سودانايل:
2025-08-14@11:48:00 GMT

انتصار الكيزان الساحق

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

مأمون التلب

٢٥ يناير ٢٠٢٥
-----
سيّداتي سادتي
الأعزاء داخل حدود ما كنَّا نسميه وطن، ومن هُم خارجه، ومن لفَّ لفهم من المشردين أمثالي في بقاع الأرض.
تحيّة طيّبة وبعد؛
لقد شاهدنا الحرب بدايةً عندما كنّا نراقب، بغباءٍ لا يُمكن أن يُصدَّق، التشييد المَصبوب صبَّاً لاهثاً لما درجنا على تسميته بـ"سور الجيش العظيم"، ربّما نكايةً في الصين، وفي أنفسنا من بعدها، إذ حتّى التسمية كانت تُشير إلى الحرب.

نمرّ كلّ يومٍ بشارع القيادة العامة، نراقب وننتظر، كالخرفان تماماً وهي تسعى سعياً نحوَ عيد ضحيّتها، تأكل برسيم القَتَلة بشراهةٍ لتَسمنَ في انتظار المسالخ على أبواب البيوت. نمرّ بشارع القيادة ونلاحظ أن القيادة ذاتها بدأت تختفي عن الأنظار، إضافةً للبشاعة والقبح الذي غمر ذلك السور الأسمنتي المُفبرَك، وقد كان هو نفسه الخندق الأخير الذي بدأوا في حفره، وفي اللحظة التي اكتملَ فيها البناء بدأت مواجهتهم الحقيقيّة مع عدوّهم غير المُتوقَّع، ابنهم العاق، دعمهم السريع، وأسرة "حمايتهم"، الذي أدهشوه بكذبهم المستمرّ، وتدليله الذي لم يشك لحظةً في صِدقه، إلى أن انقلبوا في أكتوبر ضدّ الحكومة الانتقالية، ووجدوا أن ابنهم العاق قد ابتلَعَ الطُعم، ها هي الهمسات التي انطلقت من فم البرهان إلى أذن البشير وهو في طريقه من بيته بالقيادة العامة إلى الجامع لتأدية صلاة الفجر؛ ها هي الهمسات تتحوَّل إلى واقع: استحمل الذل القادم ولا تنشغل بالمستقبل، سنعود بالقوّة.
وفعلاً بدأت القوّة بفضّ اعتصام القيادة العامّة، وبدأت الحرب الأخلاقيَّة المُهيِّجة لمشاعر المُسلمين تُدار بوجوه جديدة وأسماء برّاقة بل وثوَّار حقيقةً، استنكروا على النساء مساهمتهم الأبرز في الثورة وأخرجوا حرابهم الأخلاقيّة ركّبوا القرآن على أسنّتها، وتقدّموا الصفوف وقادوا ثورتهم المضادّة بكلّ حنكتهم القديمة الرَّاسخة في دحر النساء وتدمير أرواح الشباب بقتل أصدقائهم وصديقاتهم أمام أعينهم، إن كان اغتيالاً برصاصةٍ أم كان باغتصاب، أم كان بدهس الرؤوس بالبوت.
كانوا فعلاً قد سوّروا أنفسهم ليؤمنوها من دعمهم السريع، لم يكن سور الجيش ضدَّ الثوار، كان ضدّ حلفائهم، وكان البناء قد بدأ منذ أن انتحرت خطتهم لدحر الثورة على حدود الثلاثين من يونيو. إعداد الجيش للحرب كان قديماً، الجديد أننا كنّا خارج كلّ معادلة، لقد تُركنا لوحدناً، مجرّدين من الأسلحة، في مواجهة دعهمهم السريع الذي شيدوا الخندق خوفاً منه.
رأينا جميعنا الحرب حيّة تسيرُ بين الناس، تأكل الطعام وتلبس ملابسنا وتجاورنا عند ستَّ الشاي حتَّى، انتظرنا حتَّى رأينا المجنزرات ذاتها تدخل العاصمة وكأنها نسمةُ حرٍّ أو سحابة صيف عابرة، كنّا ننظر من نوافذ المواصلات -نحن الخرفان المهيّئة للذبح- ونقول في سرّنا: لن يتهوّر طرفٌ ويُغير على الآخر، لا، لن تحدث الحرب في الخرطوم أبداً. نقول ذلك وهي كانت تحدث منذ أمدٍ بعيد، حتَّى أن لمسها كان مُمكناً جدّاً.
