القاهرة تحاول بالدبلوماسية تحرير مصريين محتجزين في السودان
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
تستمر أزمة اعتقال السلطات في السودان 15 سائقاً مصرياً بمدينة دنقلا، شمال السودان، التي دخلت شهرها الثالث، وتتزايد معها المخاوف بشأن سلامة المصريين العاملين في السودان، خصوصاً في ظل استمرار غياب سبعة تجار وعمال مصريين تقول أسرهم إنهم محتجزون لدى قوات الدعم السريع منذ نحو عام ونصف، فيما أعلنت "الدعم" وقف تصدير السلع السودانية إلى مصر.
دعوة مصرية لوقف النار في السودان
في المقابل، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن بلاده تولي أهمية قصوى لتحقيق الاستقرار في السودان، بما يمكّن الشعب السوداني من بناء وطنه وتحقيق طموحاته. جاء ذلك خلال مشاركته في الاجتماع الرباعي المصري الأميركي السعودي الإماراتي، المعني بالسودان، الذي عُقد أمس الأول الاثنين، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع. وأوضح أن مصر تشدّد على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية واحترام سيادتها ووحدة أراضيها، مشيراً إلى أن الاستجابة الإنسانية للسودان تواجه عجزاً كبيراً يقترب من 75% من الاحتياجات، ما يستدعي سرعة تنفيذ الدول المانحة تعهداتها، لافتاً إلى أن تحميل دول الجوار، ومن بينها مصر، العبء الأكبر للأزمة الإنسانية غير عادل، داعياً إلى توزيع الأعباء بشكل متوازن. وأفاد الوزير المصري بأن الوضع الإنساني في السودان يتطلب التركيز على هدفين أساسيين: التوصل إلى وقف إطلاق النار، وتعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية.
بدر عبد العاطي: مصر تولي أهمية قصوى لتحقيق الاستقرار في السودان
وتحاول القاهرة احتواء موقف احتجاز السائقين الـ15 عبر القنوات الدبلوماسية، لكنها تواجه ضغوطاً متزايدة من الرأي العام وأهالي السائقين لاتخاذ موقف أكثر صرامة. وتعكس أزمة المحتجزين المصريين في السودان تعقيدات الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. وبينما تستمر التحقيقات، تبقى العلاقات المصرية السودانية في اختبار صعب.
وقالت الخبيرة المصرية في الشؤون الأفريقية نجلاء مرعي، لـ"العربي الجديد": "لن تؤثر هذه التصرفات الفردية على موقف مصر وتحركها بصفتها دولة إقليمية فاعلة. الاتهامات التي وجهها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) لمصر بالمشاركة في الحرب إلى جانب الجيش السوداني نفتها مصر بشكل قاطع، وأصرت على ضرورة تقديم دلائل على هذه الاتهامات، ومن الواضح أن هذه التصرفات تأتي في إطار محاولات التصعيد بدلاً من إيجاد حل للأزمة". وأضافت: "الدعم السريع أوقفت الصادرات المتجهة إلى مصر، ولم تكن هذه المرة الأولى. كما شكلت إدارات مدنية لإدارة شؤون الحكم في المناطق التي تسيطر عليها، وهذه الخطوة جاءت في اتجاه التصعيد مع مصر، وهو ما يعكس توجّه السودان نحو التقسيم، بالإضافة إلى الفوضى العارمة في البلاد". وتابعت: "الحكومة السودانية رفضت هذه الخطوة واعتبرتها محاولة لفرض سلطة الأمر الواقع، لكن لدينا شواهد كثيرة تشير إلى أن القوات على الأرض تتجه نحو التقسيم أو الحكم الذاتي على أقل تقدير".
وأشارت مرعي إلى أن "مصر حريصة على الانخراط بفاعلية في مختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف إطلاق النار وتحقيق تسوية شاملة في السودان، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني". وأفادت بأن "مصر تمتلك رؤية للحل تعتمد على عدم التدخل في شؤون السودان الداخلية وعدم السماح بالتدخلات الخارجية في الأزمة السودانية، مع ضرورة التنسيق مع دول الجوار لتدارك التداعيات الإنسانية للأزمة. كما تحاول مصر حشد الشركاء الدوليين لإنشاء تحالف من أجل تعزيز السلام في السودان".
تأثيرات على العلاقات المصرية السودانية؟
من جهته، قال المحلل السياسي السوداني محمد خليفة، لـ"العربي الجديد"، بشأن توقيف 15 سائقاً مصرياً، إن "الحادث احتجاز وليس اختطافاً، وهو حادث طبيعي نتيجة مخالفة السائقين قوانين السودان، وهم محتجزون على ذمة جهة قانونية، والقنصلية المصرية على علم بالموضوع". وتابع: "لا نتوقع أي تأثيرات لهذا الحادث على علاقات البلدين، وسيتم حل المسألة قريباً، لكن يجب التنبه إلى أن الدعم السريع تسعى لاستعداء مصر ومنعها من مساندة الجيش السوداني عبر مواقف مختلفة".
