جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-01@05:51:43 GMT

غزة تنتصر.. حكاية صمود لا يُهزم

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

غزة تنتصر.. حكاية صمود لا يُهزم

 

 

د. سالم بن عبدالله العامري

 

لم تنتظر غزة إعلان انتصارها على العدو الصهيوني، فقد نقشته على صفحات المجد منذ اللحظة الأولى لمعركة طوفان الأقصى، يومها اجتاز أبطال المقاومة أسوار المحتل وحدوده، وكسروا هيبته الزائفة بشجاعة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا.

هناك، سقط جنوده وضباطه صرعى، وأُسر مئات منهم، بينما غنمت المقاومة سلاحه وعتاده، ليُصبح شاهدًا صامتًا على انهيار أسطورته التي لطالما تباهى بها، وجاء اتفاق وقف إطلاق النار اليوم ليُكمل صورة هذا الانتصار، إذ أُجبر العدو، رغم كبريائه الجريح، على الجلوس مذعنًا على طاولة المفاوضات، كاشفًا عن هزيمته أمام صمود غزة، التي أثبتت أن الإرادة أقوى من أي قوة، وأن الحق لا يُقهر مهما بلغ الظلم ذروته.

عندما يُذكر في كل مرة اسم غزة، تتجلى أمامنا صورة مدينة صغيرة بحجمها، لكنها عظيمة بأهلها. فقطاع غزة، ليس مجرد رقعة جغرافية على الخريطة؛ بل هو رمزٌ للصمود والإرادة التي لا تُقهر، وعنوانٌ للبطولة والمقاومة التي لا تلين. في كل زاوية من زواياها، يُكتب تاريخ جديد لشعب لا ينكسر. هناك يُولد الأمل من قلب المآسي، وتنبعث الحياة كطائر الفينيق تُعيد تشكيل ذاتها من رماد الدمار، متوشحةٌ بروح التحدي والإصرار، كأنها تقول للعالم إن كل انكسار يحمل في طياته شرارة نهوض، وإن تحت كل ركام قصة ميلاد جديد.

في غزة، الألم ليس نهاية؛ بل بداية، والدموع ليست انكسارًا؛ بل قوة تُعزز الإرادة، تحكي قصة الإصرار الذي يُعيد بناء المجد على أنقاض المحن، ويُعلن ألا موت يستطيع أن يقهر روحًا مؤمنة بالنهوض، بل أصبح الحلم حلمًا بوطن حر، وأرضاً تنبض بالسلام، يزرعون الزهور على شرفات بيوتهم التي دمرتها الحروب، ويرسمون لوحات الأمل على جدرانها المهدمة، ويتحدون القصف بابتساماتهم البريئة، يشع نور الأمل وسط ظلام الصبر، كالشعاع الذي يخترق عتمة الليل ليبشر بقدوم فجر جديد. هي الأرض التي تعلَم العالم أن النصر الحقيقي هو الإصرار على الحياة، الإصرار على البقاء، رغم كل ما يُثقل الروح، ويدمر الجسد.

يُعلّمنا التاريخ أن طريق التحرر ليس معبّدًا بالسهولة ولا مُختصرًا بالسرعة، بل هو مسار طويل وشاق، مليء بالتضحيات والمعاناة، إنه الطريق الذي تتشابك فيه الآلام مع الآمال. لكنه، رغم قسوته، يظل السبيل الوحيد نحو المستقبل والأمل، تُنتزع فيه الحرية وتُبنى فيه الكرامة، ليكون النصر في النهاية تتويجًا لكل جهدٍ صادق وإيمانٍ لا يتزعزع بحتمية الخلاص، فالنصر الحقيقي ليس في كثرة القتل والتدمير، وليس فقط في كسب المعارك الميدانية، بل في كسب القلوب والعقول، وفي تعزيز التلاحم، والوحدة، والروح الوطنية، وفي تحويل كل خسارة ومآسي آنية إلى استثمار استراتيجي على المدى البعيد. غزة اليوم تجسد هذه الفلسفة، وتُعيد تعريف النصر بأنه الإصرار على الحياة، وتحويل الألم والمعاناة إلى طاقة للمقاومة والبقاء.

انتصرت غزة في صمود أهلها وثباتهم على أرضهم وبقدرتها على إبقاء القضية الفلسطينية حية في ضمير الأمة والعالم، فأرغمت الكيان المحتل على الجلوس على طاولة المفاوضات، انتصرت في صمودٍ أسطوري لشعب ظل صابرًا في المعاناة والآلام، من حصار مستمر طيلة عقود من الزمن، وعدوان عسكري إسرائيلي همجي متكرر، وخذلانٍ عربي، وتواطؤ غربي غير مسبوق، فأظهرت لنا أن أعظم الانتصارات هي تلك التي تتحقق بالصمود أمام رياح اليأس، وبالتمسك بالحلم حتى في أحلك الظروف.