لم نصدّق لأننا بلهاء، لأننا بكينا عندما تسلَّم المدنيّون الحُكم، وقلنا ربّما ما ينطق به جميع هؤلاء العساكر، ربّما كان لديهم ضميرٌ سريٌّ في مكانٍ ما، ومن المُحتمل أن يستطيع كلّ الجمال الهائل في اعتصامات المُدن والقيادة، كل جمال الشباب أن يُنبت في ظلاماتهم السحيقة زهرة. بل صدّقنا -حتَّى بعد أن ذبحونا أمام بوّاباتهم- أن هزيمتهم ممكنة لأننا رأينا كلّ السودان يتدفق في الشوارع يوم الثلاثين من يونيو: عندما برزت قوّة شعوب السودان في بحيرة القرن الواحد وعشرين الدمويّة، خرجت أيادي شعوب السودان لمرةٍ أخيرة، تحاول أن تُذكّر الإنسانيَّة بإنسانيّتها، لكنّ قادة الأمم المُتّحدة لا يُبصرون، أمامهم خرائط مُختلفة عن تلك التي نعرفها، لديهم خريطة عالم غامضة، مُقسَّمة حسب جبال الذهب، وحُفر النفط الثاقبة لقلب الأرض، ومعادن نفيسة هنا وهناك في الأرض الإفريقيّة الحزينة، تمتدّ حدَّ تُلصق معها قارَّة كاملة كأمريكا الجنوبيَّة مثلاً؟ خريطتهم لا تعرف الحدود، ولا تغشاها حتّى الطيور المهاجرة، ولا كان تِعب منك جَنَاح، ولا يحزنون.
كان علي عثمان -الشيطان مُجسّداً في اللحم والدم- على حقّ؛ عندما هدَّد كل شعوب السودان بكتائب الظل كان رحيماً بهم، كان -والحق يقال- يعطف علينا، يُخبرنا بأنهم سيدّمرون السودان إن ثُرنا ضدّهم، ويُمكنهم أن ينطقوا -بكل سهولة- بردٍّ كهذا:
- يا سعادتك، البلد دي بالطريقة دي حتتفرتق.
- خلّيها تتفرتق، بتمشي وتجينا راجعة.
لقد نجحت الخطَّة، ولا بأس بأن نذكر هنا شهداء الحركة الإسلاميّة، الشباب الغض الذي قدَّم روحه فداءً لهكذا خطّة شيطانيّة، لأنهم شهداؤنا أيضاً، وشبابنا الحبيب الذي ضاع لأجل إثراء الكيزان بالسلطة والمال، كما هي العادة دائماً، ومثلما كانت ولم تتوقَّف.
أرجو أن نتوقّف عن التعالي الساذج على وعي الشعب: لماذا نظنّ أن انتصار الكيزان على الدعم السريع لن يُفرِح الشعب فرحاً حدّ يقفز الأطفال من شدّته حول الجثث المقتولة أو المذبوحة حديثاً على قارعة الطريق، مباشرةً تحت السماء التي يكبّرون لها؟.
لم تذق شعوب السودان -في الوسط والشمال النيلي وشرقه، وعاصمتهم الخرطوم- ما ظلّ يحدث باستمرار في أطرافه الأخرى، وربّما أكون قاسياً عندما أُشيرُ إلى أن صمتهم الممتد، منذ حروب جنوبهم المُستقل، مروراً بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؛ كان هو الطريق الذي مهَّد لاختراع الدعم السريع وتمدّده وتكوّنه: يجب أن ننظر إلى تكوين هذا الدعم السريع مراراً وتكراراً: "قال أحدهم بعد فض الاعتصام: والله ما كنّا عارفين الكَتِل حرام إلا لمن جينا الخرطوم دي”! كذلك لم يعرفوا شيئاً عن مشاعر المُغتَصبة ولا عن ربّها الذي يكبّرون له وهم يهمّون بهذه الأفعال الوالغة في بحيرة الجنون الدمويّة المُخزّنة في أذهانهم، هذه الطريقة الجبانة في الحرب، عندما تقتل ابن الأم أمامها وهي عارية اليدين والفؤاد، ذلك لأنه ذكرٌ "وَد عَبيد".
والآن، علينا أن نعترف. أن الحركة الإسلاميّة، بكلّ أذرعها الأخطبوطيّة الراسخة، قد انتصرت انتصاراً ساحقاً في هذه الحرب، وأقول ساحقاً ليس مُجارةً للجملة المكررة، بل إنني أعني "السَحق" بكلّ ما تعنيه الكلمة، إذ طال البلاد بطولها وعرضها، وعرَّض إنسانها لأبشع كابوسٍ يُمكن أن يُواجهه إنسان: الدعم السريع، الجنجويد، حرس الحدود، الدفاع الشعبي، الأمن الشعبي، جهاز الأمن و"المقابرات"، هيئة العمليّات النازعة لأعضاء البنات والأبناء الصغار.
ونتذكّر، أن الآلهة، بكلّ أشكالها وأنواعها في هذا العالم، لم تكن يوماً مع الحق والعدالة، ولن يُجدي انتظارها، إذ أن مهمّة الإنسان -كما يُعبّر عنها هنري ميللر بقوّة أحسدها عليه- هي أن "يستأصل الغريزة المُميتة، اللامحدودة في تشعّبها ومظاهرها. لا فائدة من مناشدة الله، كما أنه من العقم مقابلة قوّة بقوّة. كل معركةٍ هي زواج مُسربل بالدم والألم، كل حربٍ هي هزيمة لروح الإنسانيّة. ما الحرب إلا استعراض هائل على النمط الدرامي للصراعات الصوريّة، الجوفاء، المثيرة للسخريّة التي تحدث يوميّاً في كل