يمانيون../
في زمن يتفنن فيه الكثير من الشباب، في ابتداع واختلاق أسباب ومبررات فشلهم وعدم قدرتهم على تحقيق طموحاتهم أو بلوغ أحلامهم، تثبت الفنانة التشكيلية اليمنية هبة الفقير عكس ذلك تماما.

فرغم فقدانها ذراعيها في حادث ماس كهربائي تعرضت له في مرحلة الطفولة، إلا أن هبة الفقير لم تستسلم لتبعات ذلك الحادث وراحت تتحدى الصعوبات وتتعلم الرسم بقدميها، لتثبت أن امتلاك العزيمة والإرادة، والإصرار والتحدي والحب، جميعها أسباب قادرة على منحك القوة الكافية لقهر اليأس وصهر المستحيل، مهما تعاظم حجمه.

في جاليري صنعاء للفنون التشكيلية، التقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التشكيلية الصاعدة هبة أحمد الفقير البالغة من العمر (٢٥ عاماً) من محافظة البيضاء، بينما كانت تقف إلى جانب رسوماتها المليئة بالكثير من بالإيحاءات والتعبيرات.

يعد الرسم بالنسبة لهبة وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر وما يدور في مخيلتها من أفكار تعكس نظرتها العميقة للواقع والقضايا المحيطة.

تهتم هبة برسم الشخصيات أو ما يعرف برسم البورتريه، في حين تمثل القضية الفلسطينية واحدة من أبرز القضايا التي تعمل عليها وتشغل حيزاً كبيراً في ذهنها، وذلك باعتبارها إحدى أنبل وأعدل القضايا الإنسانية، إن لم تكن أعدلها على الإطلاق في زمن الصمت والخنوع والتواطؤ والتآمر.

ترى هبة أن الأعمال مازالت مستمرة بالتنوع، وأن مستقبلها الفني حافل بتناول الكثير من القضايا الحساسة، إلا أن القضية الفلسطينية اليوم تمثل قضية محورية، والفن لغة عالمية، ووسيلة للتعبير عما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر وأهوال، هو لغة بصرية مؤثرة تختزل الكثير من المعاني، ولا تحتاج ترجمة، كما أنها سريعة الانتشار، وكل ما يخص الحرب الظالمة على غزة تطغى على أغلب المنشورات، حتى وإن تم حجب أو منع بعض الفيديوهات، فإن الرسومات تخترق المنع بنجاح.

وبما أن الفن يعبر عن الفنان وعن المجتمع الذي يمثله، فهو مرآة لما يدور في فكر الشعوب، ومن ثم فإن الاهتمام بالقضية هو انعكاس للاهتمام الشعبي والمجتمعي بها.

بالنسبة لهبة لا يمكن تحديد لون مفضل لها وكل الألوان مهمة بشكل عام، وكل رسمة ولها ألوانها وكل لون له مميزاته، حسبما تقول، لكنها رغم ذلك تفضل اللونين الأسود والأخضر، اللذين يعبران عن الثقة والكرم وحب مساعدة الآخرين.

تقول هبة إن سبب فقدان ذراعيها يعود إلى حادث كهربائي تعرضت له في سن صغيرة، لكن هذا الحادث لم يحل دون استمرارها في تطوير نفسها وممارسة هوايتها رغم عدم الحصول على الدعم من الجهات المختصة سواء كان مادياً أو معنوياً بما يمكنها وغيرها من تقديم المزيد من الإبداع، معربة عن أملها في أن يحصل المبدعون على الاهتمام اللازم من قبل المعنيين.

تُرجع هبة الفضل في مواصلتها للرسم وتشجيعها على التدريب والاستمرار في تطوير مهاراتها وقدراتها إلى والدتها التي تحرص أن تكون معها في جميع الفعاليات التي تشارك فيها ثم إلى أخويها محمد وسامي ممن يقدمون لها الدعم مادياً ومعنوياً بالإضافة إلى عمها عبد السلام الذي لا يتوانى عن تحفيزها وتشجيعها دائماً على الاستمرار في تطوير موهبتها.

