خالد الشنفري

رحلتان يفصل بينهما عدة عقود زمنية على طريق "صلالة - مسقط" الصحراوي؛ الأولى لرجل الصحاري والبراري الشهير بـ"علي ضبعان" على ظهر ناقته "السبوق" في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، والذي كان مُوكلًا من السلطان سعيد بن تيمور بتوصيل البريد الحكومي من صلالة إلى مسقط ذهابًا وإيابًا، وكانت رحلته تستغرق في كل مرة نصف شهر ذهابًا، ونصف شهر إيابًا.

ولا شك أن ناقة علي ضبعان لكي تقوم بهذه الرحلات المتواصلة طوال العام في ظروف هذا الطريق الصحراوي التي تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، كانت تمتلك أهم الصفات الجسمانية التي تتمتع بها النوق العربية الأصيلة كالسرعة في الجري والشفاه المشقوقة لتساعدها على تناول النباتات الشوكية المتوفرة هناك وتُمكِّنها من إغلاق فتحات الأنف أثناء العواصف الرملية، وقدرة على تخزين الماء والطعام في أكياس داخل معدتها، تستعيدها للمضغ مرة أخرى؛ لندرة الطعام والماء هناك ومقاومة حر وبرد الصحراء.

أما رحلة "وانيت" اليابانية التي كنتُ أحد ركابها في منتصف السبعينيات بمعية بعض الأقارب والأصحاب للمشاركة مع قوافل الذاهبين من صلالة إلى مسقط على هذه الطريق، والتي كانت لا تزال ترابية لم تتم سفلتتها، فقد استغرقت بنا يومين وليلتين بالتمام والكمال، وليست 8 ساعات كما نقطعها الآن. وكان لا بُد من التزوُّد بالوقود الإضافي والماء والطعام؛ حيث لا توجد إلّا محطة وقود وحيدة في منتصف الطريق في ولاية هيماء، بها مطعم صغير ودكان أصغر، يمكن التزود منهما بما تحتاجه لنصف المسافة المتبقية، لكن شتان ما بين رحلتنا ورحلة علي ضبعان. فبرغم معاناة الطريق إلّا أن هدف رحلتنا كان مفرحًا وسعيدًا، فقد ذهبنا مع جموع الظفاريين للتهنئة بزواج السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- سنة 1976، وكانت أعدادنا مهولة على متون سيارات وشاحنات من مختلف الأنواع، وحتى الشاحنات، ورغم أنها لم تكن مريحة ولا مكيفة كما هو الحال اليوم، لكن كان سيحسدنا عليها علي ضبعان لو قُدِّر له أن يرانا!

لا أنسى إذا نسيت أننا كنا طوال الطريق في حوض السيارة "الوانيت" الخلفي، نرفع أرجلنا عند كل انحناءة أو حفرة في الطريق؛ لأن جراب التمر الذي أخذناه معنا زاد الطريق وبراميل البنزين والماء، تفتك بأرجلنا جيئةً وذهابًا داخل حوض الوانيت، لكن عناية الرحمن كانت تحفنا، وسيارات جنود عُمان البواسل على طول الطريق ترعانا، وتُقدِّم أي دعم لنا، حتى وصلنا الى روي (مدرج مطار بيت الفلج القديم تحديدًا)؛ حيث نُصِبَت مئات الخيم لاستقبالنا طيلة أيام مكوثنا في مسقط، للتهنئة بالزواج الميمون والمشاركة في احتفالات عُمان بزواج السلطان.

تحرك هذا الحشد الظفاري المهيب مشيًا على الأقدام من مطار بيت الفلج إلى قصر العلم العامر بمسقط، مرورًا بكورنيش مطرح إلى مسقط في زوامل الهبوت وصيحات الرجال وأهازيجهم. كان المغفور له السلطان قابوس في انتظارنا من على شرفة قصره يُلوِّح لنا بيديه الكريمتين، وبقينا هناك لعدة أيام، نشارك أفراح سلطاننا من عاصمتنا الحبيبة مسقط، وعدنا بعد ذلك كما ذهبنا على نفس الطريق، لكن الفرق هذه المرة أن جراب التمر لم يكن معنا، وحلت محله كراتين التفاح والبرتقال التي تزوَّدنا ببعضها من مخازن المطابخ التي جُهِّزت بمخيماتنا في مدرجات مطار بيت الفلج المسفلتة التي أُعدت خصيصًا لإيوائنا خلال فترة إقامتنا هناك.

أخيرًا وليس بآخر، أسأل الله أن يمدنا بطول العمر للسفر مرة أخرى على نفس الطريق بعد أن يتم الانتهاء من المرحلة الثانية من ازدواجية طريق هيماء - صلالة. اللهم آمين.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم يبحث خطوات التوسع في المدارس المصرية اليابانية

استقبل محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، نائب رئيس هيئة التعاون الدولي اليابانية (JICA) إيموتو ساتشيكو، وذلك لمناقشة مستجدات خطوات التوسع في مشروع المدارس المصرية اليابانية، والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (TICAD) المقرر انعقاده خلال الفترة من 20 إلى 22 أغسطس المقبل.

