عواقب الصدمات النفسية على ضحايا الحرب في دول الجوار
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
يعاني ضحايا حرب 15 أبريل 2023 من أزمات نفسية حادة، حيث أصابت الصدمات النفسية مئات الآلاف من النازحين إلى مناطق سيطرة الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان وبعض مناطق الخرطوم وولاية الجزيرة. لم يسلم هؤلاء من استهداف طيران الجيش السوداني المستمر للمدنيين. كما يعاني اللاجئون السودانيون في دول الجوار من صدمات نفسية عميقة نتيجة اضطرارهم لمغادرة وطنهم في ظروف قاسية.
هناك حاجة ماسة لتنسيق الجهود بين المنظمات الدولية والحكومات الإقليمية لتقديم الدعم الإنساني المناسب لهؤلاء النازحين. فهم يستحقون على الأقل الاهتمام بالجانب النفسي لمساعدتهم على تجاوز ما شاهدوه من مشاهد الدمار والدماء وفقدان الأحبة، بما يقلل المخاطر المستقبلية على الأفراد والمجتمعات.
صدمة الحرب
تعرف صدمة الحرب بأنها الاستجابة العاطفية للأحداث المؤلمة التي تتجاوز قدرة الشخص على التحمل، مما يفقده الإحساس بالأمان ويشعره بالعجز والذهول. وتظهر هذه الصدمة في شكل خوف وقلق وارتباك، وقد تتطور إلى غضب أو شعور بالذنب.
والصدمة النفسية هي تأثير نفسي عميق نتيجة حدث استثنائي يشكل عبئًا نفسيًا على الفرد. تحدث عندما تكون إمكانيات الشخص غير كافية لتجاوز الموقف أو عند شعور المصاب بالعجز، مما يؤدي إلى ضغوط نفسية شديدة مثل الخوف أو الرعب.
أسباب الصدمة النفسية
تشير الدراسات إلى أن الصدمات النفسية يمكن أن تنتج عن حوادث طبيعية أو أفعال بشرية مثل العنف الجسدي أو الاعتداء الجنسي أو الإصابة بأمراض خطيرة.
وتوضح الصيدلانية أسماء ضياء الدين أن الحروب والصراعات تعرض الأفراد لظروف تهدد حياتهم، وتسبب إصابات جسدية وعنفًا وتدميرًا للممتلكات، وصولًا إلى التهجير. هذه الظروف تؤدي إلى الصدمات النفسية، سواء للمدنيين أو الجنود الذين يعانون من مشاهد الموت والدمار.
وتشير اللاجئة السودانية إسراء يعقوب في تشاد إلى الآثار الاجتماعية والنفسية السيئة التي خلفتها حرب 15 أبريل، خاصة على اللاجئين، حيث فقدت أسر كثيرة أبناءها، ونساء فقدن أزواجهن، وأطفال أصبحوا بلا والدين. تضيف إسراء أن هذه الصدمات تعيق الأطفال عن التكيف مع الحياة في المخيمات، مما يهدد تعليمهم ومستقبلهم.
ومن جهته، يسرد اللاجئ علي آدم علي رحلته من نيالا إلى جنوب السودان، حيث عانى من أوضاع صعبة ومعاملة قاسية من طرفي النزاع، مشيرًا إلى غياب الخدمات الأساسية مثل السكن والصحة والتعليم، ويفتقد للدعم النفسي والاجتماعي الذي يمكن أن يساعده على تجاوز عزلته. ويناشد المنظمات الدولية تقديم الدعم النفسي المناسب في هذه الظروف.
آليات الحلول لهذه الأزمة
تشدد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي من خلال نهج شامل يشمل الخدمات الأساسية وتعزيز التماسك الاجتماعي وتوفير الدعم النفسي المركّز عبر تدخلات فردية أو جماعية.
ويوصي الخبراء بالتعامل مع ضحايا الحروب باحترام خصوصيتهم ومنحهم الوقت الكافي للتعافي دون ضغط، مع تشجيعهم على ممارسة أنشطة ترفيهية مثل الرسم والقراءة والرياضة لتخفيف الأثر النفسي.
وبدورها، تشير الطبيبة عجايب عبد العزيز إلى أهمية دعم الضحايا لمساعدتهم على التعبير عن أحزانهم ومنع تطور حالتهم إلى اكتئاب أو يأس.
ختامًا
يؤكد الخبراء أن معالجة الصدمات النفسية الناتجة عن الحروب عملية طويلة ومعقدة، ولكن مع توفير الدعم النفسي والاجتماعي والعلاج المتخصص، يمكن للضحايا استعادة حياتهم الطبيعية تدريجيًا.
تقرير: حسن إسحق
ishaghassan13@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الصدمات النفسیة الدعم النفسی
إقرأ أيضاً:
هل دفع التحرك الدولي للسلام بالسودان لتشكيل قيادة لتحالف تأسيس؟
الخرطوم – بعد أكثر من 4 أشهر منذ إنشائه، اختار تحالف السودان التأسيسي "تأسيس" هيئته القيادية برئاسة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في خطوة عدّها مراقبون مسعى لإيجاد موقع لقيادة التحالف في المشهد العسكري والسياسي بعد الحرب، لتزامنها مع تحركات دولية متسارعة لطي ملف الأزمة في البلاد.
وتأسس التحالف رسميا في العاصمة الكينية نيروبي يوم 22 فبراير/شباط الماضي، ويضم في صفوفه قوات الدعم السريع، و"الحركة الشعبية- شمال" بقيادة عبد العزيز الحلو، و"الجبهة الثورية"، إضافة إلى تيارات منشقة من حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي، وشخصيات سياسية وقبلية.