مكانٍ وحتى أثناء ما يُسمَّى بأوقات السلم. كل إنسانٍ يُساهم في استمرارٍ في هذه المجزرة، حتى أولئك الذين يبدون منعزلين. كلنا متورّطون، كلنا مشاركون طوعاً أو كرهاً. الأرض هي خَلقنا ويجب أن نقبل بثمار خلقِنَا. وما دمنا نرفض التفكير بلغة خير العالم وخيرات العالم، بنظام العالم، بسلام العالم، فسنظلّ نُخدع ونقتل بعضنا بعضاً. ويمكن أن يستمرّ هذا حتى يوم القيامة، إذا أردنا له. لا شيء يمكن أن يُوجِدَ عالماً جديداً وأفضل إلا رغبتنا فيه. الإنسان يقتل خوفاً – الخوف أفعوان متعدد الرؤوس. وما إن نبدأ بالذبح فلن نكفّ عنه. ولن تكفي الأبديّة لإبادة الشياطين الذين يعذبوننا. مَنْ وَضَع الشياطين هناك؟ هذا سؤال على كلٍّ منا أن يطرحه على نفسه. ليفتّش كل إنسانٍ في قلبه. لا الله ولا الشيطان هو المسؤول، وطبعاً ليس أيّاً من الوحوش السقيمة كهتلر، وموسليني، وستالين، ولا بعابع مثل الكاثوليكيّة، والرأسمالية، والشيوعيّة؛ منْ وَضَع الشياطين في قلوبنا لتعذّبنا؟ سؤال جيّد".
انتصر الكيزان، انتصاراً ساحقاً، وعادوا بنا، بما رأيناه في سفارتنا في بريطانيا، بتتفيه العالم أجمع واحتقارهم للإنسان على لسان ولد أحمق، ربما كانت نظاراته أعقل منه، عندما صرخ، ذات الصرخة العقيمة بأن: افصلوا السودان عن العالم لأن لا معنى للعالم من دون وجودنا، نحن الشياطين العقيمة، التي لا تملك شيئاً سوى مجرّد لسان صارخ لا يدري كيف ينطق اللغة.
برغم كلّ هذا العته اللا معقول، أريد أن أقول، أن عودتنا للإنسانيّة وإسهامنا في منع القتل، وقتل الأطفال بالتحديد، لن يحدث إن لم ندرك حقيقة مركزيّة الثورة السودانية في تذكيرها للعالم بإنسانيّته، هذه التي يبرع في تسميتها أهل الإنقاذ بالتالي:
"ثورة الإنقاذ" هذه كانت إنقاذاً من الحياة نفسها، بكل ما فيها من عنفوان وصلابة ومحبّة للكائنات بكلّ أنواعها: النبات، والجماد، والحيوان، ثمّ الإنسان. يعتقد معظم المُتَدَّيِّنين أن الأرض مجرّد محطة، مُجرَّد دنيا منحطّة، وبذلك يحق للإنسان بأن يحطّم هذه الدنيا، أن يقتل أمّه الأرض: أن يبقر بطون الحوامل، وأن يجتزَّ الأشجار من جذورها، والأزهار من عطورها، وكل ما ينتمي للأرض هو في الحقيقة من عمل الشيطان، وأن الإنقاذ يجب أن يكون من الحياة، وضدَّها، ضدَّ الإنسان، لأجل أمور تافهة كما سُميت بـ"السيادة".
إن لم يتنازل البشر عن ما أسموه بالسيادة الوطنيّة، وكلّ الخبل المرتبط بأعلام الدول، وبالوطنية، وبالحدود السياسية التي رُسمت في أوربا إبان تقسيم العالم؛ إن لم يُدرك البشر الهزيمة الأوليَّة التي هزمتهم بأن سمتهم دولاً وأمم؟. إن لم يُدركوا الحماقة الهائلة المُسمّاة "وطنية"؟ لن نُدرك الشيطان الأساسي الساكن داخل كلّ حركةِ نُقدِمُ عليها أو حرفاً أحببناه.
إن لم نعترف بانتصار الكيزان؟ لن نستطيع مقاومة ما هو أصعب وأصعب من ما عشناه من حياتنا في مقاومة الموت.
لقد انتصر الكيزان، علينا مواجهة المستقبل بقلبٍ مفتوح، وبمحبّة خالصة لشهداء حركتهم الإسلاميّة من أحبابنا الشباب. أما من تبقَّى منهم، من المجرمين المُستغرقين في جنونهم اللحظي، فلست أدري ما الذي يُمكن أن نَغفر لهم به.
نحن لسنا آلهة، ولكننا نعرفُ كيف تنفصل الآلهة عن آلام البشر، وتُراقبُ، رغم ذلك، كيفيّة استغراقهم في الحبّ إن مرَّ نسيمٌ، إن هطلت أمطار، أو نبتت نباتات، أو صرخ حيوان، أو أشرقت الشمس، أو انخسفت الأرض وتحوَّلت، بقدرة قادر، إلى نجمة ميّتة لن يذكرها الكون أبداً.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: شعوب السودان الدعم السریع ة التی

إقرأ أيضاً:

عاصف حميدي: استهداف صحفيي غزة اعتداء على حق العالم بالمعرفة

أكد عاصف حميدي مدير الأخبار في قناة الجزيرة أن ما تقوم به إسرائيل من استهداف ممنهج للصحفيين في قطاع غزة ليس اعتداء على صحفيين فلسطينيين أفراد فحسب، بل هو "هجوم مباشر على حق الجمهور العالمي بأسره في معرفة الحقيقة".

لافتا إلى أن العالم شهد -قبل أيام- استشهاد الزملاء أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومحمد نوفل، الذين استهدفتهم غارة إسرائيلية مباشرة بينما كانوا داخل خيمة إعلامية قرب مستشفى الشفاء، رغم وضوح هويتهم الصحفية.

فريق الجزيرة الشهداء في غزة من اليمين إبراهيم ظاهر محمد نوفل محمد قريقع أنس الشريف (الجزيرة)جرائم قتل

وأضاف في مقال له، "في الوقت الذي اعتقدت فيه الأوساط الصحفية في غزة أن الأمور لا يمكن أن تسوء أكثر من ذلك، قامت قوات الاحتلال الوحشية بقيادة بنيامين نتنياهو بارتكاب جريمة قتل أخرى بدم بارد، وهذه المرة ضد الصحفيين في قناة الجزيرة".

