تحت وطأة الأزمات.. رابع أكبر اقتصاد آسيوى يندفع نحو الأحكام العرفية
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
فى قلب العاصمة سيول، وقف رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول أمام حشد من المراسلين والمواطنين، تتجلى على وجهه علامات الأسف والقلق. بدأ خطابًا استغرق دقيقتين بكلمات ثقيلة، معبرا عن أسفه العميق بسبب الصدمة والقلق الذى تسبب فيه للمواطنين، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية، والتى أثارت عاصفة من الفوضى السياسية.
خلال كلمته، حاول يون، طمأنة الكوريين أنه لن تصدر عنه أى محاولات لتعديل الدستور منفردا مرة أخرى. وأن التاريخ لن يعيد نفسه، وأن الديمقراطية ستظل محمية من أى محاولات انتكاسية. وبنهاية خطابه، غادر المنصة وانحنى للشعب الكورى، مؤكدا أنه سيوكل لحزبه مهمة تحقيق الاستقرار فى الفترة المتبقية من ولايته.
قبل أيام قليلة، أقدم الرئيس الكورى على إعلان مفاجئ بفرض الأحكام العرفية، متهما حزب المعارضة الرئيسى بالتعاطف مع كوريا الشمالية وممارسة أنشطة تعتبر مناهضة للدولة.
الإعلان، الذى تم بثه عبر التليفزيون الرسمى فى ظلمة الليل، أعاد إلى الأذهان ذكريات الحقبة الاستبدادية التى عاشتها البلاد، كونه يعد المرسوم الأول من نوعه منذ أن انتقلت كوريا الجنوبية إلى الديمقراطية فى عام ١٩٨٧.
لكن وفى غضون ست ساعات فقط من إعلان الأحكام العرفية، انتشرت الاحتجاجات فى مختلف أنحاء البلاد وسرعان ما تراجع الرئيس الكورى بعد أن تمكن المشرعون من تجاوز جنود الجيش الذين حاولوا منعهم من دخول البرلمان. وشقوا طريقهم عبر اقتحام الحواجز وتسلق الأسوار، ليصلوا فى النهاية إلى داخل البرلمان. هناك، صوتوا بالإجماع على إلغاء هذا القرار.
خطوة الرئيس الكورى التى بدت مفاجأة للجميع، كانت ذروة لتوترات ظلت تتراكم لفترة طويلة. فقد سبق هذا الإعلان تظاهرات حاشدة منذ أكثر من شهر طالبت باستقالة الرئيس يون، على غرار الاحتجاجات التى أدت إلى عزل الرئيسة السابقة بارك جيون هاى فى عام ٢٠١٧ بتهمة الفساد وإساءة استخدام السلطة. كانت فى قلب الاحتجاجات ضد الرئيس الكورى اتهامات بإساءة استخدام صلاحيات سلطته أكثر من مرة، منع خلالها التحقيقات فى اتهامات فساد تتعلق بزوجته واتهامات أخرى تتعلق بكبار المسئولين. إلى جانب ذلك كانت هناك انتقادات واسعة النطاق بسبب سياساته الاقتصادية التى أدت إلى تعميق فجوة التفاوت بين طبقات المجتمع الكورى. وتضاعفت معها ديون كثير من الأسر وأغلقت العديد من الشركات الصغيرة. كما واجهت إدارة يون أيضا اتهامات بتقويض حرية الصحافة من خلال استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام المنتقدة للحكومة. وقد أدى هذا إلى تآكل شعبيته بشكل سريع.
الوضع السياسى فى كوريا الجنوبية يتمحور حول تنافس حزبين رئيسيين، هما حزب قوة الشعب -الحزب الحاكم- وهو حزب محافظ يدعم الولايات المتحدة، ويتبنى سياسة تسليح اليابان لتعزيز الأمن الإقليمى. كما يدعم أوكرانيا فى نزاعها ضد روسيا، ويظهر عدائية تجاه الصين وروسيا. والحزب الديمقراطى، الذى يقدم بديلا ليبراليا يركز على الاستقلال الوطنى، ويرفض تسليح اليابان ويريد تعزيز السيادة الاقتصادية لكوريا الجنوبية. يسعى الحزب لبناء علاقات ودية مع الدول الكبرى مثل الصين وروسيا دون الانجرار إلى صراعات.
