لجريدة عمان:
2025-05-18@16:38:26 GMT

ضربات إسرائيل على إيران تهدئ التوترات

تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT

إن شنَّ إسرائيل للغارات الجوية في 26 أكتوبر على إيران والعراق وسوريا كان أمرًا متوقعًا منذ أسابيع، وقد جاءت العملية بعدما توعَّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد على الهجوم الإيراني الذي قامت به طهران بالصواريخ الباليستية في أوائل أكتوبر الماضي مستهدفة إسرائيل.

وهذه الخطوة تأتي أيضًا كمرحلة متقدمة من السيناريو الذي نعيشه بين إيران وإسرائيل، حيث يتناوب الطرفان على رفع معدل رهانات ما يسمى بـ«الحرب الباردة»، ولكن بعد فترة من تلك الحرب الكلامية، تطورت الأمور للوصول إلى مواجهات مباشرة الآن.

وهذا ما أثار الكثير من مخاوف المحللين السياسيين في المنطقة وبشكل واسع، حيث إن الهجوم المتبادل بينهما من الوارد جدًا -على حسب المحللين- أن يؤدي إلى دخول منطقة الشرق الأوسط في مرحلة غير مسبوقة من التصعيد.

ولكني أرى عكس ذلك، فتلك المخاوف ليست إلا مسألةً مخالفةً للبديهة، فما الضربات التي شنَّتها إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر إلا وسيلة نجحت بالفعل في تهدئة التوترات أكثر من كونها مسألة تصعيد. ولكي أوضح وجهة نظري وأسبابها، فإنني سأقوم بتحليل طبيعة العملية العسكرية الإسرائيلية وحدودها، إلى جانب الموقف المتخذ من أصحاب القرار في كل من إيران والولايات المتحدة وإسرائيل.

في الأساس كان الهجوم الإيراني على إسرائيل في بداية أكتوبر عبارة عن ردٍ على سلسلة العمليات العسكرية التي شنَّتها إسرائيل على حزب الله وقد شملت العمليات الإسرائيلية اغتيال أحد أبرز مسؤولي حماس حينما كان في طهران في أعقاب تنصيب الرئيس الإيراني الجديد في يوليو، إلى جانب اغتيال زعيم حزب الله في أواخر سبتمبر.

وكما قد جرى هذا السيناريو سابقًا، حيث شنَّت إيران هجومًا جويًا على أهداف إسرائيلية في شهر أبريل، وذلك ردًا على العمليات الاستفزازية الإسرائيلية، بما فيها الضربات الإسرائيلية على قنصلية إيران في العاصمة السورية دمشق في الأول من أبريل، والتي نجم عنها مقتل اثنين من كبار الضباط العسكريين.

ولكن مفاجأة هجوم طهران على إسرائيل في بداية أكتوبر، دفعت بالمراقبين الدوليين إلى توقع رد إسرائيلي عنيف ورادعٍ يوقف إيران عند حدها. وبطبيعة الحال، فإن إسرائيل بقوتها العسكرية ودعم حلفائها تمتلك القدرة على فعل ذلك، ولكن اختارت إسرائيل أن توجه بعض الضربات «الدقيقة والمحددة» نحو مواقع معينة، بدلًا من نسف البنى التحتية المهمة في إيران أو قصف منشآتها النووية التي تشكل تهديدًا على إسرائيل وحلفائها.

ويمكن تأويل قيام إسرائيل بهذا الرد المتواضع مقارنة بعملياتها، بأنه بمثابة رسالة قوية موجهة من إسرائيل إلى المرشد الأعلى الإيراني، وإلى القيادات العسكرية الإيرانية تقول إن إسرائيل قادرة على المواجهة والرد، وأنها قادرة على ضرب قلب إيران، ما سيؤدي إلى مزيد من الأضرار على الاقتصاد الإيراني الهش بطبيعة الحال.