ويستهدف توحيد المواقف السياسية والمدنية المناهضة للجيش السوداني، وتشكيل حكومة موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع والفصائل المتحالفة معه.
التحالفوخلال مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، أعلن التحالف إقرار نظامه الأساسي وتشكيل هيئة قيادية من 31 عضوا برئاسة حميدتي، وعبد العزيز الحلو نائبا له، ومكين حامد تيراب مقرّرا، وعلاء الدين نقد متحدثا رسميا باسم التكتل.
وقال المتحدث علا الدين نقد إن هدف التحالف هو "القضاء الكلي على المؤسسات الفاسدة، وبناء سودان جديد قائم على قيم الحرية والعدالة والمساواة".
ووفق المصدر نفسه، فإن ميثاق السودان التأسيسي والدستور الانتقالي لعام 2025، اللذين تمت إجازتهما والتوقيع عليهما في فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين، يُجسّدان "رؤية متكاملة لبناء سودان علماني ديمقراطي فدرالي، موحد طوعا على أسس العدالة والمساواة".
وأقر ميثاق التحالف "مركزا قياديا عسكريا موّحدا" يتضمن مجلسا للأمن والدفاع وهيئات عسكرية، على أن تضم في عضويتها قادة الفصائل المسلحة الموقعة على الميثاق، لتكون جزءا من المؤسسات العسكرية.
إعلانكما حدد الدستور الجديد فترة انتقالية من مرحلتين:
الأولى: تُعرف بـ"ما قبل الانتقال التأسيسي"، وتمتد من لحظة سريان الدستور حتى إعلان نهاية الحرب. الثانية: هي "الفترة التأسيسية"، وتبدأ رسميا بعد إعلان وقف الحرب وتمتد 10 سنوات، وهدفها إعادة بناء الدولة. ترتيباتوكشفت مصادر في التحالف للجزيرة نت أن الهيئة القيادية، بعد إعلانها أمس، انخرطت في اجتماعات لاستكمال تشكيل الهيئة التي تتكون من 24 عضوا وقعوا على ميثاقه التأسيسي، بإضافة 7 أعضاء جدد يتم اختيارهم بالتشاور، وسيلي ذلك تكثيف المشاورات تمهيدا لإعلان تشكيل "حكومة السلام".
وعزت المصادر -التي طلبت عدم كشف هوياتها- تأخر تشكيل الحكومة الموازية إلى ترتيبات إدارية وأمنية ولوجستية، وأوضحت أنه لا توجد خلافات بين فصائل التحالف بشأن توزيع الحقائب الوزارية والمناصب القيادية في السلطة، ورفضت تحديد مقر الحكومة، مؤكدة أنه تم الاتفاق عليه.
في المقابل، قللت مصادر في مجلس السيادة من أهمية تشكيل هيئة قيادة لتحالف "تأسيس" أو حكومة موازية، وقالت للجزيرة نت إن قيادة الدعم السريع تحاول "غسل جرائمها والهروب من فشلها العسكري" وتقديم نفسها بوجه جديد، ولم يعد بمقدورها تغيير الميزان العسكري لصالحها أو التأثير على المشهد السياسي.
وفي تعليقه على تشكيل هذه القيادة، قال رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي إن الخطوة تكتيك سياسي من قوات الدعم السريع بعدما خسرت عسكريا ولايات وسط السودان والخرطوم، وتستهدف زيادة الضغط على الجيش للتوصل إلى تسوية لوقف الحرب، واستبعد أن تتجه هذه القوات إلى فصل دارفور.
تعقيد الأوضاعويشير المهدي -في مقابلة مع الجزيرة مباشر- إلى أن التحالف "موجّه سياسيا ضد الجيش وتم تشكيله لخوض مرحلة التفاوض وسينتهي دوره بعدها، وسيكون عمره قصيرا".
وبرأيه، فإن الحرب فقدت أهدافها، وهناك توجه واضح من القيادة العسكرية السودانية نحو الانخراط في مفاوضات تبدأ من أرضية اتفاقات "جدة" و"المنامة"، والتي -بحسب تقديره- لا تمنح الجيش أو قوات الدعم السريع أي دور سياسي مستقبلي، مما يعكس تغيرا في معادلة إدارة المرحلة الانتقالية.
أما الكاتب والمحلل السياسي عثمان ميرغني فيرى أن تشكيل قيادة لتحالف "تأسيس" سيزيد الأوضاع تعقيدا في السودان، وفي حال تأخر إنهاء الحرب فسيتجه التحالف لتشكيل حكومة موازية تؤدي إلى انفصال سياسي وربما يصل الأمر لنشوء دولة جديدة.
وفي حديث للجزيرة نت، يقول الكاتب إن المتغيرات الخارجية المؤثرة على البلاد تتحرك بسرعة كبيرة بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأخيرة بأن "السودان وجهة تالية لقطار السلام الدولي، إلى جانب ترتيبات للشرق الأوسط الجديد".
ووفقا لميرغني، فإن السودان مطالب بخارطة طريق واضحة لمفاوضات متعددة المسارات داخلية وخارجية لتعجيل إيقاف الحرب والقفز إلى مربع جديد، "لأن الرياح الدولية والإقليمية تنفخ في أشرعته لا ليتعافى فحسب، بل ليرتقي بمقعده بين الأمم ويتحول لدولة مانحة لا مستجدية للسلام".