تستمر أزمة اعتقال السلطات في السودان 15 سائقاً مصرياً بمدينة دنقلا، شمال السودان، التي دخلت شهرها الثالث، وتتزايد معها المخاوف بشأن سلامة المصريين العاملين في السودان، خصوصاً في ظل استمرار غياب سبعة تجار وعمال مصريين تقول أسرهم إنهم محتجزون لدى قوات الدعم السريع منذ نحو عام ونصف، فيما أعلنت "الدعم" وقف تصدير السلع السودانية إلى مصر.

وعلى الرغم من أن الحكومة السودانية لم تصدر قراراً بحظر التصدير إلى مصر، إلا أن القيادي في "الدعم السريع" اللواء الملك أبو شتال، قال في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في لقاء تلفزيوني: "كل مواردنا يجب أن تذهب لدول الجوار، ما عدا مصر، وأي شاحنة متجهة إلى (معبر) الدبة السودانية أو مصر، يجب التعامل معها بصفتها عدواً صريحاً".

دعوة مصرية لوقف النار في السودان
في المقابل، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن بلاده تولي أهمية قصوى لتحقيق الاستقرار في السودان، بما يمكّن الشعب السوداني من بناء وطنه وتحقيق طموحاته. جاء ذلك خلال مشاركته في الاجتماع الرباعي المصري الأميركي السعودي الإماراتي، المعني بالسودان، الذي عُقد أمس الأول الاثنين، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع. وأوضح أن مصر تشدّد على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية واحترام سيادتها ووحدة أراضيها، مشيراً إلى أن الاستجابة الإنسانية للسودان تواجه عجزاً كبيراً يقترب من 75% من الاحتياجات، ما يستدعي سرعة تنفيذ الدول المانحة تعهداتها، لافتاً إلى أن تحميل دول الجوار، ومن بينها مصر، العبء الأكبر للأزمة الإنسانية غير عادل، داعياً إلى توزيع الأعباء بشكل متوازن. وأفاد الوزير المصري بأن الوضع الإنساني في السودان يتطلب التركيز على هدفين أساسيين: التوصل إلى وقف إطلاق النار، وتعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية.

بدر عبد العاطي: مصر تولي أهمية قصوى لتحقيق الاستقرار في السودان

وتحاول القاهرة احتواء موقف احتجاز السائقين الـ15 عبر القنوات الدبلوماسية، لكنها تواجه ضغوطاً متزايدة من الرأي العام وأهالي السائقين لاتخاذ موقف أكثر صرامة. وتعكس أزمة المحتجزين المصريين في السودان تعقيدات الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. وبينما تستمر التحقيقات، تبقى العلاقات المصرية السودانية في اختبار صعب.

وقالت الخبيرة المصرية في الشؤون الأفريقية نجلاء مرعي، لـ"العربي الجديد": "لن تؤثر هذه التصرفات الفردية على موقف مصر وتحركها بصفتها دولة إقليمية فاعلة. الاتهامات التي وجهها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) لمصر بالمشاركة في الحرب إلى جانب الجيش السوداني نفتها مصر بشكل قاطع، وأصرت على ضرورة تقديم دلائل على هذه الاتهامات، ومن الواضح أن هذه التصرفات تأتي في إطار محاولات التصعيد بدلاً من إيجاد حل للأزمة". وأضافت: "الدعم السريع أوقفت الصادرات المتجهة إلى مصر، ولم تكن هذه المرة الأولى. كما شكلت إدارات مدنية لإدارة شؤون الحكم في المناطق التي تسيطر عليها، وهذه الخطوة جاءت في اتجاه التصعيد مع مصر، وهو ما يعكس توجّه السودان نحو التقسيم، بالإضافة إلى الفوضى العارمة في البلاد". وتابعت: "الحكومة السودانية رفضت هذه الخطوة واعتبرتها محاولة لفرض سلطة الأمر الواقع، لكن لدينا شواهد كثيرة تشير إلى أن القوات على الأرض تتجه نحو التقسيم أو الحكم الذاتي على أقل تقدير".

وأشارت مرعي إلى أن "مصر حريصة على الانخراط بفاعلية في مختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف إطلاق النار وتحقيق تسوية شاملة في السودان، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني". وأفادت بأن "مصر تمتلك رؤية للحل تعتمد على عدم التدخل في شؤون السودان الداخلية وعدم السماح بالتدخلات الخارجية في الأزمة السودانية، مع ضرورة التنسيق مع دول الجوار لتدارك التداعيات الإنسانية للأزمة. كما تحاول مصر حشد الشركاء الدوليين لإنشاء تحالف من أجل تعزيز السلام في السودان".

تأثيرات على العلاقات المصرية السودانية؟
من جهته، قال المحلل السياسي السوداني محمد خليفة، لـ"العربي الجديد"، بشأن توقيف 15 سائقاً مصرياً، إن "الحادث احتجاز وليس اختطافاً، وهو حادث طبيعي نتيجة مخالفة السائقين قوانين السودان، وهم محتجزون على ذمة جهة قانونية، والقنصلية المصرية على علم بالموضوع". وتابع: "لا نتوقع أي تأثيرات لهذا الحادث على علاقات البلدين، وسيتم حل المسألة قريباً، لكن يجب التنبه إلى أن الدعم السريع تسعى لاستعداء مصر ومنعها من مساندة الجيش السوداني عبر مواقف مختلفة".

