من ناقة علي ضبعان إلى سيارة وانيت اليابانية
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
خالد الشنفري
رحلتان يفصل بينهما عدة عقود زمنية على طريق "صلالة - مسقط" الصحراوي؛ الأولى لرجل الصحاري والبراري الشهير بـ"علي ضبعان" على ظهر ناقته "السبوق" في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، والذي كان مُوكلًا من السلطان سعيد بن تيمور بتوصيل البريد الحكومي من صلالة إلى مسقط ذهابًا وإيابًا، وكانت رحلته تستغرق في كل مرة نصف شهر ذهابًا، ونصف شهر إيابًا.
ولا شك أن ناقة علي ضبعان لكي تقوم بهذه الرحلات المتواصلة طوال العام في ظروف هذا الطريق الصحراوي التي تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، كانت تمتلك أهم الصفات الجسمانية التي تتمتع بها النوق العربية الأصيلة كالسرعة في الجري والشفاه المشقوقة لتساعدها على تناول النباتات الشوكية المتوفرة هناك وتُمكِّنها من إغلاق فتحات الأنف أثناء العواصف الرملية، وقدرة على تخزين الماء والطعام في أكياس داخل معدتها، تستعيدها للمضغ مرة أخرى؛ لندرة الطعام والماء هناك ومقاومة حر وبرد الصحراء.
أما رحلة "وانيت" اليابانية التي كنتُ أحد ركابها في منتصف السبعينيات بمعية بعض الأقارب والأصحاب للمشاركة مع قوافل الذاهبين من صلالة إلى مسقط على هذه الطريق، والتي كانت لا تزال ترابية لم تتم سفلتتها، فقد استغرقت بنا يومين وليلتين بالتمام والكمال، وليست 8 ساعات كما نقطعها الآن. وكان لا بُد من التزوُّد بالوقود الإضافي والماء والطعام؛ حيث لا توجد إلّا محطة وقود وحيدة في منتصف الطريق في ولاية هيماء، بها مطعم صغير ودكان أصغر، يمكن التزود منهما بما تحتاجه لنصف المسافة المتبقية، لكن شتان ما بين رحلتنا ورحلة علي ضبعان. فبرغم معاناة الطريق إلّا أن هدف رحلتنا كان مفرحًا وسعيدًا، فقد ذهبنا مع جموع الظفاريين للتهنئة بزواج السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- سنة 1976، وكانت أعدادنا مهولة على متون سيارات وشاحنات من مختلف الأنواع، وحتى الشاحنات، ورغم أنها لم تكن مريحة ولا مكيفة كما هو الحال اليوم، لكن كان سيحسدنا عليها علي ضبعان لو قُدِّر له أن يرانا!
لا أنسى إذا نسيت أننا كنا طوال الطريق في حوض السيارة "الوانيت" الخلفي، نرفع أرجلنا عند كل انحناءة أو حفرة في الطريق؛ لأن جراب التمر الذي أخذناه معنا زاد الطريق وبراميل البنزين والماء، تفتك بأرجلنا جيئةً وذهابًا داخل حوض الوانيت، لكن عناية الرحمن كانت تحفنا، وسيارات جنود عُمان البواسل على طول الطريق ترعانا، وتُقدِّم أي دعم لنا، حتى وصلنا الى روي (مدرج مطار بيت الفلج القديم تحديدًا)؛ حيث نُصِبَت مئات الخيم لاستقبالنا طيلة أيام مكوثنا في مسقط، للتهنئة بالزواج الميمون والمشاركة في احتفالات عُمان بزواج السلطان.
تحرك هذا الحشد الظفاري المهيب مشيًا على الأقدام من مطار بيت الفلج إلى قصر العلم العامر بمسقط، مرورًا بكورنيش مطرح إلى مسقط في زوامل الهبوت وصيحات الرجال وأهازيجهم. كان المغفور له السلطان قابوس في انتظارنا من على شرفة قصره يُلوِّح لنا بيديه الكريمتين، وبقينا هناك لعدة أيام، نشارك أفراح سلطاننا من عاصمتنا الحبيبة مسقط، وعدنا بعد ذلك كما ذهبنا على نفس الطريق، لكن الفرق هذه المرة أن جراب التمر لم يكن معنا، وحلت محله كراتين التفاح والبرتقال التي تزوَّدنا ببعضها من مخازن المطابخ التي جُهِّزت بمخيماتنا في مدرجات مطار بيت الفلج المسفلتة التي أُعدت خصيصًا لإيوائنا خلال فترة إقامتنا هناك.
