الصراع في الكونغو: لماذا يتعرض الاتحاد الأوروبي لضغوط بخصوص شراكته مع رواندا بحقل المعادن؟
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
تقول مصادر دبلوماسية إن التكتل يواجه دعوات لتعليق اتفاقية المعادن واسعة النطاق مع رواندا، وسط مخاوف من أنها تؤجج الصراع المتصاعد في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
أدى الصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى مطالبة بروكسل بمراجعة اتفاق مع الحكومة الرواندية، يهدف إلى تأمين إمدادات المواد الحيوية المستخدمة في الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية.
وأشادت بروكسل بالاتفاق، الذي تم توقيعه في شباط/ فبراير من العام الماضي، كخطوة رئيسية في تأمين إمدادات المواد المطلوبة بشدة، والتي تستخدم لتشغيل ما يسمى بالتحول الأخضر والرقمي، ولكنها تعرضت للانتقاد بسبب غض الطرف عن التجارة غير المشروعة للمعادن التي ينهبها المتمردون المدعومون من رواندا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما وثقت الأمم المتحدة.
وعزز متمردو حركة 23 مارس، المدعومون من رواندا، سيطرتهم على أجزاء من مدينة غوما مؤخرا، في مقاطعة كيفو الشمالية الغنية بالمعادن في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتفيد التقارير أنهم يتقدمون إلى مقاطعة كيفو الجنوبية، الأمر الذي يعتبر تصعيدا كبيرا ينتهك القانون الدولي.
وقد تركز التوغل على المناطق المكتظة بمناجم استخراج الذهب والكولتان والقصدير والتنتالوم وغيرها من المواد الهامة والمواد الأرضية النادرة. ولطالما اتهم المسؤولون الكونغوليون ومسؤولو الأمم المتحدة رواندا باستخدام متمردي إم 23 للاستيلاء على المناجم وتهريب المعادن من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى سلاسل الإمداد الخاصة بهم.
ويقول المنتقدون إن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي ورواندا يمكّن "معادن الصراع" من دخول سلاسل التوريد العالمية والأوروبية. ويشتبه في أن الأموال المتأتية من المعادن المهربة تساعد في تمويل الجماعات المسلحة المسؤولة عن الصراع المتصاعد، مع ما يترتب على ذلك من عواقب إنسانية مدمرة على المدنيين في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقال وزير الخارجية البلجيكي برنارد كوينتين، يوم الأربعاء عند حديثه للصحفيين في زيارته إلى المغرب، إنه حث نظراءه الأوروبيين على اتخاذ إجراءات معينة.
وقالت مصادر دبلوماسية لـيورونيوز إن بلجيكا طرحت تعليق اتفاقية الاتحاد الأوروبي للمعادن.
كما قالت رئيسة وفد البرلمان الأوروبي في أفريقيا، هيلدا فوتمانز، يوم الخميس، إن على السلطة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي أن تبعث رسالة واضحة إلى الرئيس الرواندي بول كاغامي تفيد بتعليق الاتفاقية، حتى تثبت رواندا أنها ستتوقف عن تدخلها حسب تعبيرها.
تقدم يورونيوز فيما يلي، تفاصيل الصراع، والضغط على الاتحاد الأوروبي للرد.
ماذا يحدث في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية؟يمكن إرجاع جذور الصراع طويل الأمد في الأراضي الحدودية لجمهورية الكونغو الديمقراطية مع رواندا إلى الإبادة الجماعية فيها عام 1994، عندما قُتل حوالي 800 ألف شخص، معظمهم من عرقية التوتسي، على يد متطرفين من مجموعة عريقية تدعى الهوتو.
وأدى التمرد الذي قاده التوتسي بقيادة الرئيس الرواندي الحالي بول كاغامي إلى إنهاء الإبادة الجماعية، ما دفع حوالي مليون شخص من الهوتو، إلى الفرار من رواندا تجاه أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة.
وعانت المنطقة من الصراع، وعاشت حربين متتاليتين، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، ولا تزال التوترات العرقية منتشرة.
وتقود حركة 23 مارس التوتسي ذات الأقلية العرقية، وتدعي أنها تحمي حقوقها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما لا تزال جماعة مسلحة من الهوتو نشطة في المنطقة، حيث أنشأها قادة سابقون في الإبادة الجماعية في رواندا، وهي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا. وتقول كيغالي إن تلك القوات تشكل تهديدًا لأمن البلاد، وإن هناك تهديدًا مستمرًا بالإبادة الجماعية ضد التوتسي.