محمد خليفة: لا نتوقع أي تأثيرات لتوقيف 15 سائقاً مصرياً على علاقات البلدين وسيتم حل المسألة قريباً

وتعليقاً على خطف "الدعم السريع" سبعة مصريين، قال الكاتب والخبير في الشؤون الأفريقية هاشم علي لـ"العربي الجديد": "إنها ليست المرة الأولى التي تعتدي فيها مليشيا الدعم السريع على مواطنين مصريين، ففي بداية تمردها في 15 إبريل/ نيسان 2023 اعتقلت مصريين عاملين في مطار مروي، وبعد تهديدات الحكومة المصرية للمليشيا تم إطلاق سراحهم. وفي أكتوبر الماضي، اتهم حميدتي الحكومة المصرية بمساعدة الجيش السوداني، وربما يكون اعتقال المليشيا لسبعة من المواطنين المصريين انتقاماً منها وتماشياً مع اتهاماتها السابقة لمصر".

وأكد علي أن "موضوع اختطاف المصريين السبعة لا علاقة للحكومة أو الجيش السوداني به، لأن الاختطاف تم في مناطق تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع. وهذه المليشيا تضم عدداً كبيراً من المرتزقة الأجانب، وهدفها السرقة والنهب، وقد ارتكبت خلال السنة الماضية منذ اشتعال الحرب جرائم بشعة في حق المدنيين السودانيين وغيرهم من الأجانب الذين كانوا يعملون في السودان". وأوضح أن "المليشيا تهدف إلى السيطرة على السودان وتغيير تركيبته السكانية، وقد أدرك المجتمع الدولي فظائع هذه الأعمال، وهناك إدانات متواترة من العديد من الجهات الإقليمية والدولية، حتى من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية". واعتبر علي أن "الحكومة السودانية والجيش تجاوزا خيار التفاوض مع مليشيا الدعم السريع، لكونها تمثل غزواً أجنبياً يهدف إلى السيطرة على السودان بدعم من جهات إقليمية، تتصدرها الإمارات".

العربي الجديد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الجیش السودانی العربی الجدید الدعم السریع فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

العلاقات السودانية الكويتية.. لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد

بورتسودان- متابعات تاق برس- قالت عضو مجلس السيادة الانتقالي د. نوارة أبو محمد أنه في الوقت الذي حصرت فيه معظم الدول جهودها في السودان على تقديم المساعدات الإنسانية فإن دولة الكويت سارعت بالدخول في استثمارات وتجاوزت مرحلة المساعدات الإنسانية إلى دفع وتشجيع الاستثمار.

ولفتت إلى الدعم الذى تقدمه دولة الكويت إلى السودان والشعب السوداني في المحافل الإقليمية والدولية، بجانب جهودها في معالجة آثار الحرب الإنسانية.

 

وأكدت عضو السيادي فى لقائها اليوم، سفير دولة الكويت بالسودان السفير د. فهد الظفيري، بحضور والي ولاية البحر الأحمر حرص الحكومة على توفير البيئة الجاذبة للاستثمار وتطوير القطاعات الاقتصادية كافة.

 

وامتدحت شراكة الشركة الكويتية للاستثمار وشركة عقارات الكويت مع ولاية البحر الأحمر من خلال مشروع منتجع عروس السياحي الذي يعد واحداً من مشروعات ترقية قطاع السياحة في السودان.

 

من جانبه، قال سفير دولة الكويت لدى السودان د. فهد الظفيري إن لقاءه بعضو مجلس السيادة أعطى انطباعا جيدا بمدى الأمان والتشجيع على جذب مزيد من الاستثمارات ورأس المال الكويتي عبر القطاع الخاص إلى السودان عامة وولايات الشرق على وجه الخصوص من أجل إقامة المشاريع الاستثمارية والتنموية تأكيداً لدور الكويت التنموي والإنساني.

 

ووصف السفير الكويتي منتجع عروس بالمشروع الحيوي، ونوه إلى أن الشركة الكويتية ومن خلال الشراكة مع ولاية البحر الأحمر تتكفل بتنفيذ 80% من المشروع من خلال إقامة البنية التحتية والتي تتمثل في فندق سياحي ومنطقة سكنية ومشاريع الطاقة بهدف جذب السياحة إلى بورتسودان.

 

وامتدح والي البحر الأحمر الفريق الركن مصطفى محمد نور، اهتمام ومتابعة عضو مجلس السيادة الانتقالي د. نوارة بمشروعات التنمية والخدمات بالولاية، موضحاً أن مشروع عروس يقوم على عقد شراكة بين الولاية وشركة العقارات الكويتية مما يسهم في تطوير المنطقة ويزيد من فرص الجذب السياحي بالولاية.

العلاقات السودانية الكويتيةعضو مجلس السيادة نوارة أبو محمد

مقالات مشابهة

  • توطين رواتب القطاع الخاص والدفع السريع والجباية.. السوداني يصدر قرارات مصرفية
  • بوصلة السودان الوطنية… ما بين الدعم الخليجي و الوقفة المصرية الصلبة
  • عاجل.. ضربة نوعية للجيش السوداني تربك تحركات الدعم السريع في الجنينة
  • العلاقات السودانية الكويتية.. لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد
  • سلاح الجو السوداني يباغت “الدعم السريع” في شمال كردفان
  • الجيش السوداني: المصنع الأم للإجرام ومأزق النخبة النيلية:
  • مناورة الدعم السريع الجديدة للتحايل على الهزيمة
  • “الخارجية السودانية” تكشف محاولات دولة الإمارات لعرقلة صدور إدانات دولية ضد الدعم السريع
  • “الدعم السريع” تعلن سيطرتها على منطقة جديدة في كردفان
  • انطلاق سمبوزيوم القاهرة عمان بمشاركة فنانين مصريين.. غدًا