وربما من السابق لأوانه الحديث عن التقييم الكامل للأضرار التي خلفتها الضربات الإسرائيلية على طهران، فالموضوع بحاجة إلى وقت، ولكن المؤشرات الأولية تشير إلى أن إسرائيل قد نجحت في الكشف عن نقاط الضعف في المنظومة الأمنية الإيرانية بشكلها العام.

ومن الممكن استغلال نقاط الضعف تلك في عمليات أخرى أكثر قوة قد تصيب منشآت النفط والطاقة النووية، في حال اتخذت طهران وحلفاؤها في «محور المقاومة» قرار الرد.

استطاعت إسرائيل بشكل واضح أن تقوم بالرد العنيف على من يشكلون عليها خطرًا، وإن بدا الرد على إيران خفيفًا، إلا أنه رسالة نجحت ربما في أن تصل.

وقد صرَّح عدد من القادة الإيرانيين بأن تأثير الرد الإسرائيلي كان محدودًا، كما صرَّحت الخارجية الإيرانية في بيان لها بأنها «لها الحق بالدفاع عن نفسها»، ولكن في الوقت ذاته تضمَّن البيان أن إيران «ستتقيد بالتزاماتها من أجل السلام والاستقرار في الإقليم».

ومن خلال قراءة هذا البيان، يبدو لي أن إيران لا تنوي بشكل مباشر أن تقوم بالرد والتصعيد، ولكن قد يتغير هذا الموقف بناءً على قرار المرشد الأعلى علي خامنئي أو إسماعيل قاآني حول شكل الرد الإيراني.

ولكن إيران على يقين بأن التصعيد ليس من مصلحتها، فقد تزيد من العقوبات الاقتصادية التي تقودها أمريكا عليها، ما سيتسبب بانتكاسة أخرى لاقتصادها المريض، لذلك يبقى خيار عدم التصعيد لصالحها.

إن عودة إيران وإسرائيل إلى «الحرب الباردة»، بدلًا من المواجهات المباشرة ولو كانت محدودة، هو خيار مرحب به من الولايات المتحدة، فمنذ السابع من أكتوبر 2023، وجد جو بايدن وإدارته أنفسهم محاصرين بين التزامات ومخاوف متناقضة، بما في ذلك دعم إسرائيل الحليف القديم لها، وفي الوقت نفسه لم تسعَ إلى العزوف عن الحكومات العربية التي تعتبرها «صديقة لها»، وفي ذات الوقت تحاول تجنب تصاعد التوترات التي قد تؤدي إلى حرب شاملة.

وقد وجدت إدارة بايدن نفسها في هذا الموقف الضيق خاصة مع اقتراب الانتخابات، ساعية إلى تحقيق التوازن بين دعم الكتلة اليهودية، إلى جانب عدم إغفال أصوات المسلمين التي لها تأثير كبير، وكذلك أصوات الشباب الداعمة للقضية الفلسطينية بشكل كبير.

إن تصعيد الصراع في المنطقة لا يخدم مصالح البيت الأبيض في هذا الصدد. ومع ذلك، فإن علاقة جو بايدن الطويلة برئيس الوزراء نتنياهو لم تؤدِ إلى النتائج التي سعت إليها الإدارة الأمريكية. فلم تنجح واشنطن في دفع حليفتها نحو وقف إطلاق النار في غزة، ولا في إنهاء الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان.

ومع حلول موعد الانتخابات الأمريكية، قد تؤثر التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط على عدة جبهات في طريقة تقييم الناخبين لنائبة الرئيس كامالا هاريس أو الرئيس السابق دونالد ترامب، خاصة في ولاية ميشيغان، حيث قد يخسر المرشح الديمقراطي أصوات العرب والمسلمين الأمريكيين الغاضبين من موقف إدارة بايدن المساند لإسرائيل.

