في الوقت الذي كان الكيان الصهيوني يتهيأ فيه للعدوان على إيران، تحت ذريعة “الرد”، مع أن “البادئ أظلم”، كانت معظم التوقعات تصب في احتمال تصعيد خطير بالمنطقة قد يجر العالم كله، وليس المنطقة وحدها، إلى حرب شاملة، كانت الإدارة الأمريكية تنفخ الحار والبارد، تصب الزيت على النار، محاولة منها لإطفاء اللهب الذي قد يمتد إليها.
في هذا الوقت أيضا، كان الكيان يتمادى في التقتيل والتشريد والإبادة في غزة ولاسيما في شمالها الصامد، وفي جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، بلا رقيب ولا حسيب من طرف المموِّل و”الراعي الرسمي السامي”، ويرمي بعرض الحائط كل المبادرات، بما فيها مبادرة تطبيق القرار الأممي 1701 التي بادر بها الحليف الفرنسي: غطرسة، ما بعدها صلف، وعنجهية وإجرام بلا حدود ولا قياس.
وما إن حدث الاعتداء المنسَّق بين الكيان والولايات المتحدة، وبعلم هذه الأخيرة بكل التفاصيل العملياتية، وبمشاركة نشطة في الهجوم، بأن وفّرت للكيان السلاح والممر الجوي فوق المناطق التي تحتلها في سوريا والعراق، وتمويل بالوقود ودعم لوجستي بالطائرات في حالة حدوث حدث ما لطائرات العدو وطياريه، حتى كان التأطير الأمريكي جاهزا، على أساس الموافقة على دعم الرد، لكن مع استثناء استهداف المنشآت النووية والنفطية والبنية التحتية والسيادية.
الحسابات، كانت سياسية واقتصادية: الانتخابات الرئاسية على الأبواب والنوافذ، وضربة ضد المنشآت النووية، قد تلوِّث أجواء “العالم المتحضِّر” والنفط قد يُلهب أسعار الوقود وباقي السلسلة، وتحترق المرشحة كمالا هاريس في أتون الانتخابات الكارثية: سيناريو ما كانت لتقبله إدارة الديمقراطيين المتأرجحة، لحسابات سياسية داخلية.
بالمقابل، كان همُّ كبير الكهان في الكيان، ينصبّ على جر الإدارة الأمريكية إلى هذا العدوان، مشاركة فاعلة عضوية، ليس دفاعا فقط، بل هجوميا، لأنه يعرف ويعلم أنه من دون الولايات المتحدة، لا يقدر على رفع أصبع واحدة، حتى في “أصبع الجليل”.
وانتهت الضربة بلا مضروب، وسخر الإيرانيون من هذا الرد، ومعهم كثير من رؤوس المعارضة داخل الكيان، الذي كانوا يتمنّون ضربة أقوى للمنشآت النووية وإنهاء الأمر بضربة بواحدة، مستغلّين هذه الفرصة المواتية التي لطالما كان يبحث عنها قائد العصابة، لكن لا الضربة كانت موجعة ولا الردع استعيد، وبقيت إيران تحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب، كورقة ضغط مستقبلية في ملفي غزة ولبنان، تجدها جاهزة، بلا ضرورة للبحث عن مبرّر دولي قانوني في حالة قررت الانتقام للمرة الثالثة.
في هذه الأثناء، وبعد أن كانت كل السقوف عالية قبل رد الكيان “القاتل” حسب تعبيرهم، وبنك الأهداف الشامل، “تمخّض الجبل فولد فأرا”، وها هو الكيان، يعاني الأمرّين في لبنان وغزة وفي الداخل المحتل: تعداد القتلى والجرحى والمهجَّرين في تزايد.
وبعد ما كان يراد للعملية أن تتوقف عند حدود نهري “الليطاني” و”الأولي” وتدمير قدرات حزب الله وتطبيق القرار 1701 بشروط إضافية مع المبعوث الأمريكي “الدائم” هوكشتاين، ها هو هذا الأخير يعود، بعد مغادرة لا أمل له في العودة من جديد قبل الانتخابات: يعود حاملا مقترحا قد يكون من أجل دفع الكيان ولبنان إلى قبول تسوية ما، ربما بدون شروط إضافية والاكتفاء بتطبيق القرار من الجانبين من دون زيادة ولا مزايدة، ثم ها هي المقترحات تتقاطر في مصر وفي قطر، والعودة للحديث عن هدنة وصفقة مصغَّرة في انتظار صفقة أكبر.
