هم يتفانون ويدعون إخوانهم الى تبنى ثقافة العدو في كل شيء- على اعتبار أنها الأشيك والأفضل في كل شيء من الساندوتش إلى اللغة -ويفتخرون بما يخص غيرهم ولا يخصهم ويشكون في بلدهم ويمجدون ما ليس منهم وليس لهم في الأولى والآخرة. أليس التخريب حربًا؟
التخريب حرب، والدين حماية، والأخلاق حصن ضد كل أذى، والوطن أشرف من كل بلد آخر وأولى بكل طيب.
Tags: الحربالقنابلالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الحرب القنابل کل شیء
إقرأ أيضاً:
ناشر هآرتس: الدولة الفلسطينية مصلحة إسرائيلية وعلى نتنياهو التحرك قبل فوات الأوان
حذر مقال في صحيفة هآرتس من أن الخطر الأكبر على أمن إسرائيل لم يعد يأتي من أعدائها الخارجيين، بل من السياسات التي ينتهجها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ أكثر من عقد ونصف العقد.
ووفقا للمقال الذي كتبه ناشر الصحيفة ورئيس مجموعة هآرتس عاموس شوكن، فإن الاعتراف بدولة فلسطينية لم يعد "تنازلاً"، بل أصبح "ضرورة وجودية" تضمن مستقبل إسرائيل وأمنها على الأمد الطويل.
وفي اعتقاده أن نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– تبنى، منذ عودته إلى الحكم عام 2009، نهج حركة "غوش إيمونيم" الاستيطانية، القائم على امتصاص الهجمات، والرد المحدود عليها، مع مواصلة توسيع السيطرة الإسرائيلية على الأراضي التي خُصصت بموجب خطة التقسيم الأممية لدولة عربية مستقبلية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بالصور: مسروقات "لا تقدر بثمن" من متحف اللوفرlist 2 of 2معاريف: لقاءات الأسرى وذويهم أشبه ببرنامج “الأخ الكبير”end of listواعتبر أن هذا النهج تجاهل تماما الحاجة إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وعمّق دائرة العنف وفقدان الأمن داخل دولة الاحتلال نفسها.
وأشار شوكن إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، حاول التوصل إلى اتفاق سلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حين رفض نتنياهو أي حوار مع السلطة الفلسطينية، وعمل في المقابل على تقوية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بهدف إضعاف شرعية السلطة وتبرير رفضه التفاوض معها.
هذا الواقع، خلق وضعاً سياسياً مغلقاً لا يمكن أن يستمر دون انفجار فلسطيني جديد، بحسب ناشر صحيفة هآرتس في مقاله التحليلي.
والحقيقة أن الحكومة الحالية ذهبت أبعد من سابقتها بإعلانها أن "حق الاستيطان بين النهر والبحر حِكر على اليهود دون غيرهم"، ما يعكس -في رأي الكاتب- نهجاً إقصائياً يفاقم عزلة إسرائيل.
الاعتراف بدولة فلسطينية لم يعد "تنازلاً"، بل أصبح "ضرورة وجودية" تضمن مستقبل إسرائيل وأمنها على الأمد الطويل.
وقال شوكن، إن خطاب نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2023، الذي تفاخر فيه بإمكانية إبرام اتفاق سلام مع السعودية دون إشراك الفلسطينيين، كان "مؤشراً على الغطرسة والانفصال عن الواقع"، لا سيما أنه سبق هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول بأسابيع قليلة.
إعلانووصف حملة الحكومة في الضفة الغربية بأنها استمرار لمخطط "الضم الزاحف"، بإقامة بؤر استيطانية جديدة، وإضفاء الشرعية على مستوطنات قائمة، وتغطية أعمال عنف المستوطنين بدعم من الجيش والحكومة، ما أدى إلى مقتل نحو ألف فلسطيني منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتطرق المقال إلى تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التي أعلن فيها عزمه ضم 82% من الضفة الغربية، معتبرا أن موافقة نتنياهو الضمنية على هذه السياسات تمثل "مشاركة مباشرة في تعريض أمن إسرائيل للخطر".
مصلحة إسرائيل الحقيقية تكمن في تغيير المسار الحالي، وعلى نتنياهو اتخاذ "خطوة شجاعة في صالح بلاده"، بدلا من الاستمرار في سياسات أثبتت أنها تعمل ضد أمن إسرائيل ومستقبلها
وأكد شوكن، أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الدائرة هو أن تبادر إسرائيل إلى الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وهو -من وجهة نظره- مطلب يحظى حاليا بإجماع دولي متزايد يشمل حلفاء إسرائيل الرئيسيين.
وخلص إلى أن الاعتراف الجاد بدولة فلسطينية، مقروناً بخطوات عملية مثل التنسيق الأمني، والتعاون الاقتصادي، والإصلاح التعليمي، وبناء علاقة شراكة متكافئة مع السلطة الفلسطينية، سيؤدي إلى انخفاض كبير في التهديدات الأمنية لإسرائيل، وسيمكنها من خفض ميزانية الدفاع إلى النصف، وتحقيق مكاسب اقتصادية ودبلوماسية ملموسة.
واختتم الكاتب تحليله بالتأكيد على أن مصلحة إسرائيل الحقيقية تكمن في تغيير المسار الحالي، داعياً نتنياهو إلى اتخاذ "خطوة شجاعة في صالح بلاده"، بدلا من الاستمرار في سياسات أثبتت أنها تعمل ضد أمن إسرائيل ومستقبلها.