معن بن علي الدويش الجربا

لا يخفى على أي عاقل منصف ان ما حدث لمحور المقاومة في لبنان وسوريا كان عقابا شديدا ومؤلما من القوى العالمية المهيمنة على القرار الدولي بسبب وقوف لبنان وسوريا مع محور غزة وفلسطين.

اعتقد ان محور المقاومة كان قادرا على تحقيق نصر حاسم ضد الكيان الصهيوني لو أنه دخل هذه الحرب الكونية منذ انطلاق (طوفان الأقصى ثم حرب جنوب لبنان وحرب سوريا) على أساس انها الحرب الكبرى التي كان ينتظرها ويعد لها منذ تأسيس محور المقاومة وانطلاق الثورة الإسلامية في ايران، لأن هذا المحور قد أعد لهذه الحرب اعدادا جيدا من حيث التسليح والمقاتلين والبيئة الشعبية الحاضنة، ولكن من الواضح ان محور المقاومة تردد في اتخاذ هذا القرار، ربما حفاظا منه على استقرار المنطقة وعدم إعطاء الذريعة للقوى العالمية لاستجلاب جيوشها الى منطقة الشرق الأوسط بعد أن بدأت بالانسحاب منها، وهذا ما اعطى للعدو الصهيوني فرصة استخدام عنصر المفاجئة ومن ثم توجيه ضربات قاسية ومؤلمة لمحور المقاومة، حيث من الواضح ان العدو قرر الانتقال من (نظرية إسرائيل ارض اللبن والعسل والرفاهية ونظرية عدم قدرة إسرائيل على خوض حرب طويلة حفاظا على اقتصادها وأمن شعبها) الى نظرية ضرورة تحقيق الأهداف الكبرى لإسرائيل مهما كلفه الأمر من خسائر وحتى لو أدى الأمر إلى قيام حرب عالمية ثالثة، وأعتقد أن ما حدث بهذه الحرب يجب ان يكون محل دراسة عميقة ومراجعة لأخذ العبر والدروس.

اما بالانتقال الى الرئيس الأسد، فإن ما يميزه عن اغلب الرؤساء العرب والقادة المسلمين هو موقفه المشرف من (قضية فلسطين وغزة) وسياسته الخارجية حول القضايا العربية، اما السياسة الداخلية له من حيث العدل وحقوق الإنسان والمساواة والديمقراطية والشفافية فكلنا نختلف معه، وقد كنا على أمل كبير أن يطبق الرئيس الأسد ما (وعدنا) به حول هذه القضايا بعد ان نجحنا جميعا على المستوى الشعبي والإعلامي وعلى مستوى قيادات محور المقاومة من دعمه وإبقائه في السلطة، ولكن يبدو ان الرئيس الأسد اخذته نشوة النصر بعد عام ٢٠١٤ وأخلف كل ما وعدنا به حول نشر العدل والمساواة وحقوق الإنسان والديمقراطية، واستمر نظامه في ممارسة سياسات داخلية لا ترضي الحق عزوجل ولا ترضي الضمير الإنساني، رغم تحذيراتنا المتكررة له ولنظامه عبر القنوات الخاصة والقنوات الإعلامية، ولكن يبقى للرئيس الأسد شرف انه اختار الرحيل السلمي على ان يبقى في السلطة مع توقيع اتفاقية سلام وتطبيع مع إسرائيل وترك دعمه للمقاومة الفلسطينية. 

وعودا على بدء هل من الممكن أن تلتقي مصالح محور المقاومة مع دول الخليج لبناء تحالف ولو كان تحالفا مصلحيا ومؤقتا؟! اعتقد ان هذا واردا جدا للأسباب التالية، فدول الخليج العربية تعي جيدا الان ان وجود تركيا وحركة الإخوان المسلمين السنية (أصحاب نظرية خليفة المسلمين اردوغان ونظرية الخلافة العثمانية) في سوريا هو أكبر بكثير من خطر إيران ومحور المقاومة الشيعي، حيث أن محور المقاومة الشيعي لا يجد له أذان صاغية بين جمهور السنة في دول الخليج والعالم العربي والإسلامي بينما نظرية الاخوان المسلمين السنية واردوغان الخليفة تجد لها دعما كبيرا في الأوساط الشعبية في تلك الدول السنية.. كما ان نجاح مشروع تركيا والإخوان المسلمين في سوريا يبشر بربيع عربي جديد لن يستثني دول الخليج ابدا.

 وهذا الأمر أيضا ينطبق على تحالف الأردن واليمن في صنعاء مع دول الخليج، حيث لو استطاع الاخوان المسلمين الوصول للسلطة هناك فإن دول الخليج ستكون بين كماشة الشمال والجنوب الإخواني..  وللمعلومية والتذكير فنحن لسنا ضد الاخوان المسلمين او ضد اردوغان ولكنا ضد سلوكهم المتلون والغير موثوق به حول قضيتنا الرئيسية قضية فلسطين، ولا نستثني من ذلك الا حركة حماس بنسخة (السنوار وإسماعيل هنية).