ويعود السجال ربما لحفظ ماء الوجه “النتن”، وغسل يد الأمريكي الدامية عشية الانتخابات طمعا في ترميم الصورة وهي رميم، واستمالة انتخابية لعرب ومسلمي وملوّني أمريكا، الرافضين لما يحدث في المنطقة باسم الديمقراطية مع الديمقراطيين.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران الولايات المتحدة إيران الولايات المتحدة طهران الهجوم الاسرائيلي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يدعم سياسة التصعيد ضد الأسرى
أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ، اليوم الأربعاء، 30 يوليو / تموز 2025 ، بتشديد ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين، معتبرًا أن مصلحة السجون تحوّلت من موقع التهاون الذي يسيطر فيه الأسرى على السجن والسجانين إلى ما وصفه بـ"القيادة والحزم".
جاء ذلك خلال زيارة نتنياهو ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إلى سجن "أيالون" في الرملة، حيث يُحتجز منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 من تزعم إسرائيل أنهم مقاتلو وحدة "النخبة" التابعة لحركة حماس ، في ظروف كارثية.
وقال نتنياهو لمفوض مصلحة السجون، كوبي يعقوبي: "لا تقلق، أنت تسير في الطريق الصحيح، وتُظهر قيادة"، مضيفًا: "أحيي الوزير بن غفير لأنه من جاء بهذا التغيير، وأحييك يا كوبي لأنك عرفت كيف تنفّذه بحكمة ومكر عند الحاجة، وبحزم عندما يجب".
واعتبر نتنياهو أن "ما جرى هنا هو تغيير في الاتجاه، في وقت قصير جدًا، وفقًا للقانون والمنطق"، وهاجم ضمنًا من وصفهم بطبقة النخبة المعارضة لهذا النهج، قائلًا: "أحيانًا ما يتفق عليه الجمهور لا يلقى قبولًا لدى الدولة العميقة، هذا يحدث أيضًا".
ورأى نتنياهو أن ما يجري في السجون هو جزء من "مهمة استخبارية"، زاعمًا أن "الكثير من المعلومات التي استخدمناها لتحرير أسرانا جاءتنا من هنا". وختم بالقول: "سنحقق النصر الكامل بالتوازي مع تحرير الأسرى. هذه مهمة لن نتراجع عنها".
أما بن غفير، فاعتبر التغييرات التي طرأت على ظروف اعتقال الأسرى بأنها "نجاح إلهي"، وقال: "حوّلنا السجون من جنة إلى ما يجب أن تكون عليه: سجن فعلي، بأدنى الشروط. لا مصايف، لا امتيازات، لا تعليم أكاديمي، لا استحمام 10 ساعات، لا علاجات تجميلية، فقط الحد الأدنى من الغذاء. هناك ردع. هناك سيادة".
وردًا على التحقيقات الجارية مع مفوض مصلحة السجون، قال بن غفير: "كما حيكت لك (نتنياهو) ملفات من قِبل الدولة العميقة، كذلك تتم ملاحقة مفوض مصلحة السجون"، متعهدًا بأن يعقوبي "سيبقى في منصبه رغم أنف من يصنعون الملفات".
وانتقدت وسائل إعلام إسرائيلية تعبير نتنياهو صراحة عن دعمه ليعقوبي الذي من المقرر أن يخضع للاستجواب تحت طائلة التحذير للاشتباه بتورطه في ما يُعرف بـ"قضية المقربين من بن غفير".
وتتمحور الشبهات ضد يعقوبي، حول محادثة أجراها مع قائد الوحدة المركزية للشرطة في منطقة الضفة الغربية، أفيشاي معلم، وبحسب الشبهات، فإن معلم امتنع عن التحقيق مع مستوطنين نفذوا اعتداءات ضد فلسطينيين لإرضاء بن غفير، أملاً في نيل ترقية، وقد طلب من يعقوبي دعمه في هذا المسار.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية مفاوضات غزة: الوسطاء سلّموا حماس اعتراضات إسرائيل على ردّها.. ما هي؟ ارتفاع حالات الانتحار بالجيش الإسرائيلي منذ حرب غزة ويتكوف يتوجّه إلى إسرائيل اليوم لمناقشة أزمة غزة ووقف إطلاق النار الأكثر قراءة محدث: ردود فعل فلسطينية على مصادقة الكنيست فرض السيادة على الضفة الغربية مركزية فتح تحذر من التداعيات الخطيرة لاستمرار حرب غزة جنين - استشهاد الطفل إبراهيم حمران في بلدة عرابة وزراء بالكابينت : فرص استئناف حرب غزة بعد الصفقة ضعيفة جدا عاجل
جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025