هذا الأسبوع، سيطرت جماعة إم 23 على معظم أجزاء مدينة غوما، وهي مركز رئيسي للنقل والتجارة في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تقع على الحدود مع رواندا. وأفادت التقارير بوقوع اشتباكات عنيفة ومميتة بين القوات الحكومية والمتمردين.
كما أفادت التقارير أن الجماعة استولت على مدن رئيسية أخرى، تعتبر أساسية في المنطقة لتجارة المعادن ونقلها.
ويقول خبراء الأمم المتحدة إن هناك أدلة على أن القوات المسلحة الرواندية تسيطر بحكم الأمر الواقع على عمليات حركة 23 مارس، حيث تزودها بالأسلحة والتدريب حسب وصفها.
وبينما دأب الرئيس الرواندي على إنكار دعم الدولة لإم 23، إلا أن الأدلة تراكمت، حيث صرح قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جان بيير لاكروا هذا الأسبوع بأن وجود قوات رواندية في غوما تدعم الحركة، أمر لا شك فيه.
ويوم الخميس، قال متحدث باسم السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أن الكتلة تحث رواندا على وقف الدعم والتعاون مع الجماعة المسلحة.
وقّعت بروكسل وكيغالي "مذكرة تفاهم" في شباط/فبراير 2024 لضمان "إمدادات مستدامة من المواد الخام" للاتحاد الأوروبي، مقابل تمويل تطوير سلاسل توريد المعادن والبنية التحتية في رواندا.
ويعتبر ذلك جزءا من خطة شراكة الاتحاد الأوروبي للبنية التحتية التي تبلغ قيمتها 300 مليار يورو، وهي من بين مجموعة من الصفقات المماثلة مع الدول الغنية بالمعادن، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الصين، المنافس الجغرافي الاستراتيجي.
ووصفت رئيسة الشراكات الدولية في الاتحاد الأوروبي آنذاك، غوتا أوربيلينن، الصفقة بأنها تضمن سلسلة قيمة مستدامة وشفافة ومرنة للمواد الخام الحيوية، حسب وصفها.
وتعتبر الصفقة رواندا لاعبا رئيسيا في استخراج التنتالوم العالمي، ومنتجا للقصدير والتنغستن والذهب والنيوبيوم. كما تشير أيضاً إلى إمكانات البلاد في استخراج الليثيوم، المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية، والعناصر الأرضية النادرة، حسب التعبير.
قال غيوم دي برييه من خدمة معلومات السلام الدولية (IPIS) ومقرها أنتويرب والتي تجري أبحاثًا على الأرض، ليورونيوز، إنه معاينة إلى التركيب الجيولوجي لرواندا، تعكس أ،ه من غير الممكن أن استخراج ما يتم تصديره. وهو ما ذكرته أيضًا وزارة الخارجية الأمريكية العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، يُعتبر أن الرئيس الرواندي كاغامي أقام علاقات ودية مع القادة الأوروبيين، كما قام بتسويق بلاده كشريك في الجهود الأوروبية لإدارة تدفقات الهجرة.
في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، ورد أن مسؤولاً ألمانياً في حكومة المستشار أولاف شولتز المنتهية ولايته، اقترح في أن يتم إعادة استخدام أماكن الإقامة التي تم تطويرها لخطة اللجوء بين المملكة المتحدة ورواندا لطالبي اللجوء الذين يصلون إلى ألمانيا.
لماذا هناك دعوات لتعليق اتفاق المعادن؟هناك مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن المتمردين المدعومين من كيغالي في جمهورية الكونغو الديمقراطية يقومون بتصدير المعادن إلى رواندا عن طريق الاحتيال.
وخلص تقرير للأمم المتحدة صدر في حزيران/ يونيو 2024 إلى أن حركة إم 23 أنشأت ما وصف بالإدارة الموازية التي تتحكم في أنشطة التعدين والتجارة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتصدر ما لا يقل عن 150 طنًا من الكولتان إلى رواندا.