تولى يون سوك يول رئاسة كوريا الجنوبية فى عام ٢٠٢٢ بعد فوزه بفارق ضئيل فى انتخابات عكست انقساما حادا بين التيارات السياسية. وقد اعتبر عدد من المحللين أن انتخابه كان تعبيرا عن رفض سياسات الرئيس السابق وليس تأييدا واضحا له. وفى أبريل ٢٠٢٣، واجه يون هزيمة سياسية كبيرة بعد أن خسر حزبه الانتخابات البرلمانية أمام المعارضة الليبرالية، التى تمكنت من تحقيق أغلبية ساحقة. تمكن الرئيس الكورى مؤخرا من تفادى التصويت على عزله بصعوبة، مستفيدا من غياب أعضاء حزبه عن جلسة التصويت، مما حال دون تحقيق النصاب اللازم. ورغم هذا، لا يزال مستقبل الرئيس محاصرا بين تزايد الدعوات المطالبة باستقالته، وبين استعدادات المعارضة لتجديد مع محاولات عزله فى الجلسات البرلمانية المقبلة الإعلان عن فرض الأحكام العرفية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: كوريا كوريا الجنوبية يون سوك يول الأحكام العرفية حزب قوة الشعب الحزب الديمقراطي الديمقراطية الكورية البرلمان الكوري المعارضة الليبرالية احتجاجات كوريا الجنوبية حرية الصحافة ديون الأسر الشركات الصغيرة السياسة الاقتصادية كوريا الشمالية الصين وروسيا الولايات المتحدة أوكرانيا عزل الرئيس المظاهرات الحاشدة الانتخابات البرلمانية العلاقات الدولية التوتر السياسي الأمن الإقليمي السيادة الاقتصادية الأحکام العرفیة کوریا الجنوبیة
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي: من روح أكتوبر نستمد العزيمة لبناء مصر الحديثة القوية
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، كلمة بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر المجيدة لعام ١٩٧٣.
وفيما يلي نص كلمة السيد الرئيس:
"بسم الله الرحمن الرحيم
شعب مصر العظيم..
أبناء قواتنا المسلحة الباسلة..
السيدات والسادة،
في هذا اليوم المجيد، نقف جميعاً وقفة عز وفخر، نُحيى فيها ذكرى يوم خالد في تاريخ ووجدان الأمة، يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ .. ذلك اليوم الذي أضاف لمصر والعرب جميعاً.. فخراً ومجداً.. إنه يوم الانتصار العظيم، يوم العبور، يوم وقف فيه العالم احتراماً وإجلالاً، لعظمة وإرادة المصريين، ولوحدة القرار العربى.
وفى هذه الذكرى العطرة، نتوجه بتحية خالصة، إلى روح القائد العظيم الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" .. بطل الحرب والسلام.. صاحب القرار الجرىء، والرؤية الثاقبة.. الذي قاد الأمة بحكمة وشجاعة، نحو النصر والسلام.
ونحيى قادة القوات المسلحة.. وكل ضابط وجندى.. وكل شهيد ارتقى إلى السماء.. وكل جريح نزف من أجل الوطن.. وكل من لبى نداء مصر، فى تلك اللحظة الفارقة من تاريخها.. لتظل راية مصر خفاقة شامخة.
وإننا إذ نستحضر هذه الذكرى العظيمة.. فإننا لا نحييها لمجرد الاحتفال.. بل لنستلهم منها الدروس والعبر.
لقد علمتنا ملحمة أكتوبر.. أن النصر لا يمنح، بل ينتزع .. وأن التخطيط المحكم، والعمل المخلص الدءوب، والتنسيق بين مؤسسات الدولة، وتماسك الجبهة الداخلية، واليقين بنصر الله.. هى مفاتيح النصر والمجد ..قال تعالى: ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ .. بهذا اليقين، انتصرت مصر.. وبهذا اليقين، ستظل منتصرة بإذن الله، إلى يوم الدين.
ومن روح أكتوبر.. نستمد عزيمتنا اليوم فى بناء مصر الجديدة .. مصر الحديثة ..مصر التى تليق بمكانتها وتاريخها.. وتستحق أن تكون فى مصاف الدول الكبرى.
إننا نعمل بكل جد وإخلاص.. على بناء دولة قوية، عصرية، متقدمة، تعبر عن وزن مصر الحقيقى، وعن قيمتها الحضارية والإنسانية، فى عالم لا يعترف إلا بالأقوياء.
نبنى مؤسسات راسخة.. ونطلق مشروعات تنموية عملاقة.. ونعيد رسم ملامح المستقبل .. لتكون مصر كما يجب أن تكون.. رائدة، ومتقدمة، ومؤثرة.