من خلال القراءة التي أشرنا إليها أعلاه، ومن خلال دراسة مواقف السعودية وبعض دول الخليج اخر أربع سنوات سنجد ان للسعودية والإمارات مواقف متقدمة نحو قراءتهم الصائبة للتحولات العالمية وضرورة مد جسور العلاقات مع إيران وروسيا والصين، ومحاولتهم المشاكسة والخروج من تحت الهيمنة الأمريكية والتعامل معها بندية، فإذا جمعنا كل ما ذكرناه بهذا المقال سنجد ان التقاء مصالح محور المقاومة ودول الخليج واردا جدا، والله تعالى أعلم وأجل.


المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: محور المقاومة دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

أساطير انتشار الكنوز تقود إلى رواج البحث عن الذهب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد

الاقتصاد نيوز - متابعة

ساهمت الأساطير المتعلقة بانتشار الكنوز من الذهب والمعادن الثمينة في مختلف أنحاء الأراضي السورية، التي شهدت قيام حضارة عريقة، في رواج ظاهرة محاولة البحث عن تلك الكنوز بين العديد من السوريين، وهو ما ساعد عليه الفراغ الأمني أحياناً في بعض تلك المناطق.

وشهدت الأشهر الأخيرة تزامناً مع الفترة التالية لسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، رواجاً لأجهزة كشف المعادن، وتوافد البعض على مناطق بدمشق وأراضٍ زراعية في الريف ليلاً حاملين بعض تلك الأجهزة وخرائط ومجارف من أجل البحث عن الذهب والمعادن النفيسة في تلك البقاع، بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

ويقول تجار التجزئة إنه لم يكن من الممكن شراء أجهزة كشف المعادن في سوريا سابقاً، لكن خلال هذا العام تم افتتاح عدة متاجر في العاصمة مخصصة بالكامل لهذه الأجهزة.

ووفقاً للصحيفة، تبيع هذه المتاجر نماذج لتلك الأجهزة بأسعار تصل إلى 10 آلاف دولار، مع تزيين واجهات المتاجر بصور أعلام سورية وقطع ذهبية ورجال يحملون أحدث أجهزة الكشف.

زيادة مرونة شراء الأجهزة

أحد تجار التجزئة، ذكر للصحيفة، أن عدداً قليلاً من الناس كانوا ينقبون سراً عن الكنوز لعقود، ولكن بعد سقوط الأسد، زاد تلك الأنشطة بسبب "مرونة شراء هذه الأجهزة". وذكر أن بعض الزبائن يشتبهون في وجود مقتنيات ثمينة مدفونة في أراضيهم، عادةً نتيجة لتراث عائلي متوارث عبر الأجيال.

وأضاف: "لكن لدينا الكثير من الناس الذين يمارسون هذا كهواية. أولئك الذين يذهبون للتخييم يجدونها هواية ممتعة. حتى أن هناك أجهزة مصممة للأطفال. نبيع مقاسات الأطفال باللونين الأخضر والوردي".

وقال بائع آخر إنه باع عشرات أجهزة الكشف من متجره الصغير في العاصمة السورية، الذي يعرض ملصقاً كبيراً لـ"أجهزة كشف المعادن والماء". في داخل المتجر توجد أجهزة كشف يدوية ألمانية وصينية وأميركية، بالإضافة إلى أجهزة بعيدة المدى باهظة الثمن ومخصصة للاستخدام الشاق. وادعى بائعون أن بعض السوريين قدموا من دول مجاورة للمشاركة في هذا البحث.

أساطير انتشار الكنوز

ذكر التقرير أن البحث عن الكنوز يسيطر على وجدان العديد من السوريين، وما يرجع جزئياً إلى تاريخ البلاد الغني. فعلى مدى أجيال، تناقل السوريون أساطير الكنوز المدفونة، والذهب القديم، والقطع الأثرية الثمينة التي خلّفتها الحضارات الغابرة، والمسافرون على طريق الحرير، أو الحجاج المتجهون إلى السعودية أو بلاد الحجاز في السابق.

وقال الأستاذ السوري في تاريخ وأنثروبولوجيا الشرق الأوسط بجامعة شوني ستيت في أوهايو، عمرو العظم، والذي عمل في إدارة الآثار بالولاية قبل الحرب، لفايننشال تايمز: "كل شخص في منطقتنا يعرف أحد الأقارب الذي كان يحفر في منزله ووجد جرة مملوءة بالذهب". وأضاف: "هذا جزء من الأسطورة المتداولة في منطقتنا".

لكن في ظل التشديد الأمني الذي كان يتبعه النظام السابق، كانت رحلات التنقيب عن تلك المعادن أو الكنوز تعد غير قانونية، بزعم حماية المواقع الأثرية. ومن كان يفعل ذلك مارس نشاطه سراً.