وتقدر الأمم المتحدة أيضًا أن الحركة تدرّ حوالي 300.000 دولار أمريكي (288.000 يورو) شهريًا من الإيرادات من خلال سيطرتها على منطقة تعدين شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفي الوقت نفسه، زادت رواندا صادراتها من المعادن من 772 مليون دولار (741 مليون يورو) في عام 2022 إلى 1.1 مليار دولار (1.06 مليار يورو) في عام 2023، وعمقت علاقاتها التجارية مع الشركاء العالميين.
زعم وزير المالية في جمهورية الكونغو الديمقراطية العام الماضي، أن البلاد تخسر ما يقرب من مليار دولار من الذهب والقصدير والتنتالوم والتنجستن المهرب بطريقة غير مشروعة من رواندا.
وتقدمت الحكومة في كينشاسا مؤخرًا بشكاوى جنائية في فرنسا وبلجيكا ضد شركات تابعة لشركة آبل (Apple)، متهمة عملاقة التكنولوجيا باستخدام معادن الصراع. وزعمت شركة المحاماة التي تمثل جمهورية الكونغو الديمقراطية أن تسع شركات تكرير على الأقل تزود شركة آبل بالتنتالوم مصدرها رواندا، في حين أن إنتاج البلاد من هذه المادة "يقترب من الصفر".
كيف يمكن أن يرد الاتحاد الأوروبي؟قادت بلجيكا، القوة الاستعمارية السابقة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الدعوات إلى رد حازم من الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال متحدث باسم الذراع الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي إن الاتحاد مستعد للنظر في اتخاذ تدابير تقييدية جديدة، ضد المسؤولين عن استمرار النزاع المسلح وعدم الاستقرار وانعدام الأمن في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
لكن الدعوات لإعادة فتح صفقة المعادن تم رفضها حتى الآن. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء إن الشراكة التي وقعتها الكتلة مع رواندا تهدف بشكل رئيسي إلى دعم التوريد المستدام والمسؤول وإنتاج ومعالجة المواد الخام.
وأضاف المتحدث أن الهدف من مذكرة التفاهم مع رواندا بالتحديد، هو زيادة إمكانية التتبع والشفافية وتعزيز مكافحة الاتجار غير المشروع بالمعادن.
ويدعم الاتحاد الأوروبي القوات الرواندية المنتشرة للتصدي لما وصفه بالتمرد الإسلامي المتصاعد في مقاطعة كابو ديلغادو الغنية بالنفط في شمال موزمبيق، حيث خصص 20 مليون يورو إضافية في إطار ما يسمى بمرفق السلام الأوروبي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وردًا على سؤال يوم الخميس حول ما إذا كان دعم القوات الرواندية المشتبه به لحركة 23 مارس قد يؤدي إلى إلغاء تمويلات صندوق السلام الأوروبي، رفض متحدث باسمه التعليق، لكنه أشار إلى أن مثل هذا القرار يتطلب دعمًا بالإجماع من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
المصادر الإضافية • أ ب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الجزائر تتهم الاتحاد الأوروبي بممارسة التضليل السياسي في قضية الكاتب بوعلام صنصال هجوم على السفارات الأجنبية في كينشاسا.. تصعيد الصراع في الكونغو وأزمة إنسانية تلوح في الأفق شاهد: فن النقش على المعادن في المغرب المدرج ضمن قائمة التراث غير المادي لليونسكو مواد أوليةالصينالاتحاد الأوروبيجمهورية الكونغو الديموقراطيةمنجمروانداالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل حركة حماس غزة قطاع غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس غزة قطاع غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مواد أولية الصين الاتحاد الأوروبي جمهورية الكونغو الديموقراطية منجم رواندا إسرائيل حركة حماس غزة دونالد ترامب قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذكاء الاصطناعي أسرى محادثات مفاوضات سوريا اليابان روسيا فی شرق جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة فی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة کانون الثانی ینایر الاتحاد الأوروبی الرئیس الرواندی الأمم المتحدة العام الماضی یعرض الآنNext حرکة 23 مارس فی الکونغو من رواندا مع رواندا حرکة إم
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يعقد "اجتماعا حاسما" غدا لبحث تصاعد الأزمة في غزة
يعقد الاتحاد الأوروبي، يوم غدٍ الاثنين، اجتماعًا مصيريًا لبحث تداعيات الأزمة الإنسانية المتصاعدة في قطاع غزة ، وسط تزايد الضغوط الداخلية لمراجعة الشراكة القائمة مع إسرائيل.
