الأكراد السوريون..ورقة في حملات أدروغان الانتخابية والعسكرية
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
قال المحلل السياسي روبرت إليس، إن حصار مدينة كوباني بين سبتمبر (أيلول) 2014 ويناير (كانون الثاني) 2015 والدفاع البطولي عنها من القوات الكردية في شمال سوريا، نقطة تحول في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي. والآن مع سقوط نظام بشار الأسد، ستلعب كوباني مرة أخرى دوراً رئيسياً في منع عودة ظهور الجماعة الإرهابية سيئة السمعة.
وأضاف إليس، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية، أن ذلك أدى أيضاً إلى قرار الولايات المتحدة بتسليح وتدريب قوات المعارضة السورية الذي نتج عنه تشكيل قوات سوريا الديمقراطية قسد بقيادة الأكراد ومهد الطريق لهزيمة داعش في مدينة الرقة السورية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017. هاجس
وفي ذروة المعركة، انتقد المفكر الفرنسي بيرنارد هنري ليفي تركيا لتفضيلها داعش على الأكراد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان "الذي كان قراره متأثراً بهاجس رؤية ميلاد دولة كردية خارج حدود بلاده مباشرة". والآن، تتكرر الأحداث الماضية. وفي تركيا، يعرقل أردوغان نضال الأكراد من أجل بعض أشكال تقرير المصير والاعتراف الثقافي.
وكانت عملية السلام مع حزب العمال الكردستان التي بدأت بمحادثات أوسلو ووقف لإطلاق النار في 2013، تهدف لكسب الدعم لطموحاته الرئاسية. وتوج هذا باتفاقية "دولما بهجه"، وهى خطة سلام من 10 نقاط متفق عليها بين حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والحكومة التركية في فبراير (شباط) 2015.
غير أن الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش قال في مارس (آذار) من ذلك العام ثلاث مرات في اجتماع للحزب: "لن نجعلك رئيساً". وفي انتخابات يونيو (حزيران)، حصد الحزب 80 مقعداً من مقاعد البرلمان الـ 550، وخسر حزب العدالة والتنمية الحاكم الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها.
وفي يوليو (تموز)، اندلعت مجدداً الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، وفي انتخابات مبكرة في نوفمبر (تشرين الثاني)، استعاد حزب العدالة والتنمية الأغلبية.
وبعد ذلك بعام، أودع دميرتاش السجن، وفي 2017، وافق استفتاء على خطة أردوغان على الرئاسة التنفيذية. وفي مايو (أيار) العام الماضي، صدر حكم على دميرتاش بالسجن 42 عاماً لدوره في احتجاجات 2014 على تقاعس الحكومة التركية خلال حصار كوباني.
وفي سوريا، تشكل قضية الحكم الذاتي للأكراد والتحالف بين الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية قسد لقتال تنظيم داعش حجرة عثرة.
وفي اجتماع مع قائد الإدارة الحالية في سوريا أحمد الشرع، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن لا مكان للمسلحين الأكراد، ودعا إلى حل وحدات حماية الشعب الكردية، التي تمثل العمود الفقري لقوات قسد.
ويعتقد جون سورز، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات "إم أي 6"، والسفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، أنه يبدو أن أردوغان ينظر إلى سوريا من منظور مشوه للقضية الكردية. ورغم وجود تشابه، يستبعد السياسي الكردي أحمد تورك الخلط بين دور حزب العمال الكردستاني، ودور وحدات حماية الشعب الكردية السورية في السعى لتحقيق السلام.
وعندما انسحبت قوات الأسد من شمال شرق سوريا ذي الغالبية الكردية في 2012، أعلن الأكراد إدارة ذاتية تعرف بـ"روج آفا". و يتبع جناحها السياسي، وحدات حماية الشعب الكردية، حزب العمال الكردستاني بعضويته المشتركة في اتحاد المجتمعات الكردستانية، وهو منظمة مظلة للأكراد.
ويقول فرانسيسكو سيكاردي، مدير برنامج كبير في كارنيغي أوروبا وهو مكتب الأبحاث في بروكسل لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن سياسة تركيا في سوريا تدفعها السياسات الداخلية حيث تنعكس عملياتها العسكرية في سوريا في معدلات التأييد لأردوغان، فعلي سبيل المثال، ساند قرابة 90% عملية غصن الزيتون والغزو التركي واحتلال جيب عفرين الكردي في 2018.
غير أن جانباً مخزياً صاحب التوغلات التركية تمثل في قائمة موثقة من الأعمال الوحشية التي ارتكبها ما يسمى الجيش الوطني السوري، وهو خليط من فصائل متحالفة مع أنقرة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أعطى الرئيس الأمريكي إنذاك دونالد ترامب الضوء الأخضر لعملية تركية عبر الحدود داخل سوريا، وهى عملية نبع السلام، بعد اتصال هاتفي مع الرئيس التركي.
ووفقاً لترامب، كان هذا قراراً رائعاً من الناحية الاستراتيجية، ولكن مرشحه لمنصب مستشار للأمن القومي مايك فالتز اعتبره خطأ استراتيجياً في ذلك الوقت.
ووصف دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى في شمال سوريا هو ويليام في. روبوك، في مذكرة، خطة أردوغان لإحلال لاجئين سوريين من تركيا محل السكان الأكراد بـ "كارثية"وجهد متعمد يهدف للتطهير العراقي". وكان هناك نزوح مماثل بعد الاحتلال التركية لمدينة عفرين.
وبعد انهيار نظام الأسد، طرد الجيش الوطني السوري الأكراد من مدينة تل رفعت وتحرك صوب مدينة منبج. ويخشي أن تكون منبج نقطة الانطلاق لهجوم مدعوم من تركيا على كوباني. ووفق وزير الخارجية التركي هاكان فيدان فإن "المسالة مسألة وقت قبل القضاء على حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية". وقال أردوغان إن تركيا مستعدة للتدخل لمنع "تقسيم" سوريا.
وهناك أيضاً تقارير مفادها أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بدأ إقامة قاعد عسكرية في كوباني، ولكن وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون نفت ذلك. ومع ذلك، اعترف البنتاغون بأن هناك الآن قوات أمريكية تبلغ ألفي جندي في سوريا، أي ضعف عدد القوات الذي كان يعتقد في السابق أنه سينشر هناك.
ويعتبر ماركو روبيو، مرشح ترامب لمنصب وزير الخارجية، منتقداً لسياسة تركيا الخارجية وسجلها في حقوق الإنسان. وشارك مستشار الأمن القومي المقبل مايك والتز أيضاً في الإشراف على مشروع قانون لفرض عقوبات على تركيا بسبب هجومها على قوات كردية متحالفة مع الولايات المتحدة في شمال سوريا.
واختتم إليس تقريره بالقول، إنه على ضوء التهديد المحتمل من تنظيم داعش متجدد ، هناك ضرورة لبعض الإيضاحات للسياسة الأمريكية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية قسد تركيا سوريا داعش سوريا قسد تركيا حزب العمال الكردستاني حزب العمال الکردستانی حمایة الشعب الکردیة الولایات المتحدة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
المالكي ملكا.. متلازمة الرقم واحد في قوائم بغداد الانتخابية
آخر تحديث: 3 يونيو 2025 - 10:25 صبقلم:مسار عبدالمحسن راضي شهدت العاصمة خلال الأيام الماضية احتلال الرقم “واحد” للقوائم الانتخابية لبعض السياسيين العراقيين. أهميَّةُ الرقم الرمزية فضحت الطمع السياسي الذي يود هؤلاء السياسيون قبضه من صندوق نتائج الانتخابات القادمة. عند بعضٍ من بعض هؤلاء اُستخدِم لتعويض قصر الرقبة الجماهيرية بالإعلان عن طولٍ افتراضي لقاماتهم السياسية. لكن عند نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون كان إعلانا عن إعادة برمجة العملية السياسية بـ”أحدان” – جمع واحد – سنية وأصفار شيعية.محمد شياع السوداني لن يُحالفه الحظ بالحصول ولو على صفرٍ في هذا الشوط البرمجي. أحدُ أعضاء الفريق السياسي للمالكي تَهَكّمَ على “واحد” رئيس الحكومة الذي يرأس حاليا تحالف “الإعمار والتنمية” بالقول “سالب واحد”. أيضا، حظ بعض “أحدان” السنة الموثوقين تاريخيا عند المالكي مثل محمود المشهداني رئيس برلمان العراق الحالي، ضربها الأول في العاشر من مايو 2025 للضرورات البرمجية. الحُجَّة أن الثاني تحدَّث عن “انحسار الحاكمية الشيعية”. أمّا ضرورة التوازنات بين بقية “أحدان” السنة في بغداد فقد استدعت الجمع بين ثقيلها وخفيفها، مثل محمد الحلبوسي رئيس حزب تقدم، وزياد الجنابي رئيس حزب التشريع الوطني. المالكي وكما وصفتهُ قبل أعوامٍ ثمانية “رجلٌ مولع بفنون السُلطة التي تحب التوازنات.” ولهذا كان اهتمامُ حزبه بالمناصب الوزارية متواضعا فـ”السُلطة لا تشيخ كالمنصب.” هو يحاول اليوم أن يُعيد إحياء الإيمان القديم لقولٍ مأثور، جاء على لسان عباس البياتي أحد المتقاعدين الآن عن القُرب السياسي منه “إذا لم يكُن المالكي موجودا فيجب أن يُستنسخ.” السؤال “لماذا يقوم المالكي الآن بالإعلان عن استعداده لدفع سعر منصب رئاسة الحكومة القادمة من خزينة سُلطته؟”
تبدأ الإجابة من جاسم محمد جعفر القيادي في حزب الدعوة الإسلامية. كان قد صرَّح قبل أعوامٍ عديدة “إنَّ حزب الدعوة سيحصل على الولاية الخامسة والسادسة، ويبقى على حكم العراق إلى يوم القيامة، بإرادة الناس ومرجعية النجف والدعم الإيراني.” المالكي الذي يمثِّل “مرحلة ممارسة السُلطة” أو “المرحلة العاشرة” في أدبِ تأريخ المنظرين للحزب، يحاول – على ضوء ما قاله القيادي في الحزب – إعادة النقاء المذهبي للعملية السياسية التي تعكَّرت بالصفاء الوطني لـ”ثورة تشرين” في أكتوبر 2019. المشكلة أنه لم يعُد ممكنا بعد ذلك التاريخ استخدام لُغة برمجية بسيطة مثل قوله المأثور “فسطاط يزيد وفسطاط الحُسين.”
قام بتعديل الخوارزميات منذُ عام 2021 باستنساخ يزيد كـ”بعثي”. رائعةُ النسخ هذه تتفقُ مع ميزتين له. الأولى قُدرة عقله على استنساخ تجارب السياسيين قبل عام 2003 وبعده. كان أول منصب للمالكي في زمن الفوضى الديمقراطية استلامهُ مسؤولية الأمن في مجلس الحكم، واستمتاعه بساعاتٍ طويلة من العمل كما ذكرت صُحفٍ أميركية عديدة “كان يعمل منذُ السابعة صباحا وحتى منتصف الليل.” باختصار اشتغل كـ”نُسخةٍ إسلامية من رئيس النظام السابق البعثي.” أمّا ميزتهُ الأُخرى فقد كانت قُدرته على “السكون ثمَّ الانطلاق السياسي فجأة وبسرعة رصاصة.” عندما تولى رئاسة الحكومة عام 2006، كتب نقطة نهاية السطر لإبراهيم الجعفري وابتدأ سطرهُ السياسي المؤثِّر كأمين عام حزب الدعوة الإسلامية عام 2007. ثمَّ ضرب جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر في البصرة عام 2008 بمساعدة القوات الأميركية حينها، والتي كان يرأسها الجنرال ريمون أوديرنو. سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 وصعود أحمد الشرع في دمشق، كان فُرصة إضافية لجعل برمجة “البعث” أكثر جذبا وامتلاء بالتهديدات القديمة الجديدة “الأصفار الشيعية التي تُفكِّر بلغة ‘أحدان‘ فاعلة،” إمكانية ثورة تشرين أن تكون “واحد” مؤثِّر، وتحويل تهديد “أحدان” السنة الوازنين إلى “فُرصة انتخابية”. دخول القوائم السنية في بغداد هدفهُ زيادة استقطاب الشارع الشيعي لصالح المالكي “القائد الضرورة” بحسب تعبير حيدر العبادي وهو رئيس حكومة أسبق. الأهم أن طفوّ اللاعبين السنة في بغداد سيضمنُ إغراق الميليشيات في غوَّاصة “الإطار التنسيقي” الشيعي، وبالتالي إبعادها عن الرصد الدولي. إياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية الذي كان “واحد” الهوية الوطنية في انتخابات عام 2010، فضَّل أن يكون في هذا الشوط البرمجي واحدا من الأصفار الشيعية. أعلن بأنَّه “يتشرَّف بالبعث.” كان ذلك قبل ثلاثة شهور. علاوي انتقل منذُ عام 2018 من سياسي إلى مسيح دعائي يحيي ويُميت. أعلن في ذلك العام وبجانبه لطيف الهميم رئيس أسبق للوقف السني عن “موت القومية العربية.” ثمنُ معجزةُ علاوي “إحياء البعث” في 2025 كان ركوب ابنته في قطار المستشارين الذي لا يمتلئ لحكومة السوداني. كردستان العراق بدورها ولأنها “واحد” لا بد منها للعملية السياسية بعد عام 2003، شاركت في لُعبة الميت الحي البعثي بالصمت وبعقود نفطٍ جديدة مع شركاتٍ أميركية. هادي العامري وقيس الخزعلي اللذان يسبحان كأصفارٍ فصائلية في بُحيرة المرشد الأعلى الإيراني، تعاونا بحكم الضرورة مع المالكي. ذهبا معهُ إلى المحافظات لُيشرِفوا على ولادة “أحدان” سنة في محافظات ديالى، صلاح الدين، نينوى، وكركوك. الغاية تهجير العراقيين من الهوية الوطنية إلى الجلود المذهبية في حفل الدبغ الانتخابي المقبل. لعبةُ “أحدان” السنة الشيعة الذين يعتبرهم المالكي صفرا، تؤمِّنُ رؤية المجتمع الدولي للعراق كـ”بلد ديمقراطي”. لكن المالكي “واحد” لم يجِد إثما في نسف جهود التقارب بين بغداد والعواصم العربية التي وصفها نائبٌ في فريقه الحزبي بـ”الجرب العربي”. كان ذلك في الـ27 من مايو 2025. وقيادي آخر هاجم الدوحة في الـ29 من مايو 2025. نسي المالكي موقفها الذي كان في غاية النُبل مع العراق والذي لا يمكن نسيانه أبدا؛ ذكَّرت الجميع بأنَّ “شيعة العراق عرب”. رقم “واحد” المالكي قرر الرقود على بغداد عسى أن يحقق أمنيته القديمة “كسر بيضة النظام البرلماني ليفقس نظاما رئاسيا بعد الانتخابات القادمة.” مُستعينا بـ “البعث” كقشرة يرميها على أيَّ حِراكٍ جماهيري يسعى للتغيير عبر الانتخابات. أمّا “أحدان” شركاء الضرورة كقيس الخزعلي فهم يسعون إلى أهدافٍ أكثر تواضعا في هذه المرحلة، مثل توريث منصب قادة الفصائل من “الآباء المتقاعدين إلى الأبناء.”