تقر هبة أنها كثيراً ما مرت بمراحل يأس “خاصة عندما ترى أنه في بلادنا لا يوجد تشجيع كافٍ ولا اهتمام بالفن مثل الخارج” مع ذلك لم تستسلم هبة لليأس، وتقول “كنت أشجع نفسي وأقول أكيد سيأتي يوم وأجني ثمرة تعبي وأوصل فني للعالم”.

أما عن حدود طموحها تضيف هبة: “طموحي لا حدود له أسعى للاحتراف وتعلم مهارات فنية متنوعة كالرسم على الزجاج والقماش وغيره إن شاء الله، والوصول للعالمية وأمثل البنت اليمنية المكافحة والطموحة”.

ولا توجد بالنسبة لهبة لوحة أفضل من الأخرى لأن لكل لوحة جانبها الخاص، كل لوحة تحكي قصة أو شعور أو فكرة معينة.

فيما يخص التأثر والاقتداء والتأسي، تقول: “برسول الله – صلى الله عليه وسلم أقتدي، فالاقتداء أساس الاهتداء، أما كشخصية حاضرة الآن لا أحد معين تأثرت به بقدر ما هو تحدٍ لنفسي وللمجتمع، وأريد أن أثبت للمجتمع أن القوة لا تأتي من مقدرة جسمانية، بل تأتي من الإرادة التي لا تقهر”.

تمارس هبة حياتها بشكل طبيعي جداً ولا تواجه أي صعوبة شخصية، أما شعارها في الحياة فهو “لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة”.

أما عن أجمل عمل فني رسمته فهو عن نساء وأطفال غزة وما تزال كغيرها من الفنانين التشكيليين تحلم بأن تكون شخصية مؤثرة وتمثل اليمن في الكثير من المحافل الخاصة بالرسم ولا تخفي تطلعها في الحصول على فرصة دعم جادة لدراسة فن الرسم.

سبأ

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الکثیر من

إقرأ أيضاً:

نادرة ومميزة .. أربع تحف أثرية يمنية تباع في مزاد بلاكاس العالمي

كشف الباحث اليمني المتخصص في الآثار المهربة، عبدالله محسن، اعتزام مزاد عالمي عرض أربع قطع أثرية يمنية نادرة للبيع في مطلع يوليو القادم. 

وأشار الباحث إلى أن المزاد العلني تنظمه دار مزادات "بلاكاس" الأوروبية في التاسع من يوليو المقبل، ضمن فعالية "مزاد الفن القديم"، التي تشمل 228 قطعة أثرية، مشيرًا إلى أن هذه القطع اليمنية تتميز بندرتها وجمالها وحالتها الممتازة، لكنّ مصدرها وتاريخ اقتنائها غير موثقين بشكل دقيق، ما يثير الشكوك حول شرعية حيازتها.

وأوضح محسن، في منشور له على صفحته بموقع "فيسبوك"، أن المزاد يزعم أن هذه القطع الأربع كانت ضمن مقتنيات جامع آثار أوروبي حصل عليها في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تنتقل بالوراثة إلى المالك الحالي، دون توفر أي وثائق تثبت آلية خروجها من اليمن، أو تحديد مكان اكتشافها بدقة.

تمثال تؤام لأشهر تماثيل وادي بيحان


من بين القطع المعروضة، تمثال رأسي نادر من المرمر الشفاف يُعتقد أنه تؤام لتمثال يمني محفوظ في المتحف الوطني للفن الآسيوي التابع لمؤسسة سميثسونيان، أهدته المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان (مجموعة ويندل وميريلين فيليبس). ويُرجّح أن يكون مصدر التمثال المعروض وادي بيحان، ما يستدعي توضيحًا من المؤسسة الأمريكية ومزيدًا من الشفافية من الجهات المعنية بتنظيم الملتقيات الخاصة بالآثار اليمنية، وفق ما ذكره محسن.