وسيناقش وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال الاجتماع مستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية بين التكتل الأوروبي وإسرائيل، وذلك في ضوء تقييم مرتقب حول مدى التزام تل أبيب ببنود حقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاق الثنائي الذي ينظم تلك العلاقات. وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان الاتحاد مراجعة مستوى امتثال إسرائيل للاتفاق، على خلفية تدهور الأوضاع في غزة.
وتنعقد هذه المناقشات في سياق تحوّل سياسي متنامٍ داخل الاتحاد، تقوده عدة دول أوروبية، مدعومة بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، والذي أكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- من مبادرة هولندية إلى مواقف جماعية
في 7 أيار 2025، أطلق وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب دعوة صريحة لمراجعة المادة الثانية من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تنص على احترام حقوق الإنسان كعنصر أساسي في العلاقات الثنائية. ودعمت فرنسا هذه الدعوة، مطالبة المفوضية الأوروبية بتقييم التزامات إسرائيل.
بحلول 20 أيار، وافقت 17 دولة من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي على مراجعة الاتفاقية، في حين رفضت ذلك 9 دول، إذ من المتوقع "أن تزيد مراجعة الاتفاقية فرص فرض عقوبات تجارية على إسرائيل". وصرّحت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية، في اليوم ذاته أن "أغلبية" من الدول الأعضاء تؤيد هذه المراجعة بسبب "الوضع الكارثي في غزة".
الدول المؤيدة، هي بلجيكا، والدنمارك، وإستونيا، وفنلندا، وفرنسا، وأيرلندا، ولوكسمبورغ، ومالطا، وبولندا، والبرتغال، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وإسبانيا، والسويد الدعوة الهولندية. فيما عارضت المراجعة بلغاريا، وكرواتيا، وقبرص، وجمهورية التشيك، وألمانيا، واليونان، وهنغاريا، وإيطاليا، وليتوانيا، بينما اتخذت لاتفيا موقفا "محايدا".
وفي 27 أيار، صادقت الحكومة الأيرلندية على مشروع قانون يحظر استيراد البضائع والخدمات من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية و القدس الشرقية، لتكون أول دولة أوروبية تتخذ خطوة تشريعية بهذا الاتجاه.
ووصف رئيس الوزراء ميشيل مارتن الخطوة بأنها "رمزية" وضرورية لدفع الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة، فيما أكد وزير الخارجية سيمون هاريس أن الهدف هو إلهام دول أخرى لاتخاذ تحرك مماثل.
وأعلنت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرغارد، في 12 حزيران، أن بلادها ستدفع باتجاه فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين ومستوطنين متطرفين، مشيرة إلى "تغير المزاج السياسي الأوروبي تجاه إسرائيل، والذي يرجع إلى حقيقة أن العديد من الدول تشعر بالإحباط لرؤية معاناة الملايين".
وفي 19 حزيران، بعث وزراء خارجية 9 دول أوروبية (بلجيكا، فنلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، بولندا، البرتغال، سلوفينيا، إسبانيا، والسويد) برسالة إلى كالاس، طالبوا فيها المفوضية الأوروبية بتقديم مقترحات ملموسة لوقف التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في اليوم نفسه، صرّح وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو أن على أوروبا أن تضمن توافق سياساتها التجارية مع القانون الدولي، مشددا على أنه "لا يمكن فصل التجارة عن مسؤولياتنا القانونية والأخلاقية، ويتعلق الأمر بضمان ألا تسهم سياسات الاتحاد الأوروبي في استدامة وضع غير قانوني".
رسالة الوزراء استندت إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في تموز 2024، الذي طالب الدول باتخاذ تدابير تحول دون دعم الوضع غير القانوني، والذي اعتبر هذه المستوطنات غير قانونية وطلب منع أي تعامل تجاري أو استثماري يدعم الوضع القائم.
في 20 حزيران، أصدر جهاز العمل الخارجي الأوروبي (EEAS) تقييما داخليا أشار إلى وجود "مؤشرات موثوقة" على أن إسرائيل قد تكون خرقت المادة الثانية من اتفاقية الشراكة الموقّعة مع الاتحاد الأوروبي، التي تشترط احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية كأساس للعلاقات الثنائية.
