اقتصاد الفضاء: المفهوم والفرص
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
خلال الفترة الماضية تردد مفهوم اقتصاد الفضاء فـي شبكات التواصل الاجتماعي؛ بسبب إطلاق الصاروخ العلمي التجريبي (الدقم - ١)، الذي مثّل منعطفًا إيجابيًا فـي تطلعات أفراد المجتمع نحو التفكير جديا فـي اقتصاد الفضاء والاستفادة من الفرص التي تملكها سلطنة عُمان لتعزيز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد الفضائي، حقيقة لا يقتصر الأمر على الجوانب الاقتصادية وحسب بإطلاق الصاروخ من سلطنة عُمان، فقد ارتبط التفاعل مع عملية الإطلاق باسم سلطنة عُمان فـي عناوين الصحف الدولية والحسابات الإخبارية الفاعلة، مما عزز الاطلاع أكثر على تجربة سلطنة عُمان فـي مجال الفضاء وجهودها التي أثمرت عن إطلاق الصاروخ العلمي التجريبي (الدقم-1).
ويمثّل اقتصاد الفضاء إحدى الفرص الاستثمارية الواعدة التي تسارع الدول المتقدمة على وجه الخصوص؛ لاغتنامها والاستفادة القصوى منها وتحقيق نمو فـي الاقتصاد الفضائي. وربما تتطوّر الأفكار المرتبطة بهذا النوع من الاقتصاد لتصبح سياحة الفضاء أحد العوامل المحفّزة لاقتصاد الفضاء، ورغم التكلفة الباهظة لإطلاق الأقمار الاصطناعية وعمليات التصنيع المرتبطة بتهيئة المركبات الفضائية قبل إطلاقها للفضاء، إلا أن النتائج المتوقع حصدها جراء تمكين الاقتصاد الفضائي تعد مبشرة وتبعث التفاؤل للمضي قدمًا نحو اقتصاد متنوّع مستدام من خلال تعدين المعادن الموجودة فـي الكويكبات والقمر النفـيسة منها والثمينة كالذهب، والفضة، والإيريديوم، والبلاتينيوم، والتنجستن، وغيرها من المعادن التي من الممكن الاستفادة منها فـي كوكب الأرض، ليتم استخدامها فـي الصناعات غير الفضائية وتلبية الاحتياجات البشرية والمواد الخام المستخلصة من جراء تعدينها.
ما يميّز اقتصاد الفضاء أنه مجال حيوي ويتطور سريعًا مما يفتح آفاقًا متجددةً للإبداع والابتكار ولا يقتصر فقط على الأبحاث والدراسات المرتبطة بالفضاء، بل أصبح عنصرًا فاعلًا لتنمية الاقتصاد وتطوّره من حيث الاستفادة من الموارد الطبيعية فـي الفضاء؛ لإيجاد صناعات مبتكرة بنماذج جديدة تسهم فـي تحقيق التنمية المستدامة.
رغم تخوّف البعض من الدخول فـي غمار الاقتصاد الفضائي؛ لعدم وضوح الصورة الكاملة حوله، والآراء الناقدة المتمثلة بارتفاع كلفة التصنيع بسبب كلفة الوصول إلى الفضاء، والتحديات التي يروّج لها مثل القضايا البيئية، والأمن السيبراني، والتنافس الدولي، إضافة إلى عدم وجود المعرفة والأبحاث والبيانات الداعمة لأنشطة الاقتصاد الفضائي، إلا أن التغلب عليها ليس عائقا إذا ما وجدت الإرادة والعزيمة والاستراتيجيات المبتكرة لدحض الآراء غير المبنية على أسس علمية ولا تجارب واقعية ولا فرضيات أشبعت نقاشًا حتى يتم الاستناد عليها أو الأخذ بها فـي الحسبان طالما لم يثبت عكس ذلك؛ فالاقتصاد الفضائي سيولد مزيدًا من فرص العمل وسينتج العديد من الدراسات والبحوث الداعمة لعمليات تطوير قطاع الفضاء، بالإضافة إلى دوره فـي تحديث المناهج فـي المدارس ومؤسسات التعليم العالي بحيث تتضمن المعرفة والوعي بأهمية قطاع الفضاء، وأرى من الجيد أن نبدأ بالتخطيط لاستثمار أدوات الاقتصاد الفضائي وتطويرها؛ بهدف تعظيم منافعه الاقتصادية والإيرادات المالية بالاستعانة بالخبرات والنماذج الدولية التي بدأت مبكرًا بالاستثمار فـي الفضاء وحقّقت مؤشرات وأرقامًا حقيقيةً. ما نرجوه خلال الفترة المقبلة أن يتم التركيز على الابتكار فـي تكوين مستقبل الاقتصاد الفضائي عبر تحليل البيانات المرتبطة بالفضاء وتطويره ونموه إثر تحسين عمليات إطلاق الصواريخ للفضاء؛ زيادة كفاءة الأقمار الصناعية وبحث إمكانية تنظيم الرحلات السياحية إلى الفضاء، من المهم أيضا وجود تعاون دولي لإقرار سياسات تضمن الاستفادة من الموارد الفضائية بطرق مثلى تضمن التعاون والتكامل بين دول العالم فـي حال تعرّض مسار الاقتصاد الفضائي لتحديات تعيق من نموّه واستدامته عبر ابتكار طرق استراتيجية بعمل تشاركي وتبادل المعارف بين دول العالم فـي مجال الفضاء، نأمل أن نستفـيد من الفرص التي تمتلكها سلطنة عُمان والممكنات التي تتميز بها من حيث توفّر المكان والظروف لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء؛ لتعظيم الاستثمارات فـي مجال الفضاء وتنمية الاقتصاد الفضائي.