وقال: "لم تظهر آلة الحرب الإسرائيلية -التي تسارع في تحقيق هدفها المعلن المتمثل في احتلال غزة- أي ضبط للنفس في استهداف الصحفيين، في انتهاك للاتفاقيات الدولية، ليرتقي -حتى الآن- 238 صحفيا في هذه الحرب، لتصبح أكثر الصراعات دموية للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في الذاكرة الحية".

وبيّن حميدي أن الحرب في غزة سجلت عام 2024 أعلى عدد من الصحفيين الشهداء على يد القوات الإسرائيلية، مشددا على أن الاستهداف المنهجي للقضاء على الصحفيين ليس مجرد مأساة محلية أو إقليمية، بل هو انتهاك كارثي للمعايير الدولية المتعلقة بحماية الصحفيين في مناطق النزاع.

وأرجع ذلك إلى الانهيار العالمي للمسؤولية الأخلاقية في حماية أولئك الذين يخاطرون بكل شيء من أجل تسليط الضوء على حقائق الحرب.

ويرى مدير الأخبار في قناة الجزيرة أن غزة ليست المكان الوحيد الذي يتعرض فيه الصحفيون للحصار، فالتهديدات والترهيب والعنف القاتل ضد الصحفيين آخذة في الازدياد، مضيفا أن ما يميز الجرائم الإسرائيلية هو الإفلات من العقاب الذي تتمتع به قوات الاحتلال في قتل الصحفيين واللامبالاة التي يبديها قادة ما يسمى بالعالم الحر.

إعلان

وأعرب عن استغرابه من تكرار بعض المؤسسات الإعلامية لادعاءات النظام الإسرائيلي الكاذبة ضد الصحفيين المستهدفين "دون التحقق منها".

استهداف ممنهج

ولفت حميدي إلى أننا "نعيش أخطر فترة في التاريخ الحديث بالنسبة للصحفيين، الذين يتعرضون للتهديد والمضايقة والقتل لمجرد أداء واجبهم في نقل الحقيقة في جميع أنحاء العالم"، وأشار إلى أن المخاطر التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع قد اشتدت عليهم.

وأضاف أن عام 2023، شهد مقتل صحفي أو عامل إعلامي كل 4 أيام في المتوسط، بينما ساءت هذه الإحصائية في العام 2024، لتصل إلى مرة كل 3 أيام، معظمها على يد القوات الإسرائيلية.

وشدد حميدي على أن الصحفيين في غزة ليسوا مراسلين دوليين تم إنزالهم بالمظلات، بل هم صحفيون محليون يعرفون الأرض والشعب أفضل من غيرهم، وقال: "هؤلاء الصحفيون لا يكتفون بتغطية مأساة غزة، بل يعيشونها بأنفسهم".

واعتبر أن تصاعد العنف ضد الصحفيين في قطاع غزة "ليس عرضيا ولا معزولا"، بل هو جزء من اتجاه أوسع نطاقا، وأكثر إثارة للقلق، لافتا إلى أن إسكات وسائل الإعلام بشكل منهجي غالبا ما يتم تنسيقه من قبل المستبدين والأنظمة التي تسعى إلى إخفاء جرائمها في الظلام.

سلاح التجويع

وأكد حميدي على أن إسرائيل تستخدم سلاح التجويع كأداة، حيث يتم دفع الصحفيين إلى حافة الهاوية، بحيث ينهارون من الجوع أثناء عملهم، متحدثا عن صحفيي الجزيرة بالقول إن "الجزيرة فقدت العديد من الزملاء في قطاع غزة، حيث رفع استشهاد أنس الشريف وزملائه عدد الصحفيين الشهداء من شبكة الجزيرة إلى تسعة"، وأضاف "لقد عمل زملاؤنا على تغطية الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين".

ليضيف حميدي مستدركا على الرغم من ذلك، نصرّ في شبكة الجزيرة على "مواصلة واجبنا المهني"، وسنبقى ملتزمين بتغطية الإبادة الجماعية الجارية، على الرغم من جهود إسرائيل لتعمية أعيننا وأعين العالم، وسنعمل بلا كلل لتعزيز فرقنا الصحفية والبقاء أوفياء لجمهورنا العالمي، الذي له الحق في الحصول على المعلومات.

