أسبوع أبوظبي للطفولة المبكرة يضيء على الابتكار.. ويطلق ثلاثة تقارير عالمية
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
أبوظبي: «الخليج»
تحت رعاية كريمة من سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، انطلقت أمس الثلاثاء في أبوظبي، فعاليات أسبوع أبوظبي للطفولة المبكرة الذي يُقام في فندق إرث بأبوظبي خلال الفترة بين 29 أكتوبر إلى 2 نوفمبر.
ملتقى الأبحاث
بدأت فعاليات اليوم الأول بانطلاق ملتقى أبحاث تنمية الطفولة المبكرة الذي جمع أكثر من 90 باحثاً من الخبراء والمتخصصين من دولة الإمارات والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، يمثلون 37 جنسية مختلفة، سيسعون على مدى الأيام الثلاثة للملتقى إلى تعزيز التعاون والابتكار ومناقشة تحديات وفرص تعزيز العلوم والأبحاث في مجالات تنمية الطفولة المبكرة.
وأكدت سناء سهيل، مدير عام الهيئة، أنه وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، قادت أبوظبي جهود تمكين الأطفال في سنواتهم الأولى؛ إذ عملت الهيئة بالتعاون مع شركائها، على تحقيق ذلك بأساليب جديدة ومبتكرة.
وقالت: «منذ البداية، شكّل البحث وإنتاج المعرفة ركيزة أساسية في مسيرتنا. فعندما طوّرنا استراتيجية قطاع تنمية الطفولة المبكرة، أدركنا أن الباحثين يتمتعون بعدد من العوامل التمكينية الرائعة، ولكنهم يواجهون أيضاً بعض التحديات، ما أدى إلى نقص الدراسات العلمية المنشورة، والعديد من هذه التحديات هي في الواقع تحديات عامة بالنسبة لقطاع تنمية الطفولة المبكرة؛ حيث تبلغ نسبة الأبحاث من مناطقنا 3% فقط».
يوم الابتكار
في وقتٍ متزامن، انطلقت فعاليات يوم الابتكار في تنمية الطفولة المبكرة بمشاركة أكثر من 30 خبيراً محلياً وعالمياً في قطاعات متعددة، لتقديم رؤىً معمّقة حول مواضيع بناء المنظومات ودعم الشركات الناشئة ومواكبة أحدث التقنيات.
وقال بدر سليم سلطان العلماء، مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار: «يعد الابتكار ركيزة أساسية في بناء اقتصاد المستقبل. وتعزز أبوظبي قدرات أجيال المستقبل في مرحلة الطفولة المبكرة».
من جانبه، قال الدكتور يوسف الحمادي، المدير التنفيذي لقطاع المعرفة والريادة في هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة: «نلتقي اليوم لاستكشاف التطورات التحولية في مجال تنمية الطفولة المبكرة، من خلال رعاية منظومة الابتكار والاستفادة من التقنيات الناشئة».
وأضاف: «تعمل التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي واللعب، على إحداث ثورة في مجالات التعليم والرعاية الصحية، كما تقدم إمكانات جديدة في مجال تنمية الطفولة المبكرة مثل تحديد تأخر النمو، وتزويد الوالدين والأسر بمعلومات ورؤية صحية في الوقت الفعلي».
بدوره، قال إيان هاثاواي، المؤسس المشارك والشريك العام لشركة فار آوت فينتشرز، والمؤلف المشارك لكتاب «نهج مجتمع الشركات الناشئة»، في الكلمة الرئيسية بعنوان «أهمية الابتكار والمنظومة» التي ألقاها ضمن جلسات العمل: «الابتكار ليس مجرد فكرة رائعة، بل هو تطبيقها بطريقة تقدم القيمة للمجتمع، وهو ما يتطلب منظومات يزدهر فيها التعاون، ويكون رواد الأعمال عاملاً أساسياً فيها».
التوجهات الكبرى
شهد يوم الابتكار في تنمية الطفولة المبكرة، إطلاق هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة لثلاثة تقارير متخصصة حول أبرز التحديات التي تؤثر في الأطفال مع تقديم توصيات لمعالجتها، وهي: تقرير «التوجهات الكبرى لعام 2024 في مجال تنمية الطفولة المبكرة»، وتقرير «الازدهار الحضري: بناء مدن مستدامة صديقة للأسرة بالشراكة مع الدار العقارية»، وتقرير «مُخرجات وابتكارات مبادرة ود: بناء مجتمعات مزدهرة من خلال الابتكار في السنوات المبكرة».
وقالت سناء سهيل: «نفخر بإطلاق تقرير التوجهات الكبرى لعام 2024 في تنمية الطفولة المبكرة، الذي يقدم تحليلاً متكاملاً لهذا المجال المتطور، ويعكس التزامنا تجاه الاستعداد للمستقبل، وضمان تلبية احتياجات الطفولة والأسر والمجتمع بطريقة استشرافية وشمولية».