وأكد الوزير خلال اللقاء على أهمية الشراكة المثمرة بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني وهيئة التعاون الدولي اليابانية، والتي تُعد نموذجًا ناجحًا للتعاون الدولي في تطوير المنظومة التعليمية، مشيرًا إلى أن المدارس المصرية اليابانية تمثل أحد أبرز صور هذا التعاون، حيث تجمع بين النظام التعليمي المصري والممارسات اليابانية الرائدة في بناء شخصية الطالب، خاصة من خلال أنشطة “التوكاتسو”.

ومن جانبها، أشادت إيموتو ساتشيكو بجهود وزارة التربية والتعليم في تنفيذ مشروع المدارس المصرية اليابانية وفقًا للمعايير المتفق عليها، وأعربت عن تقدير (JICA) للشراكة القوية مع الحكومة المصرية، مؤكدة التزام الوكالة بمواصلة تقديم الدعم بما يسهم في تحقيق رؤية مصر في تطوير التعليم.

وأضافت أن تجربة المدارس المصرية اليابانية أصبحت نموذجًا يحتذى به وتسعى (JICA) إلى نقل هذا النموذج إلى بلدان أفريقية أخرى ضمن جهودها لتعزيز التنمية في قطاع التعليم، وأن مؤتمر (TICAD) سيكون فرصة مهمة لعرض هذه التجربة أمام الشركاء في القارة.

وقد تناول اللقاء مناقشة التطورات المتعلقة بمشروع المدارس المصرية اليابانية، حيث سيتم افتتاح 15 مدرسة جديدة في العام الدراسي المقبل 2025/ 2026، استكمالًا لخطة التوسع في هذا النموذج التعليمي المتميز، الذي أثبت نجاحه في دمج قيم الانضباط والعمل الجماعي والتعلم النشط ضمن البيئة المدرسية المصرية.

كما ناقش الجانبان الترتيبات الخاصة بمشاركة وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في مؤتمر (TICAD) المقرر خلال شهر أغسطس المقبل، وعرض إنجازات التعاون المصري الياباني في التعليم، لا سيما تجربة المدارس المصرية اليابانية، حيث تستعد الوزارة لعقد عدد من اتفاقيات التعاون مع الجانب الياباني خلال مؤتمر (TICAD).

وشارك في اللقاء من الجانب الياباني السفير فوميو إيواي، سفير اليابان لدى جمهورية مصر العربية.

وحضر من الجانب المصري كل من الدكتور هاني هلال الأمين العام للشراكة المصرية اليابانية للتعليم ( EJEP )، الدكتورة هانم أحمد مستشارة الوزير للتعاون الدولي والاتفاقيات، نيفين حمودة، مستشارة الوزير للعلاقات الاستراتيجية والمشرف على المدارس المصرية اليابانية.

كما شهد اللقاء حضورًا رفيع المستوى من الجانبين المصري والياباني، وقد ضم الوفد الياباني ممثلين عن المكتب الرئيسي ل ( JICA) في طوكيو، ومكتب الوكالة في القاهرة، إلى جانب نخبة من الخبراء الفنيين في مجالات ضمان الجودة والتدريب التربوي وأنشطة “توكاتسو”، كما شارك في اللقاء ممثلو وحدة إدارة المشروع من الجانبين المصري والياباني.

اقرأ أيضاًتفاصيل التقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية 2026.. الرابط والأوراق المطلوبة

وظائف المدارس المصرية اليابانية 2025.. رابط التقديم والتخصصات المطلوبة

مقالات مشابهة

  • ارتفاع الأسهم اليابانية في التعاملات الصباحية
  • وزير التعليم يبحث مع "جايكا" التوسع في المدارس المصرية اليابانية
  • انقلاب سيارة محملة بمولدات كهرباء على الطريق الزراعي بالقليوبية - صور
  • "مطارات عُمان" جاهزة لاستقبال زوّار "خريف ظفار"
  • وزير التعليم يبحث خطوات التوسع في المدارس المصرية اليابانية
  • ارتفاع مؤشرات الأسهم اليابانية في التعاملات الصباحية
  • ضبط قائد سيارة نقل عرض حياة المواطنين للخطر على الطريق الدائري
  • صلالة تعد منتخبنا الوطني .. وبطولة كافا تسبق الملحق الآسيوي
  • إصابة شخص صدمته سيارة على الطريق في المقطم
  • 4.7 مليون مسافر عبر مطارات سلطنة عُمان بنهاية أبريل.. ومطار صلالة يسجّل ارتفاعا في الحركة