لجريدة عمان:
2025-12-15@06:06:53 GMT

لماذا تجذبك الأشياء الغالية؟

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

هل سبق أن لاحظت أن بعض السلع تكون أكثر جاذبية عندما تكون أسعارها مرتفعة؟ هذا بالضبط ما تعنيه ظاهرة «فيبلن»، وهي مفهوم اقتصادي يشرح كيف يمكن لارتفاع سعر سلعة ما أن يزيد من الطلب عليها بدلًا من أن يقلله.

عادة، عندما يرتفع سعر سلعة ما، نتوقع أن يقل الإقبال عليها لأن الناس تبحث عن البدائل الأرخص، لكن في حالة «سلع فيبلن»، يحدث العكس تمامًا، فبعض الناس يرون أن السعر المرتفع يعطي السلعة قيمة إضافية، ويجعلها تبدو أكثر تميزًا ونُدرة.

هذه السلع تصبح رمزًا للرفاهية والمكانة الاجتماعية، مما يجعلها مرغوبة أكثر لدى فئة معينة من المستهلكين الذين يريدون إظهار ثرائهم أو تميزهم.

عندما نرى ساعة فاخرة أو حقيبة يد بأسعار خيالية، فهي ليست مجرد أدوات نستخدمها، بل هي علامة على الانتماء إلى طبقة اجتماعية معينة، لهذا السبب، قد يشتريها البعض حتى لو كانت باهظة الثمن، لأنها تعكس صورة معينة عنهم.

ظاهرة فيبلن تذكرنا بأن قرارات الشراء لا تعتمد دائمًا على المنطق الاقتصادي البحت، بل تؤدي العوامل النفسية والاجتماعية دورًا كبيرًا فيها، ففي بعض الأحيان، نشتري الأشياء ليس لأننا نحتاجها، بل لأنها تجعلنا نشعر بأننا جزء من مجموعة معينة أو لأنها تعزز صورتنا أمام الآخرين.

قبل أيام شاركت على صفحتي على (الانستجرام) فيديو لامرأة أمريكية من أصول إفريقية تدخل في حالة انهيار لأن دورها في استلام حقيبة باهظة الثمن من دار أزياء معروفة قد وصل، وقد استنكر المتابعون ردة فعلها التي بدت مبالغ فيها، لكن بالنسبة لتلك الفتاة فالأمر لا يتعلق بحقيبة، بل بقضية انتماء وصورة تعكسها هذه الحقيبة عنها.

في النهاية، فإن السعر أكثر من مجرد رقم، فهو أداة قوية تؤثر في تصوراتنا وقراراتنا اليومية، والسعر تحدده قيمة السلعة بالنسبة لنا، والتي قد يراها البعض غير منطقية، والواقع أن قراراتنا الاقتصادية بعيدة عن العقلانية في أكثر الأوقات، ومن الأمثلة الدارجة عن غياب هذه العقلانية في قراراتنا مقولة (فقير وظالم) نستخدمها عندما يتكبد شخص ما مصاريف لا قدرة له عليها، ولا نجد لها سببا معقولا، لكن هو لديه أسبابه فلا أحد مجنون عندما يتعلق الأمر بقراراته المالية على حد تعبير (موجان هاوسل) مؤلف الكتاب الأشهر في هذا المجال (سيكولوجية المال).

حمدة الشامسية، كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سقوط هجليج

لم يكن سقوط مدينة هجليج النفطية على يد قوات الدعم السريع حدثًا عابرًا يمكن طيه في دفاتر الصراع السوداني المتشابك؛ بل كان لحظة مفصلية تحمل في طياتها انهيارات نفسية وسياسية واقتصادية عميقة. فهجليج ليست مجرد مدينة حدودية، بل إحدى أخطر النقاط الاستراتيجية في السودان، موقعًا وثروةً ورمزًا. حيث تُعد هجليج الواقعة غرب ولاية كردفان السودانية واحدة من أهم مناطق الإنتاج في البلاد، إذ تضم ٧٥ حقلًا نفطيًا. كما تحتوي على المحطة الرئيسية لمعالجة نفط جنوب السودان ومحطة الضخ الأساسية. ولذلك، فإن سقوطها جاء كصدمة أعادت تشكيل المشهد الداخلي بكامله، وكشفت حجم التصدعات التي باتت تهدد ما تبقى من بنية الدولة.