وحدد التقرير سبعة توجهات عالمية كبرى لتنمية الطفولة المبكرة، وهي التعلم المتغير، وقيمة الوقت، والمجتمع دائم الشباب، والهجرة والتحول الحضري، والتكنولوجيا والإنسانية، وضعف التوافق بين المنظومات، ومرحلة ما بعد الموارد، بما يعكس التغيّر الكبير الذي يشهده المجتمع والتحوّل الجذري في طرق التعليم.
في حين استعرض تقرير «الازدهار الحضري: بناء مدن مستدامة صديقة للأسرة بالشراكة مع الدار العقارية»، التحديات التي تواجه الأطفال في البيئات الحضرية، مثل محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية والمساحات الترفيهية الخارجية وخيارات التنقل الآمنة.
أما تقرير «مُخرجات وابتكارات مبادرة ود: بناء مجتمعات مزدهرة من خلال الابتكار في السنوات المبكرة»، فركز على التحديات الرئيسية التي تواجه تنمية الطفولة المبكرة في أبوظبي على وجه التحديد؛ مثل محدودية الوصول إلى المساحات الخضراء، وأماكن اللعب في الهواء الطلق، والحاجة إلى تعزيز ارتباط الأطفال بتراثهم الثقافي.
وتشهد فعاليات اليوم الثاني انطلاق فعاليات منتدى «ود»، والذي سيجمع المشاركين في فعاليات متنوعة؛ بهدف الوصول إلى نتائج قابلة للتنفيذ، وتقديم حلول مبتكرة لتعزيز تنمية الطفولة المبكرة محلياً وإقليمياً ودولياً، في حين يواصل ملتقى أبحاث تنمية الطفولة المبكرة جلسات أعماله التفاعلية حتى يوم 31 أكتوبر.
وتقام على هامش الأسبوع مجموعة من الفعاليات المجتمعية التي ينظمها شركاء المبادرة في مختلف أنحاء أبوظبي، وتشمل قائمة الشركاء الرئيسيين كلاً من الأكاديمية الوطنية لتنمية الطفولة، وشركة مبادلة، و«القابضة» ADQ، والدار العقارية، واتصالات &e، ودائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، ومجموعة «بيور هيلث»، ومؤسسة الإمارات، ودائرة البلديات والنقل، ودائرة الصحة- أبوظبي، ودائرة تنمية المجتمع- أبوظبي، ودائرة التعليم والمعرفة- أبوظبي، وشبكة أبو ظبي للإعلام، وفندق إرث، كما يشهد الأسبوع إطلاق الدورة الثانية من معرض تنمية الطفولة المبكرة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات أبوظبي الإمارات أبوظبی للطفولة المبکرة تنمیة الطفولة المبکرة الابتکار فی
إقرأ أيضاً:
أكرم خزام، من “منتدى العصرية”، يضيء سردية بوتين: من انقسام الإمبراطورية إلى رسوخ القوة
صراحة نيوز- لم يكن تقديم الأستاذ الدكتور أسعد عبد الرحمن للمحاضر الأستاذ الدكتور أكرم خزام مجرد افتتاح تقليدي لندوة فكرية؛ بل بدا أقرب إلى كشفٍ عن طبقات صحفي وإعلامي عاش داخل صميم التاريخ الروسي عقودًا طويلة، راوياً وقارئًا وشاهدًا وصانعًا للمعرفة. وصفه بأنه من أكثر الإعلاميين العرب درايةً بالمطبخ الروسي لم يأتِ من فراغ، فهو مدير مكتب ومراسل “الجزيرة” السابق في موسكو، وصاحب أرشيف زاخر بالحوارات مع قادة سوفيات وروس، ورائد في صناعة الوثائقيات التي تسافر إلى الأماكن النائية والمجتمعات المنسية. وكل ذلك جعل الحضور يدركون منذ اللحظة الأولى أنهم يقفون أمام محاضر لا “يقرأ” روسيا، بل “يعرفها”.
وبهذه الروح، انطلقت محاضرة “منتدى العصرية” بعنوان: “بوتين: البداية، المسيرة، وإلى أين؟” وسط حضور نوعي من الأكاديميين والصحفيين والسياسيين الذين جاؤوا ليسمعوا شهادة من عاش داخل حدث تاريخي لا يزال يرتج العالم تحت صداه.
بدأ خزام من المشهد الذي هزّ الكوكب: ديسمبر 1991، الشهر الذي سقطت فيه الإمبراطورية السوفياتية بنحو سريع يفوق قدرة الناس على الفهم. روى كيف شاهد بعينيه العلم السوفياتي يُنزل للمرة الأخيرة من فوق الكرملين، وكيف تحولت الساحة الحمراء إلى مساحة صامتة أشبه بمقبرة سياسية. لا أحد من ملايين الشيوعيين خرج للدفاع عن “الدين الأحمر” الذي طالما أُعلن أنه خالد!. وأمام انهيار الطبقات التنظيمية للنظام، برزت حقائق كانت مخفية: شيوعيون انتسبوا للحزب طمعًا لا قناعة، مافيات أمنية تتحكم بالاقتصاد، دولة فقدت قدرتها الأخلاقية كما ظهر في كارثة تشيرنوبل حين أُرسل المساجين إلى قلب الانفجار لقاء وعد بالحرية يعلم الجميع أنه لن يتحقق.