ومع حدوث فراغ أمني في بعض مناطق البلاد بعد سقوط النظام السابق، بدأ العديد بالحفر في ساحات منازلهم وهدم الجدران بحثاً عن أي ثروات خفية، بحسب الصحيفة البريطانية.

وقال العظم: "دمرت الحرب في سوريا الاقتصاد وسبل عيش الناس، فبحث الناس عن مصادر دخل أخرى". 

وأضاف أن الفكرة لم تكن بعيدة عن الأذهان، فمعظم السوريين، "يعيشون فوق موقع أثري، أو بجوار موقع أثري، أو على مرمى حجر منه".

ونقلت فايننشال تايمز عن أحد أعضاء المكتب الإعلامي للحكومة، قوله، إن التنقيب لا يزال "غير قانوني من الناحية الفنية". وأضاف: "لكن [الحكومة] تغض الطرف لأنها غير قادرة على ملاحقة الجميع وإرسال دوريات إلى جميع المناطق".

انتشار أجهزة كشف المعادن

مع تلك التطورات استغل تجار التجزئة في منطقة الشرق الأوسط فرصة بيع أجهزة كشف المعادن بما في ذلك، عبر فيسبوك، وذكر التقرير أن متجر في الإمارات، يُركز خصيصاً على العملاء السوريين، يعرض خدمة الشحن ويعد بأجهزة كشف معادن يزعم أنها مناسبة للتربة الصخرية والبازلتية في سوريا.

ومن بين تلك الصيحات الحديثة، نسخة من هذه الأجهزة مقاومة للماء من أجل استخدامها للغوص بحثاً عن الذهب أو المعادن النفيسة.

وذكر عمرو العظم أن الصيادين كانوا يستهدفون غالباً المناطق المحيطة بخط سكة حديد الحجاز - الذي كان يعمل في أوائل القرن العشرين ويربط دمشق بالمدينة المنورة في السعودية - ظناً منهم أن هذه المنطقة مليئة بالذهب.

وأضاف أن البعض يعتقد أن القوات العثمانية المنسحبة، التي هزمها البريطانيون في القدس عام 1917، دفنت صناديق ذهبية في طريقها شمالاً.

محاولات لبيع عملات مزيفة

هناك أيضاً من استغل اعتقاد البعض بهذه الأساطير في محاولات بيع قطع ذهبية على أنها تاريخية بصورة مخالفة للحقيقة. وقال عظم: "معظم ما يُعرض للبيع، على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الشائعات، من عملات ذهبية يُفترض أنها عثمانية أو رومانية، مزيف"، مرجعاً ذلك إلى "خيال الناس المفرط".

وقال إن بعض القطع الأخرى ربما كانت مسروقة. وأضاف: "لقد عُرضت عليّ بالفعل ورأيت نماذج حقيقية لقطع أثرية مهمة من مناطق مختلفة من سوريا. وقد ازداد هذا بشكل حاد بعد سقوط النظام، وهو نتيجة للفراغ الأمني ​​الذي حدث للأسف بعد السقوط".

ويشير أحد ممارسي نشاط "البحث عن الكنوز"، تحت اسم أبو وائل، والذي تحدث للصحيفة البريطانية، إلى أن هناك مخاطر قد يتعرض لها هؤلاء الباحثون عن المعادن النفيسة ومن أبرزها تعرض سكان المناطق التي يبحثون فيها لهم بهدف الاستيلاء على أي شيء ربما عثروا عليه.

وقال أبو وائل، لفايننشال تايمز، إنه بعد 40 عاماً من البحث عن الكنوز (ولم يعثر على أي منها)، أدرك أنه لا يتم العثور على الثروات بسهولة. واتهم بائعي أجهزة الكشف عن المعادن بخداع الناس لإنفاق مدخراتهم الضئيلة على "أحلام يقظة".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • داعش يتبنى أول هجوم ضد الجيش السوري الجديد منذ سقوط نظام الأسد
  • هذه الأسباب تؤخر عودة اللاجئين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد
  • داعش يتبنى أول هجوم ضد القوات السورية الجديدة منذ سقوط الأسد
  • سوريا.. أول هجوم لـ"داعش" منذ سقوط الأسد
  • كم يبلغ عدد السوريين العائدين إلى بلادهم بعد سقوط الأسد؟
  • طفرة في التعاون الاقتصادي بين سوريا والأردن بعد سقوط الأسد
  • وصول أول باخرة محملة بالقمح إلى ميناء طرطوس منذ سقوط الأسد
  • ميناء طرطوس السوري يستقبل أول سفينة قمح منذ سقوط الأسد
  • "حصان طروادة السيبراني".. تطبيق الكتروني ساهم في انهيار نظام الأسد
  • أساطير انتشار الكنوز تقود إلى رواج البحث عن الذهب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد