تحالف الظلام بين بارونات المخدرات وأمراء التنظيمات الإرهابية
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
حينما يجتمع دعاة الإصلاح مع أباطرة الجريمة في بوتقة واحدة، تبدو الحقائق أغرب من الخيال. الصورة الذهنية الشائعة عن أعضاء التنظيمات الدينية "الذين يحاربون التدخين ويُحرّمون مصافحة الرجال، ويحاربون الرذائل، ويلزمون أتباعهم بالالتزام الصارم بالمظاهر الإسلامية"، تنهار أمام حقائق صادمة تكشف عن لقاءات غامضة بين "الشيوخ" وزعماء المافيا، وعلى رأسهم بارونات المخدرات.
عندما أعد فريق العمل المعنيّ بمكافحة الإرهاب في "تجمُّع الشراكة من أجل السلام" وثيقة "المنهج المرجعي لمكافحة الإرهاب"، اعتمد الفريق، المكون من خبراء متعددي الجنسيات من أوروبا وأمريكا الشمالية وإفريقيا وآسيا، على وثائق واعترافات مُسجلة في تحقيقات قضائية تدق ناقوس الخطر وتضع المزيد من المعلومات والحقائق المهمة أمام الخبراء المشاركين في إعداد التقرير الذي أصدره حلف شمال الأطلسي (الناتو) في شهر مايو 2020 وأرسله إلى الدول الأعضاء والمنظمات المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب.
قدم التقرير لمحة عامة عن الروابط القائمة بين التنظيمات الإرهابية ومنظمات الجريمة الجنائية، مشيرًا إلى أن "معظم التنظيمات الإرهابية، بشكل مباشر أو غير مباشر، ترتبط بمنظمات إجرامية، ويشارك بعضها في جرائم منظمة مثل الاتجار بالمخدرات والأسلحة، وعمليات الابتزاز والاحتيال، وتهريب الموارد، والقرصنة، والخطف طلبًا للفدية، بالإضافة إلى الاتجار المشروع وغير المشروع بالسلع مثل النفط والماس والذهب والفحم، وكانت عائدات تلك الجرائم مصدرًا لتمويل "التكاليف التشغيلية الإجمالية للتنظيمات الإرهابية".
أكد التقرير أن رجل العصابات الهندي وتاجر المخدرات والإرهابي (د.إ) أسس في السبعينيات شركة كبرى معروفة أصبحت واجهة لأعماله الإجرامية. كانت هذه الشركة "تنظيمًا إجراميًا وهمزة وصل مع الإرهاب عبر آسيا، حيث تسرب إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا". وقد وضع نشاط الشركة المتصاعد اسم هذا الرجل في صدارة قوائم المطلوبين دوليًا بتهم القتل والاتجار بالمخدرات والابتزاز والإرهاب. وأصبح "ثاني أغنى مجرم" بعد زميله في الاتجار بالمخدرات باولو إسكوبار"، وصنفته وزارة الخزانة الأمريكية كإرهابي لتورطه في تمويل تنظيمات إرهابية.
كانت شركة بارون المخدرات مسؤولة عن "جزء مهم من الاتجار بالمخدرات والبشر والأسلحة، وأيضًا تزييف بطاقات الهوية والرشوة". وقد أسهمت هذه الأنشطة في تغذية الإرهاب وزعزعة الأمن في أربع قارات. وشملت علاقاته بالجماعات الإرهابية تنظيمات القاعدة بأفرعها في عدة دول، وشبكة حقاني التي أصبحت مكونًا أساسيًا في حركة طالبان.
اعتمدت وزارة الخزانة الأمريكية في تصنيفها لرجل العصابات الهندي على تقارير تكشف طرق التهريب التي تستخدمها شركاته في جنوب آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا. وذكرت التقارير أن شركاته متورطة في شحن مخدرات على نطاق واسع إلى المملكة المتحدة وأوروبا الغربية. وأشارت إلى أنه "كان يجري اتصالات مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وسافر إلى أفغانستان تحت حماية حركة طالبان"، ولاحقته اتهامات بتقديم الدعم اللوجستي لهجمات مومباي عام 2008 وجرائم أخرى.
أكد التقرير أن حوادث الاغتيالات وخطف الرهائن والهجمات ضد المدنيين في شمال القوقاز كانت حصادًا داميًا للمصالح المشتركة والشراكة القوية بين عصابات الجريمة المنظمة والتنظيمات الإرهابية في الشيشان. كما أفاد التقرير بأن إحدى الجماعات اللبنانية استخدمت شبكة من الشركاء والوسطاء للتزود بالأسلحة والمعدات، ونقل الأموال سرًا نيابة عن عملاء. واستفادت الجماعة من شركات واجهة تعمل في الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال وإعادة الشحن والتهريب، وتكررت الجرائم في مناطق أخرى مثل أمريكا اللاتينية أو إفريقيا حيث يوجد تقاطع كبير بين المخدرات والإرهاب، وتشير التقارير إلى أن بعض الشبكات الإجرامية تلجأ إلى غسل الأموال عبر تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي لتحويل عوائد تجارة المخدرات إلى مصادر تمويل للإرهاب."
تعتمد الجماعات الإرهابية على خدمات مجرمين جنائيين من خارج هياكلها الخاصة لتوليد الدخل، وتوفير الخدمات الوسيطة، والحصول على الوثائق، والإمداد بالأسلحة، وجمع المعلومات الاستخبارية. لكن العكس ليس بالضرورة صحيحًا، فالمجرمون، حتى وإن عملوا في نفس البيئة التي تعمل فيها كيانات إرهابية، لا يحتاجون إلى ذلك.
وحذر التقرير من استغلال السجون كنقاط ساخنة للتجنيد وحاضنات للتطرف، مشيرًا إلى أن للعديد من الإرهابيين تاريخًا إجراميًا. لكنه أشار أيضًا إلى أن السجون يمكن أن تكون حاضنات للتغيير الإيجابي لدى الأفراد المتطرفين.
ويستعرض تقرير "المنهج المرجعيُّ لمكافحة الإرهاب" موضوع الإرهاب ومكافحته، ويهدف إلى وضع نهج واضح وجامع ودقيق لفهم مختلف القضايا المتعلقة بالإرهاب ويقدم نظرة شاملة على استراتيجيات مكافحة الإرهاب، وتوقع التهديدات المحتملة والحد منها. ويسعى التقرير إلى تمكين المتدربين في الدول الأعضاء بمنظمة حلف شمال الأطلسي، والدول والمنظمات المشاركة، من تكوين صورة متكاملة عن القضايا والتحديات ذات الصلة بسياسات الأمن والدفاع.
وهكذا، تبقى تجارة المخدرات شريانًا حيويًا يغذي التنظيمات الإرهابية، مما يوسع نفوذها ويهدد استقرار المجتمعات ويضاعف من معاناة الشعوب في مناطق النزاعات. وبينما تتحول بعض الدول إلى نقاط محورية لهذه التجارة غير القانونية، تبقى المجتمعات الدولية أمام تحدٍ خطير: كيف يمكن وقف هذا التحالف القاتل بين أباطرة الجريمة وأمراء الإرهاب؟ الإجابة عن هذا السؤال قد تكون مفتاحًا لضمان أمن واستقرار المستقبل.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التنظیمات الإرهابیة الاتجار بالمخدرات إلى أن
إقرأ أيضاً:
مجمع الاستخبارات الأمريكي: ترامب لا يقرأ.. فليكن التقرير بطريقة فوكس نيوز
تحاول مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد إيجاد طرق مبتكرة لتغيير طبيعة الإحاطة الاستخباراتية المنتظمة التي يتلقاها الرئيس دونالد ترامب لتناسب الطريقة التي يفضل بها استهلاك المعلومات، وفق قناة "إن بي سي نيوز" نقلاً عن خمسة أشخاص مطلعين على الأمر.
وكجزء من هذه الخطوة، تستكشف غابارد أيضًا إمكانية إنشاء نسخة فيديو من الإحاطة الرئاسية اليومية، بحيث تبدو وكأنها بث لقناة فوكس نيوز.
وذكرت صحيفة "هآرتس"، أن الإحاطة الرئاسية اليومية تعد وثيقة رقمية تعمل عليها مجتمعات الاستخبارات يوميا لصالح الرئيس ووزرائه ومستشاريه الكبار، ويحتوي على نص مكتوب إلى جانب الرسومات والصور.
وتم تعديل طريقة تقديم الإحاطة لتتناسب مع فترة رئاسة ترامب الأولى، لتشمل نصا أقل وصورا ورسومًا بيانية أكثر، وكانت تقارير سابقة أشارت إلى أن الإحاطة اليومية تم اختصارها إلى صفحة واحدة، ويقرأها ضابط استخبارات لترامب مرتين في الأسبوع.
وناقشت غابارد تغييرات أوسع نطاقا، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيتم تنفيذها في نهاية المطاف، وفق تقرير "هآرتس".
وأضافت الصحيفة، أنه بموجب إحدى الأفكار، يمكن لمكتب الاستخبارات الوطنية أن يستعين بمنتج من شبكة فوكس نيوز لبناء الإحاطة الإعلامية الجديدة، وأن يقدمها أحد نجوم الشبكة؛ وبذلك، سيكون ترامب، الذي يعد من المشاهدين المتحمسين لقناة فوكس نيوز، قادرا على مشاهدة البث اليومي للمؤتمر الصحفي في أي وقت يريد.
وقال مصدر آخر مطلع على التفاصيل إن الإيجاز الجديد قد يتضمن أيضًا خرائط بها تمثيلات متحركة للقنابل المتفجرة، كما هو الحال في ألعاب الفيديو. "مشكلة ترامب أنه لا يقرأ. إنه يظهر على الهواء طوال الوقت"، كما أوضح أحد المصادر.
وبحسب ما ذكرته شبكة إن بي سي نيوز، فإن مجتمع الاستخبارات قام في السابق بإنشاء مقاطع فيديو لتقديم معلومات إلى الرؤساء، مثل ملفات تعريف زعماء العالم.
اظهار ألبوم ليست
وسبق للممثل السينمائي تشارلتون هيستون أن روى مقاطع فيديو تدريبية حول موضوعات سرية للغاية لوزارة الطاقة ومجتمع الاستخبارات، وتضمنت هذه الأفلام معلومات عن الأسلحة النووية، الأمر الذي تطلب من هيستون الحصول على تصريح أمني رفيع المستوى لمدة ست سنوات على الأقل.
كما صرحت أوليفيا كولمان، المتحدثة باسم الاستخبارات الوطنية، لشبكة إن بي سي نيوز بأن التقرير "سخيف وعبثي وكاذب بكل بساطة. إنها أخبار كاذبة حقًا، وها هي إن بي سي تنشر مرة أخرى قصة كاذبة تستند إلى مصادر مجهولة".
ووصف متحدث باسم البيت الأبيض التقرير بأنه "قمامة تشهيرية من مصادر غير معروفة"، مضيفا أن "الرئيس ترامب بنى فريق استخبارات من الطراز العالمي وهو على اتصال دائم معه، ويتلقى تحديثات في الوقت الحقيقي منه بشأن جميع قضايا الأمن القومي الملحة".