دراسة تكشف تأثير حمية الأم على نمو الدماغ عبر الأجيال!
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
وجدت دراسة جديدة حول حمل الحيوان، أدلة متزايدة على أن بيئة الأم يمكن أن تؤثر على التمثيل الغذائي لصغارها على المدى الطويل.
لوحظ هذا التأثير المتوارث بين الأجيال لأول مرة في عام 1909 بين صغار عث الحرير. ولم ينبع سلوك هذه العث خلال فصل الشتاء من جينات موروثة محددة، بل نشأ من كيفية قراءة أجسامها لهذه الجينات أو تشغيلها أو إيقاف تشغيلها.
منذ ذلك الحين، لوحظت احتمالية حدوث هذه التغييرات "الوراثية اللاجينية" في العديد من الأنواع الأخرى من الحيوانات، وكذلك الإنسان، ولكن كيفية عبورها للحدود بين الأجيال لا يزال غير مؤكد.
ووجد باحثون في جامعة موناش في أستراليا الآن دليلا على أن أنثى دودة القز (Caenorhabditis elegans) تمنح صغارها وأحفادها حماية إضافية للدماغ عندما تأكل أنواعا معينة من الطعام.
ولم يتم إجراء الدراسة على البشر، ولكن نظرا لأن C. elegans تشترك في العديد من الجينات مع نوعنا، فإنها توفر بعض الأفكار المثيرة للاهتمام حول كيفية عمل التغييرات اللاجينية عبر العالم الطبيعي.
وإذا تم تغيير الخلايا الجرثومية، مثل البويضات أو الحيوانات المنوية، بطريقة ما عن طريق النظام الغذائي للأم، في أثناء وجودها في الرحم، فقد أظهرت الدراسات أنها يمكن أن تلتصق بالنسل للأفضل أو للأسوأ.
وعندما قام العلماء بإطعام يرقات الدودة المستديرة جزيئا شائعا في التفاح والأعشاب، يسمى حمض أورسوليك، لاحظوا أن النسل كان محميا إلى حد ما من الانهيار الطبيعي في الاتصال العصبي.
إقرأ المزيدوعلى وجه التحديد، يبدو أن حمض أورسوليك "يشغل" جينا في الديدان، يصنع نوعا معينا من الدهون، sphingosine-1 فوسفات، والمعروف باسم sphingolipid. وتمنع هذه الدهون محاور الخلايا العصبية في الدماغ من الضعف، وتشير النتائج الأولية إلى أن الدهون يمكن أن تنتقل من أمعاء الديدان الأم إلى البويضات في رحمها.
وفي نسل الديدان، وجد الباحثون أن المستويات المتزايدة من sphingolipids المحددة أدت إلى تغييرات استقلابية كبيرة، وتم الحفاظ عليها طوال فترة التطور ولجيل إضافي آخر.
ويقول الباحث في الطب الحيوي روجر بوكوك من موناش: "هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها أن الدهون موروثة. علاوة على ذلك، فإن إطعام الأم sphingolipids يحمي محاور جيلين لاحقين. وهذا يعني أن النظام الغذائي للأم يمكن أن يؤثر ليس فقط على دماغ نسلها ولكن يمكن أن يؤثر على الأجيال اللاحقة. عملنا يدعم نظامًا غذائيا صحيا أثناء الحمل من أجل نمو وصحة الدماغ بشكل مثالي".
وتقدم مراجعة للورقة من قبل عالم الوراثة الأمريكي نيكولاس بورتون، بعض السياق المهم.
ويشرح بورتون أن C. elegans حيوان بيّاض، ما يعني أن بيضه يفقس بعد وضعه. وليس من الواضح ما إذا كانت نتائج الدراسة الحالية تمتد لتشمل الحيوانات الولود، مثل الثدييات.
ومع ذلك، يلاحظ بورتون أن الدراسات الوبائية في البشر تظهر أن انخفاض الوزن عند الولادة، أحيانا نتيجة لنقص التغذية في أثناء الحمل، يمكن أن يزيد من خطر إصابة الأبناء بمشكلات أيضية لاحقا، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع 2.
ويأمل بورتون أن "تمهد دراسات الكائنات الحية النموذجية مثل C. elegans الطريق للعديد من الاكتشافات الجديدة حول كيف ولماذا تربط الحيوانات عملية التمثيل الغذائي للأم والطفل".