وإذا كانت تلك المبادئ؛ قد قادتنا إلى النصر فى أكتوبر ١٩٧٣ .. فإننا اليوم؛ فى ظل ما تمر به منطقتنا من أزمات متلاحقة.. أحوج ما نكون إلى استدعائها واسترجاعها، وتطبيقها كنهج راسخ، فى حياتنا السياسية والاجتماعية.
فالأوضاع الإقليمية، لم تعد تحتمل التراخى، والظروف التى نعيشها، تتطلب منا أن نكون على قدر المسئولية، وأن نستلهم من روح أكتوبر ما يعيننا على تجاوز التحديات، بل والتقدم إلى الأمام.
لقد خاضت مصر وإسرائيل حروباً ونزاعات عسكرية ضارية، دفع فيها الطرفان أثمانا فادحة من الدم والدمار، وكان للعداء أن يستمر ويتجذر، لولا بصيرة الرئيس السادات وحكمة القيادات الإسرائيلية آنذاك.. والوساطة الأمريكية، التى مهدت الطريق نحو سلام عادل وشجاع.. أنهى دوامة الانتقام.. وكسر جدار العداء.. وفتح صفحة جديدة من التاريخ.
وإن السلام؛ كى يكتب له البقاء.. لابد وأن يشيد على دعائم العدالة والإنصاف.. لا أن يفرض فرضا، أو يملى إملاء.
فالتجربة المصرية فى السلام مع إسرائيل.. لم تكن مجرد اتفاق.. بل كانت تأسيساً لسلام عادل.. رسخ الاستقرار.. وأثبت أن الإنصاف، هو السبيل الوحيد للسلام الدائم ..إنها نموذج تاريخى.. يحتذى به فى صناعة السلام الحقيقى.
ومن هذا المنطلق؛ نؤمن إيمانا راسخا.. بأن السلام الحقيقى فى الشرق الأوسط.. لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.. وفقا لمرجعيات الشرعية الدولية.. وبما يعيد الحقوق إلى أصحابها.
إن السلام الذى يفرض بالقوة، لا يولد إلا احتقانا.. أما السلام الذى يبنى على العدل، فهو الذى يثمر تطبيعا حقيقيا، وتعايشا مستداما بين الشعوب.
وفى هذا السياق؛ لا يسعنى إلا أن أوجه التحية والتقدير.. للرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" .. على مبادرته، التى تسعى لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة.. بعد عامين من الحرب والإبادة، والقتل والدمار.
وإن وقف إطلاق النار، وعودة الأسرى والمحتجزين، وإعادة إعمار غزة.. وبدء مسار سلمى سياسى، يفضى إلى إقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها تعنى أننا نسير فى الطريق الصحيح..نحو السلام الدائم والاستقرار الراسخ.. وهو ما نصبو إليه جميعا.
فالمصالحة؛ لا المواجهة.. هى السبيل الوحيد لبناء مستقبل آمن لأبنائنا.
وأشدد هنا؛ على أهمية الحفاظ على منظومة السلام.. التى أرستها الولايات المتحدة، منذ سبعينيات القرن الماضى .. والتى شكلت إطارا إستراتيجيا، للاستقرار الإقليمى.
وإن توسيع نطاق هذه المنظومة.. لن يكون إلا بتعزيز ركائزها.. على أساس من العدل، وضمان حقوق شعوب المنطقة فى الحياة، والتعاون بما ينهى الصراعات.. ويطلق طاقات التكامل والرخاء والازدهار، فى ربوع المنطقة.
شعب مصر العظيم،
وفى ختام كلمتى .. أطمئنكم أن جيش مصر.. قائم على رسالته، فى حماية بلده والحفاظ على حدودها، ولا يهاب التحديات، جيش وطنى؛ من صلب هذا الشعب العظيم ..وأبناؤه؛ يحملون أرواحهم على أكفهم.. ويقفون كالسد المنيع، أمام كل الصعاب والتهديدات.
أجدد التحية لقواتنا المسلحة الباسلة.. ولشهدائنا الأبرار.. الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة .. ولجنودنا الأبطال.. الذين يسهرون كى تنام مصر آمنة مطمئنة.
كل عام وأنتم بخير.
ودائمــا وأبـــدا وبالله:
تحيـا مصـر.. تحيـا مصـر.. تحيـا مصـر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."