حسن فضل الله: لا يمكن لأحد أن يفرض على الشعب اللبناني رئيساً
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
شدد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله أن "انتخاب رئيس الجمهورية هو مسؤولية اللبنانيين من خلال مجلسهم النيابي، ولا يمكن لأحد في الخارج مهما مارس من ضغوط وتحت أي مسمى أو مطلب أن يفرض على الشعب اللبناني رئيساً، أو أن يملي عليهم شروطاً بشأن عملية الانتخاب، أو كيفية إدارة بلدهم، فمحاولة فرض رئيس من الخارج تصطدم بممانعة وطنية تحول دون مصادرة قرار اللبنانيين، وهناك من لا يفهم طبيعة التوازنات الداخلية وتركيبة لبنان التي تمنع أي تفرد أو فرض أراء خارجية على حساب رأي الغالبية اللبنانية، وكل المحاولات التي جرت في السابق كانت تصطدم بإرادة القوى السيادية الحقيقية التي ترفض أي إملاءات خارجية، ولا ترتضي أن يفرض عليها الآخرون مصالحهم على حساب مصلحة لبنان".
كلام فضل الله جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه "حزب الله" للشهداء إبراهيم محمد قبيسي، عباس إبراهيم شرف الدين، حسين هاني عز الدين، حسين أحمد عوالي، محمد حسين رباح، وعلي حسن حمود، وذلك في مجمع الإمام المجتبى في السان تيريز، بحضور عضوي كتلة "الوفاء للمقاومة" النائبين أمين شري وعلي عمار، وعدد من العلماء والفاعليات والشخصيات وعوائل الشهداء، وحشد من الأهالي.
ودعا النائب فضل الله الجميع إلى "عدم انتظار كلمة السر من الخارج، لأن السر مفضوح، والكل يعلم بحقيقة التدخلات الخارجية ومحاولات الاستثمار على الوقائع التي حصلت في لبنان والمحيط من أجل تغيير التوازنات في الداخل، وهذه لعبة خطيرة ستسقط على أبواب المجلس النيابي بإرادة لبنانية حرة، علماً أنه وفي الوقت الذي نرفض فيه أي إملاءات خارجية، فإنه ليس لدينا أي مانع من تقديم المعونة الخارجية للبنان، ولكن من دون شروط سياسية، فاللبنانيون يختارون رئيسهم بملء إرادتهم، والمساعدة تكون لمن ينتخب بقرار وطني".
وقال: "لدينا دستور واضح يحدد كيفية انتخاب الرئيس وآليته وعدد النواب المطلوب حضوراً واقتراعاً، ونحن ملتزمون بها، ونذهب إلى جلسة انتخاب الرئيس بموقف موحّد مع حركة أمل، ولدينا قراءة واحدة لطبيعة هذا الانتخاب ولمن سنقترع، وستكون الأصول الدستورية حاكمة على هذا الاستحقاق، وما سمعناه من دولة الرئيس نبيه بري هو تأكيده من جديد أنه مؤتمن على تطبيق الدستور في الاستحقاق الرئاسي، ولن يستطيع أحد في الداخل أو الخارج تجاوز بنوده".
وأكد فضل الله أن "التفاهمات الداخلية هي المعبر الضروري لانتخاب الرئيس، ونحن من دعاة التفاهم ورفض الإقصاء والعزل، وندعو الجميع إلى الشراكة الفعلية في بناء الدولة، ونحن جزء أساسي من هذه الدولة التي نريدها عادلة وقوية وقادرة على ممارسة دورها، لا أن تكون على قياس مصالح هذه الجهة أو تلك، ونعمل من أجل تطبيق القانون على الجميع دون تمييز، وأن تسود المحاسبة بعدالة، والابتعاد عن لغة التحريض والتضليل ومحاولات شرذمة اللبنانيين وإبعادهم عن بعضهم البعض، وأيضاً أن يكف بعض المسؤولين عن العراضات التي لا طائل منها أو عن تقديم أوراق اعتماد للحصول على مكاسب في المستقبل، ونحن من موقعنا في الدولة ومن خلال المؤسسات الدستورية سنتصدى لمحاولات بعض المسؤولين أو الأجهزة الرسمية تنفيذ أجندات تتعارض مع القانون، وبموازاة رقابتنا النيابية، هناك رقابة شعبية حاضرة دائماً لتكون إلى جانبنا".
وشدد على أن "المعبر الحقيقي لسيادة الدولة هو دفاعها عن أرضها وشعبها، وهذا يبدأ من موقف وطني عملي للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ونحن في مواجهة الخروق الإسرائيلية لوقف النار ومن موقع حضورنا في الدولة، نتابع يومياً مع الجهات المعنية هذا الأمر، لأن الدولة هي المسؤولة، وهناك أسئلة كبيرة عند أهل الجنوب عن سبب التأخر في تطبيق الاتفاق وعن بطء الإجراءات الرسمية اللبنانية، وعن غياب أي تحرك رسمي على الأرض، وهذه السياسة تزيد شكوك الناس بدولتهم من جهة، وتجعلهم أكثر تمسكاً بمقاومتهم من جهة أخرى".
وختم فضل الله: "نحن نعي خطورة المرحلة للاستثمار على وقائع العدوان الإسرائيلي، ولكن نعرف كيف نواجه ونتصدى لأي محاولة تهدف إلى تغيير التوازنات الداخلية أو فرض وقائع تمس بمصالح شعبنا".
وتخلل الاحتفال تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، ومجلس عزاء حسيني عن أرواح كل الشهداء.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الحزبية في الإسلام
#الحزبية في #الإسلام
مقال : 11 / 8/ 2025
بقلم : د. #هاشم_غرايبه
بعض الساعين الى تفريغ الدين من مضامينه التفاعلية مع حياة الناس يردد مقولات مفضوحة المغزى، مثل “الدين طهرانية ونقاء يجب إبعاده عن السياسة لضمان عدم تلوثه”، أو “السياسة لا أخلاق فيها والدين أخلاق فلا ينسجمان”.
كل تلك الأقاويل كلام حق يراد به باطل بهدف إبعاد الدين عن الحكم، وإبقائه تراثا تاريخيا بائدا، أو مجرد طقوس تعبدية فردية لحالة فلسفية جمالية، وذلك لأجل استفراد الحاكم بالسلطة، واستغلاله لمزاياها بلا رقابة شرعية ولا شعبية.
فلماذا تكون السياسة أصلا ميدانا لممارسة الرذائل؟، ولماذا يفترض تقبل سياسيين بلا أخلاق؟، أليس المفترض أنهم من اختيار الشعب وأنهم خيارهم وصفوتهم!.
إنهم ما اصطبغوا بهذه الرذائل فعلا، فأصبعت السياسة نقيضا للأخلاق، إلا لأنهم كانوا نتاج خديعة إسمها الديمقراطية التي اعتقد الناس أنها تعني حكم الشعب لنفسه باختياره لممثليه، وقبول الأقلية لرأي الأغلبية، لكنها في الحقيقة تمثيلية سمجة وادعاء كاذب بالنزاهة والانصياع لرأي الشعب، بل هي في حقيقتها رأي أصحاب المال والنفوذ الذين يتحكمون في ضبط مخرجات هذه العملية بما يحفظ مصالحهم.
لقد بين الدين المباديء الأساسية لنظام الحكم من غير أن يحدد النظام السياسي، حيث ترك ذلك لمستجدات الزمان وخصوصية كل عصر، لكن ضمانة صلاح ذلك النظام تتأتى من التزامه بتلك الأسس التي تضمن تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد الرعية المسلم منهم وغير المسلم، وتحقيق الكفاية لاحتياجاتهم.
هذه هي المواصفات المطلوبة في حاكم الدولة الإسلامية، وبناء على تزكية لجنة الحكماء (أهل العقد والحل)، وليس بناء على برنامج انتخابي يعرض فيه منهجه الذي سيطبقه، فليس هنالك برامج فكرية سياسية متباينة تتنافس على نيل ثقة الناخبين، لأن المنهج موحد ومحدد ونصوصه هي الشرع الإسلامي، لذا فبرنامج المترشح ووعوده تقتصر على الآليات والوسائل، فليس هنالك تفاضل بين شخص وآخر مرشح لتولي الحكم إلا بمقدار مواصفاته الشخصية وقدراته الذاتية التي تفي بالمتطلبات الآنفة.
لقد قدم الإسلام النموذج القدوة في الحكم وهو الدولة الراشدية، والتي بناها المعلم الأعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم لبنة لبنة لتكون لمن بعده وإلى يوم الدين المثال الذي يحتذى، وتسلمها من بعده أبوبكر ثم عمر ودامت هذه الحالة الأمثل في كل التاريخ البشري ثلاثة عشر عاماً، ثم حدثت الفتنة ونشبت الصراعات فانحرفت، لذا يبقى النموذج الأمثل محصورا بهذه الفترة الزمنية، وما بعد ذلك تفاوت اقترابها منه وتباين.
السؤال: يقول البعض بأن التحزب في الاسلام مرفوض، فهل ذلك صحيح؟
في الظروف القائمة لا توجد في ديار المسلمين دولة اسلامية، لأنه لا يمكن أن تسمح القوى النافذة بقيامها، لأن ذلك يعني نهضة الأمة، لذلك من السذاجة الإعتقاد بسهولة تحقق ذلك بالرغبة الشعبية فقط، لا بد من نضال سلمي لوصول نخبة مؤمنة بهذا المشروع الى الحكم وتغييره من العلمانية الى الاسلام، وذلك لا يتحقق بغير العمل التعبوي المنظم، المسمى بالإسلام الحركي، أي التحرك التنظيمي من قبل من يؤمنون بالله، وبضرورة تطبيق منهجه الذي أنزله، وذلك الهدف هو امتثال لرأي الأغلبية الشعبية الساحقة، بدليل أنها انتخبت هؤلاء بناء على برنامجهم المعلن بأن تلتزم السلطة الحاكمة بتطبيق منهج الله، وهو ما يسمى إقامة الدولة الإسلامية.
بعد قيام الدولة واختيار الحاكم من قبل أهل العقد والحل، يكون العمل السياسي المنظم (الأحزاب) محصورا بالتنافس لشغل المناصب الإدارية في الدولة، وليس لطرح برامج بديلة لمنهج الله.
قد يقول قائل: أليس في ذلك تعسف وقمع لحرية التفكير، وفرض منهج على الناس قد يرفضه بعضهم؟.
قطعا ليس الأمر كذلك، فالدولة الاسلامية تقام في ديار الأسلام، ولا تفرض على المجتمعات غير المؤمنة، وأما الأقليات الموجودة، فحقوقهم محفوظة كمواطنين، ومنها احترام معتقداتهم، بالمقابل فلا يحق لهم فرض قناعاتهم على الأغلبية، وهذا عرف في كل الأنظمة الديموقراطية، إذ يوضع الدستور وفق معتقد الأغلبية، ولا يحق تشكيل أحزاب ترفض الانصياع لأحكامه.
إذاً فالحرية الفكرية متاحة ضمن منهج الله، فالباب مفتوح لكل مجتهد، وحرية نشر فكره والدعوة له متاحة وبكل الوسائل.
من هنا فالعمل الحزبي أو تشكيل الفرق والجماعات مسموح بها ضمن الضوابط الشرعية والآخلاقية العامة