جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-29@08:40:27 GMT

قُل من أنت؟

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

قُل من أنت؟

 

 

د. خلود أحمد العبيدانية **

الإنسان هو نتاج مجموعة معقدة من المشاعر والأحاسيس التي تتشكل من خلال التجارب الحياتية والفطرة، وبعض المشاعر تتكون نتيجة لتجارب مُعينة، مثل الخوف الذي قد ينشأ من تجربة سلبية، بينما تكون بعض الأحاسيس فطرية، مثل الحب والرغبة في الانتماء. تعزيز هذه المشاعر والأحاسيس يمكن أن يأتي من البيئة المحيطة بنا، سواء من خلال الدعم العائلي أو الاجتماعي أو من خلال التجارب الشخصية التي نمر بها.

فهم هذه الديناميكيات يمكن أن يساعدنا في تطوير الذات وتحقيق النمو الشخصي.

تجربة الطفل ألبرت، التي أجراها جون واتسون وروزاليندا راينر في عام 1920، تهدف إلى دراسة كيفية تكوين الخوف لدى الأطفال من خلال التعلم الشرطي. في البداية، لم يكن ألبرت يخاف من الفئران البيضاء أو الأرانب أو الكلاب. ولكن بعد أن بدأ الباحثان في إحداث صوت عالٍ ومزعج كلما لمس ألبرت الفأر الأبيض، بدأ ألبرت في الربط بين الفأر والصوت المزعج. نتيجة لذلك، أصبح يخاف من الفأر الأبيض وحتى من الأشياء المُشابهة له. هذه التجربة أظهرت كيف يمكن تكوين الخوف من خلال التجارب السلبية، لكنها تعرضت لانتقادات شديدة بسبب القضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام طفل صغير في مثل هذه التجارب دون مُوافقة واضحة من والديه، وعدم محاولة إزالة الخوف الذي تم تكوينه لدى ألبرت بعد انتهاء التجربة.

توضح لنا هذه التجربة كيف يمكن تكوين الخوف من خلال التعلم الشرطي، وهو ما يمكن رؤيته في حياتنا اليومية. على سبيل المثال، قد يتطور الخوف من الامتحانات لدى الطلاب بسبب تجارب سابقة سلبية. أو الخوف من الأماكن المرتفعة بسبب تجربة سقوط سابقة، أو الخوف من الكلاب بعد التعرض لعضة. وكذلك تعريض الأطفال لمجموعة من المخاوف بقصد تأديبهم يمكن أن يكون له آثار سلبية على صحتهم النفسية والعاطفية. بدلًا من استخدام الخوف، يُفضل اتباع أساليب تربوية إيجابية تعزز الثقة بالنفس والشعور بالأمان لدى الأطفال. استخدم التعزيز الإيجابي لمكافأة السلوك الجيِّد، وتواصل بصدق وشفافية حول السلوكيات ونتائجها، قدم التوجيه والإرشاد بدلًا من العقاب، وساعدهم على فهم الخطأ وكيفية تصحيحه بطرق بناءة. تذكر أن الأطفال يحتاجون إلى الحب والدعم ليشعروا بالأمان والثقة، واستخدام الخوف كوسيلة للتأديب يمكن أن يؤدي إلى تدني احترام الذات ومشاكل في السلوك.

وللتغلب على المخاوف يمكن تطبيق أفكار التغلب على المخاوف وتطوير الذات في الحياة اليومية من خلال عدة استراتيجيات:

أولًا: يمكن استخدام التعرض التدريجي للمواقف المخيفة، مثل مواجهة الخوف من الأماكن المرتفعة عن طريق البدء بالصعود إلى أماكن منخفضة وزيادة الارتفاع تدريجيًا.

ثانيًا: يمكن التحدث مع الآخرين حول المخاوف للحصول على الدعم والنصائح، مما يُساعد في تقليل القلق.

ثالثًا: يمكن وضع خطط قابلة للتنفيذ لتحقيق الأهداف، مثل تحديد خطوات صغيرة ومحددة لتحقيق هدف كبير، مما يعزز الثقة بالنفس. وإضافة إلى ذلك، يمكن ممارسة التأمل واليقظة لتحسين التركيز وتقليل التوتر. ومن خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن للأفراد تحسين حياتهم اليومية والتغلب على المخاوف بفعالية، مما يُسهم في تطوير الذات والنمو الشخصي.

في الختام.. حياة الإنسان مليئة بالتجارب الإيجابية والسلبية التي تتراكم منذ الصغر وتستمر عبر مراحل العمر المختلفة. فهم كيفية تأثير هذه التجارب على احتياجاتنا وسلوكياتنا، يُمكن أن يساعدنا في تطوير الذات والتغلب على المخاوف بطرق بناءة. من خلال تلبية احتياجاتنا الأساسية، واستخدام استراتيجيات فعَّالة للتغلب على المخاوف، والتركيز على التعزيز الإيجابي والتوجيه البنّاء، يُمكننا بناء حياة مليئة بالثقة والأمان وتحقيق أهدافنا الشخصية والمهنية بفعالية.

** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، عضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وول ستريت تتحدى المخاوف الاقتصادية وتسجل أفضل أداء شهري

تقترب الأسواق الأميركية من إنهاء تداولات شهر يونيو/حزيران الجاري على ارتفاعات قياسية، في مشهد وصفته "بلومبيرغ" بأنه "رهان جماعي على تجاهل المتشائمين"، إذ سجل مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 وناسداك في ختام تعاملات الجمعة مستويات قياسية جديدة عند الإغلاق، وسط انتعاش واسع النطاق شمل الأسهم والسندات والعملات المشفّرة والسلع.