ختاما، إن الفرص التي يوفرها قطاع الفضاء واعدة ولابد من اكتشافها وتهيئة الظروف لتنميتها، وتوظيف الأدوات الحديثة والمتطورة والاستفادة من تجارب الدول الأخرى؛ بهدف الاشتغال على إحداث تقدّم ملموس فـي مجال الفضاء وتعزيز الاقتصاد الفضائي فـي سلطنة عُمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی مجال الفضاء اقتصاد الفضاء الاستفادة من فـی الفضاء
إقرأ أيضاً:
كبسولة تلتحم بمحطة الفضاء حاملة 4 أشخاص
التحمت كبسولة "كرو دراغون" بمحطة الفضاء الدولية، اليوم السبت، حاملة طاقما مكوّنا من أربعة أفراد، في مهمة تستمر نحو ستة أشهر.
كان رواد الفضاء الأميركيان زينا كاردمان ومايك فينكي والياباني كيميا يوي والروسي أوليغ بلاتونوف انطلقوا، أمس الجمعة، من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا في كبسولة مُثبتة بأعلى صاروخ "فالكون 9".
وتشكل بعثة "كرو-11" مهمة التناوب الحادية عشرة لطاقم محطة الفضاء الدولية في إطار برنامج "كوميرشل كرو" التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) والذي أنشئ ليكون بديلا من المكوكات الفضائية من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.
وقال طاقم محطة الفضاء الدولية للوافدين الجدد بعد وقت قصير من الالتحام وفق ما أظهره مقطع الفيديو المنشور على الإنترنت "لدينا مشروبات باردة وطعام ساخن، ونحن في انتظاركم. نراكم قريبا".
وردّ مايك فينكي "صباح الخير يا محطة الفضاء، كرو-11 هنا، ويسعدنا جدا الانضمام إليكم".
وخلال مهمته التي تستمر ستة أشهر، سيُحاكي طاقم "كرو-11" سيناريوهات هبوط على سطح القمر قد يحصل بالقرب من القطب الجنوبي للقمر ضمن برنامج "أرتيميس" الأميركي للعودة إلى القمر.
كذلك سيختبر أعضاء الطاقم تأثيرات الجاذبية في قدرة رواد الفضاء على قيادة المركبات الفضائية، ومنها مركبات الهبوط المستقبلية على سطح القمر.
ويحمل "كرو-11" أيضا رمّانا من أرمينيا لمقارنته بِرمّانات من المصدر نفسه تركوها على الأرض، بغية دراسة تأثير انعدام الجاذبية على نمو المحاصيل.
وتشكّل محطة الفضاء الدولية المأهولة باستمرار منذ عام 2000، مختبرا طائرا ومنصة أساسية لأبحاث استكشاف الفضاء، لا سيما في ما يتعلق بإمكان إرسال بعثات إلى المريخ.
وتُعدّ محطة الفضاء الدولية نموذجا للتعاون الدولي، إذ هي ثمرة جهد مشترك بين أوروبا واليابان والولايات المتحدة وروسيا، وأُطلِق أول أجزائها عام 1998. وكان مقررا إبقاؤها في الخدمة حتى العام 2024، لكن "ناسا" رأت أن تشغيلها يمكن أن يستمر حتى 2030.