هوامش على دفتر الوداع بقلم: حسن أبوزينب عمر
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
هوامش على دفتر الوداع هذه الليلة نادت للفراق والتقينا لوداع في عناق كان للروح احتراق كيف نادتنا فلبينا النداء وتجرعنا خمور الحب في وجد فأفرغنا الاناء جورج جريس
فرح
بقلم :حسن أبو زينب عمر
(1)
منذ أن أطلق أيقونة الشعر الجاهلي أمرؤ القيس تغريدته التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل لازالت شلالات الوداع تنهمر دون توقف .
(2)
القائمة طويلة ولن تنتهي من الذين نظموا شعرا ونثرا ولكن أكثر ما أستوقفني هنا هو ما خطه يراع الأسطورة خليل فرح الذي يتربع على عرش شعر الغناء السوداني بدون منازع فحينما تغوص في معاني كلمات قصيدته (ما هوعارف قدمو المفارق ) ينتابك شعور وكأنك تسير في حقل مزروع بالخصوبة والثراء فالوداع كان عنده بمذاق ونكهة الحنظل .. تفترش فيه أرضا رمضاء وتلتحف سماءا غائمة تمطر حزنا لأنه لم يكن وداعا ينتهي بعودة العاشق .كان وداعا سرمديا ..وداع رجل يرثي نفسه بعد اصابته بمرض الدرن وهو مرض كان مخيفا في المجتمع السوداني وقتها فقد كان يتم عزل المريض ويمنع زيارته خوفا من العدوى ..تعتبر هذه الأغنية من أجمل الأغنيات صدقا وعبقرية .. فهي قصيدة مترعة بالدلالات الكثيرة المعجونة بالعذوبة والعذاب معا تقطر لوعة وتنزف حزنا وأسى .. كتبها وهو في طريقه للعلاج في مصر من المرض اللعين مستخدما أسلوبه السلس في تصوير الكثير من المشاهد في امدرمان قبل مغادرته وقبل أيام من وفاته
(3)
في سموم الصيف لاح له بارق لم يزل يرتاد المشارق كان مع الاحباب نجمه شارق ماله والأفلاك في الظلام ويحي قلبي الما أنفك خافق فارق أم درمان باكي شافق يا أم قبايل ما فيك منافق سقى أرضك صوب الغمام في عيون النيل جيت سايق كنا فوق أعراف السوابق الضريح الفاح طيبه عابق السلام يا المهدي السلام من فتيح للخور للمغالق من علايل أبو روف للمزالق قدلة يا مولاي خافي حالق بالطريق الشاقي الترام
(4)
الشاعر الثاني الذي يستوقفنا لتماثل حالته مع خليل فرح هو حسن عوض أبو العلا الذي يحمل لقب (شاعر العذابات) ..كان ابو العلا صبيا ملهما ينتمي لطبقة عالية في المجتمع السوداني وكان في انتظاره وتحت قدميه عالم من الثراء والتميز غير ان قفزة من على صخرة على شاطئ الإسكندرية أدت لارتطامه بصخرة تحت الماء أحدثت كسرا في عنقه فأصيب بالشلل المستديم ..ذهبت أكثر اغنياته التي أبكت الشعب السوداني حزنا حيث كتبها من على سرير المرض في مصر روى فيها عن معاناته مع الشلل الرباعي وتغنى بها لاحقا الفنان سيد خليفة هي (ولى المساء) وكانت تعبيرا عن المأساة التي عاشها
(5)
ولى المساء الواله المخزون في جوف الضباب وأنا أهيء زينتي وأعد مفتخر الثياب أملا لقياك الحبيب يصدني زهو الشباب أمسي مضى بين التحسر والأنين ووسادتي بللتها بالدمع السخين مع تباشير الصباح وبسمة الفجر المبين غنيت مثل الطير فرحا في رياض العاشقين تسري النسائم عذبة وأنا أهيم بلا ملال وتقودني الآمال في دنيا المباهج والخيال وهناك ارقد في الرمال ولا أرى غير الرمال غدا أذوب مهجتي في حر أنفاس الغرام أرنو اليك ولوعتي ظمآى تؤجج في الضرام وأبيت أعض في الدجى طيفا ينادي في منام أبدا أعيش في حبه أنا غير أحبابي حطام
(6)
