شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم؛ فعاليات افتتاح المؤتمر الدولي الخامس والعشرين للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، بمدينة السلام شرم الشيخ، المقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وبحضور عدد من الوزراء، والسيد فيتال دي ريجو، رئيس المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية (الانتوساي) المنتهية ولايته، رئيس محكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية، والدكتورة مارجريت كراكر، الأمين العام لمنظمة الانتوساي ورئيس محكمة المراجعة بجمهورية النمسا الاتحادية، والمستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، رئيس منظمة الانتوساي الجديد، وعدد كبير من رؤساء الأجهزة الرقابية من مختلف دول العالم، ومسئولي الجهات والهيئات، وممثلي المؤسسات المالية الدولية.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: "يُسعدني في البداية أن أُرحب بحضراتكم جميعاً على هذه البقعة المُباركة من أرض مصر، مهد الحضارة ومنبع الحكمة والعلوم والفنون، وفجر الضمير الإنساني، المُشرق بنوره من نحو سبعة آلاف عام، مُبشراً بالمحبة وراعياً للسلام وداعياً إلى قِيم العدل والمساواة بين البشر.. أُرحب بكم ضُيوفاً أعزاءَ في مدينة شرم الشيخ، التي طالما شهدت حواراً موصولاً بين مختلف الشعوب، عبر العديد من القمم الدولية والإقليمية التي احتضنتها، مداً لجسور التعاون وسعياً إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية".

وأعرب رئيس الوزراء عن تمنياته بالتوفيق في أعمال المؤتمر مُستحضراً الرسالة السامية للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية، حيث برهنت المنظمة، منذ نشأتها وعبر تاريخها الممتد لنحو ما يزيد على سبعين عاماً، على قدرات مؤسسية فائقة، عملت من خلالها على صَكْ وتطوير المعايير الدولية للمراجعة العامة، وبناء وتنمية القدرات الذاتية للأجهزة العليا للرقابة وعززت التواصل فيما بينها - ومِن مُختلف ربوع العالم - حتى غَدَتْ منصةً دولية رائدة لتداول الخبرة المهنية وتبادل المعرفة، وهكذا أصبحت اليوم بَيْتَ الخبرةِ العالمي الجامع لأجهزة الرقابة والداعم لأداء الحكومات والساعي دوماً نحو ترسيخ النزاهة والشفافية.

واعتبر الدكتور مصطفى مدبولي أن الدور الجليل الذي باشرته "الانتوساي" عبر مسارها التاريخي، ومازالت تُباشره بفاعلية واقتدار، هو المُحقق لمناط العمل الرقابي بمفهومه الصحيح، كما تُؤْمن به مصر وكما تُمارسه واقعاً حياً، مشيراً إلى ان الرقابة - في جوهرها - ليست فقط أداة لرصد القُصُور وَتَصيُّد الخطأ وتقويض الأداء، وإلا غدت مِعْوَلاً للهدم لا مِعْوَلاً للبناء، بل هي ترصد القُصُور لِتَرْصُدَ معه مُقْترح الاستدراك وخياراته، في ظل فَهْمٍ واعٍ لبيئة العمل وَمُمْكناته، وَتَكْشف الخطأ لِتُصحح المسارَ، تَوَسُّلاً بالقانون وَأَخْذاً بِقِيَم المُساءلة والحساب، وَتُقَيّم الأداء العام سعياً إلى تعزيز كفاءته لا إلى تقويضه.

وأكد رئيس الوزراء أن مصر ومن مُنطلق إيمانها الراسخ بأهمية العمل الرقابي كركيزة أساسية للتنمية والبناء، وإذ تَشْرُف اليوم باستضافة الجمعية العامة، تضع جميع إمكاناتها وخبراتها المهنية وتجاربَها الرائدة قَيْد إفادة المجتمع الدولي للرقابة خلال الدورة الرئاسية القادمة للانتوساي، حيث أولت مصر جهازها الأعلى للرقابة المالية، الجهاز المركزي للمحاسبات - العريق في محيطه الإقليمي - دعماً غير محدود، وحرصت على استقلاله تمام الاستقلال، ليس فقط على مستوى الضمان الدستوري والتشريعي، بل وعلى مستوى الممارسة العملية في تمكينه من أداء مَهَامه على الوجه الأكمل، ووضع ملاحظاته وتوصياته موضع النفاذ والاعتبار.

ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه كان من ثمرات هذا التوجه تجربة مصرية مُلهمة في التكامل بين الأداء الحكومي والممارسة الرقابية، قُوامها الثقة المتبادلة والشفافية في تداول المعلومات والبيانات، فتَهَّيأَ بذلك السبيل نحو منجزات هائلة، في أقل من عِقْدٍ واحد، من المشروعات القومية العملاقة على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى مستوى الإصلاح المالي والإداري، مستطرداً: "فمن تشييد العديد من المدن الذكية التي تجمع بين الحداثة والاستدامة - وفي صدارتها العاصمة الإدارية الجديدة - إلى إعادة بناء شبكة متكاملة من الطرق والأنفاق وفق أعلى المعايير الدولية، ومن إطلاق وتفعيل مبادرة "حياة كريمة"  كأحد أكبر مشروعات التنمية الريفية على مستوى العالم، لتغيير واقع الحياة في القرى المصرية وتحقيق العدالة المكانية والاجتماعية، إلى بناء شبكة حماية اجتماعية وصحية شاملة عبر مبادرات فعالة (منها تكافل وكرامة و100 مليون صحة)... من هذه وغيرها الكثير تجسد إيمان الدولة بحقوق الإنسان وفق مفهوم شامل للحق في رعاية صحية وحياة آمنة كريمة، كل ذلك إلى جانب تخطيط وتنفيذ برامج إصلاح هيكلي اقتصادي شامل، عززت كفاءة الإنفاق العام ورفعت قدرات الدولة الإنتاجية وَحسَّنت جودة أداء القطاع الحكومي الخدمي، إضافة إلى حوكمة الاستثمارات العامة ووضع سياسات جديدة لملكية الدولة للأصول، بما قدم نموذجاً إقليمياً رائداً في التوازن بين النمو الاقتصادي والحماية الاجتماعية".

وأكد رئيس الوزراء أن هذه الإنجازات - وغيرها الكثير- لَمْ تَكُن مُمْكِنة التحقق في آجال زمنية محدودة، بغير هذا التكامل الوثيق بين أجهزة الرقابة والمؤسسات الحكومية، في إطار من الاستقلالية والمهنية والمسئولية المشتركة.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن مصر وهي تَتَهَيَّأُ لرئاسة منظمة الانتوساي، تُعْلن التزامها الكامل بالعمل المشترك مع جميع الأجهزة العُليا للرقابة المالية، الأعضاء بالمنظمة، لتعزيز قدراتها ودعم جسور التعاون البنَّاء معها عبر شراكات مؤسسية تَهْدُف إلى تبني أدوات ومنهجيات الرقابة الحديثة، فلقد كشفت الأزمات الاقتصادية التي شهدها عالمنا المُعاصر في سنواته الأخيرة عن الحاجة الماسة لأنظمة رقابية قوية وفعالة، قادرة على التعامل مع الظروف الاستثنائية، بأعلى قدر من المرونة والشفافية، في هذا السياق أيضاً، فرضت التطورات التقنية المتسارعة واقعاً جديداً، يتطلب الأخذ بسبل توظيف تلك التقنيات - وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي المسئول - لخدمة أهداف المراجعة العامة، وبما يكفل دقة مخرجات الرقابة وَيُعزز كفاءتها.

وقال رئيس الوزراء: "نحن جميعاً نتشارك الهدف ذاته، وهو ضمان الاستخدام الأمثل للموارد العامة وتعزيز الشفافية والمساءلة، وسبيلنا إلى ذلك هو العمل المشترك والحوار الموصول بين الأجهزة العليا للرقابة تحت مظلة مُنظمتكم العريقة، فالمستقبل الأفضل رهين بالتعاون لا التنافس، والشراكة لا الانعزال".

وفي ختام كلمته قال رئيس الوزراء: "أجدد الترحيب بكم جميعاً في بلدكم الثاني مصر، راجياً لأعمال جمعيتكم العامة الخامسة والعشرين كل النجاح والتوفيق ولمنظمة الانتوساي دوام العطاء والريادة".
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المؤتمر الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية الانتوساي رئيس الوزراء محاسبات للأجهزة العلیا للرقابة الدکتور مصطفى مدبولی للرقابة المالیة رئیس الوزراء على مستوى

إقرأ أيضاً:

المركزي للمحاسبات يعقد جلسة نقاشية بعنوان "مكافحة الفساد وغسل الأموال .. الأبعاد القانونية والمؤسسية والدولية"

في إطار الفعاليات التحضيرية قبيل انطلاق الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر الإنتوساي (INCOSAI 25)، عقد الجهاز المركزي للمحاسبات، اليوم، جلسة نقاشية موسعة بعنوان «مكافحة الفساد وغسل الأموال.. الأبعاد القانونية والمؤسسية والدولية»، بمشاركة نخبة من الخبراء الخارجيين.
أدار الجلسة المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وشارك في المنصة كل من المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والسيدة هايدي مرزم، مسئول مشروع الاتصال والمعلومات باليونسكو، والسيد أليكسيس كاموهير المراجع العام لجمهورية رواندا.

 

رئيس "المركزي للمحاسبات": الإرادة السياسية والرقابة المؤسسية  والإعلام المسؤول ركائز النزاهة الوطنية…

 


وناقشت الجلسة أحدث التوجهات والتجارب الدولية في مكافحة الفساد وغسل الأموال، مع التركيز على الأبعاد القانونية والمؤسسية، ودور الإعلام والذكاء الاصطناعي في تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة، وذلك في سياق استعدادات الجهاز لاستضافة الإنكوساي 25 بمدينة شرم الشيخ، تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
واستهل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات كلمته مؤكدًا  على أهمية تضافر الجهود بهدف مكافحة الفساد، وقال سيادته "يمكننا أن نحقق ذلك  عبر تبادل الخبرات وتعزيز الشراكات بين مختلف الأطراف المعنية بالحوكمة والنزاهة، نمضي اليوم بخطى واثقة نحو ترسيخ منظومة عمل رقابي متكاملة تعزز قيم الشفافية والمساءلة".
وأضاف "إن التعاون بين المؤسسات لم يعد ممكنًا إلا من خلال أطر مؤسسية متكاملة تقوم على تلاقي الرؤى والأفكار، وحوار دائم وموصول بين جميع الشركاء في مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد".