في النهاية.. أثبتت غزة أنها ليست مجرد مدينة على خريطة الأرض؛ بل هي فكرة خالدة، ونبض حياة، وروح صمود، تذكرنا جميعًا أن الشعوب التي تؤمن بحقها في الحياة لا يمكن أن تُهزم. تُعلمنا أن النصر ليس في قوة السلاح وحده؛ بل في قوة الحق والإيمان، وأن الأمل مهما بدا بعيد المنال، قادر على الانتصار في نهاية المطاف على كل مظاهر القهر والطغيان. ﴿كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز﴾ [المجادلة: 21].

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

 ياسر العطا و حديث سجم الرماد

 

 ياسر العطا و حديث سجم الرماد

بابكر فيصل

– خطورة الحديث الذي أدلى به ياسر العطا في الأبيض لا تتمثل في هجومه الساذج على تحالف “صمود” فقد خبرت القوى المدنية مجالدة العسكر ومقاومتهم لأكثر من خمسين عاماً ولن يُضيرها كلام أو تهديد صادر من جنرال مضطرب فقد سبقه آخر مخلوع أقسم قسماً غليظاً بأن المعارضة لن تدخل البلد إلا بعد أن تغتسل في ماء البحر الأحمر فأين هو الآن ؟

– الخطورة الكُبرى هى أن الحديث يكشف النوايا الحقيقية للعسكر تجاه السلطة والحكم في البلد ويفضح إدعاءاتهم حول “السيادة” و”الدولة”, فهو إذ يعلن صراحة أنه سيقوم بالإنقلاب على “حكومة منتخبة” بطريقة ديمقراطية فإنما يعكس العقلية التي يُفكر بها العسكر نحو إرادة الشعب صاحب السيادة ومصدرها الأول.

– ليس المستهدف من كلماته هو تحالف “صمود” بل هى المدنية والديمقراطية وخيارات الشعب, وهو إذ يتكلم بهذه الصراحة والجرأة والوضوح إنما يُعبِّر عن التفكير الغالب لدى العسكريين الذين يتم تدريبهم على أنهم الأقدر والأجدر بالحكم حتى إذا كان ذلك ضد رغبة الغالبية الشعبية.

– حديث العطا يُدخل السرور في قلوب أتباع المؤتمر الوطني المحلول لأنه يعكس ذات العقلية الشمولية التي يتربون عليها, حيث لا تعني لهم مصادرة خيار الشعب أي شيء لأنهم أدرى منه بمصلحته ولأن هناك جهة متعالية أعطتهم تفويضاً للحكم بإسمها وبالتالي فإن تفويض الجماهير لا قيمة له.

– هذا الحديث يجب أن يمثل جرس إنذار لكافة القوى المدنية, خصوصاً المثقفين الذين تماهوا مع أطروحة “السيادة” كما يفهمها العسكر والشموليين وآثروا توجيه سهامهم لقتل الطرح المدني : إنَّ هذه الحرب في مبتدأها وخبرها هى حربٌ ضد الثورة وضد التحول المدني الديمقراطي.

الوسوماتباع المؤتمر الوطني المحلول بابكر فيصل تحالف صمود جرس إنذار حديث سجم الرماد كافة القوى المدنية ياسر العطا

مقالات مشابهة

  • قداسة البابا لاون من بعبدا: صمود اللبنانيين شهادة حيّة لصنّاع السلام
  • جيل زد وميثاق الأمل: شباب يهزون عرش السيسي ويعيدون الأمل للمشهد المصري
  • بابا الفاتيكان: صمود لبنان مهم ومحوري لصنع السلام العالمي
  • الأحساء تنتصر على «السكري» بالذكاء الاصطناعي وقصص الإلهام
  • بعد حريق لوكيشن مسلسل نجل الزعيم.. تعرف على حكاية 90 عامًا من الفن في «ستوديو مصر»
  • هذا ما سيكتشفه بابا الأمل في لبنان
  • بيوم التضامن العالمي.. مغاربة يحيّون صمود الشعب الفلسطيني
  • حكاية عمرها 400 ألف عام.. خاتم ماسي يحير علماء الفضاء| إيه القصة ؟
  • حكاية كوكب الشرق تعود للسينما.. مفاجآت في شخصيات فيلم "الست"
  •  ياسر العطا و حديث سجم الرماد