وبحسب البيانات أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعًا بـ31.93 نقطة، أي 0.52%، ليصل إلى 6172.95 نقطة، بينما صعد ناسداك المجمع بـ105.55 نقطة أو 0.52% إلى 20273.46 نقطة، وارتفع داو جونز الصناعي بـ430.16 نقطة أو 0.99% إلى 43817.00 نقطة، في أفضل أداء أسبوعي للمؤشرات الثلاثة منذ أكثر من 13 شهرًا.

تفاؤل مفرط رغم هشاشة المؤشرات الاقتصادية

ويشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أن هذه الارتفاعات تأتي رغم تصاعد المؤشرات السلبية من الاقتصاد الأميركي.

ففي حين أظهرت بيانات الجمعة ارتفاع ثقة المستهلكين لأعلى مستوياتها في 4 أشهر، فإن بيانات أخرى كشفت عن تراجع في مبيعات المنازل الجديدة خلال مايو/أيار بأعلى وتيرة منذ عام 2022، وارتفاع متواصل في طلبات إعانات البطالة لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2021، مع انخفاض إنفاق المستهلكين في مايو/أيار بأكبر نسبة منذ بداية العام.

ورغم هذه المؤشرات المقلقة، يتشبث المستثمرون بعلامات تباطؤ التضخم، وتزايد التوقعات بخفض قريب في أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، خصوصًا بعدما أشار رئيسه جيروم باول أمام الكونغرس هذا الأسبوع إلى أن "الأسعار كانت ستبدأ بالهبوط بالفعل لولا عدم وضوح السياسة التجارية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، في إشارة إلى استمرار الرسوم الجمركية وانعكاساتها التضخمية.

صناديق التحوط والمؤسسات الاستثمارية رفعت انكشافها على الأسهم والسلع الخطرة بشكل ملحوظ (الفرنسية) ارتفاع جماعي للأصول

وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاعًا بنسبة 3.4% هذا الأسبوع، كما ارتفعت سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بعد انخفاض عوائدها بنحو 10 نقاط أساس، فيما قفزت البيتكوين مجددًا فوق مستوى 100 ألف دولار، وسجلت شركة كوين بيس أعلى مستوى لها منذ عام 2021.

إعلان

وقالت "بلومبيرغ" إن هذه الموجة الصاعدة عبر الأصول تُعد الأكبر منذ مايو/أيار 2024، مدفوعة بتزايد الرهانات من المستثمرين النظاميين وعودة قوية للمتداولين الأفراد الذين اندفعوا من جديد نحو أسواق المخاطر.

تحذيرات من التمادي في التفاؤل

ورغم هذا الزخم، يحذر خبراء مثل رافاييل توين من "تيكهو كابيتال" من أن السوق تُظهر مؤشرات "ارتياح مبالغ فيه"، وأنها لا تسعر بشكل واقعي المخاطر المحتملة مثل اتساع التباطؤ الاقتصادي، أو فشل المفاوضات التجارية، أو تفاقم العجز المالي.

وفي السياق ذاته، قالت جولي بيل، كبيرة الاستراتيجيين في "كاين أندرسون رودنيك"، إن "شعور المستثمرين بالخوف من تفويت الفرصة ليس ناتجًا عن تفاؤل مطلق، بل عن قلق حقيقي من أن يخسروا فرصة تحقيق الأرباح، رغم هشاشة الأسس الاقتصادية."

البيتكوين تجاوزت حاجز 100 ألف دولار لأول مرة منذ بداية العام الجاري (شترستوك)

ويُظهر سوق الخيارات تحركات احترازية، إذ ازداد الإقبال على خيارات الحماية في صناديق تركز على أسهم التكنولوجيا الصغيرة والمضاربة، مثل "آرك إنوفيشن" و"آي شير راسل 2000″، وهو ما يدل على وجود توتر خفي خلف الموجة الصاعدة.

وفي هذا الإطار، يرى برنت شوت، كبير مسؤولي الاستثمار في "نورث ويسترن ميوتوال"، أن السوق مبالغ في تقدير إمكانات استمرار الصعود، مشيرًا إلى أن "كثيرين باتوا يشترون عند الانخفاض، وهي استراتيجية لن تتوقف إلا عندما تفشل فعليًا"، في إشارة إلى أن البيانات السلبية لم تعد تُفسر كإشارات تحذيرية بسبب الاعتياد على تجاهلها في الأشهر الماضية.

مقالات مشابهة

  • وول ستريت تتحدى المخاوف الاقتصادية وتسجل أفضل أداء شهري
  • «جسمي يرتجف من الخوف».. إيناس عز الدين تطالب الجمهور بالدعاء لها
  • مواهب باليه الأوبرا تجسد قصة جيزيل على المسرح الكبير
  • فعّلنا إعادة ضبط المصنع.. العراق يبدد المخاوف من الأجهزة المهداة للأردن
  • وسط مشاعر الخوف والحزن.. مطالبات بالكشف عن مصير نساء علويات خُطفن من شوارع سوريا
  • بعد غد.. مواهب باليه الأوبرا تجسد قصة جيزيل على المسرح الكبير
  • بدعم من وزارة الشباب.. انطلاق برنامج تدريبي متكامل لتطوير الذات وريادة الأعمال
  • حرب الاعتماد على الذات
  • بعد غد.. أمسية فنية بالأوبرا حول الذات المصرية فى ألحان زكريا أحمد
  • كيفية تلاقي الشعور بـ عقدة النقص.. الأسباب وطريقة العلاج