التنبؤ بما سيحدث لاحقًا في الشرق الأوسط كان دائمًا تحديًا حتى لأكثر المحللين خبرة، وقد يستغرق الأمر أيامًا أو أسابيع أو حتى أشهر لتقييم ما إذا كانت هذه الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة ستؤدي إلى مزيد من التصعيد بين إيران وإسرائيل، أو إذا كان هناك اتجاه نحو تهدئة الأوضاع في المنطقة.

لكن هناك أسبابا مقنعة تبدو لي للاعتقاد بأن صناع القرار في إيران والولايات المتحدة وإسرائيل يدركون أن المزيد من التصعيد لا يخدم مصلحة أي طرف.

وربما تكون الضربة الأخيرة قد حققت ما يكفي لإرضاء إسرائيل مع إتاحة الفرصة لطهران للقول إنه لا حاجة للرد بالمثل!

جاويد علي أستاذ مشارك للسياسة العامة بجامعة ميشيغان بالولايات المتحدة.

عن آسيا تايمز.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إسرائیل فی على إیران

إقرأ أيضاً:

انطلاق القمة العربية في بغداد وسط تصاعد حدة التوترات

انطلقت في العاصمة العراقية بغداد اليوم السبت، أعمال القمة العربية في دورتها الـ34 في القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء، في ضوء تصاعد حدة التوترات الإقليمية وخاصة الملف الفلسطيني.

اقرأ ايضاًمحادثات موسكو وكييف تأخذ منحى آخر.. كيف تصاعدت حدة التصريحات؟

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني: "نحن اليوم لا نعيد بناء العراق فحسب، بل نشارك في إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط عبر سياسة خارجية متوازنة وقيادة واعية ومبادرات تنموية وشراكات استراتيجية".

وتعقد القمة تحت شعار "حوار وتضامن وتنمية" وسط أجواء سياسية مشحونة وتحديات إقليمية متصاعدة، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتحوّل في سوريا، وتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولبنان، واستمرار الحرب في السودان.

وقالت وكالة الأنباء العراقية إنه جلسة للقمة العربية العادية تليها جلسة رئيسية ثانية للقمة العربية التنموية الخامسة.

اقرأ ايضاًبوتين يعلن استضافة القمة الروسية العربية الأولى من نوعها

وتعد هذه القمة الرابعة التي تستضيفها بغداد، وقد أتمت السلطات في البلاد استعداداتها اللوجستية والأمنية والإعلامية لهذه القمة.

 

المصدر: وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند انطلاق القمة العربية في بغداد وسط تصاعد حدة التوترات بوتين يعلن استضافة القمة الروسية العربية الأولى من نوعها مئات الشهداء والجرحى في غزة.. هل إسرائيل تتحدى العالم؟ فوائد المغنيسيوم للنساء قبل النوم بخاخ افوجين للشعر: إيجابيات وسلبيات Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

اقرأ ايضاًعامر خان سيتزوج للمرة الثالثة.. وأصابع الاتهام موجهة لهذه النجمة! © 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الإيراني: إيران لم تسعَ يوماً لإمتلاك أسلحة نووية ومستعدون للتواصل مع الولايات المتحدة
  • انتهاء الموجة الحارة ولكن.. الأرصاد توضح التفاصيل
  • رغم التوترات.. تركيا تصعد في طلبات شنغن والرفض يتراجع
  • انطلاق القمة العربية في بغداد وسط تصاعد حدة التوترات
  • إسرائيل تعلن تكثيف الهجوم على غزة.. بـ"عربات جدعون"
  • إسرائيل تعلن بدء عملية عسكرية جديدة كبيرة في غزة
  • بعد قصف غير مسبوق على القطاع.. مئات الفلسطينيين يفرّون من جحيم الغارات ولكن إلى أين؟
  • مفتي الجمهورية: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية ولكن صحيح الأركان والعبادة
  • محللون: ترامب جاد في الاتفاق مع إيران رغم معارضة إسرائيل
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي