اقترح مجموعة من العلماء ، أن الفيروسات القديمة "مسببات الأمراض التي تسافر عبر الزمن" التي تكمن داخل الجليد الدائم بمنطقة القطب الشمالي يمكن أن تخرج وتشكل خطرًا على النظام البيئي الحديث بسبب تغير المناخ.

ميكروبات محبوسة داخل الجليد

فالتربة الصقيعية عبارة عن طبقة صلبة من الأرض المتجمدة مصنوعة من الصخور والرمال والتربة في مناطق خطوط العرض العالية أو المرتفعة مثل هضبة التبت وجرينلاند وسيبيريا وألاسكا وشمال كندا.

 

وأشار بحث جديد إلى أن هذه الطبقة الجليدية تحبس الميكروبات التي تظل كامنة لفترات طويلة من الزمن، لكن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وتغير المناخ يمكن أن يخلق ظروفًا مناسبة لهذه العوامل الممرضة للعودة من الماضي. وفقًا لموقع CNN.

وقام فريق دولي من الباحثين بدراسة النتائج المحتملة لخروج هذه الفيروسات في دراسة نُشرت في 27 يوليو في مجلة PLOS Computational Biology.

تقليل التنوع بنسبة 32%

وخلصت الدراسة، إلى أن حوالي 1٪ من الفيروسات القديمة تسببت في اضطرابات كبيرة في النظم البيئية الرقمية وقللت من التنوع البيولوجي بنسبة 32٪. واستطاعوا تطوير أنفسهم بمرور الوقت، مما أدى إلى عدم توازن النظام."

دور انبعاثات الكربون

قال الدكتور كيمبرلي مينر، عالم المناخ في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا: "لسنا بحاجة إلى دق ناقوس الخطر الآن". وقال "أعتقد أن هناك مخاوف أكثر إلحاحًا من أزمة المناخ يمكن السيطرة عليها بشكل أكبر، مثل إبطاء إنتاج الكربون في الغلاف الجوي."

وأكد مينر، إن "الدراسة هي خطوة أولى رائعة في تحديد المخاطر من هذه المتغيرات غير المعروفة. لكن احتمال الإصابة من هذه العوامل الممرضة المستجدة لا يزال بعيد الاحتمال إلى حد كبير".

وفسر ذلك قائلًا : أن "المناطق التي تحتوي على التربة الصقيعية للأرض قليلة السكان. هذا يعني أنه إذا نجحت الفيروسات والميكروبات القديمة في الهروب بطريقة ما، فسيواجهون صعوبة في العثور على الأشخاص للإصابة. علاوة على ذلك، تذوب التربة الصقيعية تدريجيًا على مدار العام بمعدل حوالي 1.2 بوصة (3 سنتيمترات) في الموسم، ويتم إطلاق معظم الخلايا البالغ عددها 4 سكستيليون خلال هذا الذوبان التدريجي".

وأوضح "أن الذوبان المفاجئ في التربة الصقيعية في القطب الشمالي، والذي يحدث أحيانًا بأسرع ما يمكن ، هو أكثر ما نشعر بقلق بشأنه فيما يتعلق بإطلاق الكائنات الحية التي لا نعرفها".

وتابع: "مع زيادة متوسط درجة الحرارة العالمية، ستصبح حالات الذوبان المفاجئ هذه أكثر شيوعًا. فبعد ارتفاع قياسي في درجات الحرارة في يوليو، التقطت طائرات بدون طيار أكبر حفرة في سيبيريا تغرق مع ذوبان الجليد تحت الأرض."

وقف انبعاثات الكربون

وأكد مؤلفو الدراسة، أن الإجراء الوقائي الوحيد في كل هذه الحالات - سواء كان مسببات الأمراض الناشئة أو ارتفاع مستوى سطح البحر أو تغير المناخ القاتل - هو "إبطاء أو وقف انبعاثات الكربون التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري وحماية النظم البيئية في القطب الشمالي."

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: تغير المناخ كوكب الارض انبعاثات الكربون

إقرأ أيضاً:

فيروسات المستقبل.. السلاح الخفي في معركة البقاء

لم تعد الحروب الحديثة تُخاض على جبهات واضحة أو بخطوط تماس تقليدية، بل أصبحت مختبرات الأبحاث البيولوجية والجينية جبهات متقدمة في صراع القوى الدولية، ومع تسارع وتيرة التقدم في علوم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية، تلوح في الأفق ملامح عصر جديد من الحروب، الحروب البيولوجية المستقبلية، التي قد تُعيد تشكيل النظام العالمي وتُحدث تحولات جذرية في مفاهيم الأمن القومي والسيادة.

 

التحول الجوهري في طبيعة الحرب البيولوجية المستقبلية يكمن في دقتها الانتقائية، ففيما كانت الأسلحة البيولوجية التقليدية تُطلق في نطاق واسع غير موجه، بات الآن بالإمكان استخدام أدوات مثل تقنية "كريسبر" لتعديل الجينات وتصميم فيروسات موجهة تصيب فئة بشرية معينة بناءً على خصائص وراثية محددة، كالسلالة أو العرق أو حتى التكوين الجيني لسكان منطقة بعينها.

 

في قلب هذه الحرب القادمة تقف البيانات الوراثية للبشر، باعتبارها الوقود الحقيقي للصراعات، ملايين الأشخاص أرسلوا عينات حمضهم النووي إلى شركات لتحليل الأنساب أو الأمراض الوراثية، هذه الشركات، رغم ما تعلنه من التزام بالخصوصية، قد تكون في يوم ما هدفًا للاختراق أو الشراء من قِبل جهات أمنية.

 

 ويمكن استهداف مجموعات بشرية معينة بفيروسات مصممة بدقة. ويمكن معرفة نقاط ضعف الشعوب صحيًا، وتطوير أدوات قتل صامتة، وهذا النوع من الأسلحة يُحدث ثورة في موازين القوى، لأنه يتيح لدولة صغيرة أو تنظيم مسلح امتلاك قدرة تدميرية تضاهي النووي، ولكن دون الدمار الشامل للبنية التحتية أو الحاجة إلى جيوش ضخمة.

 

التهديد لا يأتي فقط من الدول العظمى التي تستثمر في البحث البيولوجي، بل من تعدد اللاعبين غير التقليديين، شركات التكنولوجيا الحيوية العابرة للحدود، التي تُجري تجارب على الجينات، أصبحت تملك بنوك بيانات ضخمة يمكن استخدامها لأغراض هجومية، كما أن السوق السوداء للفيروسات والمُعدلات الجينية باتت متاحة عبر الشبكة المظلمة.

 

والتقارير الاستخباراتية تؤكد أن بعض الدول استثمرت ملايين الدولارات في أبحاث الجينوم البشري بهدف جمع قاعدة بيانات جينية عالمية، يمكن من خلالها تطوير فيروسات مخصصة وهي ليست مجرد خيال علمي، بل مشروع يُطبخ في الخفاء على نار باردة.

 

والتنظيمات المتطرفة قد تستخدم فيروسًا مُهندَسًا كأداة إرهاب واسعة النطاق، بل إن بعض الفرضيات الاستخباراتية تتوقع هجمات بيولوجية بوساطة طائرات درون صغيرة تنشر رذاذًا معديًا في أماكن التجمعات.

 

وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 هشاشة البنية الصحية العالمية، حتى في الدول المتقدمة، وكشفت مدى تداخل الأمن الصحي مع الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والجائحة كانت، في نظر كثير من المحللين الاستراتيجيين، محاكاة عملية لحرب بيولوجية محدودة.

 

فحرب بيولوجية واحدة قد تُسقط دولة قوية دون طلقة واحدة هذا يجعل بعض الدول تفكر بالبيولوجيا كأداة للانتقال من وضعية القُطر الصغير إلى لاعب إقليمي أو عالمي فإذا استطاعت دولة ما توجيه ضربة بيولوجية تُحدث انهيارًا اقتصاديًا في دولة عظمى، دون أن تُكتشف، فقد تحقق نفوذًا غير مسبوق دون الحاجة لمواجهة مباشرة.

 

ولو ظهر الآن فيروسًا أكثر فتكًا، مُصممًا في مختبرات عسكرية، لا يُظهر أعراضه إلا بعد أسبوعين من العدوى، يُصيب فئة عمرية منتجة، ويُطلق بهدوء في أحد المطارات الدولية لن يكون حجم الخسائر يُقاس بالموتى فقط، بل بالانهيار الكلي لسلاسل الإمداد، والثقة المجتمعية، وحتى استقرار الأنظمة السياسية.

 

وفي السنوات الأخيرة، ومع تنامي الصراعات الجيوسياسية وحمى سباق التسلح الصامت، تصاعد الحديث في أوساط المخابرات والمراكز البحثية عن تجارب بيولوجية سرية تجريها بعض الدول الكبرى، هدفها ليس العلاج، بل تطوير فيروسات معدلة وراثيًا لتُستخدم كأسلحة دمار شامل.

 

ويؤكد تقرير صادر عن "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي" أن هناك دلائل متزايدة على أن بعض الدول تسعى لخلق "فيروسات ذكية"، يصعب اكتشافها، وتتميز بسرعة الانتشار، وارتفاع معدل الوفاة، وإمكانية برمجتها لاستهداف جينات معينة.

 

وفي أوائل عام 2024، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة التأهب القصوى بعد ظهور سلالة متحورة من فيروس "ماربورغ" في وسط إفريقيا، أُطلق عليها اسم “ماربورغ 2.0”، السلالة الجديدة لم تكن طبيعية في نمط تطورها، وهو ما أثار شكوكًا حول تدخل بشري في تعديل بنيتها الجينية.

 

وتمتاز هذه النسخة بسرعة الانتشار عبر الهواء وهو تطور خطير مقارنة بالسلالة الأصلية التي كانت تنتقل عبر سوائل الجسم فقط، ومع معدل وفاة يصل إلى 85% في الحالات المصابة، وغياب لقاح فعال حتى اللحظة، بدا العالم وكأنه على شفا كارثة بيولوجية.

 

لكن ما أثار الجدل أكثر، هو تسريب وثائق من مركز أبحاث في أوروبا الشرقية، تشير إلى تجربة سرية كانت تهدف لاختبار قدرة الفيروس على الانتشار في بيئات مغلقة كالمطارات والسجون، وهو ما أعاد إلى الأذهان كابوس "مختبرات الموت".

 

وفي جنوب آسيا، رُصدت حالات لفيروس "نيباه" المتحور، والذي تم تطويره في ظروف غامضة ليصبح أكثر مقاومة للأدوية وأسرع في الانتقال من إنسان لآخر والنسخة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم "نيباه X"، تتسبب في تورم دماغي حاد يودي بحياة الضحية خلال أقل من 48 ساعة من ظهور الأعراض.

 

اللافت أن التحاليل الجينية أظهرت تلاعبًا واضحًا في الشيفرة الوراثية للفيروس، مما دفع جهات استخباراتية غربية إلى اتهام أطراف غير معلومة بتطوير الفيروس داخل مختبرات عسكرية، ربما بغرض اختباره كسلاح كتمهيد لحرب بيولوجية محتملة.

 

ما يجعل هذه الأسلحة البيولوجية الفيروسية أكثر خطورة من غيرها، هو أن اكتشافها يتم بعد فوات الأوان، فغالبًا ما يُعتقد أن انتشار الفيروس هو وباء طبيعي، حتى تتضح الحقيقة، ولا يمكن مواجهة هذه الفيروسات بأسلحة تقليدية، ولا حتى بالجيوش، مما يجعل الدول أمام خيارين الانهيار أو العزلة، ولعل ما حدث في أعقاب جائحة "كوفيد-19" يُعد تحذيرًا مبكرًا لما هو قادم لكن الفرق أن الفيروسات التي ظهرت مؤخرًا أكثر خبثًا، وأسرع فتكًا، وربما للأسف أكثر ذكاءً.

 

وفرض التوازن النووي حالة من الردع بين القوى العظمى،  والعالم الآن بحاجة إلى مفهوم جديد للردع البيولوجي لكن التعقيد في الأسلحة البيولوجية يكمن في إمكانية إنكار استخدامها، وصعوبة تتبع مصدرها، مما يجعل المحاسبة الدولية شبه مستحيلة.

 

من هنا تنبع الحاجة إلى معاهدة دولية مُلزمة تُعزز الشفافية في الأبحاث البيولوجية، وتُنشئ هيئة تحقيق عالمية لديها صلاحية التفتيش الفوري على المختبرات، تمامًا كما هو الحال مع وكالة الطاقة الذرية.

 

وسيحتاج الأمن القومي في العقود القادمة إلى إعادة تعريف جذري. الجيوش التقليدية، مهما كانت قوتها، لن تستطيع حماية دولة من فيروس موجه، والمطلوب هو بنية تحتية للذكاء الحيوي، تُراقب التغيرات البيولوجية غير المعتادة، وتحلل التسلسل الجيني للفيروسات الجديدة فور ظهورها.

الدول الذكية لن تستثمر فقط في الطائرات والسفن، بل في قدرات رصد بيولوجي مبكر، وفي العلماء باعتبارهم جنود الخط الأمامي في الحروب القادمة والتي قد لا تصدر عنها أصوات انفجارات، ولا ترفع فيها رايات، لكنها ستكون الأكثر تأثيرًا في تاريخ البشرية، حرب تُخاض داخل خلايا الجسد، وميادينها مجهرية، ولكن عواقبها عالمية.

مقالات مشابهة

  • الإتحاد : مصيلحي يرفض التراجع عن الاستقالة بسبب الشتائم التي تعرض لها
  • وزير الزراعة: تعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية لمواجهة تغير المناخ
  • دراسة: نحو 40% من الأنهار الجليدية ستختفي بسبب أزمة المناخ
  • ضبط 613 كلغ “كيف” على متن جرار في ورقلة
  • زولفيا سليمانوف: تغير المناخ من التحديات الأكثر إلحاحا
  • إعصار يضرب الإسكندرية فجرًا..  وخبير مناخي يحذر من تكرار الظاهرة بسبب تغيّر المناخ
  • دولة قطر تنظم ورشة خليجية لتنسيق المساهمات الوطنية في مواجهة تغير المناخ
  • بسبب التغير المناخي .. نصف سكان العالم فى أزمة| ما القصة؟
  • فيروسات المستقبل.. السلاح الخفي في معركة البقاء
  • دراسة: نصف سكان العالم تعرضوا لشهر إضافي من الحر الشديد بسبب تغير المناخ