من هذه الفوضى الشاملة، التي اشتعلت فيها المافيات في شوارع موسكو بينما انهارت الثقة والمؤسسات والنظام؛ تولد شيء آخر: روسيا الجديدة التي ستبحث عن “منقذ”. وكانت تلك اللحظة – كما يؤكد خزام – البوابة التي دخل منها فلاديمير بوتين، الضابط الهادئ القادم من عالم الأمن، الذي لم يكن معروفًا إلا في دوائر ضيقة، لكنه حمل في داخله مشروعًا سيعيد تشكيل روسيا وفق منظوره الخاص: روسيا مركزية، صلبة، قومية، تستعيد مهابتها بالقوة قبل القانون.
يرى خزام أن بوتين ظهر بوصفه جوابًا على سؤال الخوف: خوف من الفوضى، من المافيا، من التفكك، ومن فقدان المكانة الدولية. ولذلك لم يقدّم نفسه زعيمًا ديمقراطيًا، بل مديرًا حازمًا لدولة جريحة. وبمرور السنوات، تحولت هذه “الإدارة” إلى هندسة سياسية أعمق: إخضاع الأوليغارش، إعادة بناء الأجهزة الأمنية، ترميم الجيش، وصياغة خطاب قومي يقوم على فكرة “روسيا المُهانة التي يجب أن تعود”. ووفق خزام، فإن بوتين لم يُعد فقط بناء الدولة، بل أعاد تعريف معنى “القوة” و“المكانة” في الوعي الروسي.
في هذا السياق، تتبدى روسيا اليوم كدولة أعادت استحضار منطق الصراع الكلاسيكي مع الغرب، وكسرت صورة النظام الدولي الليبرالي، وأعادت العالم إلى مقاربة أكثر صلابة وخشونة للعلاقات الدولية. ولهذا شدد خزام على أن فهم روسيا المعاصرة مستحيل دون فهم الرجل الذي يجلس على قمة هرمها، ودون قراءة المسافة بين بوتين وبين روسيا التي صنعها واحتواها.
ثم انتقل المحاضر إلى سؤال الأمسية الأكثر جرأة: إلى أين؟
وهنا بدا خزام أكثر وضوحًا وقوة من أي نقطة في حديثه. قال بالحرف إن روسيا اليوم مربوطة ببوتين أكثر من أي قائد في تاريخها الحديث، وإن السياسات الداخلية والخارجية لن تشهد أي تغيير ملموس حتى عام 2034، وهو العام الذي يُفترض أن تنتهي فيه ولاية بوتين وفق تعديلات الدستور. فالرجل – كما يؤكد خزام – يخطط للبقاء حتى ذلك الحين، مستندًا إلى شبكة مصالح أمنية واقتصادية يصعب تحديها من خارج النظام.
وحتى لو توقعت التحليلات الغربية تغيّرًا ما، فإن خزام يرى أن هذا التغيير لن يأتي إلا من الداخل؛ من البنية الأمنية نفسها التي أنتجت بوتين. وهنا كان التصريح الأكثر صدمة للحضور: “الشيء الوحيد القادر على إنهاء حكم بوتين قبل 2034 هو سيناريو الإزاحة من داخل الحلقة الأمنية، كما حدث مع أندروبوف وستالين حين أُزيحا عبر التسميم”.
لا يجزم المحاضر بوقوع هذا السيناريو، لكنه يذكّر بأن التاريخ الروسي لا يتغير عبر انتخابات، بل عبر قرارات لا يعلن عنها إلا بعد أن تصبح أمرًا واقعًا.
بهذا المنطق، يرى خزام أن مستقبل روسيا – والحرب في أوكرانيا، والعلاقة مع الغرب، وموقفها من الشرق الأوسط، وتوازناتها مع الصين – سيظل مرهونًا برؤية بوتين وحده، وبالنهج الأمني – القومي الذي صاغه، وباستمرار منظومة الحكم التي منحته القدرة على إعادة هندسة البلاد منذ بداية الألفية.
وبعد انتهاء المحاضرة التي امتدت لساعة ونصف، وامتلأت بنقاشات وأسئلة عميقة من الحضور، اختُتمت الأمسية بتقديم درع تكريمي للدكتور أكرم خزام باسم “منتدى العصرية”؛ تقديرًا لمسيرته الإعلامية الثرية وشهادته الاستثنائية على معركة روسيا المفتوحة بين التاريخ والجغرافيا والسلطة.