محمد خليفة: لا نتوقع أي تأثيرات لتوقيف 15 سائقاً مصرياً على علاقات البلدين وسيتم حل المسألة قريباً
وتعليقاً على خطف "الدعم السريع" سبعة مصريين، قال الكاتب والخبير في الشؤون الأفريقية هاشم علي لـ"العربي الجديد": "إنها ليست المرة الأولى التي تعتدي فيها مليشيا الدعم السريع على مواطنين مصريين، ففي بداية تمردها في 15 إبريل/ نيسان 2023 اعتقلت مصريين عاملين في مطار مروي، وبعد تهديدات الحكومة المصرية للمليشيا تم إطلاق سراحهم. وفي أكتوبر الماضي، اتهم حميدتي الحكومة المصرية بمساعدة الجيش السوداني، وربما يكون اعتقال المليشيا لسبعة من المواطنين المصريين انتقاماً منها وتماشياً مع اتهاماتها السابقة لمصر".
وأكد علي أن "موضوع اختطاف المصريين السبعة لا علاقة للحكومة أو الجيش السوداني به، لأن الاختطاف تم في مناطق تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع. وهذه المليشيا تضم عدداً كبيراً من المرتزقة الأجانب، وهدفها السرقة والنهب، وقد ارتكبت خلال السنة الماضية منذ اشتعال الحرب جرائم بشعة في حق المدنيين السودانيين وغيرهم من الأجانب الذين كانوا يعملون في السودان". وأوضح أن "المليشيا تهدف إلى السيطرة على السودان وتغيير تركيبته السكانية، وقد أدرك المجتمع الدولي فظائع هذه الأعمال، وهناك إدانات متواترة من العديد من الجهات الإقليمية والدولية، حتى من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية". واعتبر علي أن "الحكومة السودانية والجيش تجاوزا خيار التفاوض مع مليشيا الدعم السريع، لكونها تمثل غزواً أجنبياً يهدف إلى السيطرة على السودان بدعم من جهات إقليمية، تتصدرها الإمارات".
العربي الجديد
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش السودانی العربی الجدید الدعم السریع فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحكومة السودانية في أول تعليق على إعلان الدعم السريع هدنة إنسانية
متابعات تاق برس- اعتبرت الحكومة السودانية على لسان الناطق الرسمي خالد الإعيسر وزير الثقافة والإعلام ما أعلنها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي بشأن هدنة إنسانية لا يتجاوز كونه مناورة سياسية مكشوفة تتناقض بشكل صارخ مع الواقع المرير الذي ارتكبته قواته على الأرض،
ووصف حديث حميدتي عن الهدنة محاولة جديدة لخداع المجتمع الدولي وتلميع صورة شوهتها الحقائق الدامغة بجرائم قواته وانتهاكاتها المستمرة.
ينشر تاق برس نص بيان وزير الثقافة والإعلام..
ما أعلنه قائد ميليشيا الدعم السريع المتمردة، بشأن هدنة إنسانية لا يتجاوز كونه مناورة سياسية مكشوفة تتناقض بشكل صارخ مع الواقع المرير الذي ارتكبته قواته على الأرض. فهذه الميليشيا التي تجردت من كل قيمة إنسانية حاصرت المدنيين العزل، وجوعتهم، وقصفتهم بالطائرات المسيّرة في مدن عدة، وعلّقت بعضهم على الأشجار، ودفنت آخرين أحياء. وآخر تلك الجرائم المروعة ارتُكب في مدينتي الفاشر وبارا؛ لذا لا يمكن أخذ حديث قائدها عن “هدنة لاعتبارات إنسانية” على محمل الجد أو الصدق.
إن التصريح الذي أدلى به بالأمس ليس سوى محاولة جديدة لخداع المجتمع الدولي وتلميع صورة شوهتها الحقائق الدامغة بجرائم قواته وانتهاكاتها المستمرة. وعلى العالم ألا يسمح لنفسه بأن يُستدرج إلى هذا الخطاب المضلل؛ فقد أثبتت التجارب السابقة – وفي مقدمتها هدن اتفاق جدة – أن الجيش السوداني التزم بما وُقع عليه، بينما استغلت الميليشيا تلك الهدن لتمرير إمدادات مرتزقتها من السلاح والعتاد وتحقيق مكاسب عسكرية على حساب المدنيين.
لقد رأى العالم أجمع حجم المعدات العسكرية والذخائر التي أدخلتها الميليشيا خلال فترات الهدن إلى المدن المكتظة بالسكان، وفي مقدمتها العاصمة الخرطوم، قبل أن تفر منها. والحقيقة الواضحة أن من يمارس القتل والحصار والاغتصاب لا يصنع سلاماً، ولا يؤمن بأي قيمة إنسانية، ومن ينقض العهود لا يمكن الوثوق بوعوده.
وعلى المجتمع الدولي أن يدرك طبيعة هذه المناورة المفضوحة، وأن يقدم معاناة الشعب السوداني على أي اعتبارات سياسية أو دعائية، وأن يضغط على الميليشيا لتنفيذ خارطة الطريق المودعة لدى الأمم المتحدة التي قدمها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بوصفها السبيل الأجدى لطي صفحة المعاناة واجتثاث مسببات الحرب من جذورها بهدنة دائمة، ووفق أسس موضوعية تستجيب لتطلعات الشعب السوداني وكل الشعوب التواقة للسلام.
خالد الإعيسر
وزير الثقافة والإعلام والسياحة
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025م