نُشرت الدراسة في مجلة Nature Cell Biology.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا بحوث مواد غذائية یمکن أن
إقرأ أيضاً:
التهلولة.. عادة دينية تعكس ارتباط الأجيال بتاريخهم
شهدت عدة ولايات في سلطنة عُمان خلال الأيام الأولى من شهر ذي الحجة للعام الهجري 1446 إحياء فعالية "التهلولة"، وهي ممارسة مجتمعية تتكرر سنويا، بوصفها إحدى صور التعبير الروحاني المرتبط بالمناسبات الدينية، خصوصا موسم الحج. وتميزت الفعالية هذا العام بانتشارها المنظم في ولايات محافظتي الداخلية ومسقط، وباقي المحافظات، بتنظيم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ومشاركة واسعة من فئات عمرية مختلفة، لا سيما الأطفال.
ففي السنوات الأخيرة، وضمن توجهات "رؤية عُمان 2040"، أبدت وزارة الثقافة والرياضة والشباب، اهتماما ملحوظا بتوثيق فعالية "التهلولة"، وتم إدراجها ضمن بعض الفعاليات التراثية المدرسية والمجتمعية، بالتعاون مع عدد من الجهات الرسمية الأخرى.
وتعد "التهلولة" مثالا حيا على مزج المجتمع العماني للروح الدينية بالطقوس الاجتماعية، بما يضمن نقل القيم والتقاليد عبر الأجيال. واستمرار إحيائها حتى اليوم يعكس مرونة التاريخ في التكيف مع متغيرات العصر، دون التفريط في جوهره التعبدي والتربوي.
انطلاق الفعالية
تنطلق فعالية "التهلولة" عادة من أول أيام شهر ذي الحجة، وتستمر حتى اليوم التاسع منه. وسميت "التهلولة" بهذا الاسم نسبة إلى "التهليل" والتكبير الذي يردده الصغار، حيث تشمل الفعالية خروج مجموعات من الأطفال، يتقدمهم "المطوع"، في مسيرات قصيرة داخل الحارات السكنية. ويقوم الأطفال خلالها بترديد أناشيد دينية جماعية تتضمن أبياتا مختارة من الشعر الإسلامي، تختتم في الغالب بصيغة التهليل والتكبير، أبرزها عبارة: "الله أكبر.. ولله الحمد"، كما ينادي المهلل ويدعو بعبارات التسبيح والتضرع ومناجاة الله، ويردد الأطفال من بعده عبارات: آمين أو لا إله إلا الله.
وتتميز المسيرة بطابعها المنظم، حيث يردد الأطفال الأناشيد بصوت جماعي متناسق، وقد يحملون الفوانيس أو المصابيح الصغيرة في بعض المناطق. وتختتم المسيرة عادة في أحد المساجد أو الساحات المفتوحة، وقد توزع خلالها الحلوى أو هدية رمزية للأطفال.
أجواء "التهلولة"
يرتدي الأطفال الذكور عادة "الدشداشة" مع "الكمة" أو "المصر"، فيما ترتدي الفتيات ملابس تراثية مزينة بتطريزات تقليدية ذات ألوان زاهية، تعكس الهُوية العمانية. وفي بعض الولايات، تستخدم أدوات إيقاعية بسيطة مثل الدف لضبط النغمة الجماعية، ويتم تزيين بعض الحارات بفوانيس وأشرطة قماشية لإضفاء طابع احتفالي يتماشى مع المناسبة.
من جهته، يقول إبراهيم الهنائي أحد المصاحبين لجولة الأطفال في الفعالية: إن "التهلولة" تمثل فرصة لغرس القيم الدينية والأخلاقية في نفوس الأطفال، وتعزيز روح الجماعة والانتماء الثقافي، كما تعد أيضا مناسبة مجتمعية للتواصل بين الأجيال. مبينا أنها من التقاليد العمانية المتجذّرة، وقد نشأت ضمن منظومة الممارسات الدينية الشعبية المرتبطة بالتقويم الهجري، لا سيما شهري رمضان وذي الحجة. مرجحا أن أصلها يعود إلى مبادرات غير رسمية من معلمي الكتاتيب "المطاوعة" الذين سعوا لغرس التعاليم الإسلامية في النشء من خلال التلقين الجماعي والأنشودة، مستفيدين من روحانية الأيام العشر من ذي الحجة.
التوثيق الرسمي والدعم المؤسسي
لم يتوقف إحياء هذه الفعالية، بل تطورت من ممارسة تعليمية دينية بسيطة إلى طقس مجتمعي منظم، يعكس تماسك البنية الاجتماعية العمانية وتقديرها للموروث الديني غير الرسمي. وقد ساعدت مرونة هذا الطقس في استمراره، إذ لم يكن مقتصرا على شكل ثابت، بل اتخذ أشكالا مختلفة باختلاف الولايات.
ويأتي الدعم الحكومي ضمن توجهات "رؤية عُمان 2040"، داعما لصون التراث وتعزيز الهُوية الوطنية، وحفظ الإرث العُماني، بنقل القيم والتقاليد عبر الأجيال.