في المقابل، دعا حميدي دول العالم للتضامن مع الصحفيين في قطاع غزة، وممارسة الضغوط الكاملة على إسرائيل لوقف استهداف الصحفيين وقتلهم والسماح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول إلى قطاع غزة وحرية العمل فيه.

وطالب المجتمع الدولي بالتحرك بسرعة وحزم لحماية الصحفيين وحماية أولئك الذين يخاطرون بكل شيء لاطلاع العالم على الكارثة الإنسانية المستمرة والإبادة الجماعية في غزة، مطالبا بضرورة السماح للصحفيين بأداء واجباتهم دون خوف من العنف، وأي شيء أقل من ذلك هو "خيانة لأبسط مبادئ حرية التعبير".

وأشار إلى أننا "مدينون للصحفيين الشجعان في غزة على ما بذلوه من جهود، فعملهم ليس مجرد توثيق، بل هو المسودة الأولى للتاريخ، التي سيقوم من خلالها مؤرخو المستقبل بدراسة فظائع الإبادة الجماعية الأكثر تغطية تلفزيونية في القرن الـ21".

شبكة الجزيرة:

???? الهجوم على صحفيي #الجزيرة جاء وسط كارثة إنسانية مروعة خلفها العدوان الإسرائيلي والذي يشهد مـجـ ـازر

????قـتـ ـلة الصحفيين استهدفوا بإقرار منهم عبر بيان الجيش الإسرائيلي خيمة صحفيي الجزيرة عند مجمع الشفاء

????اغتيال مراسلينا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوم… pic.twitter.com/XUAMlmCB4l

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) August 11, 2025

حماية الصحفيين

وبيّن أن الوصول إلى معلومات موثوقة عن الحروب والصراعات ليس ترفا، بل هو ضروري لرفاهية سكان العالم، وحماية حقوق الإنسان، والجهود العالمية لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، وقال "عندما يتم إسكات الصحفيين، نصبح جميعا أكثر عرضة للتضليل والدعاية وإساءة استخدام السلطة دون رادع".

إعلان

وأضاف حميدي أن العالم إذا ما استمر في التسامح مع قتل الصحفيين وتجويعهم واضطهادهم، فلن تكون الصحافة وحدها التي تعاني، بل ستعاني أيضا المساءلة والديمقراطية، داعيا لتعزيز الإطار القانوني الدولي لحماية الصحفيين في حالات الحرب وإنفاذه على وجه السرعة.

وطالب مدير الأخبار في قناة الجزيرة الأوساط الصحفية الدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء ما يجري بحق الصحفيين في قطاع غزة، وقال إن "شجاعة الصحفيين في غزة والتزامهم وتضحياتهم لا تقل عن دعمنا الكامل ودفاعنا المستميت عنهم، كما أن تقاعسنا سيُذكر في التاريخ باعتباره فشلا ذريعا في حماية أولئك الذين وقفوا في طليعة الدفاع عن الحقيقة".

مقالات مشابهة

  • تعرف على الدولة الخليجية التي تصدرت دول العالم في جذب الاستثمار الأجنبي
  • عاصف حميدي: استهداف صحفيي غزة اعتداء على حق العالم بالمعرفة
  • الشيباني: سوريا تمر بوقت دقيق بعد سنوات الحرب التي أثرت على كل بيت في البلاد ولا يمكننا الحديث عن المستقبل دون الحديث عما جرى في عهد النظام البائد والدمار والمعاناة التي لحقت بملايين السوريين
  • السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
  • ما هى قُدرة مليشيا الدعم السريع على إستمرارية القتال في حرب الصحراء ؟
  • قتل الشاهد.. الجريمة التي تُضاعف جريمة الحرب
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم “حماس” بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • الحاج أبو محمد… بائع الأمل الذي تحدى الحرب بابتسامة
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • أنس الشريف ورفاقه.. حكاية طاقم الجزيرة الذي قتل أمام العالم