أخيرًا وليس بآخر، أسأل الله أن يمدنا بطول العمر للسفر مرة أخرى على نفس الطريق بعد أن يتم الانتهاء من المرحلة الثانية من ازدواجية طريق هيماء - صلالة. اللهم آمين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«الاقتصاد والسياحة» تتعاون مع «WORKSTUDIO» اليابانية بمجالات الاقتصاد الدائري
أبوظبي (الاتحاد)
وقّعت وزارة الاقتصاد والسياحة مذكرة تفاهم مع شركة WORKSTUDIO CORPORATION اليابانية، لتطوير إطار عمل متكامل للاقتصاد الدائري في الدولة، اعتماداً على أفضل الممارسات العالمية، ووفقاً لـ «أجندة الإمارات للاقتصاد الدائري 2031» التي تمثل إطاراً عاماً لتحقيق الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، والهادفة إلى خفض الانبعاثات الكربونية واستدامة الاقتصاد الوطني.
جرى توقيع مذكرة التفاهم في دبي، بحضور معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، رئيس مجلس الإمارات للاقتصاد الدائري، فيما وقّعها كل من عبدالله أحمد آل صالح، وكيل الوزارة، وكازوهيرو هارا، الرئيس التنفيذي لشركة WORKSTUDIO Corporation.
وقال معالي عبدالله بن طوق: تحرص الوزارة على مواصلة جهودها في تطبيق منهجيات ومبادئ الاقتصاد الدائري في مختلف القطاعات الحيوية لاسيما الغذاء والتصنيع والنقل المستدام والبنية التحتية الخضراء، وتعزيز الوعي بضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتغيير الممارسات البيئية والمالية وتطبيق ممارسات إنتاج واستهلاك مستدامين، وتشجيع الاستثمار في الموارد الطبيعية، واستخدام الأدوات الاقتصادية الناجحة، بما يتماشى مع توجيهات القيادة الرشيدة، بتسريع التحوّل نحو نموذج اقتصاد دائري قائم على الاستدامة والتنافسية.
وتابع معاليه: تمثل هذه الشراكة خطوة استراتيجية نحو توسيع آفاق التعاون في تطوير مبادرات وطنية وسياسات دائرية مبتكرة في الدولة، تسهم في توفير كافة السبل الضامنة لتعزيز تنوع ومرونة الاقتصاد الوطني، وترسيخ المكانة الريادية لدولة الإمارات في مجالات التنمية المستدامة والابتكار، إقليمياً وعالمياً، وتدعم هذه المذكرة تحقيق مستهدفات عام المجتمع 2025 عبر تشجيع الممارسات المستدامة في مختلف المجالات الحيوية، والإسهام في بناء مجتمع متماسك ومزدهر ومستدام.
وتهدف مذكرة التفاهم إلى إطلاق مشروع يتضمن تطوير نموذج متكامل للاقتصاد الدائري في الدولة، اعتماداً على النظام المبتكر «PANECO» للشركة اليابانية، والذي طورته في اليابان ويختص بإعادة تدوير نفايات المنسوجات والأغذية وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث يدعم هذا المشروع تحقيق الاستفادة المُثلى من الموارد، والحد من التكاليف، من خلال تدوير مخلفات المنسوجات وتحويلها إلى موارد قيمة، وكذلك استخدام نفايات قطاع الأغذية في إنتاج أسمدة عضوية، بما يُسهم في حماية البيئة ويُعزز التنمية المستدامة.
كما يساهم تبنّي حلول تدوير النفايات المبتكرة هذه في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن حرق المخلفات مقارنة بالأساليب التقليدية للتخلص من الملابس والأغذية غير المستخدمة، وبما يتوافق مع سياسات الدولة التي تشجّع على إعادة تدوير النفايات العضوية.
ويؤدي المشروع دوراً مهماً في تحسين استخدام الموارد وخفض التكاليف، حيث سيتضمن تطوير مرافق لإعادة التدوير في الدولة، وتدريب الكوادر الوطنية، وإنشاء لجنة تنسيقية مشتركة لمتابعة التنفيذ، وضمان مشاركة القطاعين الحكومي والخاص.
ويعمل المشروع الجديد على بناء منظومة تشاركية تجمع بين المنتجين والمستهلكين والمصنعين وتشجيع التصنيع الصديق للبيئة في الدولة، بدءاً من مرحلة الجمع للنفايات، وإعادة التدوير، وصولاً إلى معالجتها بطرق مبتكرة وتحويلها إلى منتجات جديدة قابلة للاستخدام، بالإضافة إلى تسهيل مشاركة المستثمرين وأصحاب المصلحة من القطاعين الحكومي والخاص لدعم مراحل التطوير والتوسع في إمارات الدولة السبع.
كما يسهم المشروع في بناء منظومة تشاركية تجمع بين المنتجين والمستهلكين والمصنّعين، وتشجّع التصنيع الصديق للبيئة في الدولة، ويغطي ذلك كافة المراحل، بدءاً من جمع النفايات وفرزها وإعادة تدويرها، وصولاً إلى معالجتها بطرق مبتكرة، وتحويلها إلى منتجات جديدة قابلة للاستخدام، ومن المتوقع أيضاً أن يُسهّل المشروع مشاركة المستثمرين وأصحاب المصلحة من القطاعين الحكومي والخاص لدعم مراحل التطوير والتوسع في إمارات الدولة السبع، ما يعزّز انتشار حلول الاقتصاد الدائري على المستوى الوطني.