وبحسب وصف المزاد، يتميز هذا الرأس الأنثوي الهندسي بمظهره الشفاف، وتسريحة شعره الفريدة التي تنساب كستارة على الكتفين، وأذنيه البارزتين بتفاصيل دقيقة، ما يجسّد أحد أبرز نماذج النحت اليمني القديم.

تمثال أنثوي مزين بقرط ذهبي

القطعة الثانية هي تمثال لأنثى من المرمر، تعود للقرن الثالث قبل الميلاد، وتُعد من القطع النادرة التي ما زالت تحتفظ بحليها الأصلية، حيث يظهر قرط ذهبي في أذنها اليسرى. يقف التمثال في وضعية أمامية على قاعدة مستطيلة منقوشة بخط المسند اليمني القديم، وهو يرتدي ثوباً قصيرًا مع تفاصيل دقيقة في الشعر والوجه والجسم، ما يبرز براعة الفنانين اليمنيين القدماء في تجسيد الشخصيات الإنسانية.

لوحة تذكارية فنية (شاهد قبر)


أما القطعة الثالثة فهي لوحة تذكارية أو شاهد قبر من الحجر الجيري، تتميز بتفاصيل فنية دقيقة رغم أنها لا تحمل اسم المتوفى. يظهر في اللوحة شخصية مركزية محاطة بزخارف حيوانية وزخارف هندسية دقيقة، من بينها صفوف من الوعول وأسود متقابلة. وتُبرز هذه القطعة مستوى التقدم الفني والديني الذي بلغه اليمن القديم، كما تعكس الطقوس والمعتقدات الجنائزية السائدة آنذاك.

رأس من المرمر الشفاف لرجل يمني قديم


القطعة الرابعة رأس أثري لرجل يمني، منحوت من المرمر الشفاف، بارتفاع 29 سنتيمترًا، تعود للقرن الأول قبل الميلاد. تتسم ملامحه بالبساطة والتجريد، مع لمسات مصقولة وخشنة بدقة لافتة، في تناسق تام بين الشكل والتكوين، ما يجعله نموذجًا لجمالية النحت اليمني في تلك الحقبة.

دعوة للتدخل الحكومي وإنقاذ التراث الوطني

وأكد الباحث عبدالله محسن أن ندرة هذه الآثار وأهميتها الاستثنائية تستوجب تحركًا عاجلاً من الحكومة اليمنية، سواء عبر التفاوض لاستعادتها أو، في حال تعذر ذلك لأسباب قانونية وتنظيمية خلفتها الحكومات المتعاقبة، الشروع في إجراءات لشرائها ومنع ضياعها إلى الأبد. وشدد على أن هذه القطع لا تمثل فقط كنوزًا مادية بل هي شواهد على هوية اليمن الحضارية والتاريخية التي تتعرض للتجريف والنهب منذ سنوات.

وتأتي هذه التحذيرات في وقت تتواصل فيه عمليات تهريب وبيع الآثار اليمنية في الأسواق العالمية وسط ضعف الرقابة الرسمية والانفلات الأمني، مما يجعل التدخل الرسمي والدولي ضرورة ملحة لحماية إرث اليمن الثقافي من الضياع.

مقالات مشابهة

  • الحياد في زمن الجنجويد وقانون الوسط المستحيل
  • باحث: إيران لا تمتلك الكثير من الأوراق الرابحة للتفاوض عليها
  • فرنسا تعرض قطعاً أثرية يمنية نادرة في مزاد علني ومطالبات يمنية باستعادتها
  • الأرصاد تتوقع أمطاراً وعواصفَ في 12 محافظة يمنية وتُطلق تحذيرات عاجلة
  • تحف يمنية نادرة تُعرض في مزاد فرنسي وسط غموض بشأن مصدرها
  • نادرة ومميزة .. أربع تحف أثرية يمنية تباع في مزاد بلاكاس العالمي
  • خبير يكشف عن عرض 4 تحف يمنية نادرة في مزاد فرنسي
  • خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي
  • الطاهر بن جلون يفتتح معرض يصوّر السكينة في عالم مضطرب بالرباط
  • تحطمت أسطورة إيران التي لا تقهر.. ما عليك معرفته الآن عمّا قد يحصل