أول التداعيات كان نفسيًا وشعوريًا. فقد رأى السودانيون في مشهد سقوط مدينة نفطية بهذا الوزن إعلانًا مؤلمًا عن هشاشة الدولة، وفقدانها السيطرة على واحد من أهم مواردها الاقتصادية والنفطية. أصبح السؤال الذي يتردد في وجدان الناس: إذا سقطت هجليج، فماذا تبقى قابلًا للصمود؟ هذا الشعور بالفقد عزز الإحساس العام بالقلق، ورسّخ الاعتقاد أن الصراع لم يعد مجرد تنازع على السلطة، بل انتقل إلى تهديد مباشر لبنية الدولة ومواردها الحيوية.

اقتصاديًا، كان السقوط كارثيًا. فهجليج تمثل واحدًا من أكبر مصادر إنتاج النفط في السودان، وعليه فإن تراجع السيطرة عليها يهدد الإيرادات العامة، ويعمّق الانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد منذ سنوات. لم يعد النفط مجرد مورد، بل طوق نجاة كانت الدولة تتشبث به وسط عواصف الصراعات والتضخم والانهيار المالي. ومع فقدانه، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من الارتباك الاقتصادي، حيث تزداد الحاجة إلى موارد غير متاحة، ويتفاقم الضغط الشعبي على حكومة منهكة أصلًا.

أما سياسيًا، فقد أحدث السقوط هزة عميقة. فتمكن الدعم السريع من السيطرة على مدينة بهذا الثقل أظهر الحجم الحقيقي للقوة التي باتت تمتلكها هذه الجماعة المسلحة، وعمّق الانقسام بين مكوّنات السلطة الشرعية والقوى العسكرية المتصارعة. كما أعاد تشكيل التحالفات الداخلية والإقليمية، إذ تحركت القوى الدولية والإقليمية لتعيد تقييم مواقفها في ضوء التحولات العسكرية على الأرض. سقوط هجليج لم يكن انتصارًا تكتيكيًا لطرف، بل تحولًا استراتيجيًا يعيد رسم موازين القوى داخل السودان.

إن أخطر ما كشفه الحدث هو أن الصراع في السودان لم يعد يدور حول العاصمة أو المدن الكبرى فقط، بل بات يستهدف شرايين الدولة الاقتصادية. سقوط هجليج كان تحذيرًا بأن الحرب لم تعد تهدد المواطنين وحدهم، بل تهدد البنية التي يقوم عليها الوطن ذاته. هو سقوط لمورد، ولسيادة، ولمعنى السيطرة، قبل أن يكون سقوطًا جغرافيًا.

وفي النهاية، يمكن القول إن تداعيات سقوط هجليج ستظل طويلة الأمد، لأنها لم تضعف الدولة فحسب، بل أعادت تعريف حدود قوتها وحدود ضعفها.

مقالات مشابهة

  • الموت يفجع الزعيم.. عادل إمام يودع الغالية
  • للمتقاعد حق
  • المدينة الصابرة.. غزة
  • أرقام قياسية بقطاع الاتصالات مع 68% نموًا في "إنترنت الأشياء"
  • أكثر من مجرد سعرات حرارية!.. كيف تحول الوجبات السريعة الجسم إلى بيئة ملتهبة؟
  • بعد مسلسل دينا الشربيني .. احترس هذه الأشياء تسبب الفشل الكلوي
  • سقوط هجليج
  • حين تتحدث الأرقام… مؤشرات الأداء كمرآة للمؤسسة
  • كم حقق فيلم أوسكار عودة الماموث بالأمس؟
  • لماذا نجحوا؟