نثرا وفي فضاء النوستالجيا التي تعصف بالمحبين لم أقرا أكثر صدقا من كلمات سطرها واسيني الأعرج ..يقول الروائي الجزائري (ما بين طائرة تمضي وأخرى تعود قلب يستيقظ على دمعة وداع وآخر على شهقة فرح ) ..ولكن أنا الذي عاش مرارات الغربة واكتوى بنيرانها وجدت نفسي أكثر قربا وأكثر انسجاما مع ما قاله الكاتب الكبير الدكتور خالد الكد في مقال كتبه قبل وفاته في جريدة الخرطوم يقول وكأنه يرثي نفسه (الخضرة تمتد على امتداد البصر والبجع يرف بجناحيه فوق مياه البحيرة والنسيم العليل يداعب أجساد الحسان وهن يستمتعن بحمامات الشمس تحدثا بنعمة الله .وأنا اتجاذب الحديث مع أحداهن ووجداني وأحاسيسي معلقة في مكان بعيد تمنيت أن لا استمتع بسحر المشهد في حدائق هايد بارك ..تمنيت أن اقف انتظارا لحافلة في أبو روف اتصبب عرقا فتضربي كتاحة تحول جبهتي الى كتلة من الطين .. نحن في هذه البلاد مهما وجدنا من نعمة مستلفون تغدق علينا الملكة اليزابيث ..ورغم ذلك فقد تمنيت أن لا أقضي نحبي في هذه البلاد التي تموت من البرد حيتانها كما يقول الطيب صالح فيصلي على امام باكستاني ثم يستلم ثمن صلاته بالإسترليني) ..بعدها بأيام نعى الناعي نبأ رحيل الكاتب الكبير خالد الكد الذي برأه اللواء عمر الحاج موسى من تهمة المشاركة في انقلاب كبيده في حادث سيارة مسرعة . مدخل للخروج ربما يجد السودانيون الصابرون الماسكون بالجمر في فجاج المنفى سلوى تمسح من العيون دموع النزوح واللجوء والتشرد فينشدون مع بدر شاكر السياب أتراه يأزف قبل موتي ذلك اليوم السعيد
oabuzinap@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
علاء عوض: المقارنة بيني وبين والدي محمد عوض «مرفوضة تمامًا».. فيديو
رفض الفنان علاء عوض بشكل قاطع المقارنات التي كثيرًا ما عُقدت في الماضي بينه وبين والده النجم الراحل محمد عوض، مؤكدًا أن تلك المقارنة "ظالمة" ولا تليق بتاريخ فني كبير صنعه جيل من الرواد لا يمكن وضعه في نفس السياق مع الأجيال الحالية.
وأوضح علاء عوض في مداخلة هاتفية مع الإعلامية نهال طايل ببرنامج "تفاصيل"، المذاع على قناة البلد 2، قائلاً: "أرفض هذه المقارنة تمامًا لإن الناس دي حاجة تانية تمامًا، وفي حتة تانية، فهذه مقارنة ظالمة جدًا بالنسبة لي، ومرفوضة تمامًا، أنا تقارنوني بناس من جيلي، أو من الجيل اللي بعديا، تمام، إنما الناس القديمة دي أساتذتنا وصناع المهنة، صناع المسرح والسينما والفن في مصر".
وأضاف علاء عوض، قائلاً: "طبعًا، إحنا بعاد قوي عن الناس دي، ربنا يغفر لهم جميعًا".
وكشف علاء عوض جانبًا إنسانيًا من حياة الفنان الراحل محمد عوض وعن وصايا والده له ولإخوته، قائلًا: "الناس دي لا ترحل أبدًا، الناس دي باقية، يعني مش عايز أقول عندهم صفة الخلود عشان يعني ما أخش في منطقة صعبة شوية، إنما أنا أعتقد إن هم فعلًا أحياء مدى الدهر".
وتابع علاء عوض حديثه قائلًا: "هو بابا دايماً ما كانش بيوجهنا إن إحنا نبقى فنانين، هو دايمًا شايفنا من صغرنا إحنا بنحب الفن، وأنا وعادل يمثل معايا من بدري واشتغل معاه وهو طفل، وأنا وعاطف في معهد الباليه وإحنا عندنا 9 سنين و10 سنين بندرس باليه وفنون في أكاديمية الفنون، فهو كان كل، يعني أهم حاجة عنده إن إحنا ندرس، مش مجرد إن إحنا أولاد محمد عوض أو يعني حابين الشغلانة بدون دراسة".
وأضاف علاء عوض، قائلاً: " والدي كان دايمًا بيحفزنا على الدراسة لغاية فعلًا ما إحنا خدنا كلنا بكالوريوسات، خريجي أكاديمية الفنون.. عادل خريج معهد سينما شعبة إخراج، وأنا وعاطف خريجي بكالوريوس معهد الباليه، وأنا درست كمان في معهد الفنون المسرحية قسم فنان شامل وبعدين حولت لقسم تمثيل وإخراج، وحياتنا كلها فن".