وذكر التقرير الداخلي أن الانتهاكات المحتملة تشمل القيود المتعمدة على وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والهجمات التي طالت منشآت طبية، وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، إضافة إلى تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية دون محاسبة.
ورغم هذا التقييم القوي، لم يوصِ التقرير في هذه المرحلة باتخاذ إجراءات عقابية مباشرة ضد إسرائيل، مثل تعليق الاتفاق أو فرض عقوبات، بل يُنتظر أن يُعرض على وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم المرتقب في بروكسل.
والاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ يمثل حوالي ثلث إجمالي تجارتها من البضائع. وبلغت قيمة تجارة البضائع بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل 42.6 مليار يورو (48.91 مليار دولار) العام الماضي، على الرغم من أنه لم يتضح مقدار ما يتعلق بالمستوطنات من هذه التجارة.
تحركات من خارج الاتحاد الأوروبي
تزامنا مع هذا التوجه الأوروبي، اتخذت دول أخرى خطوات موازية. ففي 10 حزيران، أعلنت النرويج، بالتنسيق مع بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، فرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبِتسلئيل سموتريتش، تشمل تجميد الأصول وحظر السفر، بسبب التحريض على العنف ضد الفلسطينيين.
وفي 20 أيار، اتخذت بريطانيا إجراءات مشابهة شملت تعليق بيع أسلحة ومفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، وفرض عقوبات على مستوطنين وكيانات استيطانية، واستدعاء السفيرة الإسرائيلية في لندن تسيبي هوتوفيلي بشأن توسيع العمليات العسكرية في غزة.
- أبعاد قانونية وسياسية
وتعكس هذه التحركات اتساع دائرة الالتزام الأوروبي بمبادئ القانون الدولي، لكنها تصطدم بتحديات قانونية داخلية، إذ إنه بموجب المادة 31 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، فإن أي قرار يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية المشتركة (CFSP)، بما في ذلك فرض عقوبات على وزراء أو مسؤولين حكوميين، يحتاج إلى إجماع تام من جميع الدول الأعضاء الـ27. ويُعدّ هذا الشرط من أكثر العوائق تعقيدا أمام تمرير تدابير عقابية، لا سيما في ظل وجود دول أوروبية معروفة بمواقفها الداعمة لإسرائيل، مما يحدّ من قدرة التكتل على اتخاذ مواقف سياسية موحّدة في هذا الإطار.
في المقابل، فإن تعليق الجوانب التجارية من اتفاق الشراكة، أو إعادة النظر في برامج التعاون مثل Horizon Europe، يمكن أن يتم عبر آلية "الأغلبية المؤهلة" الذي يتطلب موافقة 55% من الدول الأعضاء تمثل 65% من سكان الاتحاد، ما ي فتح الباب أمام تحرك أوروبي جزئي دون الحاجة إلى إجماع تام.
ويمثل الاجتماع المرتقب لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي محطة اختبار حاسمة لقدرة التكتل على تحويل التقييمات القانونية والضغوط السياسية إلى قرارات عملية. ومع ازدياد الدعوات داخل أوروبا لمساءلة إسرائيل، وتنامي الدعم الشعبي والإعلامي لحقوق الفلسطينيين، تبدو إمكانية مراجعة شاملة لاتفاقية الشراكة أقرب من أي وقت مضى، وإن كانت الإجراءات العقابية الشاملة لا تزال رهينة التوازنات السياسية داخل الاتحاد.
المصدر : قناة المملكة اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين شينخوا: حماس توافق على صفقة مع إسرائيل وتبحث تفاصيل تنفيذها بالقاهرة محدث: فصائل فلسطينية تُعقّب على القصف الأميركي لمنشآت إيران النووية صورة: العاصمة السويسرية تشهد أكبر تظاهرة منذ بدء حرب الابادة على غزة الأكثر قراءة إسرائيل تصدر تحذيراً رسمياً لمواطنيها العائدين من الخارج الأردن يعيد فتح مجاله الجوي أمام حركة الطيران إسرائيل بين نشوة الضربة الأولى وصدمة الردّ الإيراني أماكن احتجاز 203 معتقلين من غزة في السجون الإسرائيلية عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025