وأشار المستشار محمد الفيصل يوسف إلى أن الجلسة تجسد هذا التكامل في أبهى صوره، إذ تجمع نخبة من المتحدثين البارزين الذين يمثلون بأشخاصهم وبخبرات مؤسساتهم أبعاد هذا التعاون في أرقى تجلياته. 

 


من جانبه، قال المستشار محمود فوزي أن مكافحة الفساد والوقاية منه عملية مركبة لا يمكن أن تنجح بجهود طرف واحد، بل تتطلب تكامل الأدوار بين التشريع والفهم السليم له، ثم التطبيق الدقيق، وأخيرًا الرقابة الفاعلة على هذا التطبيق، وهو ما يحقق منظومة متكاملة للحوكمة والمساءلة.
وأوضح أن جرائم الفساد وغسل الأموال أصبحت ذات طبيعة عابرة للحدود، تتجاوز النطاق المحلي إلى الإطار الدولي، مما يستلزم تعزيز قنوات التعاون والتنسيق بين الدول والأجهزة الرقابية، لضمان تتبع حركة الأموال غير المشروعة ومنع استغلال الأنظمة التجارية أو المصرفية في عمليات غسل الأموال. 

 


كما أشار إلى أن العالم اليوم يواجه معادلة دقيقة بين حرية حركة التجارة والاستثمار من جهة، والحاجة إلى ضبط ومراقبة تلك المعاملات لمنع استغلالها في أنشطة غير مشروعة من جهة أخرى، مشددًا على أن هذا لا يتحقق إلا من خلال تعاون وثيق بين الأجهزة الرقابية الوطنية والمنظمات الدولية المعنية.

 


ومن جانبها أشارت هايدي مرزم،  إلى دور الإعلام والصحافة الاستقصائية في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، مؤكدة أن الصحافة الاستقصائية تمثل أداة محورية في كشف الحقائق وتوعية الرأي العام بمخاطر الفساد، وهو ما يتكامل مع جهود المؤسسات الوطنية والدولية لتحقيق الحوكمة الرشيدة.

 


كما أوضحت ممثلة اليونسكو أن التعليم أيضًا يُعد أحد ركائز هذا العمل، حيث تم إدخال مناهج للصحافة التعليمية في عدد من المدارس والجامعات، تهدف إلى نشر الوعي حول كيفية التعامل مع المعلومات المتدفقة يوميًا، خاصة في ظل التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI). وشددت على أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم الشفافية وتقديم معلومات دقيقة وموثوقة تسهم في خدمة المجتمع ومكافحة الفساد.
واستعرض السيد إليكسيس كاموهير، المراجع العام في جمهورية رواندا، تجربة بلاده في تعزيز التعاون بين المؤسسات الرقابية والجهات المعنية بمكافحة الفساد، بما يعزز كفاءة الأداء المالي والإداري ويحد من الهدر في المال العام.


واختتم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الجلسة قائلًا "يمكننا أن نؤكد على حقيقة هي أن تأسيس منظومة للنزاهة الوطنية، قادرة على مواجهة أخطر الجرائم المالية العابرة للحدود، يتطلب التقاء ثلاثة أركان استراتيجية، أولًا:الإرادة السياسية، ثانيًا: الرقابة المؤسسية الفعالة، ثالثًا: الإعلام المسؤول".

 

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء: مصر خلال رئاستها لـ "الإنتوساي" تضع خبراتها وإمكانياتها لخدمة المجتمع الدولي
  • مدبولي: مصر ملتزمة بدعم قدرات الأجهزة العليا للرقابة وتعزيز التعاون الدولي
  • مدبولي: تمكين الجهاز المركزي للمحاسبات أولوية لضمان الشفافية
  • مصر تتسلم رئاسة الانتوساي.. كواليس افتتاح المؤتمر الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية
  • رئيس الوزراء يؤكد استقلال الجهاز المركزي للمحاسبات ويدعو لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الرقابة المالية
  • مدبولي يشهد تسلم مصر رئاسة الإنتوساي
  • رئيس الوزراء: الإنتوساي أثبتت قدرتها على تنمية أجهزة الرقابة الدولية وتعزيز التواصل بينها
  • رئيس الوزراء: الإنتوساي برهنت على قدرتها على تنمية أجهزة الرقابة الدولية
  • المركزي للمحاسبات يعقد جلسة نقاشية بعنوان "مكافحة الفساد وغسل الأموال .. الأبعاد القانونية والمؤسسية والدولية"